تفنيد لمزاعم تنصل الاحتلال من تهمة الإبادة الجماعية.. هل تعتبرها المحكمة دليلا؟
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
استمعت محكمة العدل الدولية، الجمعة، لمرافعات الاحتلال في اليوم الثاني من جلسات الاستماع بقضية "الإبادة الجماعية" التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، بعدما استمعت في جلسة الخميس إلى مرافعات الفريق القانوني لجنوب أفريقيا.
واعتبر المستشار القانوني لوزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، تال بيكر، في مرافعته، الجمعة، أمام محكمة العدل الدولية، أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، دفاع عن النفس، وأن وقف عملياته العسكرية سوف يمنع إسرائيل من الدفاع عن نفسها أمام حماس.
وأشار بيكر، في مسعى منه لنفي تهمة الإبادة الجماعية، إلى أن "حماس هي من تريد إبادة إسرائيل"، كما اتهم دولة جنوب أفريقيا، بأنها "تسعى لتقويض حق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن نفسها، وجعلها عاجزة عن فعل ذلك".
ورأى مستشار وزارة خارجية الاحتلال، أن "جنوب أفريقيا قدمت في مرافعتها، قصة مشوهة بشكل صارخ؛ عندما اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة"، مضيفا: "إذا كانت هناك أعمال إبادة جماعية، فقد ارتكبت ضد إسرائيل".
من جانبه، قال المحامي البريطاني الذي يمثل دولة الاحتلال، مالكوم شو، إن "محكمة العدل الدولية ليس لها اختصاص بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لإصدار أمر لها بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة".
وقال شو، في "اليوم الثاني من جلسات الاستماع في قضية طالبت فيها جنوب أفريقيا بوقف فوري للهجوم الإسرائيلي في غزة، إن إسرائيل لم تنعقد لديها "النية الخاصة" اللازمة لارتكاب جرائم بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".
تصريحات متطرفة
رغم ادعاء ممثل الاحتلال القانوني، في مرافعته، بأن "إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية أو ليس لها نية بذلك"، إلا أن تصريحات عدد من مسؤولي الاحتلال تنافي هذا الادعاء.
على غرار ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، "في ثالث أيام الحرب إن إسرائيل تفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، أي لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق"؛ موضحا خلال تصريح له تم وصفه بـ"العنصري والمتطرف"، حيث قال: "إننا نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك".
كذلك، اعتبر وزير التراث بحكومة الاحتلال الإسرائيلية، عميحاي إلياهو، أن "إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن"، مضيفا "أن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلى إسرائيل إعادة بناء المستوطنات فيه".
وأكد في مقابلة مع راديو "كول بيراما" الإسرائيلي، ردا على سؤال عما إذا كان ينبغي قصف غزة بقنبلة نووية، "إن هذا أحد الاحتمالات"، وفقا لصحيفة إسرائيل اليوم.
إلى ذلك، استعان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، باقتباسات من التوراة لتبرير العدوان على قطاع غزة وقتل المدنيين، حيث قال في رسالة وزعها على جنوده، "أذكر ما فعله بك عماليق". وهذه فقرة من سفر التثنية نصها "اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ".
ويعتبر العماليق بالنسبة لليهود ذروة الشر في تقاليدهم، ويستخدم هذا التعبير للإشارة إلى الشعوب التي تُهدِّد الوجود اليهودي، واستخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة.
تكرار للرواية الإعلامية
مقابل نفي الاحتلال الإسرائيلي لوجود نية للإبادة الجماعية، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن "تركيا قدمت وثائق لمحكمة العدل الدولية"، مؤكدا أن "لها وقعا كبيرا في دعوى "الإبادة الجماعية" التي بدأت ضد إسرائيل".
وفي السياق نفسه، انتشرت عدد من الفيديوهات التي يظهر فيها جنود إسرائيليون يتباهون بتفجير المنازل والمباني المدنية في قطاع غزة، بل حتى أن بعضهم قدم هذه التفجيرات كهدايا لأحبائهم سواء كان ابنا أو زوجة.
أيضا، نشر الاحتلال صورا لرجال فلسطينيين تم تجريدهم من ملابسهم ولم يبق عليهم إلا ملابسهم الداخلية، في وقت كانت فيه الأجواء باردة جدا. كما خرجت عدد من الشهادات لمعتقلين فلسطينيين، تحدثوا فيها عن أهوال ما مورس بحقهم في المعتقلات التي أقيم بعضها في أماكن لا تصلح للحياة البشرية، منها: الصعق بالكهرباء في مناطق حساسة بالجسم، والتبول على الأسرى وشتمهم وضربهم وإهانتهم، ونتج عن بعض هذه الممارسات وفاة عدد من الأسرى.
خبير القانون الدولي، محمود رفعت، قال، "طبيعي أن تكون هذه هي مرافعة إسرائيل، لأنها هي نفس الرواية الإعلامية التي تتبناها منذ بدء الحرب والعمليات العسكرية على غزة والتي طالت المدنيين".
وأوضح رفعت خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "إسرائيل في مرافعتها عمدت إلى قولبة الرواية الإعلامية التي تروجها في الإعلام سواء المحلي الإسرائيلي أو العالمي".
وأضاف: "لكن الأمر في النهاية يعود إلى الأدلة المقدمة، بمعنى أن إسرائيل على سبيل المثال زعمت إعلاميا أن هناك اغتصابا للنساء، هل هناك دليل حقيقي وموضوعي على ذلك؟ أيضا زعمت أن حماس قطعت رقاب الأطفال، هل هناك دليل حقيقي على ذلك تقبل به المحكمة؟".
ويرى رفعت أنه "نعم هناك مساحة كبيرة في الإعلام للادعاءات، ولكن أمام المحكمة لا يمكن قبول مجرد روايات، إنما المقبول دائما هو الرواية المدعومة بالدليل، وبالتالي ستعتمد المسألة في النهاية على أي من الأطراف لديه الدليل الدامغ على ذلك".
وتابع: "أيضا اليوم السيد أردوغان صرح تصريحا هاما جدا، بأن تركيا قامت بتقديم أدلة من عندها للمحكمة، طبعا لا أعرف كيف حصلت عليها، ولكنها معروف عنها أنها قريبة من شأن غزة، فربما حصلت عليها من مدنيين فارين من غزة معهم فيديوهات وغيرها".
وأكد أنه "في النهاية الأدلة هي التي ستكون المحك ومربط الفرس، بمعنى من سيقدم الأدلة على روايته؟ فمجرد الرواية والحديث قد يكون رائجا إعلاميا، ولكن أمام المحكمة لن يكون مفيدا في إصدار أحكام، والذي سيكون مفيدا في إصدار الأحكام هي الرواية المدعومة بالأدلة".
أما بخصوص ما إذا كان عدد الشهداء والجرحى الكبير، والفيديوهات التي تصور القصف وقتل المدنيين، دليلا يعتد به قانونيا، قال رفعت: "بطبيعة الحال قتل المدنيين هي النقطة التي تلعب فيها إسرائيل، أي القول إنها لم تتعمد ولم يتوفر عندها ما نسميه قانونا بالشق المعنوي وهو النية في ارتكاب الجريمة، وبالتالي وفقا لروايتها فإن المدنيين الذين سقطوا، سقطوا خطأ وليس عمدا".
وتابع: "بينما جنوب أفريقيا والدول المساندة لها مثل كولومبيا، تصر في دفاعها على أن ما تم من استهداف للمدنيين تم بطريقة عمدية، وبالتالي يتوافر الشق المعنوي للجريمة، لأن الجريمة لها شقان، شق مادي وهو الفعل أي القتل أو الإصابة..، وشق معنوي وهو النية المُبيتة لهذا الفعل، بمعنى أنني أقوم بهذا القصف بنية القتل".
وأوضح بأن: "إسرائيل هنا تلعب في هذه المساحة، ولكن العدد الضخم من المدنيين الذين سقطوا لا يمكن بحال من الأحوال تبريره، كذلك لا يمكن بحال من الأحوال إغفال إمكانية أن تكون هناك نية وراء هذا القتل بهدف الترويع".
وأضاف: "أيضا النقطة الأهم والأمر الثابت هو عنصر التهجير القسري، وهي جريمة ضد الإنسانية، وجريمة حرب منصوص عليها في نطاق روما المُنشىء للمحكمة الجنائية الدولية وفي العديد من المواثيق الدولية الأخرى".
وأكد أن "قضية التهجير القسري الجماعي من مكان إلى مكان آخر، هي جريمة مغلظة في القانون الدولي طبقا للكثير من النصوص على رأسها نطاق روما، والذي أكد أن التهجير القسري هو من اختصاص الجنائية الدولية".
وأكمل خبير القانون الدولي، محمود رفعت: "بالتالي هناك عدة جرائم نعم ارتكبت، ولكن في النهاية القاضي حينما ينظر قضية جنائية، دوما ما نقول إن القاضي الجنائي هو قاضي عقيدة، أي أن ما يستقر بضميره ويرتاح ضميره إليه أن هذه أدلة صحيحة هي التي تشكل رأيه القانوني في النهاية".
وفيما يخص قضية قتل الصحفيين في غزة، قال رفعت: "جرى العُرف دوما في أي نزاع دولي على الحفاظ على أرواح الصحفيين وإعطائهم مكانة خاصة وحمايتهم، نظرا لأنهم ليسوا طرفا في المعركة، ومن ناحية أخرى وهي الأهم أنهم يؤدون عملا نبيلا وهو نقل الحقائق التي تدور على الأرض وهذا دورهم، بالتالي جرى عُرف دولي على ذلك، وجرى تغليظ إدانة استهداف الصحفيين بأي شكل من الأشكال".
وحول مدى تأثير أحكام المحكمة قال رفعت: "إن هذه المحكمة في النهاية رأيها استشاري، وقرار محكمة العدل الدولية من الناحية النظرية هو مُلزم، ولكن من الناحية العملية هي ذات طبيعة استشارية، بمعنى أنها لا تلزم مجلس الأمن بتنفيذ القرار، علما أنه الوحيد القادر على تحريك قوات على الأرض وتنفيذ قرارات دولية بالقوة الجبرية".
وأوضح أن "قرارات محكمة العدل الدولية هي ذات طبيعة استشارية لمجلس الأمن وبالتالي هي غير مُلزِمة عمليا، ورأينا ذلك في قضية سور الفصل العنصري ما بين إسرائيل وفلسطين، حيث أدانت المحكمة هذا السور، وبالرغم من ذلك كان قرارها نظريا، بمعنى هي إدانة نظرية، والمحكمة يمكن وصفها بأنها محكمة أخلاقية أكثر منها محكمة حقيقية، أي أنها تصدر آراء أخلاقية أكثر ما تصدر أحكاما قابلة للتنفيذ على الأرض".
وختم حديثه بالقول: "ولو عصا الطرف المدان أو رفض التنفيذ، يتم إجباره على هذا التنفيذ بالقوة الجبرية، المحكمة لا تملك هذه السلطة، بالتالي هي في المحصلة النهائية أحكامها ذات طبيعة استشارية إلى حد كبير".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال الإبادة الجماعية محكمة العدل الدولية غزة غزة الاحتلال وزارة الخارجية الإبادة الجماعية محكمة العدل الدولية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا فی النهایة على ذلک عدد من
إقرأ أيضاً:
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: يجب ممارسة الضغط على إسرائيل.. وندعم قرار المحكمة الجنائية الدولية
طالب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024، المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإنهاء النزاع في منطقة الشرق الأوسط الذي بدأ يأخذ طابعًا دوليًا.
وأفاد «بوريل» خلال مؤتمر صحفي على هامش زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت، بأن «لبنان على وشك الانهيار بسبب الحرب الإسرائيلية التي تشتعل في الجنوب والغارات التي تستهدف عددًا من المدن، ولا سبيل إلا وقف إطلاق النار في لبنان بشكل فوري وتنفيذ كامل للقرار الأممي 1701».
وأضاف أن الغارات الإسرائيلية قتلت أكثر من 3500 شخص في لبنان واستهدفت الطواقم الطبية والمستشفيات، ونؤكد أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتخصيص 200 مليون يورو، لدعم الجيش اللبناني ونطالب بانتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ الرئاسي.
وتابع: «ندين العمليات الإسرائيلية في لبنان ونطالب بضرورة الامتثال لمقررات الشرعية الدولية، كما يجب ممارسة الضغط على إسرائيل وحزب الله للموافقة على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار».
وواصل: «ندعم بقوة المحكمة الجنائية الدولية ونؤكد أن قراراتها ليست سياسية ويجب تطبيقها على الجميع»، معقبًا: «الاتحاد الأوروبي يدعم المساعي الأمريكية والفرنسية للتوصل إلى حل لوقف إطلاق النار في لبنان، والهجوم على اليونيفيل غير مقبول أبدًا».
واختتم: «أجدد الدعوة إلى ضرورة وقف المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة وإنهاء الحرب بشكل فوري، وثمن غياب السلام في منطقة الشرق الأوسط أصبح مرتفعا للغاية ولا يمكن تحمله».
اقرأ أيضاًبوريل: أوكرانيا في حاجة إلى مزيد من قوات الدفاع الجوي
أبو الغيط يوجه رسالتين لـ "بلينكين" و"بوريل": عليكم التدخل بقوة لإنقاذ الأونروا من خطة اليمين الإسرائيلي
بوريل: الوضع الإنساني في لبنان يتدهور بسرعة وعدد النازحين بلغ نحو مليون شخص