صحيفة أثير:
2025-03-22@03:14:08 GMT

نمر سعدي والكتابةُ بمياهِ الأحلام

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

نمر سعدي والكتابةُ بمياهِ الأحلام

مسقط-أثير

قراءة: ندى وردا أوراهَم، شاعرة سوريَّة مقيمة في السوِّيد

الكلمةُ هي روحٌ مستقلِّةٌ قد تنبعُ من وجدانٍ صادقٍ أو من تجاربَ عميقةٍ في الحياةِ، بعيداً عن ذاكرةِ الكتبِ و الدوائرِ العلميَّةِ. هي سلاحٌ ذو حدَّينِ لأنَّها ببساطةٍ الحربُ والسَّلامُ.
والكلمةُ هي سرٌّ من أسرارِ الشَّاعرِ والأديبِ الفلسطينيِّ نمر سعدي المقيم في الجليلِ.


ففي نصوصِ الشَّاعرِ تتجلَّى الروحانيَّاتُ النَّابعةُ من الوجدانِ، لتنقلنا إلى مهدِ التَّاريخِ وكأنَّنا نتجوَّلُ في بيئتهِ الجليليَّة ونلمسُ بصمةَ الأنبياءِ والقدِّيسين.
هو شاعرٌ متمرِّسٌ بارعٌ بكلِّ معنى الكلمة، تارةً يكتبُ الكلمةَ و تارةً أخرى الكلمةُ هيَ التي تكتبهُ.
إنْ كتبَ ستشعر حتماً أيُّها القارىء أنَّ الروحَ هيَ التي تكتبُ و تسترسلُ في فضاءات ملوَّنة، تحفُّها أسراب النوارس.
فهو شاعرٌ وأديبٌ مفعمٌ بالإحساسِ الفريدِ، الذي ينقلنا من عالم إلى آخر، كذلك هي كلماتهُ التي تحرِّك فينا الحنينَ و الحبَّ والشغفَ ومياهَ الأحلام، التي نشعرُ لوهلة وكأنهُ يخربشُ بها على صفحاتِ الهواءِ ويكتبُ بها قصائدهُ.
ها هو يترنَّمُ بعفويَّةِ العواطفِ المدفونةِ في داخلهِ من حُبٍّ، قلقٍ وحنينٍ:
“ترنيمةٌ”
كمْ الحنينُ خصوصيٌّ.. كمْ الحلُمُ
كقُبلةٍ ضيِّقٌ.. عارٍ.. كمْ الندَمُ
كصرخةٍ واسعٌ.. أعمى.. كمْ القلقُ
مراوغٌ وأليفٌ في شراستهِ
كثعلبٍ راحَ بي في الليلِ يلتصقُ
كمْ الوجودُ سرابيٌّ.. كمْ العدَمُ
حينَ تقرأُ نصوصَ الشَّاعرِ نمر سعدي ستدهشكَ تلكَ الثقافةُ العالميَّةُ الواسعةُ في كتاباتهِ، فهو متأثِّرٌ دونَ شكٍّ بالأدبِ العالميِّ قديمهِ وحديثهِ، من خلالِ إطِّلاعهِ الشَّاملِ على موروثه الجماليِّ، ومسكونٌ بالكلمةِ الغنيَّةِ بالأفكارِ المختلفةِ والمعاني الرشيقة. تتجوَّلُ في دواوينهِ وكأنّكَ تمشي معهُ في حدائق طاغور، وفي شتَّى الإتِّجاهات. والشاعرُ قد يتأثَّر بكثيرٍ من آبائهِ الشعريِّين ولكنَّه يتركُ بسلاسةٍ بصمتهُ الروحيَّة وانطباعهُ الشخصيَّ في قصيدتهِ التي ينحتها من صلصالِ قلبهِ ليفتحَ آفاقاً جديدةً ويؤسِّسُ لمدرسةٍ في الوقتِ نفسهِ، تشهدُ على تجربتهِ الشعريَّة وتحملُ اسمهُ وسماتِ حضورهِ.
إنَّه ابنُ فلسطين العربيَّة مهدُ الحضاراتِ، أمُّ البداياتِ.. وأمُّ النهاياتِ. وكم هذهِ المساحةُ الفارهةُ قد منحتهُ انزياحاتِ القصيدة وأعالي مفرداتها وفاكهةَ شتاءاتها.. كم أعطتهُ هذهِ البيئةُ العظيمةُ الكثيرَ الكثيرَ، ونسجتْ منهجاً خاصَّاً نلمسهُ في مفرداتهِ المتنوِّعةِ وتعابيرهِ الساطعة البديعة.
إليكم نصٌّ وجدانيٌّ يحاكي الذَّاكرةَ و الروحَ من قصائد نمر سعدي
أتذكَّرُ الولدَ الخجولَ
ونسوةً يرقصنَ في بهوِ الخريفِ
ورغبةَ الإيقاعِ، والحنَّاءَ، والقمرَ النحيلَ
أصابعَ الزيتونِ، دربَ العطرِ والليمونِ يفضي
للشموسِ الخضرِ في ليلِ الجليلْ
أتذكَّرُ الأعراسَ.. خفقَ الهالِ في كلِّ الجهاتِ الستِّ
والعطرَ الفرنسيَّ الثقيلْ
والريحَ في القمصانِ أو طعمَ الغبارِ
وجلوةَ امرأةِ النهارِ
وبحَّةَ الحادي وماءَ الحزنِ في عينيهِ والوجعَ النبيلْ
أتذكَّرُ العمرَ الجميلْ
ينسابُ من قلبي
ومن عينينِ حالمتينِ في أقصى المرايا..
والحنينَ المستحيلْ
أتذكرُّ الوادي.. جراحَ العشبِ والناياتِ
أحلى أغنياتِ القمحِ
رائحةَ الأنوثةِ في هبوبِ الصيفِ
والسهرَ الشتائيَّ الطويلْ
أجل هذا هو الوجعُ الإنسانيُّ النَّبيلُ الذي يريدُ الشاعرُ أن نراهُ من خلالِ بصيرتنا.
و لا شكَّ أنَّ هناكَ حزنٌ معجونٌ بالشغفِ يطلعُ من وراءِ سطورِ القصائدِ يحاولُ نمر سعدي أن يخفيهِ، لذلك يتَّبعُ المذهبَ الرمزيَّ أحياناً في قصائدهِ، فالرمزيَّةُ لديهِ نسيجٌ من المشاعرِ التي يخفيها بإتقان، و لا تكاد تظهر هذهِ الأحاسيس بما فيها من ولهٍ وحرائقَ خضراءَ وكناياتٍ واستعاراتٍ إلَّا بتحليلِ نسيجها و تفكيكهِ وقراءةِ ما بين السطورِ وما خلفها.
و هذا مثالٌ مذهلٌ من طلاسمِ حروفهِ:
شوكةٌ واحدةْ
لم تزلْ تتثاءبُ في دمِ أفعى
وفي قُبلةٍ مُرَّةٍ باردةْ
لايزالُ الشَّاعر نمر سعدي يبحثُ عن حقيقةِ الشِّعرِ الذي يأتي عفويَّاً صادقاً على هيئةِ عشقٍ أو كرمادِ رغبةٍ أو غوايةٍ طاعنةٍ في ليالي التشهِّي.
ها هو ذا يهمسُ:
أحبُّ صوتَ البحرِ الذي يأتي من قدميها وأصدافِ يديها أحتاجُ حبَّها لتكتملَ القصيدةُ فيها. كانَ جسدُها معجوناً بالأمطار الاستوائيَّةِ وعطرِ المانجا والموزِ المكسيكيِّ وكانت روحها تحملُ كلَّ سحرِ الأمازونِ وكلَّ أمجادِ كرةِ القدمِ والحضاراتِ العظيمةِ الغاربةِ
هكذا تكبرُ الكلمةُ وتزهرُ حين تُغذِّيها الروحُ الطيِّبةُ.
هكذا تنمو زنابق الوجد والهيام والجمال ويتسلَّقُ اللبلابُ ذاكرةَ الأبديَّة.
ولعلَّ الإلهامَ نعمةٌ كبيرةٌ للشعراءِ ما داموا يحسنونَ التعاملَ معها، أو ربَّما كانت غيرَ ذلكَ ما داموا قد رموها خلفَ ظهورهم ومضوا.
فهنيئاً لفلسطينَ هذا الشاعر المبدع.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

مدفع رمضان| سيارة الأحلام تحقق أمنية وسام ويفوز برحلة عمرة

فاز وسام محمد عبد اللطيف محمد، من محافظة دمياط، برحلة عمرة، حيث طالبه الفنان محمد رمضان بالدعاء له فى الحرم.

نيشان عن ألقاب الفنانين: في ناس اشتغلوا سنوات من عمرهم عشان يكون اسمهممهما خدت حديد مش بتتعالج .. إليك أشهر أنواع الأنيميا وأسبابهاسيارة الأحلام تحقق أمنية “وسام”

وقال الفنان محمد رمضان، خلال تقديم برنامجه "مدفع رمضان" المذاع على قناة dmc، فى الحلقة الـ 19 من البرنامج فى فقرة "سيارة الأحلام" هنختار حلمين، واحد هيكسب دلوقتى والتانى هيكسب ليلة العيد مليون جنيه بإذن الله".

وضاف محمد رمضان: "سيارة الأحلام" جابتلنا أحلام من محافظة دمياط.. وهنختار منهم حلمين".
وكان الفنان محمد رمضان، قال إن برنامج "مدفع رمضان" تم صناعته بمحبة كبيرة للشعب المصري، كاشفًا عن أنه قال للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عند تعاقده على تقديم هذا البرنامج: "أنا جاهز أروح كل شبر في مصر علشان نفرح الناس".

مقالات مشابهة

  • في مدح المصطفى| الإنشاد الديني في مصر.. رحلة الروح عبر أنغام المداحين.. من طوبار إلى التهامي.. أصوات مصرية تضيء السماء
  • شرطة دبي توزع وجبات الإفطار على بحارة السفن الخشبية
  • ابن الفارض سلطان العاشقين وشاعر التصوف أنشودة حب لاتنتهى.. زهد الدنيا واعتزل الناس وتماهى مع المحبوب وعاش قيد الروح
  • مواطن من شمال سيناء يفوز بـ 200 ألف جنيه في برنامج مدفع رمضان
  • محمد رمضان يفاجئ الجمهور بهدية في عيد الأم.. ما القصة؟
  • سعدي: في البام، نتطلع إلى قيادة حكومة 2026.. ولدينا رؤية واضحة لفعلها
  • الأحلام” بطلًا لـ “كأس أمانة الرياض الرمضانية 20”
  • «دمياطي» يفوز برحلة «عمرة» في حلقة اليوم من برنامج مدفع رمضان
  • مدفع رمضان| سيارة الأحلام تحقق أمنية وسام ويفوز برحلة عمرة
  • 30 صورة ترصد تنفيذ البرنامج القومي لتنمية مهارات القراءة والكتابة بالمدارس