قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التأمل في انتهاء عام وبداية عام جديد يُعد مراجعة للذات ومحاسبتها على عملها في العام المنقضي، وهو أمر مطلوب في أيام الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الاستغفار تطلعًا للدرجات العُلى وأن يكون عبدًا شكورًا، فقضية الاستغفار عندنا جميعًا دليل على محاسبة النفس لتلافي السلبيات والتقصير فيما سلف.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن المسلم الحقَّ ينبغي أن يكون صابرًا على مختلف المتاعب وشتى التحديات، مؤمنًا بالأمل ومستشرفًا للمستقبل، وموقنًا بما عند الله تعالى الذي بشَّرنا بأن بعد العسر يسرًا وأن الفرج يعقب الضيق والكرب.

ولفت المفتي النظر إلى أن الحاجة تشتد في هذه الآونة من عمر الأمة إلى صناعة الأملِ وحسن العمل باعتبارهما من أهمِّ محاور صناعة شخصية الإنسان المعاصر وسمات تكوينه، فالأملُ هو ضرورة إنسانية بدونها تفقد الحياة قيمتَها ولا يعرف الإنسان مقصود وجوده، والغاية من وراء صبره على التحديات، وتحمله للشدائد والمحن، وحرصه على تحقيق أهدافه وتطلعاته المختلفة.

وأكد مفتي الجمهورية أن الأمل صنو الإيمان وقرينه، من فقده فقد إيمانه بربه، وضاعت ثقته بقدرة مولاه سبحانه، وفي المقابل فإن اليأس صنو عدم الإيمان لأنه سوء ظن بالله، قال الله تعالى آمرًا المؤمنين بعدم اليأس ومحذِّرًا منه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].

وذكر مفتي الجمهورية أن للإيمان ثمرات عظيمة، تغرس في الفرد يقظة الضمير، ومعاملة أفراد المجتمع بالحسنى، والإحسان مما يجعل بنيان الوطن قويًّا، متماسكًا، وثيق الروابط والأواصر، ووفير التعاون على البر والتقوى، فضلًا عما يثمره من تصفية الإنسان لنيته، ومراقبته لخالقه في تصرفاته وسلوكياته على جميع أحواله، مع الحرص على ملءِ الوقت بالطاعة والعمل النافع، واستواء السر والعلن، ومن ثم تَقِلُّ أدواء المجتمعات، وتعظم مواقعها في كافة المجالات.

وشدد على أن التزام الإحسان، والعمل بمقتضياته في النية، والأفعال، والأقوال، من محاور التربية الفاضلة، الواعية، والواقعية التي أمر الله تعالى عباده باتباعها، وسلوك طريقها، والتحقق بمقاصدها، وإذا غلبتهم الشهوات، وطباع النفس، داوموا على التخلي عن الصفات الذميمة، والأخلاق السيئة، والتحلي بالقيم الفاضلة والأخلاق الحسنة، ولا يركنون إلى نقصٍ أو تقصيرٍ حتى يبلغوا الكمال المستطاع.

وأضاف مفتي الجمهورية أن هناك عدة عوامل تساعد على الالتزام بتنفيذ القانون كما أشار إليها العلَّامة الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- منها الباعث والدافع أو الاستعداد الفطري الناتج عن التنشئة السليمة، وكذلك غرس القيم والمبادئ والرقابة الذاتية، وثالث هذه العوامل هو العلاج والتهذيب والتأهيل أو تصحيح المسار، ولا بد من التكامل بين هذه العوامل لتؤدي دورها.

وأشار المفتي إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكي يقي بها الإنسان نفسه من الوقوع في الزلل منها تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون في حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع في الخطأ، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.

وأكد مفتي الجمهورية أن الشريعة الإسلاميَّة قد راعت فطرة الإنسان وأصل خلقته بلا نفور أو إعراض بأسلوب متزن يحافظ على حياة الإنسان بجوانبها المتنوعة، ثم إنها جعلت من هذا الوازع الفطري ممهدًا إلى الوازع الديني الذي هو إدراك داخلي أيضًا يأتي من أعماق النفس ويقوم على الإيمان بالله تعالى ومراقبته في جميع أمور العبد في السر والعلن.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن مراعاة الوازع الديني تضبط حركة الأفراد والمجتمع وفق فعل الخير وترك الشر، من أجل الدخول في دائرة رضوان الله تعالى، والخوف منه ومن عقابه دنيا وآخرة، وهو الحد المعتبر في التزام المسلمين بأحكام الشرع في كل صغيرة وكبيرة، وهذا يرجع إلى قوة الإيمان واستقامة النفس والتعلق بالله تعالى من فرد لآخر، ومن ثَمَّ احتاج الإنسان إلى التذكير بصورة دورية بالحقائق الشرعيَّة التي تغرس في النفس قيم الإيمان وسمات التقوى.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية المفتي الإعلامي حمدي رزق الوازع الديني صناعة الأمل مفتی الجمهوریة أن الله تعالى

إقرأ أيضاً:

جنايات الإسكندرية تحيل قاتل طليقته إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه

أحالت محكمة جنايات الإسكندرية أوراق موظف متقاعد إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في تنفيذ حكم الإعدام بحقه، وحددت المحكمة جلسة دور الانعقاد المقبل للنطق بالحكم.

جاء ذلك بعد توجيه تهمة القتل العمد إليه، حيث اتهم بقتل طليقته نتيجة خلافات قضائية بينهما.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد الشافي، وعضوية المستشارين محمد عاطف مشالي، نبيل عاطف أبو زينة، وأحمد حنفي عبد الجواد، وبحضور وكلاء النيابة العامة محمد المسلمانى ومحمد الحلاج، وسكرتير المحكمة سعيد عبد العظيم يعقوب.

وتعود وقائع القضية رقم 1374 لسنة 2025 جنايات قسم شرطة المنتزه ثان، إلى تلقي مديرية أمن الإسكندرية بلاغًا بقيام المتهم بقتل طليقته وإضرام النيران في شقتها.

وكشفت التحقيقات أن المتهم "ح.ع.ا"، وهو موظف متقاعد، توجه إلى مسكن طليقته "ع.ال.ع"، وهي ربة منزل، وهو يحمل سلاحًا أبيض ومادة قابلة للاشتعال. وبعد انتظار عودتها إلى المنزل، قام بالاعتداء عليها باستخدام السلاح الأبيض، وسدد لها عدة طعنات قاتلة. ثم أضرم النار في جسدها بعد التأكد من وفاتها.

وأوضحت التحقيقات أن الجريمة جاءت نتيجة خلافات قانونية بين الطرفين بشأن استرداد المنقولات الزوجية، مما دفع المتهم للانتقام منها.

تم تحرير محضر بالواقعة، وأحيل المتهم إلى محكمة الجنايات التي أصدرت قرارها بإحالته إلى فضيلة المفتي.

مقالات مشابهة

  • رستم أطلع مفتي الجمهورية على الأجواء الانتخابية في عكار
  • لا طب أو علاج دونه.. لميس الحديدي: الاهتمام بقطاع التمريض أصبح ضرورة
  • محافظ مطروح يبحث مع مفتي الجمهورية دعم العمل الدعوى والمجتمعى
  • مفتي الجمهورية: المؤسسات الدينية تبذل جهودًا كبيرة في نشر الوسطية
  • مفتي الجمهورية يدعو لتطوير مناهج جامعية متخصصة في فقه بناء الإنسان
  • مفتي الجمهورية يقدم واجب العزاء في البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرة
  • مفتي الجمهورية يعزّي في وفاة البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرة ..صور
  • جنايات الإسكندرية تحيل قاتل طليقته إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه
  • مفتي الجمهورية: نبذل جهدًا كبيرًا في نشر الوسطية ومواجهة الأفكار المنحرفة
  • مفتي الجمهورية يدعو لإطلاق جائزة سنوية لأفضل بحث علمي لبناء الإنسان