لبنان يرسم إطار التفاوض: وقف إطلاق النار في غزة بالتوازي مع وقف إطلاق نار جدي في لبنان
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
تقدم الملف السياسي على ما عداه في جلسة مجلس الوزراء امس، عبر تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأننا «أبلغنا الموفدين بأن الحديث عن تهدئة في لبنان فقط امر غير منطقي، مطالبا بوقف اطلاق النار في غزة بالتوازي مع وقف اطلاق نار جديّ في لبنان».
ورسم موقف لبنان الرسمي الذي حدّد اطاره الرئيس ميقاتي في مداخلة له امام الوزراء.
وكتبت" اللواء": كشفت مصادر سياسية ان التكتم الرسمي حول مهمة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين معناه، انه حمل معه اقتراحات او افكار محددة، تصلح للبحث والنقاش لاجل التوصل إلى قواسم مشتركة ،تساعد في حل مشكلة التدهور الحاصل على الحدود اللبنانية الجنوبية، والا لما التزم المسؤولون الصمت عن مضمون المفاوضات التي جرت مع هوكشتاين .ونفت المصادر ان يكون الاخير حمل معه مبادرة او طرح ما للخروج من الازمة .ولكنه طرح خمسة افكار ترتكز على القرار الدولي الدولي رقم ١٧٠١، وتمت مناقشتها، ووضع بعض التعديلات عليها، ويرتقب ان تكون موضع تشاور واخذ ورد مع حزب الله ، لانها تشكل مرتكزا لأي اتفاق او تسوية للمشاكل المحتدمة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وما ان غادر الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين بيروت، حتى وصل وزير الخارجية البريطاني في حكومة الظل البريطانية المعارضة ديفيد لامي، الذي اعاد التأكيد ان بلاده لا تريد ان ترى التصعيد والعنف في غزة يتجه الى لبنان، وتهدئة الامور بدل التصعيد، وتطبيق القرار 1701.
وحسب معلومات، نقلت الى مسؤولين في بيروت، فإن اللجنة الخماسية الدولية - العربية ستعقد اجتماعاً لها في النصف الاول من الشهر المقبل، لمراجعة ملف الاتصالات في ما خص إنهاء لشغور الرئاسي في لبنان، ربطاً بالمناخات التفاوضية الجديدة في المنطقة، بعد توقف حرب غزة.
رات المصادر الديبلوماسية ل " الديار": انه طالما الطروحات الاوروبية والاميركية لمنع التصعيد في الجنوب اللبناني مع جيش العدو ليست منصفة وتصب لمصلحة «اسرائيل» مئة بالمئة بما انها تخضع للشروط «الاسرائيلية» فجميعها ستبوء بالفشل. وحذرت هذه المصادر ان التاريخ اظهر ان كل حل او طرح غير عادل ادى الى تهميد الميدان ووقف القتال لفترة ولكن سرعان ما ادت هذه الحلول الى انفجار في المنطقة لان الغرب لم يفهم يوما طبيعة الازمات في الشرق الاوسط والحلول التي فرضها على فلسطين او الدول العربية التي تحتل «اسرائيل» جزء من اراضيها تبينت انها غير قابلة للتطبيق على الارض لا بل تؤدي الى المزيد من الازمات في منطقة الشرق الاوسط الملتهبة.
وكتبت" الاخبار": بحسب مطّلعين على المحادثات الأميركية، فإن «المشكلة ليست في التوقيت الذي أتى هوكشتين به»، ولا في محاولته «استدراج لبنان إلى فخّ وقف إطلاق نار مؤقت»، فحسب، إنما في ما نُقِل إلى جهات لبنانية عن محادثات جرت بين الجانب الأميركي وعواصم عربية حيث ظهر أن «واشنطن لا تريد حلاً سياسياً يشمل الفلسطينيين على الإطلاق، وأن كل كلمة قالها وزير الخارجية أنتوني بلينكن في اجتماعاته مع نظرائه العرب، تناولت خطة لتهجير الفلسطينيين إلى بعض الدول التي بدأت فعلاً تحضّر نفسها للمهمّة». وقال المطّلعون إن بلينكن أكّد أن «الإجراءات بدأت فعلاً، وأن على الدول العربية أن تتعاون في هذا الإطار». وتعليقاً على ذلك، اعتبرت مصادر سياسية لبنانية بارزة، أن «المهمة التي أتى بها هوكشتين، قد لا تكون مفيدة لا الآن ولا مستقبلاً، ما إذا أصرّ الأميركيون على دعم تل أبيب حتى النهاية في هذا المشروع، فهذا من شأنه أن يجعل الورقة الدبلوماسية شبه مستحيلة».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان النار فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.