دونا عن بقية أبناء الأمة المحمدية يحتفل اليمنيون بالجمعة الأولى من شهر رجب كيوم عيد يضاف إلى قائمة أعيادهم الدينية لما يمثله هذا اليوم من خصوصية لهم، فهو يوم دخل فيه اليمنيون الإسلام بعد أن أرسل إليهم النبي الكريم الإمام علي مبعوثا اليهم حاملا اليهم خطابا من النبي الكريم يدعوهم للدخول للإسلام وفور انتهاء تلاوة هذه الدعوة دخل اليمنيون الإسلام جماعات وفرادى وبايعوا النبي على السمع والطاعة، وهذا ما جعل النبي الكريم يتوجهم بأعظم هوية بعد ان وصله خبر إسلامهم، حيث سجد لله شكرا ثم قال “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا والين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية”
وبالفعل فقد شكل هذا التتويج فارقا كبيرا في مسار الدعوة الإسلامية كون اليمنيون شكلوا رافدا للإسلام، وساهموا في تشكيل الدولة الإسلامية بنشر دين الإسلام في أرجاء الأرض بقيادة النبي الكريم ومحاربة قوى الشر، وظل اليمنيون على عهدهم هذا بمناصرة المظلوم ودحر قوى الشر التي تحاول إجهاض مشروع الدولة الإسلامية،
ولنا فيما يحدث اليوم في غزة خير دليل، وكيف سارع اليمن في مناصرة الشعب الفلسطيني وكان شريكا فاعلا في معركة وأد المشروع الصهيوني في المنطقة رغم ان اليمن لايزال جريح حرب وحصار منذ تسع سنوات
ما ذكر أعلاه هو ملخص استطلاع أجراه المركز الإعلامي بالهيئة النسائية _مكتب الأمانة لـ”الأسرة” مع عدد من الناشطات الثقافيات والإعلاميات حول جمعة رجب والهوية الإيمانية اليمانية كان على النحو الآتي:

الاسرة /خاص

بداية الناشطة الثقافية إيمان الرميمة بدأت حديثها بالقول: ها نحن نقترب من اعظم ذكرى تاريخية ذكرى جمعة رجب الأصب والتي تحمل أهم الذكريات وأقدسها في تاريخ شعبنا اليمني المسلم العزيز وهي قدوم وصي رسول الله (الإمام علي عليه السلام ) إلى اليمن، وهو يحمل رسالة من رسول الله صلوات ربي عليه وعلى آله يدعو فيها أبناء اليمن للإسلام
وأردفت إيمان: وفور انتهاء الإمام علي من قراءة رسالة النبي الكريم على اليمنيين لبى أهل اليمن النداء ودخلوا في الإسلام بكل رغبة وطواعية ووعي وإيمان صادق.


وأوضحت الرميمة ان شعبنا اليمني الكريم على مر التاريخ اعتادوا الاحتفال بهذه الذكرى، باعتبارها محطة من المحطات المهمة في صدر الإسلام ومثلت فارقاً في حياتهم باعتبارها يوم نعمة عليهم من الله بها عليهم بنعمة الإسلام والهداية.
وذكرت إيمان إن من علامات اعتزاز شعبنا على مر التاريخ بهذه الذكرى إعطاؤه لهذا اليوم خصوصية دون غيره من الشعوب في الاحتفال به بأشكال متعددة وتعابير متنوعة، من بينها صلة الأرحام ومن بينها ما يعرف في بلدنا بالرجبية، والتي تتخللها مظاهر الفرح والابتهاج والسرور والأذكار واعتبرها عيداً دينياً يضاف إلى قائمة أعيادهم
جمعة رجب
وأشارت الرميمة إلى ان الاحتفال بهذا اليوم هو شيءٌ مهم خاصة في هذه الظروف الحساسة والعصيبة التي يعيشها أبناء بلدنا الحبيب وسائر البلدان العربية والإسلامية فلابد لنا من الحفاظ على هويتنا الإيمانية كأصل ثابت و الحرص على ترسيخها لتمتد في أجيالنا جيلاً بعد جيل..
خاصة ونحن نُستهدف من قبل الغرب الكافر والمنافق بشكل كبير وممنهج وخطير جدًّا، وذكرت إيمان ان الاستهداف في الهوية هو من أخطر أشكال الاستهداف، والهدف منه هو السيطرة على الإنسان أصلاً والسيطرة المباشرة عليه والتحكم فيه من خلال تجريده من هويته وتفريغه من محتواه المبدئي والأخلاقي والقيمي.
والإنسان إذا فرغ تماماً من هذا المحتوى لم يبق له مبادئ، لم يبق له أخلاق، لم يبق له مفاهيم صحيحة وسليمة ويصبح مجرد دمية وإنساناً أشبه بالإنسان الآلي الذي يتحكم به الآخرون، فلا يستطيع حماية نفسه وأرضه وثرواته وعرضه من أي أطماع أو غزو خارجي أو نصرة للمستضعفين في الداخل اليمني أو في الخارج.
ونوهت إيمان الرميمة إلى ما يتعرض له شعبنا اليمني من استهداف، حيث قالت: ولا يخفى علينا ما نمر به هذه الأيام من تكالب اعمى وهمجي بسبب أننا حافظنا على هويتنا الإيمانية التي تجسدت في نصرة إخوتنا في فلسطين ولبينا نداء الاستغاثة من نسائهم وأطفالهم وهذا ما يمليه علينا ربنا ورسولنا وديننا وإيماننا وقيمنا وأخلاقنا فكان سببا لغضب اليهود والنصارى الذين أدركوا بأن جهودهم التي بذلوها ويبذلونها لإبعادنا عن هويتنا وعقيدتنا باءت بالفشل وذهبت أحلامهم أدراج الرياح.
عيد اليمنيين
بدورها غادة حيدر/ناشطة ثقافية بدأت حديثها قائلة: الرجبية أو جمعة رجب كما نسميها ونحتفل بها كشعب يمني مسلم متأصل بالقيم الإيمانية والمبادئ القرآنية نعي ونعرف أهمية إحياء ذكرى هذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا جميعا بل ونعتبرها عيداً وهي تمثل لنا عيدا الأعياد دونا عن جميع شعوب الأمه العربية والإسلامية.
وأردفت غادة: فهي المناسبة الوحيدة التي نتفرد بها لأنها مناسبة خاصة وذكرى خاصة بتاريخ أجدادنا الأوائل الذين التحقوا بالإسلام وبالرسالة المحمدية في سنواتها الأولى فهي تمثل عيداً بالنسبة لنا.
وأوضحت حيدر في سياق حديثها كيف يحتفي اليمنيون بهذه المناسبة حيث ذكرت ان من مظاهر العيد إظهار طابع الفرحة والابتهاج والحمد والشكر لله على نعمة الإسلام ونعمة الرسول ونعمة الهداية فنستعد لها ونحيي أيامها وليالها بالأمسيات والندوات والأناشيد التعبرية والخاصة بهذه المناسبة وليس هذا فحسب بل تعتبر أهم عيد بالنسبة لنا، فيلبس لها الأطفال الملابس الجديدة، وتتم فيها الزيارات واللقاءات وتذبح فيها الذبائح وتقسم على الأرحام والمساكين، ويتبادل فيها الناس الهدايا والتهاني والتبريكات وهذا من مظاهر فرحتنا وعظيم أمتناننا لله سبحانه وتعالى أن هدانا لهذا الدين العظيم .
الهوية الإيمانية
وحول سؤالنا كيف جسد اليمنيون هويتهم اليمنية الإيمانية في واقعهم و كيف جسدوها في مواجهة العدوان وأيضا في نصرة فلسطين وقضايا الأمة أجابت غادة: المتأمل لتاريخ الشعب اليمني القيم والأصيل والمتجذر بجذور الإيمان والحكمة وبالأرث الإسلامي القيمي والأخلاقي وبثقافته العالية المستبصرة الواعية المستمدة هدايتها من منابع ومصادر الهداية الحقيقية (القرآن الكريم والعترة الطاهرة) يدرك جيدا أن ما يقوم به هذا الشعب المؤمن تجاه قضاياه الأساسية والمركزية وعلى رأسها قضية فلسطين وتجاه هذا العدوان البشع الإجرامي على بلدنا الحبيب وشعبه ومقدراته وقيمه وأخلاقه هو الموقف الطبيعي والمحق والعادل والمشروع والمنصف والصحيح، فطريق الجهاد في سبيل وثقافة الشهادة والاستشهاد ومبادئ التضحية والعطاء والصمود والفداء والصبر هي ركائز أساسية في هذا الدين الحق دين الإسلام.
فتح مبين
وعلى ذات السياق الناشطة الثقافية هناء أبو نجوم المحاقري ذكرت في بداية حديثها
قول الله تعالى ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)، ثم أردفت: جمعة رجب جمعة مقدسة لدى كل يمني أصيل ففي هذا اليوم دخل أبناء اليمن في دين الله أفواجا بعد ان سمعوا لرسالته اليهم التي جاء بها الإمام علي عليه السلام.
وأضافت هناء: لذلك عندما يرتبط اليمانيون بمناسبة جمعة رجب لأن هذه المناسبة هي محطة تاريخية لهذا الشعب العظيم الذي استجاب لدعوة رسول الله صلوات الله عليه واله استجابة سريعة ودخل الإسلام بكل رغبة وقناعة واعلنوا إسلامهم فسجد رسول الله عندما وصله اخبر إسلامهم شكرا وارتاح لذلك بشكل كبير .
يوم الهداية
وأوضحت المحاقري أن أهمية جمعة رجب تكمن في انها مناسبة مهمة عند اليمانيين نتذكر في هذه المناسبة نعمة الله علينا نعمة الهداية نعمة الإيمان فالإيمان هو إنقاذ لنا في هذه الحياة، وفي هذه المناسبة نستذكر فيها انتماءنا الإيماني واننا من المؤمنين الصادقين من نال الشرف والوسام الذي قال فيهم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
وأكدت هناء المحاقري على أنه بهذا الوسام العظيم الذي هو ميثاق بيننا وبين الله وثمرة عظيمة تضبط مسيرة حياتنا واننا عبيد لله وبهذا الميثاق عاهدنا الله على السمع والطاعة نخضع لتوجيهاته ونسير على المنهجية التي رسمها الله لنا، وبهذه المنهجية نعيش أحرارا ونفوز الفوز العظيم وننال بفضل الله الحياة والسعادة الأبدية ونثق بوعود الله ونعمل بكل يقين وبصيرة ولا تدخل في قلوبنا الشك والريبة لأننا لا نقبل بالذلة والهوان والاستسلام
وأشارت هناء إلى ان مواقفنا دائما هي مواقف ايمانية خاصة ونحن نرى اليوم بفضل الله وبفضل القيادة المتمثلة بالسيد المولى السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي نرى اليوم هذا الشعب اليماني الذي قال فيهم رسول الله صلوات الله عليه واله (إنكم ما علمتم انكم تكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع)، وقال المصطفى (يريد أقوام أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم)، (اذا هاجت الفتن فعليكم باليمن فاءن قومها رحماء، وإن أرضها مباركة)، (اللهم بارك لنا في يمننا وشامنا)
،(الإيمان يمان والحكمة يمانية )
وعن تجسيد الهوية الإيمانية قالت هناء: نرى اليوم شعبنا اليمني جسد هويته الإيمانية ومواقفه المشرفة في مواجهة العدوان نصرة ووقوفا مع المظلومية الفلسطينية ومع قضايا الأمة، وتحرك هذا الشعب من منطلق الشعور بالمسؤولية، تحرك بكل جد ليواجه كل التحديات والأخطار، لأنه يعي ان التحرك في زمن السكوت والخنوع والركوع للعدو هي النصر بحد ذاتها هي الوعي والبصيرة هي رسالة ان اليمانيون في كل مراحل التاريخ هم من قالوا (إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء).
وكما أكدت هناء المحاقري على أن هذه مواصفات وروحية عالية تبين ان هذا الشعب اليماني هو من سيقف وينصر ويأوي ويستقبل ويحتضن ويتحرك لنصرة المظلومين ومواجهة قوى الكفر الطغيان
وقد رأينا اليوم هذا الشعب اليمني يقف بكل عزة وثبات لمناصرة القضية الفلسطينية ولا يخاف من أي تهديد مباشر من أمريكا الشيطان الأكبر وربيبتها إسرائيل وكل دول الغرب الكافر مهما كانت إمكاناتهم، لأنه يؤمن ان الله أقدر وأكبر وأعظم لأنه شعب واثق بنصر الله وموقفه موقف الحق واعيا بإن ولاية الله ورسوله والإمام علي عليه السلام والسيد المولى سيدي ومولاي السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي ما بعدها الا كما قال الله تعالى (ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون ).
واختتمت هناء المحاقري حديثها بالقول: نسأل الله العلي العظيم ان يوقفنا وان يجعلنا ممن يتولاه ويتولى رسوله ويتولى الإمام علي عليه السلام ويتولى أعلام الهدى المتمثلة اليوم بالسيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي
ونسأل الله يفرغ علينا صبرا، وان يثبت أقدامنا، وان ينصرنا على الكافرين.
بوابة الهداية
ختاما تقول الكاتبة الإعلامية هنادي محمد: نعيش في الوقت الحالي أجواء مباركة، في شهرٍ مبارك، وذكرى مباركة تخصُّ شعبنا اليمني دون غيره من الشعوب الإسلامية، ألا وهي ذكرى جمعةُ رجب، وهو العيد الأول لنا باعتباره البوابة الأولى الذي تنشقنا عبرها عبق الإيمان ونسمات الرسالة الإلهيّة حين قدم إلينا وصي رسول الله صلوات الله عليه وآله الإمام علي (ع) حاملًا إلينا رسالة النبّي ودعوة الإسلام فدخل اليمانيون أفواجا في دين الله طواعيةً وصدقًا وحبًا لله ولرسوله.
وأوضحت هنادي ان شعبنا اليمني المؤمن يحيي هذه الذكرى في كل سنة، وفي كل أول جمعة من شهر رجبٍ الأصب كما يحيي عيديّ الفطر والأضحى، وذلك من خلال التهليل والتسبيح والتهليل بتسبيح رجب، وإظهار مظاهر الابتهاج والفرح والسرور بمزاورة الأرحام وصلتهم ومعايدتهم، كذلك تقام أمسيات وندوات ورقصات شعبية، وما إلى ذلك.
وأكدت هناء على ان شعبنا اليمني على مرَّ التاريخ، وجيلًا بعد جيل يولي هذه المناسبة اهتمامًا كبيرًا لأنه من خلال احيائه لها يعبر عن شكره وحمده لله على نعمة الهداية والدّين، وافتخاره بسبقه ومسارعته للإيمان الذي يسعى لتأصيله والحفاظ عليه بالتمسك بكل ما احتواه ديننا الإسلامي من قيم ومبادئ وتوجيهات.
الإيمان يمان
وذكرت هنادي ان هوية شعبنا الإيمانية تجسدت في واقعه من خلال تميّزه بعادات وتقاليد عكست مدى حفاظه على جوهرة الإيمان الذي انتمى إليه وتقلّد به وسام شرفٍ من رسول الله صلوات الله عليه وآله حينما قال عن الشعب اليمني المقولة المشهورة:« الإيمان يمان، والحكمة يمانية».
فكان هو الشعب المؤمن عظيم الثقة بالله، وانعكست هذه الثقة ثباتًا وصمودًا وقوةً وصلابةً ومجابهةً ومواجهةً لقوى الطاغوت منذ تسع سنوات.
وأردفت هنادي: عدوانٌ برز فيه الأذرعة حتى وفّق الله شعب اليمن وقيادته للدخول في مواجهة مباشرة مع أهل الكتاب_اليهود والنصارى_ نتيجة موقفه الإيماني الأصيل والصادق تجاه قضية أساسية من قضايا الأمة الإسلامية، القضية الفلسطينية التي انطلق لنصرتها بكل ما أوتي من قوة، وبما استطاع من وسائل ممكنة أدناها المال وأعلاها الدم،
واختتمت هنادي محمد قولها حيث قالت: وهذا الموقف غير مستغرب على من دخل في الإسلام عن يقينٍ تام بأنه سبيل النجاة والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة، والعاقبةُ للمتّقين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

غدًا تلتقى الأحبة

جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله ادعُ الله لى أن أدخل الجنة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: وماذا أعددت لها؟ فقال: يا رسول الله ما أعددت لها كثير صيام، ولا كثير صلاة، ولكنى أحب الله ورسوله، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): أنت مع من أحببت».

ولعلنا نلحظ فى هذا الحديث عدداً من الأمور منها: أولاً: اختيار ذلك الصحابى لنوعية من يكونون أهلاً لتوقيره ومحبته، فليس هناك أفضل من النبى (صلى الله عليه وسلم) كى يكون أهلاً لهذا التقدير وتلك المحبة. ثانياً: انعكاس تلك المحبة على الفعل والسلوك، فليس من المستساغ أن يزعم إنسان المحبة لله ورسوله، ثم يبارزهما بالمعصية والمخالفة. ثالثاً: الثمرات الهانئة المترتبة على المحبة الصادقة، وقد بُشر هذا الصحابى بتلك الثمرة حينما قال النبى - صلى الله عليه وسلم- مخاطباً إياه «أنت مع من أحببت» أى أن هذا الرجل بصدقه فى محبته لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وانعكاس تلك المحبة على أفعاله وسلوكه إنما هو رفيق للنبى (صلى الله عليه وسلم) فى الجنة، وأنعِم بذلك من صحبة ورفقة. رابعاً: أن للمحبة ثمراتها، وللعاطفة الصادقة قطوفها، ومن ثم اعتبرها الإسلام وجعلها سبباً فى سكنى الإنسان أعالى الجنان. ومن ثم يعتبر الإسلام أن محبة النبى (صلى الله عليه وسلم) فرض واجب على كل مسلم، به يفضل الإنسان ويؤثر محبة رسوله الكريم على ذاته ونفسه وولده، والناس أجمعين. 

يقول النبى (صلى الله عليه وسلم) «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده ونفسه، فقال عمر: والله يا رسول الله إنك لأحب إلى من مالى وولدى إلا نفسى، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده ونفسه، فقال عمر: والله يا رسول الله إنك لأحب إلى من مالى وولدى ونفسى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر».. وينظر الإسلام إلى هذا النوع من المحبة للنبى - صلى الله عليه وسلم - على أنه طريق موصل إلى محبة الله سبحانه وتعالى ومرضاته، وسبب فى مغفرة ذنوب الإنسان وسيئاته، يقول الحق سبحانه وتعالى «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» آل عمران 31. ولا يعنى ذلك أن الإسلام قد أهمل حاجة الإنسان الفطرية إلى محبة نفسه وذاته ودعاه إلى إهمال هذا الجانب. كلا بل إن من الأمور المعتبرة فى الإسلام والمؤكدة فى تشريعاته أن محبة الإنسان لنفسه وذاته هى من صميم الدين وذروة سنامه، فالإنسان كائن مركب من نفس وعقل وجسد، ومن الإسلام بل من الضرورات الخمس التى يأثم الإنسان على تركها؛ التفريط فى أحد هذه الجوانب الثلاثة، ولهذا جُرم على الإنسان أن يتعاطى ما يضر بجسده أو يفتك بنفسه، أو يُذهب بعقله، بل إن الحدود الشرعية قننت فى الإسلام لمن تعرض بأذى أو ضرر لأحد هذه الجوانب الثلاثة (الجسد، النفس، والعقل) وهذا من علامات احترام الإسلام لذات الإنسان وحثه على محبتها والاهتمام بها، أضف إلى ذلك أن للمحبة والعاطفة مظاهر متعددة، وصوراً شتى فى الحياة تعود فى مجملها إلى محبة الإنسان لربه سبحانه وتعالى، ومحبة الإنسان لنبيه (صلى الله عليه وسلم). فمحبة الإنسان لذاته مرجعها إلى أن الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله. ويلحق بذلك محبة الإنسان لوطنه وهى مظهر من مظاهر الانتماء للأرض التى نبت فيها الإنسان، فيرتبط معها بعاطفة جياشة من الحب والولاء تجعل من فروض الأعيان عليه أن يدافع عن حياضها إذا ما داهمها عدو، أو أصابها ما يضر بمجتمعها، ويعبر النبى (صلى الله عليه وسلم)، عن هذه المحبة وهذا الانتماء والولاء بقوله مخاطباً جدران مكة لدى الهجرة «والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وإنك لأحب بلاد الله إلى نفسى، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت». ويمتد الحب فى مفهوم الإسلام ليمثل علاقة وارتباطاً بين الإنسان وجميع أجناس الوجود؛ فالمكان بما يحويه من جماد وحيوان له نصيب من عاطفة الإنسان وحبه فى مفهوم الإسلام، فالنبى (صلى الله عليه وسلم) قال فى حق (أُحد) وهو جبل أصم «أُحد جبل يحبنا ونحبه». بل إن هذه المحبة مع الجماد أخذت صورة فعلية فى حياة النبى الكريم، فجذع النخل الذى كان يعتليه النبى (صلى الله عليه وسلم) فى خطبة المسلمين ارتبط بعلاقة حب وعاطفة مع النبى لأجلها بكى عندما اتخذ عليه الصلاة والسلام منبراً غيره، ولم يسكن أنينه حتى ضمه النبى الكريم إلى صدره ودفنه بيده بجوار منبره، ومن ثم ورد عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قوله: «إذا مات ابن آدم بكى عليه موضعان: موضع سجوده فى الأرض، وموضع صعود عمله الصالح إلى السماء»، فهذان الموضعان اللذان ورد ذكرهما فى الحديث قد ارتبطا بالحب مع الإنسان وعمله الصالح، حتى انفعلا لموته وأصابهما الحزن لفراقه. كذلك نجد عاطفة الحب فى الإسلام تشمل كل مسلم، بل كل إنسان فى الكون والوجود.

 

الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية

 

 

مقالات مشابهة

  • كلام حلو عن يوم الجمعة
  • أبيات شعر جميلة عن يوم الجمعة
  • غدًا تلتقى الأحبة
  • علامة وحيدة تفرق المؤمنين عن المنافقين.. يكشفها جمعة
  • علي جمعة: ليلة النصف من شعبان عظيمة وتحويل القبلة حدث تاريخي في الإسلام
  • إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: نور الإيمان هداية في الدنيا وفوز بالآخرة
  • احذر هذا الفعل يجعل وجهك مظلمًا .. علي جمعة يوضحه
  • إذا أردت أن تمتثل لأمر الله ورسوله.. علي جمعة: عليك بهذا الأمر
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب