قرينلو: حدود التمثيل المعماري واستمرار حياة المباني في ساحل السودان
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
Greenlaw’s Suakin: The limits of architectural representation and the continuing lives of lives of buildings in coastal Sudan
Nancy Um نانسي اوم
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة مختصرة لقليل مما ورد في مقال يتناول بالنقد البناء كتاب "مباني سواكن المرجانيةThe Coral Buildings Suakin " لجان بيير قرينلو Jean – Pierre Greenlaw.
ونانسي أوم - بحسب ما ورد في صفحتها في الشبكة العنكبوتية https://nancyum.com/ - هي المديرة المساعدة للأبحاث وخلق المعرفة في معهد جيتي Getty للأبحاث. ويركز برنامجها البحثي على الفن والهندسة المعمارية والثقافة المادية في جميع أنحاء المحيط الهندي والبحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية، مع التركيز على التجارة والتبادل الثقافي في أوائل العصر الحديث. ويزخر مقالها بعشرات الرسومات والخرائط والصور (منها لوحة للفنان التشكيلي إبراهيم الصلحي عنوانها "Ruins of Suakin خَرَائب سواكن" كان قد رسمها بألوان الماء في نهايات خمسينات القرن الماضي).
أما قرينلو (1910 -1982) فهو هو أول رئيس للقسم العالي للفنون في المعهد الفني (يسمى الآن كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا). وقد سبق لعدد من الفنانين والمعماريين والنقاد وغيرهم الكتابة عن سِفر قرينلو الذي تناول مباني سواكن المرجانية ومعمارها الإسلامي؛ وكان منصور خالد هو أحد هؤلاء.
https://rb.gy/dkbphr
المترجم
*********** ********** *********
على الرغم من حالتها المدمرة، إلا أن الهندسة المعمارية لسواكن معروفة عالمياً، خاصة بين علماء الآثار وأولئك الذين يعكفون على دراسة المباني المحلية وطرق بنائها. وقد تُعزى تلك الشهرة العالمية بصورة كبيرة إلى الكتاب المصور المعنون "مباني سواكن المرجانيةThe Coral Buildings Suakin " الذي ألفه الفنان قرينلو (1910 -1982م) وأصدره في عام 1976م، ونال من بعد ذلك شهرة دائمة. وقد صدرت طبعة أخرى من الكتاب في عام 1995م حوت مقدمةً وبعض العناوين الجانبية الجديدة. ووجد الكتاب في طبعته الأولى إشادة كبيرة، ووصفته الأنثروبولوجية الأميركية سوندرا هيل بأنه "أفضل عمل ينشر باللغة الإنجليزية عن تاريخ الفن السوداني"، وأعتبر مصدراً مهما لمعمار مناطق العالم العربي ذات الصلة بسواكن، وبالبحر الأحمر وشرق أفريقيا والمحيط الهندي. واحتفظ النص بمفرده تقريباً بذاكرة التقليد المفقود للبناء العامي/ المحلي المشترك في منطقة ما، وذلك بفضل ما فيه من مخططات مرسومة يدوياً، وارتفاعات، وأقسام، وتفاصيل معمارية للمنازل والمساجد والهياكل.
وتمثل هذه الدراسة مساهمةً تتعلق بالنظر المدقق إلى الصور التي تملأ الكتاب، والتي لا تعد - في حد ذاتها - من الأعمال العلمية الرصينةscholarly ، ولكنها مع ذلك ظلت بمثابة مصدر كلاسيكي لهندسة المدينة التي تهدمت الآن. إن إعادة تقييم مشروع قرينلو البصري الأوسع، الذي لم يكن مجرد جهد وثائقي شفاف، جاء الآن في الوقت المناسب لعدة أسباب. كان قرينلو قد جاء إلى السودان عام 1936م للعمل في معهد بخت الرضا لإدماج الرسم والأعمال الحرفية في منهج المدرسة الأولية. ثم صار شخصيةً رئيسية في نظام التعليم الاستعماري السوداني وعالم الفن. وكان من أهم ما أنجزه في السودان هو إنشاء "مدرسة التصميم School of Design" في كلية غوردون عام 1946م، وهي أول برنامج للفنون على مستوى التعليم العالي بالبلاد. وفي تلك المدرسة عمل مع مدرسين آخرين مثل شفيق شوقي وعثمان وقيع الله لتدريب الطلاب السودانيين الفن والتصميم. وكان من أشهر هؤلاء طالبه الأثير إبراهيم الصلحي، والذي سيغدو لاحقا هو فنان "مدرسة الخرطوم" الأول، وأشهرهم بلا ريب. والآن، وبعد أن تم الاعتراف بتراث زملائه وطلابه السودانيين في إعادة كتابة الفن الحديث المعوّلَم، فقد حان الوقت لعمل دراسة عن هذا المصلح التربوي والمرشد البالغ التأثير.
وبالإضافة لذلك، فقد بدأت جماعات من علماء وخبراء الآثار (والمعمار) وغيرهم من السودان وخارجه بالعمل في "مشروع سواكن" منذ عام 2002م. وهذه مبادرة حكومية قامت بالإشراف على عدد من عمليات الاستكشاف والحفريات والتنقيب في مواقع بسواكن من أجل اعداد معالم مختارة لإعادة إعمارها (بأكثر من الحفاظ عليها) وتحويل سواكن إلى وجهة سياحية مهمة. ولا ريب في أن خبراء التراث سيلجأون لسفر قرينلو وما يحويه من الصور والرسومات العديدة، وهم يسعون لمعرفة أفضل الطرق لإعادة بناء المدينة للجمهور المعاصر. ولهذا السبب، فإن التصاوير والرسومات التي ظهرت في كتاب "مباني سواكن المرجانية" تتطلب الفحص والتدقيق الشديد.
ومن أجل فهم نهج قرينلو تجاه مدينة سواكن، ينبغي على المرء أن ينظر عن كثب إلى أهداف الفنان المعلنة، والتي تحدد اتجاه سير هذا المشروع. وكما أوضح قرينلو، فإن الصور التي التقطها لم تكن تصورات للمدينة التي لوحظت في الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي عندما كان قد أمضى بعض الوقت هناك؛ بل كان ينوي تمثيل المدينة وهي في ذروة مجدها، والتي حددها بأنها مطلع القرن العشرين. وعلى هذا النحو، يُعد الكتاب بمثابة تخليد أو "نصب تذكاري" حقيقي لعظمة الماضي، كما أسماه عالم الآثار ب. اس. جارليك، مع استعادة المنازل إلى حالتها الأصلية، وعودة قوافل الجمال لشوارع المدينة المزدحمة والعامرة بالحركة والنشاط.، ولمخازنها الممتلئة بالسلع المتنوعة التي لا ينقطع سيل إمداداتها. وكانت الفترة القصيرة نسبياً التي قضاها قرينلو في سواكن، هي فترة توقف في غضونها النشاط التجاري بالمدينة، وكانت أغلب المباني بها قد تعرضت للهدم؛ ولذا فلا بد من أن يكون تصور تلك المشاهد قد ارتكز على قدر معين من إعادة الاكتشاف المتخيل أو إعادة الابتكار الإبداعي (imaginative reinvention). ولكن بالنظر إلى أن النص لا يحتوي على حتى صورة فوتوغرافية واحدة، فمن الصعب أن نضع منهج قرينلو البصري الاسترجاعي في الاعتبار عند متابعة تلك الرسومات. وبالضرورة، يتداخل ماضي المدينة وحاضر الفنان بسلاسة في الرسومات التفصيلية الدقيقة التي يبدو أنها تعتمد على قدرة الملاحظة المباشرة. ويغدو الانفصام الصارخ بين العينات التي شهدها الفنان وبين الموضوعات التي ظهرت في رسوماته المنشورة واضحاً جلياً فقط عندما يشاهد المرء صور قرينلو التي لم تظهر في مجلده المنشور. فعلى سبيل المثال، أظهر قرينلو ديوان (غرفة جلوس) بيت الباشا - الذي ذكر أنه أحد أقدم بيوت سواكن - وهو في حالته الأصلية الزاهية وخالٍ من السكان، وأظهر أيضاً الكثير من التفاصيل المعمارية به. غير أن صورة ذلك البيت تكشف عن بنيان مختلف جدا تملأ الأنقاض ديوانه، ويفتقر إلى السلامة والتركيب الهيكلي.
وكان قرينلو قد غادر السودان عام 1951م، ولكنه عاد بعد ذلك إلى سواكن مرتين للتأكد من دقة رسوماته قبل نشر كتابه. ولعله أدرك في غضون زيارتيه القصور الذي شاب توثيقه للمدينة وسجل بالفعل في مقدمته أنه لا يعد ما في كتابه هذا من رسومات على أنها مصادر وثائقية، بل يعتبرها مجرد "أعمال فنية ذاتية" يمكن تقديرها فنياً لما فيها من محاسن ومزايا بصرية. ولإخلاء المسؤولية عن قدرته كرسام، أكد أن "اهتمامه كان اهتماما جماليا بشكل أساسي، ولم يكن يولي اهتماماً، في البداية، بالدقة المتناهية في التفاصيل والقياس". وإضافة إلى ذلك، ذكر أنه اعتمد في هذا الجهد على تدريبه كفنان، وليس كمساح. غير أن تنصلاته / تنازلاته disclaimers من المسؤولية - في الدقيقة الأخيرة - تتناقض مع ما استخدمه من ذلك النهج البصري الذي استخدمه في رسوماته، خاصة فيما يتعلق برسم المخططات (plans)، ورسمات الارتفاع على مستوى عمودي (elevations)، والرسمات المقطعية (sections)، والتي تحمل أعراف المخططات المعمارية المقاسة مثل فتحات النوافذ، وأجنحة الأبواب، وعلامات الاتجاه، والمقاييس، محسوبة في كل من النظام المتري ووحدة القياس المحلية. وعلى الرغم من حنينه المعلن إلى الأهداف الجمالية، فإن صور المباني المرجانية تبدو للمشاهد المعاصر بحسبانها مصادر وثائقية لمدينة تتم مراقبتها عن كثب. ودأب الخبراء المعاصرون على استخدامها بهذه الصورة بشكل خاص، إذ أن الناس يرجعون للصورة بأكثر مما يرجعون للنص.
غير أن بعض الذين استعرضوا أعمال قرينلو (مثل قارليك، ومثل جورج اسكانلون، أحد معماري القاهرة الإسلامية، أثاروا العديد من التساؤلات حول دقة رسومات قرينلو، إذ أنه لم يكن باستطاعتهم التحقق منها بالأمثلة الموجودة، ولم تكن مصحوبة بالصور الداعمة لها. وفي عام 1992 قدم عالم الآثار الألماني كَثِيرُ التَّدْقِيق فريدرك هنكل (الذي كان قد قام بمسح لسواكن في عامي 1968م و1976م) نقداً جاداً ومستمراً لرسومات قرينلو التقنية، ووصفها بأنها محض "تحريفات خيالية". وشدد هنكل على أن قرينلو كان قد استخدم في معظم أعماله مقاسات تقريبية، وشوه سمات معمارية رئيسية. غير أن هنكل أشاد أيضاً بالمعلومات التي وردت في عمل قرينلو عن التفاصيل المعمارية بمباني المدينة، وقال إنها مفيدة جداً في عملية إعادة تشييد تلك المباني. وأكد نقاد آخرون لاحقا صحة ذلك النقد ذي الوجهين.
ولما ذُكر أعلاه، فإني لم أقرأ رسومات قرينلو تلك عبر العدسة التي قدمها صاحبها (بحسبانها في الأساس عدسة جمالية متشبعة بالحنين إلى الماضي). ولكني سأقاوم أيضاً ترديد ما ذكره الناقدون لأعماله، بالتشديد على ما أعترى توثيق قرينلو من عدم التزام بالدقة المطلوبة. وأود أن أشرح منطق مشروع قرينلو البصري بشكل أكبر، بهدف فهم الظروف التي تم في ظلها إنتاج تلك الرسومات. وفي الأساس، لم يكن هدف قرينلو المتمثل في إعادة مدينة شبه مدمرة تقريباً إلى حالتها الماضية يتضمن حذفاً بسيطاً للتغييرات اللاحقة في بنية سواكن، أو عملية إعادة بناء مباشرة لمبانيها التي انهارت. وأرى أن رسومات قرينلو لم تكن "خاطئة" كما زعم بعض النقاد، ولكنها تمثل تحديات إغلاق الحياة الزمانية (temporal life) للمباني في مدينة ديناميكية قاومت ذلك الإغلاق الحتمي، حتى وهي في أوج عزها المفترض.
خلاصة المقال: رؤية مغايرة لسواكن
ينبغي علينا أن نذهب لأبعد عن غلافي كتاب "مباني سواكن المرجانية" لنلقي نظرةً على رؤية مراقب آخر هو إبراهيم الصلحي، أشهر طلاب قرينلو، الذي رسم في أواخر الخمسينات لوحة (بألوان الماء) بعنوان "Ruins of Suakin خَرَائب سواكن". وليس من المستغرب أن تلهم تلك المدينة خيال ذلك الرسام. وكان قرينلو قد ذهب بطلابه (وعدد من الأساتذة) من الخرطوم في رحلة إلى سواكن، ضمن رحلات ميدانية لمناطق أخرى بالسودان في الأربعينيات والخمسينيات. وزار الطلاب كل البيوت والأماكن (المشهورة) في سواكن ودرسوا عن كثب تفاصيل مبانيها وطرق تزيينها. وكان الصلحي قد ذكر في مقابلة أجريت معه في 2002م أن "الطريقة التي كان قرينلو يرى بها العالم كان لها تأثير كبير عليه". وذكر الصلحي أيضاً أن قرينلو وشفيق شوقي وعثمان وقيع الله كانوا هم من شكلوا شخصيته (الفنية) إبان فترة تدريبه. وبينما يمكن فهم هذه اللوحة بحسبانها "تكريما" لأستاذه المبجل، يقدم العمل الفني الذي قدمه الصلحي عن سواكن منظوراً متميزاً بشكل صارخ عن مفهوم قرينلو. وعلى عكس الصور الأحادية اللون التي رسمها قرينلو، والتي بدت مرممة بشكل كبير، ولكنها مفصلة بشكل انتقائي لعمارة المدينة، تظهر لوحة مدينة /ميناء الصلحي من خلال قطع معمارية (تكتونية tectonic) منحوتة ومهدمة، مع كتل من الأرض الرمادية، وبقايا معزولة من أعمدة بيضاء كريمية اللون. غير أن قرينلو "أصلح" في رسوماته ما كان قد تهدم من مبانٍ، وحذف بعض أنواع التغيير الحضري الذي حدث بالمباني، غير أن الصلحي رأى تكويناً للمخلفات الهيكلية، مقراً بأن سواكن غدت صياغة بصرية جديدة للآثار الخلابة. في تصاويره، تصارع جرينلو مع تأثيرات الزمن على نسيج المدينة، واجْتَهَدَ من أجل إعادة تمثيل المدينة في لحظة اعتباطية، لكنها مبنية بشكل متماسك في ماضيها. ومن ناحية أخرى، بدأ أن الصلحي استمتع بالمدينة التي شهدها مدينة وهي مدمرة ومتهالكة وتوشك أن تختفي من الوجود. (أشارت الكاتبة في الحاشية إلى منظر آخر مهم لسواكن، تضمنه فيلم صُور في سواكن بعنوان "انتزاع الكهرمان". وفي حين أن (مخرج الفيلم) حسين شريف، مثله مثل الصلحي، كان يصور مدينةً مدمرةً، إلا أن فيلمه يصور ويحكي عن مدينة يسكنها الناس، وليست خالية من الحياة البشرية. المترجم).
تمثل لوحة الصلحي المائية الحياة المستمرة والمؤثرة بصرياً لمبانيها المرجانية في سواكن بعد نهاية أيام الميناء وهي في عز مجدها. وحتى اليوم، لا تزال سواكن قريبة من مرحلة استرداد نهضتها السابقة. وإذا نفذت المخططات المقترحة لذلك، فسيتم إعادة تجهيز مبانيها مرة أخرى وإعادة تعريفها لجماهير جديدة، مما يطيل من عمر الحياة البصرية الطويلة والمتنازع عليها في المدينة.
alibadreldin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی سواکن کان قد غیر أن لم یکن فی عام
إقرأ أيضاً:
صنعاء.. فعالية بالجامع الكبير بذكرى الإسراء والمعراج واستمرار نصرة المسجد الأقصى وغزة
الثورة نت|
نظمّت رابطة علماء اليمن بالتعاون مع الجمعية العلمية للجامع الكبير بصنعاء اليوم الأربعاء، فعالية خطابية بذكرى الإسراء والمعراج واستمرار نصرة المسجد الأقصى وغزة والتعبئة الجهادية ضد أمريكا وإسرائيل بعنوان “وعد الآخرة وحتمية زوال الكيان الصهيوني”.
وفي الفعالية أشار عضو مجلس الشورى – عضو رابطة علماء اليمن الشيخ جبري إبراهيم، إلى عظمة الاسراء والمعراج للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والدروس المستفادة منها في حياة الأمة العربية والإسلامية.
وتحدث عن المعجزات التي أكرم الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام وأمته في تلك الليلة العظيمة التي جعلت من الإسلام ديناً للبشرية جمعاء، معبراً عن الأسف في أن آل سعود لم يتركوا أثراً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهوية الإسلام والدين إلا وطمسوه.
وعبر الشيخ جبري عن الأسف لمّا يجري في بلاد الحرمين الشريفين، والتي أصبحت اليوم فنانات راقصات، قدوات بديلاً عن النساء المسلمات من “أم المؤمنين خديجة وفاطمة الزهراء عليهما السلام”، وباتت مثل هذه الأسماء في معظم البلدان مطموسة وغير موجودة.
وبين أن الله تعالى خص المسجدين الأقصى والحرام، لأنهما قبلة واحدة للمسلمين، لافتًا إلى الهزيمة التي مُني بها حالياً الكيان الصهيوني، والعدو الأمريكي والبريطاني في فلسطين.
وأكد عضو رابطة علماء اليمن، أهمية الاحتفال بنصرة الأشقاء في غزة الذين ثبتوا على مدى 15 شهرًا في مواجهة قوى الطغيان الصهيوني الأمريكي، وذكرى الشهيد القائد وذكريات أخرى، موضحًا أن الشهداء العظماء هم من ناصروا دين الله، والمستضعفين في الأرض والشعوب المكلومة والمظلومة.
من جهته استعرض أمين عام رابطة علماء اليمن العلامة طه الحاضري، مكانة المسجدين الحرام والأقصى المرتبطين بالقضية الفلسطينية والصراع مع قوى الشر والطغيان الأمريكي والإسرائيل، والأوروبي.
وأوضح أن شهر رجب مليء بالذكريات والمناسبات الإسلامية بدءًا من جمعة شهر رجب واستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي وذكرى الإسراء والمعراج، مشددًا على أهمية إحياء ذكرى الإسراء والمعراج في المساجد والمنابر الدينية، لاستلهام الدروس والتذكير بالقبلة الأولى للأمة الإسلامية والصراع مع أمريكا وإسرائيل، والوعد الإلهي الحتمي.
وتطرق العلامة الحاضري إلى ما يرتكبه الصهاينة، من جرائم في فلسطين من احتلال للمنازل وتدميرها وانتهاك للأعراض وقلع للأشجار وحرب إبادة جماعية وممارسة التهجير القسري، لافتًا إلى الوعد الإلهي الحتمي بزوال الكيان الصهيوني.
وقال “أغلب المؤرخين والمفسرين انحصروا في نقاش عن الوعدين اللذين ذكرهما الله في القرآن الكريم، أن الأول حصل قبل الإسلام والآخر بعد الإسلام، ونحن لا يهمنا حصلا أو لم يحصلا، المهم أن الله تعالى قال وإن عدتم عدنا، عدتم لإفسادكم عدنا بنصر المؤمنين”.
وأضاف “إن الله تعالى خص الوعد الإلهي بالصراع بين المؤمنين مع بني إسرائيل لما يشكله من أهمية والذي هو اليوم تحت عنوان “القضية الفلسطينية”، مؤكدًا أن من ينصر الله ودينه سينصره الله عاجلًا أو آجلاً، انطلاقًا من قوله تعالى “وكان حقًا علينا نصر المؤمنين”.
وأكد العلامة الحاضري، أن الله تعالى ربط النصر بالجهاد في سبيل الله، والنصر يحتاج للصبر .. مشيرًا إلى الموقف اليمني بقيادته الثورية في نصرة غزة وكل فلسطين من خلال منع مرور سفن العدو والمرتبطة به في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي وأيضًا استهداف العدو في عقر داره بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتحدث دور اليمن وجبهة العسكرية التي ساندت غزة وفلسطين ولم تمنعها الحدود الجغرافية، من المشاركة في دعم القضية الفلسطينية، مشيدًا بدور الشهداء القادة والعظماء الذين سطروا أعظم الملاحم البطولية في مواجهة العدو الصهيوني، الأمريكي، البريطاني.
بدوره أوضح أمين عام الجمعية العلمية للجامع الكبير بصنعاء، العلامة عبدالفتاح الكبسي، أن ذكرى الإسراء والمعراج، ذكرى مهمة ارتبطت بالمسجد الأقصى والقدس الشريف.
وقال “إن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، تحمل مشقة إبلاغ دعوة الله سبحانه وتعالى، وأسري به من بيت المقدس، وارتقى وناجى ربه ودعا ربه بذلك الدعاء المشهور”.
وتساءل “أين الذين نصروا المسجد الأقصى اليوم، ومن هم، لماذا تخاذل العرب والمسلمون عن نصرة القدس الشريف؟ لماذا تركوا فلسطين وأهلها وحيدون يصارعون العدو الصهيوني المدعوم أمريكيًا وأوروبيًا؟، أين علماء جامعة أم القرى والمملكة السعودية وغيرهم؟ لماذا لا يتحركون لنصرة المسجد الأقصى والمستضعفين في فلسطين؟ هل أصابهم الصمم؟”.
وأشار العلامة الكبسي، إلى أن من نصر المسجد الأقصى هم الثلة المؤمنة في غزة وجنوب لبنان والعراق وأهل الإيمان والحكمة، ممن استشعروا مسرى رسول الله وقداسة المكان، ومهبط وحي الأنبياء عليهم السلام، إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى عليهم السلام.
وأفاد بأن من ناصروا غزة والمسجد الأقصى، والقضية الفلسطينية هم من تشبّعوا من القرآن الكريم إيمانًا وشجاعة وإباءً وإقدامًا ونصرة وسندًا للمستضعفين حول المسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن الرسول الكريم ومعه أصحابه أُوذي أشد الأذى والمعاناة، حتى من أقاربه.
ولفت أمين عام الجمعية العلمية للجامع الكبير بصنعاء، إلى أن الشعب اليمني يعيش في فترة صحوة ووعي وبصيرة بمواقفه المشرفة مع فلسطين وقضيته العادلة وما تتعرض له غزة من حرب إبادة من قبل العدو الصهيوني، مضيفًا “يعيش أبناء اليمن في عزة وشموخ وكرامة والأمن واستقرار، ما يتطلب من الجميع الحفاظ على وحدة وتماسك الجبهة الداخلية”.
وتطرق إلى الدروس والعبر من ذكرى الإسراء والمعراج في نصرة المظلومين والمستضعفين ومواجهة قوى الكفر والطغيان والاستكبار الأمريكي، الصهيوني والبريطاني، مشيدًا بحكمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وموقفه الشجاع في إسناد غزة وكل فلسطين.
وبارك بيان صادر عن الفعالية تلاه العلامة إبراهيم الجلال، للأمة الإسلامية والشعب اليمني، والقيادة الثورية والسياسية، ذكرى الإسراء والمعراج، وتذكير جميع المسلمين بواجبهم الديني تجاه المسجدين الحرام والأقصى.
كما بارك البيان للشعب الفلسطيني وأهالي غزة بعودتهم إلى بيوتهم وللأسرى والأسيرات خروجهم المشرف من سجون الكيان الصهيوني، وللشعب اللبناني وحزب الله العودة المشرفة إلى جنوب لبنان بالعنفوان والقوة التي أجبرت المحتل على الانسحاب والتراجع.
وأكد أهمية إحياء دور المسجد ووظيفته الإيمانية والروحية والتربوية والعلمية والجهادية، لا سيما المسجد الحرام الذي أودع الله فيه وفي المسجد الأقصى البركة وارتبطت بهما معجزة الإسراء والمعراج واستُهدف دورهما الروحي والتعبوي من قبل الأعداء وتم إفراغهما من الرسالة الإسلامية الوحدوية خدمة لأمريكا وإسرائيل والغرب الكافر.
وشدد البيان على جوب الإعداد الإيماني والجهادي من قبل الأنظمة والشعوب لخوض معركة “وعد الآخرة” التي من خلالها ستتحقق حتمية زوال الكيان الصهيوني الغاصب وتطهير الأرض والمقدسات من شره وفساده.
ودعا بيان الفعالية، الأنظمة والحكومات والجيوش والشعوب العربية والإسلامية إلى إعادة مركزية القضية الفلسطينية وتصويب البوصلة نحو القدس والعداء والسخط ضد أمريكا وإسرائيل والحذر من السقوط في مستنقع العمالة والتجند لصالح العدو.
واعتبر أي تصعيد في اليمن أو الأمة وإشغالها عن قضية الأمة المركزية والأولى “فلسطين”، عمالة واضحة وخدمة صريحة لمخططات أمريكا وإسرائيل.