عن "إمام الناس" و"خليل الرحمن"
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة
وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) النساء
عن صاحب العقل السليم كما وصفه ربه ( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (84) (الصفات)( فالقلب فى لغة المصحف هو العقل فى لغتنا)
عن من وصفه ربه بأنه (الحليم) (الأواه) (المنيب) (القانت) (الشاكر لنعم الله)
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (75) هود
والحليم أي بطيء الغضب الذي يسيطر على غضبه والذى يتحكم فى نفسه وردود أفعاله والقادر على كظم غيظه والأواه هو من يتذلل إلى الله ويأوي دائمًا إليه والمنيب صاحب العودة السريعة إلى ربه والقانت قليل الكلام والشاكر لنعم الله نتيجة إدراك عالِِ لقيمة تلك النعم.
عن الذي (اصطفاه) الله و(اجتباه) و(أتاه الحجة) (ورفعة الدرجات)، وأمرنا جميعا أن نتبع (ملته) ومنع النار من أن تحرق جسده وأوقف قوانينه من أجله وهداه إلى صراط مستقيم وجعل مقامه (مصلى) للعالمين
والاصطفاء له شروطه فى كتاب الله وهى حصرا بسطة العلم وكثرته واتساعه وبسطة الجسم أى سلامة الصحة والخلو من الامراض التى قد تؤثر على العقل والتفكير والتركيز والادراك قال تعالى وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)البقرة
أما الاجتباء فيعنى أن الله قد أطلعه على جزء من الغيب، (فى منامه)
(وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) الانعام
وآتاه ربه الحجة، أى التفكير المنطقى، والمنطق البليغ الذى يدحض من أمامه،
ورفعه ربه درجات كما أكد فى سورة الأنعام قال تعالى (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) ﴿٨٣ الأنعام﴾
وأوقف الله من اجله السنن الكونية والاقدار الالهية فأمر النار ألا تحرق جسم ابراهيم حيث قال تعالى (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) الانبياء
وهداه ربه إلى صراط مستقيم وجعل مقامه (مصلى) للعالمين
(وهداه ربه إلى صراط مستقيم) و(وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى لكل المؤمنين ) حيث قرر الله ان نتخذ جميعا من مكان اقامة ابراهيم مصلى
وجعله الله إماما للناس كل الناس، وجعل ذريته أنبياء
قال تعالى( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ﴿١٢٤ البقرة﴾
قال تعالى
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) ﴿١٢٥ النساء﴾
قال تعالى: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٣٠ البقرة﴾
فهل تعرف ملة إبراهيم ؟!
وهل تتبع ملة إبراهيم التي أمرنا الله بها ؟!
ولكن ما هي ملة إبراهيم تلك التى دعانا الله لأن نسير جميعا وفقا لها؟!
ما هى ملة إبراهيم التى احتفى بها الله كل هذا الاحتفاء وأعطت لإبراهيم كل هذه القيمة والمنزلة عند الله ودعانا الله جميعا أن نكون على ملة إبراهيم واتخذ الله من مقام إبراهيم مصلى للعالمين وجعل الله إبراهيم إماما للناس وخليلا للرحمن واطلعه على الملكوت وأوقف ربى قوانينه من أجل ألا تحرق النار إبراهيم وجعله نبيا وجعل كل الأنبياء بعده من نسله أبناءً وأحفادً؟!
الملة هى الطريقة التى يعتادها الإنسان، ويكررها دوما فى تصرفاته، ويعاود طقوسها ولا يمل من تكرارها.
إبراهيم: هو رمز للإنسان المفكر المتعقل، الذى يعمل عقله ويتدبر ويبحث ولا يقبل بالمسلمات ويرفض السائد والمألوف ويتأمل الواقع وينحى البداهة ويشكل ويطرح الأسئلة ويتدبر ولا يسلم بسهولة للنتائج، ويختبرها أولا بأول، والذى هو على جراءة عقلية لا تجعله يخشى مخالفة الجموع وإرهابهم فقد حذف أى انحرف وسار فى اتجاه يخالف كل قومه انحرف عن الباطل.
إبراهيم هو ذلك الإنسان الذى يقرأ فى غير خضوع ثم يفكر فى غير غرور وحين تكون له كلمة يواجه الدنيا كلها بكلمته
إبراهيم أول إنسان أعمل عقله وبحث فى الكون وتأمل وشك فى الموروث فى عصره ونحى البداهة ونزع القداسة عن الموروث وطرح الأسئلة وخالف الجموع وخالف السائد والموروث والذى وجد عليه آباؤه وأجداده ووصل بعقله للوجود اللهى ورفض المسلمات حتى بعد ٱن وصل الى الله، قال لربه أرنى كيف تحيي الموتى ؟!
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن ليَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (260)
فكان إبراهيم أمة وحده، هو بداية ٱمة التوحيد دون نبى يهديها فإبراهيم لم يكن نبيا ولم يهديه نبيا أو رسول، إبراهيم كان بداية امة إعمال العقل والبحث ورفض الموروث ورفض المسلمات والتأمل والتفكير، فاجتباه ربه أى ( أطلعه على الغيب)
قال تعالى. (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) النحل
قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٩٥ آل عمران﴾
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١ الأنعام﴾
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٦٧ آل عمران﴾
صدق الله العظيم
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: امام الناس خليل الرحمن قال تعالى ح ن یف ا م ا ک ان
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: حكمة الله في الخلق تتجاوز الإدراك
تناول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، بالشرح والتحليل اسم الله تعالى "الحكيم"، مُستعرضًا دلالاته في القرآن والسنة، موضحا أن اسم "الحكيم" ورد في القرآن الكريم 42 مرة، مقترنًا بأسماء أخرى مثل "العزيز" و"العليم" و"الخبير"، كمَا في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، مشيرًا إلى أن الأمة أجمعت على ثبوت هذا الاسم لله تعالى لوروده في القرآن والسنة، مستدلًا بحديث أبي هريرة في الأسماء الحسنى.
وتوقف شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بالحلقة التاسعة عشرة من برنامجه الرمضاني«الإمام الطيب»، عند قصة الصحابي "شريح بن هانئ" الذي كَنَّاه قومه بـ"أبي الحكم" لِما عُرف عنه من حكمة في فض النزاعات.
وقال: "لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك نهاه عن هذه الكُنية، غَيْرَةً على حدود الوحي، قائلًا: 'إن الله هو الحَكَم وإليه الحُكْم'، مُوضِّحًا أن هذا الاسم لا يليق إلا بالله تعالى".
وفي تفصيله لمعاني "الحكمة"، أوضح شيخ الأزهر أنها تحمل 15 معنى، أبرزها: "العقل، والعلم مع العمل، والقرآن والسنة"، مُحذرًا من الانزلاق خلف أفكار "القرآنيين" الذين يُنكرون السنة النبوية، وموضحا أن الحكمة قد تعني"اللفظ القليل الجامع" الذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أبرز فضيلته الجانب اللغوي لاسم "الحكيم" (على وزن فعيل)، مشيرًا إلى أنه يحمل معنيين: "فاعل" بمعنى الحاكم، و"مفعول" بمعنى المُحكَم، أي المُتقِن لخلقه، وهو ما يظهر في إحكام الكون وتقديره بدقة.
وردًّا على تساؤل.. لماذا خلق الله الحشرات؟، تناول فضيلته إشكالية خلق كائنات قد لا تُدرك حكمتها، قائلًا: "إذا فسّرنا 'الحكيم' بمعنى 'العليم'، فهو يعلم تفاصيل كل مخلوق قبل وجوده، وإرادته تخصيص صفاته دون غيرها". وأضاف: "حكمة الله في الخلق تتجاوز إدراكنا؛ فالإرادة الإلهية تختار لكل مخلوق ما يناسبه في نظام الكون المحكم، وليست الحكمة مقصورة على الجمال الظاهري".