****
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التفاؤل يبعث على حسن ظن العبد بالله، كما أنه ترويح للمؤمن وإدخال السعادة إلى نفسه وقلبه، وفيه تقوية للعزائم وباعث على الجدِّ والعمل، فعلينا أن نتفاءل ونحسن الظن بالله رب العالمين، وأن نعلم بأن القادم كله خير إن شاء الله.


جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى، وإبطاء الهمم عن العمل، ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه الفأل الحسن والكلمة الطيبة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ". وقد تفاءل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزواته وحروبه.
واستعرض فضيلته بعض النماذج والدروس المستفادة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم منها ما حدث في غزوة الأحزاب قائلًا: وبرغم ما كان يواجه المسلمين في غزوة الأحزاب مِن تحديات وصعوبات في حفر الخندق، كان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس في أصحابه الأمل ويبشرهم بالانتصارات العظيمة، عندما كان يكسر إحدى الصخور الصلدة، وقد نصر الله عز وجل المسلمين في غزوة الأحزاب انتصارًا سطره التاريخ، بل تحقق لهم كل ما بشرهم به النبي صلى الله عليه وسلم.
وحذَّر فضيلة المفتي من القنوط أو اليأس من رحمة الله بسبب التقصير في حقه عز وجل قائلًا: ينبغي أن يكونَ الإنسان ذا همَّةِ عالية، فسيحَ الأمل، واسعَ الرجاء، مستشرفًا للمستقبل، عاملًا منتجًا للحياة، يعطيها كما يأخذ منها، وعليه التمسك بالأمل والثقة بالله ففيهما قوةٌ باعثةٌ على العمل، وهما من العوامل المؤثرة في استنهاض النشاط والهمة في الروح والجسد، واستدعاء مظاهر الاستبسال، والكفاح نحو أداء الواجب، ودفع اليائس إلى الجِد، وتكرار المحاولة مرة بعد أخرى حتى يتحقق نجاحه.
وأوضح فضيلته أن محاسبة الإنسان لنفسه على ما يصدر عنه من تصرفات أولًا بأول من الأمور المطلوبة شرعًا؛ فإن ذلك يوقظ وجدانه ويحيي شعوره من أجل استدراك الخطأ إن وُجد فيعمل على تصحيحه. كي يؤدي عمله بإتقان وهو ما يجمعه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ".
وحول الابتلاء الذي يصيب الإنسان أكَّد مفتي الجمهورية أنَّ النَّص الشرعي يبيِّن أن المسلم بين دائرتين؛ دائرة الشكر ودائرة الصبر؛ لذا فالإنسان مبتلًى في الكون.
وردًّا على سؤال عن حكم ضوابط تحديد  التجار لهامش الربح قال فضيلة مفتي الجمهورية: ليس هناك نسبة ثابتة محددة ولكن ينبغي ألا تخرج أرباح التجار عن المألوف أو تخالف الضوابط التي تضعها المؤسسات المختصة، وكذلك ينبغي ألا يضيِّق التجار على الناس بأي صورة كانت، سواء بالاحتكار أو غيره؛ فلا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة، فالمحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لأي إجراءات تراها مناسبة في هذه الأمور.
واختتم فضيلته حواره بمناشدته للتجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة، وهي قيمة عظيمة في الشريعة الإسلامية؛ حيث إنها أساس تربية الضمير، وإرساء قواعد التعامل مع النفس ومع الآخر ومع الله، وذلك من خلال المكاشفة التي تحافظ على اتساق الإنسان مع نفسه؛ فإذا ما التزم كل واحد منا بهذه القيمة العظيمة في نفسه أولًا ومع غيره ثانيًا فضلًا عن علاقته بربه يصبح عامل بناء في مجتمع يحاول أن تكون نفوس أبنائه سوية، وعلاقاتهم صحيحة، بعدها يبدأ بناء الحضارة والرقي والازدهار وإفشاء السلام والأمان في المجتمعات.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية بالانتصارات شوقى علام النبی صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: سيدنا النبي قال أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة

أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الوطن نعمة عظيمة يجب أن نقدرها، مشيرًا إلى أن فهم قيمة الوطن يعد من أسمى القيم التي يجب أن يتحلى بها المسلم.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "الوطن نعمة، والنعمة يجب أن تشكر، والشكر يكون بأن نعيش متماسكين معًا في وطننا، وأن نكون مواطنين نلتزم بحقوق هذا الوطن".

ما حكم الصلاة في الأوقات المكروهة.. أمين الفتوى يجيب (فيديو) ندوة لـ”خريجي الأزهر” بنيجيريا حول تجديد الفتوى

وأضاف: "الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول: 'ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم'، هذه الآية الكريمة تساوي بين القتل والخروج من الديار، وهو ما يعكس لنا قيمة الوطن وأهمية التمسك به".

وأشار  إلى أن الوطن ليس فقط مكانًا، بل هو أمان ونجاة، وبالتالي إذا أردت أن تعرف أمان الرحمن، فانظر إلى ما أودعه الله في هذا الوطن من رزق وبركة ونور،  مؤكدا أن مصر، على سبيل المثال، تعد مثالًا حيا على هذا المفهوم، حيث بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهلها في رباط إلى يوم القيامة.

وتابع: "رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل رسائل لأرض مصر، ويقول: 'إذا فتح الله عليكم مصر، فهي وطن، وأهلها في رباط إلى يوم القيامة'، و هذا الكلام يعكس أهمية الانتماء لهذا الوطن".

واستكمل: "إذا أردت أن تكون من أهل البركة والرباط المحمدي، عليك بالتمسك بالوطن والعيش فيه بتقدير واعتزاز. فالوطن هو المهد الذي يحفظ لنا الأمان والكرامة، ويجب أن نعيش فيه كأمة واحدة متماسكة".

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُربّي الصحابة والأمة على معاني عظيمة ومهمة، تُحقق المقاصد الأساسية للوجود الإنساني، ومنها العبادة، العمران، والتزكية.
وقال: "النبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة أن جزءًا من العبادة هو حفظ المقاصد الخمسة، التي تشمل حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال، وهذا ليس على المستوى الفردي فقط، بل يشمل المجتمع ككل".

وأضاف  أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثالًا عمليًا للنجاة المجتمعية في حديثه عن السفية، حيث قال: "مثل القوم الذين استهموا على سفينة، فكان بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، فجعلوا ينقضون على الماء في أسفل السفينة، فلو تركوهم لهلكوا جميعًا، لكن إذا أمسكوا بما في أيديهم، نجا الجميع"، لافتا إلى أن هذا المثال يُظهر أن النجاة تكمن في العمل الجماعي وتعاون الجميع.

وتابع: "من المفاهيم المهمة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته هي مفهوم الوطن، في تصور الكثير من الناس، قد يكون مفهوم الوطن مُستحدثًا، لكن في الحقيقة هو مفهوم أساسي في الإسلام، على سبيل المثال، عندما صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أهل مكة، كان يعتبرهم أهله، رغم ما لاقاه منهم من أذى، وكان يتعامل معهم بأخلاق عالية، لأن مفهوم الوطن يتضمن البيئة والمكان الذي يعيش فيه الإنسان، بل والناس الذين يعيشون في هذا المكان".

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما واجه المقاطعة في شعب أبي طالب، وكان هذا من أنظمة قريش، صبر وثبت على مبدأه، فتعامل مع وطنه ومجتمعه بكل احترام، واعتبر أهل مكة، رغم ما عاناه منهم، جزءًا من عائلته وأهله.
وأضاف: "هذا التعامل يجعلنا نفهم قيمة الوطن في الإسلام، وأنه لا يتعلق فقط بالمكان، بل يتصل بالناس الذين نعيش معهم والمبادئ التي نؤمن بها في هذا الوطن".

واختتم قائلاً: "النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا أن نحب وطننا ونحترمه، وأنه لا يجب أن ننسى فضل المكان والناس الذين يشاركوننا الحياة".
 

مقالات مشابهة

  • رحلة النبي (5): مشاهد الجنة والنار في الإسراء والمعراج
  • أمين الفتوى: سيدنا النبي قال أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة
  • بيان معنى الأمّية في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • بيان مدى علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم للغيب
  • كيف أعبد الله؟ اعرف الطريقة الصحيحة للتقرب إلى ربك
  • ماذا يحدث عند الصلاة على النبي في رجب؟.. علي جمعة: 10 عجائب
  • مفتي الجمهورية يُعزي تركيا في ضحايا حادث حريق منتجع كارتال كايا
  • خالد الجندي: من يرغب في مرافقة النبي في الجنة عليه بكثرة السجود
  • كيف أعبد الله وأتوجه إليه؟.. علي جمعة يوضح
  • أمر يزيد طمأنينة النفس .. عالم بالأوقاف يكشف عنه