صحيفة أثير:
2025-02-16@11:34:27 GMT

نمر سعدي والكتابةُ بمياهِ الأحلام

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

نمر سعدي والكتابةُ بمياهِ الأحلام

مسقط-أثير

قراءة: ندى وردا أوراهَم، شاعرة سوريَّة مقيمة في السوِّيد

الكلمةُ هي روحٌ مستقلِّةٌ قد تنبعُ من وجدانٍ صادقٍ أو من تجاربَ عميقةٍ في الحياةِ، بعيداً عن ذاكرةِ الكتبِ و الدوائرِ العلميَّةِ. هي سلاحٌ ذو حدَّينِ لأنَّها ببساطةٍ الحربُ والسَّلامُ.
والكلمةُ هي سرٌّ من أسرارِ الشَّاعرِ والأديبِ الفلسطينيِّ نمر سعدي المقيم في الجليلِ.


ففي نصوصِ الشَّاعرِ تتجلَّى الروحانيَّاتُ النَّابعةُ من الوجدانِ، لتنقلنا إلى مهدِ التَّاريخِ وكأنَّنا نتجوَّلُ في بيئتهِ الجليليَّة ونلمسُ بصمةَ الأنبياءِ والقدِّيسين.
هو شاعرٌ متمرِّسٌ بارعٌ بكلِّ معنى الكلمة، تارةً يكتبُ الكلمةَ و تارةً أخرى الكلمةُ هيَ التي تكتبهُ.
إنْ كتبَ ستشعر حتماً أيُّها القارىء أنَّ الروحَ هيَ التي تكتبُ و تسترسلُ في فضاءات ملوَّنة، تحفُّها أسراب النوارس.
فهو شاعرٌ وأديبٌ مفعمٌ بالإحساسِ الفريدِ، الذي ينقلنا من عالم إلى آخر، كذلك هي كلماتهُ التي تحرِّك فينا الحنينَ و الحبَّ والشغفَ ومياهَ الأحلام، التي نشعرُ لوهلة وكأنهُ يخربشُ بها على صفحاتِ الهواءِ ويكتبُ بها قصائدهُ.
ها هو يترنَّمُ بعفويَّةِ العواطفِ المدفونةِ في داخلهِ من حُبٍّ، قلقٍ وحنينٍ:
“ترنيمةٌ”
كمْ الحنينُ خصوصيٌّ.. كمْ الحلُمُ
كقُبلةٍ ضيِّقٌ.. عارٍ.. كمْ الندَمُ
كصرخةٍ واسعٌ.. أعمى.. كمْ القلقُ
مراوغٌ وأليفٌ في شراستهِ
كثعلبٍ راحَ بي في الليلِ يلتصقُ
كمْ الوجودُ سرابيٌّ.. كمْ العدَمُ
حينَ تقرأُ نصوصَ الشَّاعرِ نمر سعدي ستدهشكَ تلكَ الثقافةُ العالميَّةُ الواسعةُ في كتاباتهِ، فهو متأثِّرٌ دونَ شكٍّ بالأدبِ العالميِّ قديمهِ وحديثهِ، من خلالِ إطِّلاعهِ الشَّاملِ على موروثه الجماليِّ، ومسكونٌ بالكلمةِ الغنيَّةِ بالأفكارِ المختلفةِ والمعاني الرشيقة. تتجوَّلُ في دواوينهِ وكأنّكَ تمشي معهُ في حدائق طاغور، وفي شتَّى الإتِّجاهات. والشاعرُ قد يتأثَّر بكثيرٍ من آبائهِ الشعريِّين ولكنَّه يتركُ بسلاسةٍ بصمتهُ الروحيَّة وانطباعهُ الشخصيَّ في قصيدتهِ التي ينحتها من صلصالِ قلبهِ ليفتحَ آفاقاً جديدةً ويؤسِّسُ لمدرسةٍ في الوقتِ نفسهِ، تشهدُ على تجربتهِ الشعريَّة وتحملُ اسمهُ وسماتِ حضورهِ.
إنَّه ابنُ فلسطين العربيَّة مهدُ الحضاراتِ، أمُّ البداياتِ.. وأمُّ النهاياتِ. وكم هذهِ المساحةُ الفارهةُ قد منحتهُ انزياحاتِ القصيدة وأعالي مفرداتها وفاكهةَ شتاءاتها.. كم أعطتهُ هذهِ البيئةُ العظيمةُ الكثيرَ الكثيرَ، ونسجتْ منهجاً خاصَّاً نلمسهُ في مفرداتهِ المتنوِّعةِ وتعابيرهِ الساطعة البديعة.
إليكم نصٌّ وجدانيٌّ يحاكي الذَّاكرةَ و الروحَ من قصائد نمر سعدي
أتذكَّرُ الولدَ الخجولَ
ونسوةً يرقصنَ في بهوِ الخريفِ
ورغبةَ الإيقاعِ، والحنَّاءَ، والقمرَ النحيلَ
أصابعَ الزيتونِ، دربَ العطرِ والليمونِ يفضي
للشموسِ الخضرِ في ليلِ الجليلْ
أتذكَّرُ الأعراسَ.. خفقَ الهالِ في كلِّ الجهاتِ الستِّ
والعطرَ الفرنسيَّ الثقيلْ
والريحَ في القمصانِ أو طعمَ الغبارِ
وجلوةَ امرأةِ النهارِ
وبحَّةَ الحادي وماءَ الحزنِ في عينيهِ والوجعَ النبيلْ
أتذكَّرُ العمرَ الجميلْ
ينسابُ من قلبي
ومن عينينِ حالمتينِ في أقصى المرايا..
والحنينَ المستحيلْ
أتذكرُّ الوادي.. جراحَ العشبِ والناياتِ
أحلى أغنياتِ القمحِ
رائحةَ الأنوثةِ في هبوبِ الصيفِ
والسهرَ الشتائيَّ الطويلْ
أجل هذا هو الوجعُ الإنسانيُّ النَّبيلُ الذي يريدُ الشاعرُ أن نراهُ من خلالِ بصيرتنا.
و لا شكَّ أنَّ هناكَ حزنٌ معجونٌ بالشغفِ يطلعُ من وراءِ سطورِ القصائدِ يحاولُ نمر سعدي أن يخفيهِ، لذلك يتَّبعُ المذهبَ الرمزيَّ أحياناً في قصائدهِ، فالرمزيَّةُ لديهِ نسيجٌ من المشاعرِ التي يخفيها بإتقان، و لا تكاد تظهر هذهِ الأحاسيس بما فيها من ولهٍ وحرائقَ خضراءَ وكناياتٍ واستعاراتٍ إلَّا بتحليلِ نسيجها و تفكيكهِ وقراءةِ ما بين السطورِ وما خلفها.
و هذا مثالٌ مذهلٌ من طلاسمِ حروفهِ:
شوكةٌ واحدةْ
لم تزلْ تتثاءبُ في دمِ أفعى
وفي قُبلةٍ مُرَّةٍ باردةْ
لايزالُ الشَّاعر نمر سعدي يبحثُ عن حقيقةِ الشِّعرِ الذي يأتي عفويَّاً صادقاً على هيئةِ عشقٍ أو كرمادِ رغبةٍ أو غوايةٍ طاعنةٍ في ليالي التشهِّي.
ها هو ذا يهمسُ:
أحبُّ صوتَ البحرِ الذي يأتي من قدميها وأصدافِ يديها أحتاجُ حبَّها لتكتملَ القصيدةُ فيها. كانَ جسدُها معجوناً بالأمطار الاستوائيَّةِ وعطرِ المانجا والموزِ المكسيكيِّ وكانت روحها تحملُ كلَّ سحرِ الأمازونِ وكلَّ أمجادِ كرةِ القدمِ والحضاراتِ العظيمةِ الغاربةِ
هكذا تكبرُ الكلمةُ وتزهرُ حين تُغذِّيها الروحُ الطيِّبةُ.
هكذا تنمو زنابق الوجد والهيام والجمال ويتسلَّقُ اللبلابُ ذاكرةَ الأبديَّة.
ولعلَّ الإلهامَ نعمةٌ كبيرةٌ للشعراءِ ما داموا يحسنونَ التعاملَ معها، أو ربَّما كانت غيرَ ذلكَ ما داموا قد رموها خلفَ ظهورهم ومضوا.
فهنيئاً لفلسطينَ هذا الشاعر المبدع.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

ننفرد بنشر صورة أمين الشرطة المعثور على جثته بمياه ترعة الملاحة بطنطا

ننشر صورة خاصة للأمين الشرطة المدعو "باسم زلط" المعثور علي جثته طافية بمياه ترعه الملاحة مساء اليوم بنطاق دائرة قسم أول طنطا وسط جهود أمنية مشددة لكشف اسباب وفاته والتأكد من وجود شبهة جنائية في الحادث من عدمه.

 
وأفادت مصادر أمنية أن أمين الشرطة من أبناء قرية برما بمركز طنطا ويجري التواصل مع أهليته للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء وفاته .

من جهه اخرى أعطي المستشار أحمد صفوت المحامي العام الأول لنيابات غرب طنطا الكلية بمحافظة الغربية  توجيهاته العاجلة إلي رئيس نيابة أول طنطا بفتح باب التحقيق في واقعة العثور علي جثة امين شرطة طافية بضفاف ترعة الملاحة بطنطا والتأكد من وجود شبهة جنائية في الحادث من عدمه .


كما وجهت النيابة العامة بانتقال فريق من أعضائها لمعاينة موقع الحادث وتفريغ كاميرات مراقبة بمحيط موقع الحادث.

 
تكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية منذ قليل من جهودها لكشف غموض واقعة العثور على جثة امين شرطة بضفاف مياه ترعة الملاحة بنطاق دائرة قسم شرطة أول طنطا وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة العامة للتحقيق.


وتعود أحداث الواقعة حينما تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية إخطارا من مأمور قسم شرطة أول طنطا يفيد بورود بلاغ من شرطة النجده حول واقعة العثور على جثة أمين شرطة بضفاف مياه ترعة الملاحة بنطاق دائرة القسم.


كما انتقلت القيادات الأمنية برئاسة اللواء محمد عاصم مدير المباحث الجنائية والعميد خالد عبد الفتاح رئيس مباحث المديرية وقوات من الشرطة السرية والنظامية إلى مكان الحادث.


وتكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية من جهودها لتحديد هوية الجاني ومرتكب واقعة إنهاء حياة أمين الشرطة.


وكلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري ظروف وملابسات الواقعة وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة العامة للتحقيق والتي أمرت بتشريح الجثة ودفنها بمقابر أسرتها.

مقالات مشابهة

  • الدقهلية.. كشف هوية شخص لقى مصرعه غرقا بمياه البحر الصغير
  • ندى وليد لاعبة طائرة الأهلي: الروح والعزيمة وراء التتويج بالسوبر المصري
  • مرسي جميل عزيز وبليغ حمدي.. عندما امتزجت عبقرية الكلمة بسحر اللحن
  • 4 أحلام تبشر صاحب الرؤية بحظ جيد في حياته.. خير قادم بالطريق
  • ماذا قال الشيخ الشعراوي عن الأحلام؟.. طريقة قديمة للتفسير
  • ‏المشاط تلقى الكلمة الافتتاحية في الورشة التدريبية لبرنامج التعاون الإقليمي لحوض المتوسط
  • بين التبشير والتحذير .. فسر حلمك بحرف الواو
  • ننفرد بنشر صورة أمين الشرطة المعثور على جثته بمياه ترعة الملاحة بطنطا
  • الشريك الأدبي بتبوك يحتضن أمسية “جماليات الشعر والكتابة”
  • جامعة الروح القدس: فريق كلية الحقوق يتألق دولياً في مسابقة جامعة أكسفورد