مفتي الجمهورية:الأمل ضرورة إنسانية بدونها تفقد الحياة قيمتَها
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التأمل في انتهاء عام وبداية عام جديد يُعد مراجعة للذات ومحاسبتها على عملها في العام المنقضي، وهو أمر مطلوب في أيام الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الاستغفار تطلعًا للدرجات العُلى وأن يكون عبدًا شكورًا، فقضية الاستغفار عندنا جميعًا دليل على محاسبة النفس لتلافي السلبيات والتقصير فيما سلف.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن المسلم الحقَّ ينبغي أن يكون صابرًا على مختلف المتاعب وشتى التحديات، مؤمنًا بالأمل ومستشرفًا للمستقبل، وموقنًا بما عند الله تعالى الذي بشَّرنا بأن بعد العسر يسرًا وأن الفرج يعقب الضيق والكرب.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن الحاجة تشتد في هذه الآونة من عمر الأمة إلى صناعة الأملِ وحسن العمل باعتبارهما من أهمِّ محاور صناعة شخصية الإنسان المعاصر وسمات تكوينه؛ فالأملُ هو ضرورة إنسانية بدونها تفقد الحياة قيمتَها ولا يعرف الإنسان مقصود وجوده، والغاية من وراء صبره على التحديات، وتحمله للشدائد والمحن، وحرصه على تحقيق أهدافه وتطلعاته المختلفة.
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن الأمل صنو الإيمان وقرينه، من فقده فقد إيمانه بربه، وضاعت ثقته بقدرة مولاه سبحانه، وفي المقابل فإن اليأس صنو عدم الإيمان لأنه سوء ظن بالله، قال الله تعالى آمرًا المؤمنين بعدم اليأس ومحذِّرًا منه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].
وذكر فضيلته أن للإيمان ثمرات عظيمة، تغرس في الفرد يقظة الضمير، ومعاملة أفراد المجتمع بالحسنى، والإحسان مما يجعل بنيان الوطن قويًّا، متماسكًا، وثيق الروابط والأواصر، ووفير التعاون على البر والتقوى، فضلًا عما يثمره من تصفية الإنسان لنيته، ومراقبته لخالقه في تصرفاته وسلوكياته على جميع أحواله، مع الحرص على ملءِ الوقت بالطاعة والعمل النافع، واستواء السر والعلن، ومن ثم تَقِلُّ أدواء المجتمعات، وتعظم مواقعها في كافة المجالات.
وشدد على أن التزام الإحسان، والعمل بمقتضياته في النية، والأفعال، والأقوال، من محاور التربية الفاضلة، الواعية، والواقعية التي أمر الله تعالى عباده باتباعها، وسلوك طريقها، والتحقق بمقاصدها، وإذا غلبتهم الشهوات، وطباع النفس، داوموا على التخلي عن الصفات الذميمة، والأخلاق السيئة، والتحلي بالقيم الفاضلة والأخلاق الحسنة، ولا يركنون إلى نقصٍ أو تقصيرٍ حتى يبلغوا الكمال المستطاع.
وأضاف مفتي الجمهورية أن هناك عدة عوامل تساعد على الالتزام بتنفيذ القانون كما أشار إليها العلَّامة الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- منها الباعث والدافع أو الاستعداد الفطري الناتج عن التنشئة السليمة، وكذلك غرس القيم والمبادئ والرقابة الذاتية، وثالث هذه العوامل هو العلاج والتهذيب والتأهيل أو تصحيح المسار، ولا بد من التكامل بين هذه العوامل لتؤدي دورها.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان نفسه من الوقوع في الزلل منها تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الخطأ، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.
وأكد فضيلته أن الشريعة الإسلاميَّة قد راعت فطرة الإنسان وأصل خلقته بلا نفور أو إعراض بأسلوب متزن يحافظ على حياة الإنسان بجوانبها المتنوعة، ثم إنها جعلت من هذا الوازع الفطري ممهدًا إلى الوازع الديني الذي هو إدراك داخلي أيضًا يأتي من أعماق النفس ويقوم على الإيمان بالله تعالى ومراقبته في جميع أمور العبد في السر والعلن.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن مراعاة الوازع الديني تضبط حركة الأفراد والمجتمع وفق فعل الخير وترك الشر، من أجل الدخول في دائرة رضوان الله تعالى، والخوف منه ومن عقابه دنيا وآخرة، وهو الحد المعتبر في التزام المسلمين بأحكام الشرع في كل صغيرة وكبيرة، وهذا يرجع إلى قوة الإيمان واستقامة النفس والتعلق بالله تعالى من فرد لآخر، ومن ثَمَّ احتاج الإنسان إلى التذكير بصورة دورية بالحقائق الشرعيَّة التي تغرس في النفس قيم الإيمان وسمات التقوى.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقى علام مفتی الجمهوریة الله تعالى
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يلتقي رؤساء دول وهيئات عالمية على هامش قمة المناخ COP29
شارك الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- برفقة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف-، في عدد من اللقاءات العالية المستوى على هامش أعمال الدَّورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP29).
وشهد «عياد» بصحبة الإمام الأكبر، لقاء الرئيس عبد اللطيف رشيد -رئيس العراق-، والرئيس إمام علي رحمان -رئيس جمهورية طاجيكستان-، وكذلك رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، والدكتور محمد يونس، رئيس الوزراء بالحكومة الانتقالية في بنجلاديش، وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي.
شهدت اللقاءات بحث الجهود المتواصلة لتعزيز التعاون الإسلامي ونشر قيم التسامح والاعتدال، وشكلت هذه اللقاءات فرصة ثمينة لبحث سبل تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، ودعم الحوار بين الأديان والثقافات، حيث تم التطرق إلى عدد من القضايا الهامة، من بينها مكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز التعاون في عدد من المجالات الدينية والإفتائية، ونشر الوعي بأهمية التسامح والاعتدال.
كما تطرقت اللقاءات إلى أهمية تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية، وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، وبناء مجتمعات أكثر سلامًا ورخاء، وكذلك التأكيد على الدور المحوري للمؤسسات الدينية في مواجهة التحديات العالمية، لا سيما تغير المناخ، ودعم الجهود الدولية لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكدت اللقاءات أهمية تبادل الخبرات والمعارف بين المؤسسات الدينية في مختلف دول العالم، وتعزيز التعاون المشترك لحماية البيئة والموارد الطبيعية.
وتناولت الدور المحوري للأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وذراعها الدولية المتمثلة في الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في نشر الفكر الإسلامي الوسطي، ومكافحة الأفكار المتطرفة، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال في المجتمعات الإسلامية، وبناء جسور التواصل بين المؤسسات الدينية في مختلف دول العالم، وتقديم الدعم اللازم لها في أداء دورها في نشر الوعي الديني الصحيح.
كما ثمنت اللقاءات الدور الريادي لمصر في نشر الوسطية والاعتدال، وما يمثله الأزهر الشريف للعالم باعتباره منارة للعلم والمعرفة، ومرجعية دينية معتدلة، وسعي مصر جاهدة إلى تعزيز التعاون مع مختلف الدول والشعوب لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي، وبناء عالم أكثر سلامًا واستقرارًا.