سجال في محكمة العدل بشأن حرب غزة.. هذا ما تخشاه إسرائيل
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
لأول مرة تهبّ إسرائيل للدفاع عن نفسها في محكمة العدل الدولية؛ حيث تُحاكَم بتهمة "الإبادة الجماعية" في غزة، وسط توقعات بعواقب سيئة على إسرائيل حتى لو لم تنصاع المحكمة لطلب جنوب أفريقيا بوقف العمليات العسكرية في غزة.
وكانت جنوب أفريقيا، التي رفعت الدعوى أمام المحكمة التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قد طلبت، الخميس 11 يناير/كانون الثاني، من هيئة المحكمة المكونة من 15 قاضياً، فرض إجراءات عاجلة تأمر إسرائيل بالوقف الفوري لحربها على القطاع، فيما يعرف باسم "الإجراءات الاحترازية العاجلة"، وهذا هو الشق العاجل في الدعوى.
واتفاقية "منع جريمة الإبادة الجماعية" لعام 1948، التي بنت جنوب أفريقيا الدعوى على أساسها، تعرف "الإبادة الجماعية" بأنها "أفعال مرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية".
وفي هذا السياق، منذ أن شنَّت إسرائيل حربها الجارية على غزة، اضطر كل سكان القطاع تقريباً، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلى النزوح عن منازلهم مرة واحدة على الأقل؛ ما تسبَّب في كارثة إنسانية تندد بها أغلب دول العالم وشعوبه.
وعلى الرغم من الدعم اللامحدود الذي تتمتع به إسرائيل من حلفائها بقيادة الولايات المتحدة، فإن الأمور تبدو مختلفة بشكل لافت هذه المرة، إذ تجد إسرائيل نفسها لأول مرة في تاريخها في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية تواجه تهمة الإبادة الجماعية.
وعلى الرغم من أن فكرة أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في حربها على غزة، أي أنها تقتل المدنيين عن عمد، قد تبدو غريبة بالنسبة للبعض، فإن الادعاءات خطيرة جداً، وحتى في حالة صدور حكم مؤقت ضد إسرائيل ستكون لذلك تداعيات حادة على الوضع الدولي وسمعة إسرائيل، وربما تكون هناك أيضاً تداعيات دبلوماسية وسياسية.
والمقصود بالحكم المؤقت الذي قد تصدره المحكمة، التابعة للأمم المتحدة، والتي تعرف أيضاً بأنها "محكمة العالم"، هو أن تقرر المحكمة الوقف الفوري لحرب إسرائيل على غزة، كما طلبت جنوب أفريقيا في دعواها، وهذا هو الشق العاجل.
أما الشق الموضوعي فقد يستغرق سنوات، وهو الشق الخاص بالحكم في تهمة "الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين في غزة.
اقرأ أيضاً
MEE: العدل الدولية قد تقدم منطلقا لتحرر الفلسطينيين من صهيونية الإبادة الجماعية
إبادة جماعية
وفي أولى جلسات القضية الخميس، شن وزير العدل الجنوب أفريقي رونالد لامولا، هجوما على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن "إسرائيل تحاصر غزة وتمنع الدخول برا وبحرا وهي جهة احتلال، وشن هجوم كبير على غزة قبل أن تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية".
واعتبر لامولا أن قمع الشعب الفلسطيني لم يبدأ بعد هجمات "حماس"، قائلا إنه مستمر منذ سنوات.
ومضى بالقول: "في قطاع غزة، منذ عام 2004 على الأقل، تواصل إسرائيل ممارسة سيطرتها على المجال الجوي والمياه الإقليمية والمعابر البرية والمياه والكهرباء والبنية التحتية المدنية".
وأضاف الوزير: "أدانت جنوب إفريقيا بشكل لا لبس فيه استهداف حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية للمدنيين، وأخذ الأسرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وتابع قائلا: "لا يمكن لأي هجوم مسلح على أراضي الدولة، مهما كانت خطورته... حتى الهجوم الذي يتضمن جرائم وحشية أن يوفر أي مبرر أو دفاع عن انتهاك الاتفاقية (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية)، سواء كانت مسألة قانون أو أخلاق".
وأردف الوزير قائلا: "رد إسرائيل على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، تجاوز هذا الخط وأدى إلى انتهاكات في الاتفاقية".
من ناحيته، طالب الفريق القانوني لجنوب أفريقيا المحكمة بفرض إجراءات مؤقتة للتعليق الفوري لعدوان الاحتلال على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، لحين البت في القضية.
اقرأ أيضاً
أمام محكمة العدل.. إسرائيل: تعرضنا لإبادة جماعية والحرب على غزة دفاع عن النفس
وحذر الفريق من أن "عدم اتخاذ المحكمة أي إجراء مؤقت يدفع المعتدي للاستمرار في أفعاله"، وأن "فشل المجتمع الدولي في مواجهة الأزمة الإنسانية في غزة سيكون له تداعيات عالمية".
واعتبر الفريق، في مرافعته التي قدمتها المحامية عديلة حاسيم، عضو لجنة الدفاع، إسرائيل قصفت قطاع غزة المحاصر على مدى 3 شهور في مسعى لتدميره.
واستنكر الفريق استمرار إسرائيل في إنكار مسؤوليتها عن الأزمة الإنسانية التي خلقتها في قطاع غزة".
وعدد الفريق الجنوب أفريقي الانتهاكات التي يلاقيها الفلسطينيون في غزة، قائلا إن هناك عائلات بأسرها في قطاع غزة تم تشتيتها واقتياد أفرادها إلى أماكن مجهولة، وسط تقارير عن إعدامات ميدانية، بينما قتل مئات المعلمين والأكاديميين في قطاع غزة.
وأضاف: "هناك نحو مليوني مهجر في قطاع غزة"، و"قرار مجلس الأمن الدولي بتيسير وصول المساعدات إلى غزة لم يتم تنفيذه".
وتابع الفريق: "هناك أكثر من 10 أطفال في قطاع غزة يفقدون يوميا طرفا واحدا على الأقل من أطرافهم، وهناك 48 امرأة و117 طفلا في قطاع غزة يقتلون بمعدل يومي".
وأردف أن "معظم مباني غزة ومنشآتها مسح عن الأرض" و "الأطفال في غزة محرومون من الماء والغذاء والتعليم".
اقرأ أيضاً
الأزهر يثمن دور جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام العدل الدولية
رد إسرائيلي
والجمعة، رد المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية تال بيكر، على الدعوى، زاعما أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة "عمل من أعمال الدفاع عن النفس ضد حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى".
وأضاف بيكر، أن جنوب إفريقيا قدمت "قصة مشوهة بشكل صارخ"، عندما اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، متهما حماس باتخاذ الفلسطينيين في غزة دروعا بشرية.
كما اتهم حماس بسرقة المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة واستغلالها في صالح الأعمال العسكرية.
وشكك في أعداد الشهداء في غزة، وقال "الحديث عن 20 ألف ضحية غير موثق ومصدر المعلومة حماس".
وتحدث بيكر عن حجم الدمار والخراب في غزة، وحمّل "حماس" المسؤولية، قائلًا إن "معظم المنشآت دمرت وفخخت في غزة من قبل حماس، وآلاف المباني أصيبت بصواريخ ضلت طريقها"، في إشارة إلى صواريخ "حماس".
واعتبر أن اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية يعد "تقليلًا من قدر هذا المصطلح"، موضحًا أن "معاهدة الإبادة الجماعية جاءت بعد محرقة اليهود، وهي ترمي لعدم تكرر ذلك أبدا"، مشيرًا إلى أن استخدام هذا المصطلح على الوضع الحالي "يجعل المعاهدة دون فحوى".
ودعت إسرائيل، عن طريق فريق دفاعها، محكمة العدل الدولية إلى رفض مطالب جنوب إفريقيا بالوقف الفوري للحرب على غزة.
وقال بيكر: "يجب رفض الطلب والالتماس لما ينطويان عليه من تشهير”، كما أنه وفقًا لبيكر “يحرم إسرائيل من حقها في الدفاع عن نفسها".
اقرأ أيضاً
تقرير: الغرب بعين العاصفة حال إدانة العدل الدولية لإسرائيل بالإبادة الجماعية لغزة
عواقب
وكانت إسرائيل وافقت على المثول أمام المحكمة، بذريعة أنها تريد "دحض" ما وصفتها بالاتهامات "السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني".
ومن المتوقع أن تقرر المحكمة وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لاحقاً، كيفية سير مداولاتها في هذه القضية.
وتعتبر قرارات محكمة العدل الدولية نهائية ولا تقبل الاستئناف، لكن المحكمة التابعة للأمم المتحدة لا تملك وسائل لإنفاذ أحكامها.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة حكماً بشأن إجراءات عاجلة محتملة هذا الشهر، لكنها لن تصدر حكماً في ذلك الوقت متعلقاً باتهامات الإبادة الجماعية إذ يمكن لتلك المسألة أن تستغرق سنوات.
لكن إسرائيل تخشى من التداعيات المترتبة على صدور قرار من المحكمة يطالبها بالوقف الفوري لحربها على غزة، أو إدانتها بتهمة الإبادة الجماعية لاحقاً. فالحكم قد تكون له عواقب مباشرة تتمثل في عزلة دبلوماسية وضرر كبير بسمعة إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الضغوط السياسية، بحسب تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وبالإضافة إلى الإضرار بمكانة إسرائيل الدولية، قد يمثل أي قرار بالإدانة أرضية قانونية للبدء في ملاحقة مسؤولين في حكومة الاحتلال، أبرزهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وغيرهما من الوزراء، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن الداخلي إيتمار بن غفير، وغيرهم.
إذ صدرت عنهم جميعاً تصريحات تظهر "النية لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين في غزة، كما تظهر مستندات الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا.
ومن التداعيات الأخرى التي تخشاها إسرائيل اكتساب الرأي العام الدولي المعارض لما تقوم به بحق الفلسطينيين، ومن ثم زيادة المقاطعة الدولية للاحتلال.
اقرأ أيضاً
جنوب أفريقيا تسيطر على ترند مواقع التواصل بعد جلسة "العدل الدولية".. وناشطون يحيونها
وإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تواجه إسرائيل أيضاً مزيداً من قطع العلاقات الدبلوماسية معها وتحولها إلى دولة منبوذة على المسرح الدولي.
وفي هذا الإطار، كان معهد "ديمقراطية إسرائيل" قد نشر تقريراً جاء فيه أن "قضية جنوب أفريقيا تمثل تحدياً كبيراً لإسرائيل، وتتعامل معه تل أبيب بجدية، وتستثمر موارد قانونية ومالية كبيرة في القضية"، وأن "خسارة القضية يمكن أن تضع إسرائيل في موقف إشكالي للغاية على الساحة الدولية.. والمحكمة تتمتع بسلطة إصدار "تدابير (أوامر) مؤقتة" في الحالات العاجلة، وقد تكون هذه التدابير غامضة إلى حد ما".
أما صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، فقد حذرت من أنه على الرغم من أن إسرائيل قد لا تنصاع لأمر تصدره المحكمة بالوقف الفوري للحرب على غزة، إلا أن مثل هذا الأمر قد يدفع بعض الدول إلى "الاستشهاد به في مجلس الأمن في جهودها لفرض عقوبات عسكرية واقتصادية على إسرائيل".
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أنه من المحتمل أن تنظر دول ومنظمات مختلفة إلى أي قرار تصدره المحكمة ضد إسرائيل على أنه تأكيد على أن دولة الاحتلال ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وقد تستخدمه كذريعة لقطع العلاقات السياسية والاقتصادية، واصفة المحاكمة بأنها "مثل كرة ثلج خطيرة".
من جانبها، حذرت صحيفة "هآرتس" العبرية، من أن قراراً من المحكمة بوقف الحرب على غزة "من شأنه أن يُثبت أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية، مما يتسبب في عزلتها ومقاطعتها وفرض عقوبات عليها أو ضد الشركات الإسرائيلية".
وأضافت أنه "يمكن للإجراءات غير الرسمية في المحكمة أن تؤثر على الإجراءات في المحكمة الجنائية، فإذا تقرر في محكمة العدل أن إسرائيل ترتكب أعمالاً تشكل إبادة جماعية، فيمكن للمدعي العام في المحكمة الجنائية النظر في اتخاذ خطوات ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين لتورطهم في هذه الأعمال".
وأمام ذلك، نادي مسؤولين إسرائيليون بالنزول إلى أرض الواقع، واتخاذ قرار مسؤول بوقف الحرب بوصفه أفضل مخرج للدولة العبرية من المأزق الذي وضعت نفسها فيه.
اقرأ أيضاً
جنوب أفريقيا تطالب محكمة العدل بإلزام إسرائيل بتعليق فوري لعدوانها على غزة
ويؤكد هؤلاء أنه، بغض النظر عن قرار المحكمة، الذي سيصدر بعد أيام عدة، فإن الضرر لإسرائيل قد حدث.
ومع أنهم مقتنعون بأن قرار المحكمة لن يدين إسرائيل بتهمة إبادة جماعية للفلسطينيين، إذ إن هذه المحكمة لم تصدر أي قرار بهذه الروح منذ تأسيسها في سنة 1945، فإنهم يرون أن الضرر قد حدث بمجرد تقديم دعوى جنوب أفريقيا، وما ترافق مع ذلك من نشر تقارير وصور ووثائق ومعلومات مختلفة.
ومهما يكن القرار الذي سيصدر عن المحكمة، فقد التصقت بإسرائيل بوصمة ارتكاب أعمال إجرامية راح ضحيتها مدنيون فلسطينيون كثيرون، ويتحمل مسؤوليتها مسؤولون إسرائيليون أغبياء أطلقوا تصريحات حمقاء توحي بالوحشية، وجعلت الناس في كل مكان في العالم يربطون بين هذه التصريحات وبين أعمال حدثت أو لم تحدث، لكنها مرفقة بتقارير وصور ومشاهد رهيبة للقتل والدمار الهائل في القطاع تُنشر في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية حول العالم، وفق مراقبين.
من جانبه، عبّر الباحث في القانون الدولي ضرغام سيف، عن قناعته بأن محكمة العدل الدولية ستنصاع لطلب جنوب أفريقيا، وستفرض أوامر معنية على إسرائيل، وذلك بناء على السوابق القانونية التي أمامها، خاصة في قضية ميانمار مع الروهينغا وقضيتي أوكرانيا والبوسنة.
وأوضح أن المرحلة الأولى في المحكمة هي مرحلة إصدار الأوامر المؤقتة، والحد الأقصى للمحكمة أن تأمر إسرائيل بوقف إطلاق النار تماما في قطاع غزة.
غير أن الباحث في القانون الدولي رجّح أن تكون الأوامر المؤقتة التي تصدرها محكمة العدل الدولية "أقل حدّة من مسألة وقف إطلاق النار في قطاع غزة"، كما طلبت جنوب أفريقيا في مرافعتها، غير مستبعد أن يكون قرار المحكمة بمنع المساس بالمدنيين وبالمنشآت المدنية في غزة
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الجمعة، نحو و708 قتلى و60 ألفا و5 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً
دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.. العدل الدولية تفاقم عزلة الدولة العبرية
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محكمة العدل إسرائيل عواقب إبادة جماعية حرب غزة غزة حماس جریمة الإبادة الجماعیة محکمة العدل الدولیة الفلسطینیین فی غزة للأمم المتحدة بالوقف الفوری إبادة جماعیة جنوب أفریقیا فی قطاع غزة فی المحکمة أن إسرائیل اقرأ أیضا على غزة
إقرأ أيضاً:
لجنة أممية: حرب "إسرائيل" على غزة تتوافق مع الإبادة الجماعية
نيويورك - صفا قالت لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، إن "حرب إسرائيل على غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدًا على الفلسطينيين هناك". وأضافت اللجنة في تقرير لها: "منذ بداية الحرب، دعم مسؤولون إسرائيليون علنًا سياسات تسلب الفلسطينيين من الضروريات الأساسية لاستمرار الحياة من الغذاء والماء والوقود". وتابعت أن "هذه التصريحات مع التدخل المنهجي وغير القانوني في المساعدات الإنسانية، يجعل نية إسرائيل واضحة في استغلال الإمدادات المنقذة للحياة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية". ويُغطي تقرير اللجنة الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتموز/يوليو 2024. وقالت اللجنة: "عبر حصارها لغزة وعرقلتها للمساعدات الإنسانية مع هجمات مستهدفة وقتل للمدنيين وعمال الإغاثة، ورغم مناشدات الأمم المتحدة المتكررة والأوامر المُلزمة من مـحكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، تتسبب إسرائيل عمدًا في القتل والتجويع والإصابات الشديدة وتستخدم التجويع كأداة للحرب وتُوقع عقابًا جماعيًا على السكان الفلسطينيين". ويوثق التقرير كيف أن "حملة القصف الإسرائيلية المكثفة في غزة دمرت الخدمات الأساسية، وتسببت في كارثة بيئية ستكون لها آثار صحية طويلة الأمد". وأشارت إلى أنه بحلول أوائل 2024، تم إسقاط 25 ألف طن من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين- على غزة، مما تسبب في دمار واسع وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي وتدمير الزراعة والتلوث السام. ويثير التقرير مخاوف جسيمة بشأن استخدام "إسرائيل" لأنظمة الاستهداف المعززة بالذكاء الاصطناعي في توجيه عملياتها العسكرية وأثر ذلك على المدنيين الذي يتجلى بشكل خاص في العدد الهائل من النساء والأطفال بين الضحايا. وقالت: إن "استخدام الجيش الإسرائيلي للاستهداف المدعوم بالذكاء الاصطناعي بحد أدنى من الإشراف البشري، مع القنابل الثقيلة، يشدد على تجاهل إسرائيل لالتزامها بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين واتخاذ الضمانات الكافية لمنع وقوع قتلى من المدنيين". وأوضحت أن رقابة "إسرائيل" المتصاعدة على وسائل الإعلام وقمع المعارضة واستهداف الصحفيين، تعد جهودًا متعمدة لمنع الوصول العالمي للمعلومات. وأشارت إلى إزالة شركات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير متناسب" للمحتوى المؤيد للفلسطينيين، مقارنة بالمنشورات التي تحرض على العنف ضدهم. وأدانت حملة التشوية الجارية ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وضد الأمم المتحدة بشكل عام. ودعت اللجنة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى الالتزام بتعهداتها القانونية بمنع ووقف انتهاكات "إسرائيل" للقانون الدولي ومساءلتها على ذلك". وقالت: "إن المسؤولية الجماعية لكل دولة تحتم وقف دعم الهجوم على غزة ونظام الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية". وستقدم اللجنة تقريرها إلى الدورة الحالية للجمعية العامة في الثامن عشر من الشهر الحالي.