عربي21:
2025-01-31@20:42:45 GMT

تدين بلا دين

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

معنى التدين:

التدين استجابة لغريزة في الإنسان والعبادة جزء من كينونته، فإما أن يعبد ما وجد آباءه عليه أو يتجه لغيره، فإن لم يستقر على أمر فهو يقدس شيئا ما؛ جاها أو منصبا، أو نفسه.

التدين لا علاقة له بالأخلاق كقيم فذاك له معادلته، بيد أننا نلاحظ أن هنالك من يتخذ الدين لتسفيه (تكفير) مخالفه وإصراره على امتلاك الحقيقة والتكبر الإبليسي الذي يعتريه دون دليل أو فهم، أو هو ينسب الأمر للعقل، والعقل فعل منظومة عقلية تستمر بالتمحيص والانتقال وتدوير المعلومات وما يكتسبه الإنسان في مراجعات مستمرة.



التدين لا علاقة له بالسلوك بشكل مباشر فهو غريزة والغريزة تتوقف عند نيلها ولا انعكاسات بعد ذلك على السلوك، لذا نجد من يصلي ويصوم ويقيم الليل بأوراد وذكر وربما يرتقي المنبر أو يقدم قداسا ولا يتخلف عن واحد ويقدم النذور، لكن سلوكه لا يتناسب مع مكانة منبر يرتقي علية ووعظ أو عظة يقولها، فتراه ينصح بالمحبة وهو عدو لدود وحسود حقود.. هؤلاء الناس أشد ضررا على ما يحملون من الفكر من بأس أعدائه.

الغرائز فاعلة والحاجات والمتطلبات في تنام مع المدنية وغياب العدل، والتشوه في الجهاز المعرفي والفكر الفاعل، وأكثره لا يحل مشكلة ولا يلامس الواقع إيجابيا، بغياب منظومة القيم الرائدة للواقع ستستعمر الحاجات والغرائز منظومة العقل ويصبح التدين مظهرا إشباعا لغريزة وحديث مجالس وخطب لا تلامس الواقع أو تؤثر فيه
التدين لا يمثل حصنا ضد عوامل التأثير في النفس البشرية وانعكاس ذلك على السلوك، أو أنه كل عوامل التأثير، فهو غريزة وهنالك الغرائز الأخرى، والبيئة، والوضع الاقتصادي، أي ما يمكن تلخيصه في الحاجات والغرائز والفكر كعوامل مؤثرة، ولو انتبهنا سنجد أن الغرائز فاعلة والحاجات والمتطلبات في تنام مع المدنية وغياب العدل، والتشوه في الجهاز المعرفي والفكر الفاعل، وأكثره لا يحل مشكلة ولا يلامس الواقع إيجابيا، بغياب منظومة القيم الرائدة للواقع ستستعمر الحاجات والغرائز منظومة العقل ويصبح التدين مظهرا إشباعا لغريزة وحديث مجالس وخطب لا تلامس الواقع أو تؤثر فيه.

مشكلة الغريزة:

الغريزة أمر مغروز في الإنسان ضمن ثوابت تكوينه ولها وظائفها في الديمومة والحياة، لكن عدم القيام بها عند استثارتها لا يؤثر على وجود وحياة الإنسان الفرد كما تؤثر الحاجات كالأكل مثلا.

الغرائز الرئيسة عند الإنسان هي غريزة حب البقاء (ومنها مثلا تكوين المجمعات البشرية، الخوف)، وغريزة حب التملك، وغريزة النوع، وغريزة التدين، وحب السيادة.

حب البقاء يراه المستقصي أول الغرائز ظهورا، فهو تصرف طبيعي حتى برد فعل الطفل الرضيع، وربما هو أولى الغرائز التي تحتاج تنظيم وموازنة عقلية، فهي غريزة تغيب العقل برد الفعل أو تستعمره لتوقع التداعيات.

غبش وعدم وضوح الفكر والدين وتضاربه غالبا يقود إلى الإلحاد عندما لا يجد الإنسان الباحث عن ذاته أجوبة منطقية تتوافق مع الحياة التي تتقدم مدنيا، لهذا نجد الإلحاد واللا أدرية وغيرهم على نطاق واسع في الدول المتقدمة مدنيا، ويمتد في مجتمعنا عندما يسيطر على الحركة الفكرية أناس متخلفون يطلبون القدسية لأنفسهم ويستثيرون الشكوك في الآخرين لإبعاد رعاياهم عن الانسلاخ والنظر في أجوبة عند الآخرين
أما حب التملك فهو يبدد أركان الحياة ما لم ينظم، وهذا مشترك في كل الغرائز. وتغلب الغريزة في حب التملك قد ينتقل إلى العلاقات البينية الأسرية في سلب الأنا للآخر وإذلاله، رغم أنه قد لا يكون بقصد الإهانة وإنما إبقاؤه يشعر بالدونية لتسهيل استعباده، وهذا مرض له امتداد كبير نتيجة اضطراب الجهاز المعرفي في العلاقات وبالذات بين الزوجين، بحيث لا تفهم كرفقة طريق وإنما ملك وحقوق وتفسير ذكوري لما يمكن أن يلتبس في تفسيره. ولعل هذه تتفق وتتعاضد مع حب السيادة لتحدث خرابا في العلاقات الإنسانية ما لم تنظم وتوضع لها صيغ عملية للمجتمع، ولا يمكن الحديث عن هذا بالتفصيل لضيق المساحة وهدف الموضوع.

وتبقى غريزة النوع ذات طغيان غالب ما لم ينظم المجتمع وفق قيمه وأن يكون متصالحا معها، ويمكن أن نرى مشاكل كبيرة تحصل لعدم تكيف المجتمع وحلول في قيمه بينما هو يحكم هذه القيم كمعيار للفضيلة مثلا، ونرى تصالح الغرب مع العلاقات الشاذة وفق منظورنا لكن وفق محددات متعارف عليها.

ونأتي إلى التدين، فالتدين غير فهم الدين والالتزام به عن علم، وهو غالبا ما يسلك منافذ الانطباعات؛ فالتدين كغريزة لا يُحدث التوازن أبدا لأن الغرائز ليست معيارية، ولا منضبطة بمنطق وتفكير، هذا لا يعني أن العالم بدينه لا يخطئ أو يذهب بدوافع غريزية إلى مخالفات قيمية، لكنه يختلف بأنه لا يطغى ما لم يفسد، لأن غريزة التدين لا تمنع الطغيان لمن يضعف أمام التملك والمال فتراه يصلي ويسبح، لكنه لص إن خلا بالمال أو يضعف أمام غريزة النوع ويستمرئ الجنوح هذا مع ما يبرره لنفسه، وهكذا في أي ظلم يحدثه حتى في قتل الأبرياء أو استباحة الأنفس وتنصيب نفسه قاضيا وجلادا أو يستسيغ هذا دون النظر إلى أن الأنفس كرّمها الله.

غبش وعدم وضوح الفكر والدين وتضاربه غالبا يقود إلى الإلحاد عندما لا يجد الإنسان الباحث عن ذاته أجوبة منطقية تتوافق مع الحياة التي تتقدم مدنيا، لهذا نجد الإلحاد واللا أدرية وغيرهم على نطاق واسع في الدول المتقدمة مدنيا، ويمتد في مجتمعنا عندما يسيطر على الحركة الفكرية أناس متخلفون يطلبون القدسية لأنفسهم ويستثيرون الشكوك في الآخرين لإبعاد رعاياهم عن الانسلاخ والنظر في أجوبة عند الآخرين، فيحبط الإنسان ليرفض كل شيء ويستهل ما يستجيب لغرائزه قبل منظومته العقلية.

المطلوب مراجعة حقيقية والنظر في أصل الأفكار وقراءتها لحل مشاكل العصر بمنطق مفهوم من العصر وليس وضع القوالب والصناديق وإدخال الآخرين فيها كمعايير ثابتة، فهنا سيكون التدين بلا دين
ما العمل؟

المطلوب مراجعة حقيقية والنظر في أصل الأفكار وقراءتها لحل مشاكل العصر بمنطق مفهوم من العصر وليس وضع القوالب والصناديق وإدخال الآخرين فيها كمعايير ثابتة، فهنا سيكون التدين بلا دين، أما إن نظمت غريزة التدين لتكون قيمها المعيارية تدير العصر وليس بالمستورد من التاريخ أو المستورد من تجارب نجحت فأضحت مقدسة، بينما هي قد لا تنجح وإن كان نجاحها قبل أعوام قلائل.

الاجتهادات البشرية ليست مقدسة ولا دائمة وإن كانت ناجحة، والقوالب تشوه الفكر والإنسان وإن كان القالب هو في ظن البعض من الإسلام، فاجتهاد وفهم الرعيل الأول ومن تلاهم حل مشاكلهم لكن لا يحل مشاكلنا، ولا ينبغي إضفاء القدسية على الأشخاص ومخرجاتهم بل كل شيء خاضع للمراجعة، وما يُجتهد به يعرض على أصل القيم، ونجاح الغرب في عصر التنمية لا يعني أنه سيبقى ناجحا أو ينفع لنا، فهنالك شيء جديد ولا بد أن ندرس ونجهد لإخراج آلية نموه ومعالجاته كمنهج في فهم بشري جديد لمقدس مثاني حمّال المعاني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات التدين الاجتهادات الأخلاق النجاح التدين الاجتهاد التقدم مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة والنظر فی

إقرأ أيضاً:

مكتشفات أثرية جديدة في موقع بات الأثري بمحافظة الظاهرة

كشفت التنقيبات الأثرية في موقع رخة المدرة بالقرب من آثار بات بمحافظة الظاهرة عن مستوطنة تعود إلى العصر البرونزي. وأظهرت التنقيبات التي تنفذها وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع بعثة أمريكية عن اكتشاف عدد من القبور تعود للفترة من٣٢٠٠ إلى ٢٧٠٠ قبل الميلاد، بالإضافة إلى أربعة مباني من العصر البرونزي.

وأشارت الدكتورة جينيفر سويريدا رئيسة البعثة الأثرية الأمريكية من جامعة بنسلفانيا إلى أن أعمال التنقيبات الأثرية ركزت خلال هذا الموسم على منطقة رخة المدرة والتي تقع في الجانب الجنوبي الشرقي من بلدة بات الأثرية وهي منطقة مستديرة من الطين محاطة بتلال منخفضة عند هطول الأمطار أو فيضان الوادي، حيث تحتفظ هذه المنطقة بالماء لعدة أيام.

وأوضحت أنه خلال هذا العام تم التركيز على أكبر مبنى من الحقبة البرونزية لمعرفة ما إذا كان منزلاً أو مكانًا للأنشطة المجتمعية، حيث عثرت أعمال التنقيب على أفران وجدران، تشير إلى استخدامها حتى فترة العصر الإسلامي المبكر، كما من المقتنيات التي تم العثور عليها عبارة عن رأس سهم من العصر الحجري الحديث مصنوع من الصوان وحرزة من العقيق الأحمر من عصر أم النار وقطعة فخارية من عصر أم النار ورأس أداة معدنية من العصر الإسلامي المبكر وجرة خزفية مستوردة من وادي السند تعود إلى فترة أم النار وقطعة من العقيق الأحمر. وأضافت أنه تم تجميع عينات من التربة التي تحتوي على أجزاء مجهرية من النباتات القديمة تساعد هذي العينات على الاكتشافات على فهم أنشطة الأشخاص الذين عاشوا في رخة المدرة وما كانت علية البيئة أثناء وجودهم هناك.

وأشار سليمان بن حمود الجابري رئيس القسم الفني بدائرة المواقع الأثرية في باتّ والخطم والعين إلى حرص وزارة التراث والسياحة على استقطاب البعثات الأثرية من الجامعات العالمية المتخصصة في مجال علم الآثار منذُ سبعينات القرن الماضي، حيث كانت أول بعثة أثرية تعمل بموقع بات هي البعثة الدنماركية وبعدها توالت عدد من البعثات الأثرية من جامعات مختلفة منها بعثات ألمانية ويابانية وفرنسية وإيطالية ولا يزال العمل مستمرًا في مجال المسح والتنقيب عن المعالم الأثرية.

وأوضح أن البعثة التي تقوم بأعمال التنقيب حالياً هي من جامعة بنسلفانيا الأمريكية وبشراكة مع جامعة لايدن الهولندية وتعمل منذُ موسم عام 2007م، حيث قامت بدراسة الأبراج والمقابر والمباني الأثرية وكذلك دراسة عيانات من التربة ومصادر المياه ومواسم نزول الأمطار، بموقع بات الأثري والمناطق المحيطة مثل العمل القائم حالياً بموقع رخة المدرة والذي يبعد عن موقع بات الأثري بحوالي 7 كيلومترات.

جديرٌ بالذكر أن موقع بات الأثري من المواقع الأثرية التابعة لمنظمة اليونسكو، حيث لا زالت الأبحاث والدراسات الأثرية مستمرة من أجل استكشاف تفاصيل قيّمة حول تاريخ الإنسان، بما في ذلك تطور الحضارات القديمة والثقافات المختلفة والعادات والتقاليد، والتقنيات المستخدمة في الماضي، وأسلوب الحياة عبر العصور.

مقالات مشابهة

  • الكاتب وليد علاء الدين: نكتب الأدب لنعبّر عن ذواتنا وليس لإرضاء الآخرين
  • وقفات في الحديدة تدين مقترح المجرم ترامب للتهجير
  • تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية في العصر الرقمي.. خبيرة توضح
  • وزير الخارجية: مصر تدين الاستهداف الإسرائيلي غير المبرر للمدنيين اللبنانين
  • صدور "القوافي" المتخصّصة بالشعر الفصيح
  • تعود إلى 3200 سنة قبل الميلاد.. مكتشفات جديدة في "موقع بات" بالظاهرة
  • مكتشفات أثرية جديدة في موقع بات الأثري بمحافظة الظاهرة
  • فيديوهات تقطيـ.ـيع.. 10 شهود وتقارير فنية وتحريات تدين سفـ.ـاح الغربية
  • محالج مشروع الجزيرة ورجالات العصر الذهبي (٢)
  • محمد مغربي يكتب: لماذا ندم عرّاب الذكاء الاصطناعي في العصر الحديث؟