السودان: خيارات وبدائل التدخل الدولي
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
بعد ظهوره الدراماتيكي في جولته الأفريقية صرح قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) بألا حل لأزمة الحرب في السودان إلا عبر تدخل دولي. يأتي هذا التصريح بعد غياب عن المشهد السوداني امتد لشهور حملت كل السيناريوهات والتفسيرات في السبب من اختفائه وهو قائد أحد طرفي الصراع في الأزمة الحرب السودانية.
من المؤكد أن الأطراف المتقاتلة بكافة فصائلها وميلشياتها المدنية والقبلية المسلحة لا تمتلك تصوراً لطبيعة هذا التدخل كما لا تدرك حجم الكارثة التي تسببت فيها ومدى مسؤولية الجنائية والقانونية والأخلاقية والتاريخية التي يتحملها الأطراف وإن لم تكن في صراعها المحموم على السلطة أو ما ترفع من شعارات تقدر حساباتها التي لا يسندها منطق بمقاييس السياسة أو القانون. ومع ذلك تصر على حسم الصراع عسكرياً مهما أدى ذلك من أهوال لم يعد السودانيون قادرين على احتمالها، مما يجعل من التدخل الدولي المباشر لإنهاء الحرب أمراً عاجلاً يحتمل كل ذرائع التدخل.
التدخل الدولي مقروءً مع سلسلة من التدابير بمفاهيم الأمم المتحدة والقانون الدولي لا يعني تنفيذه حصراً على اطاره النظري القانوني كما في ديباجات ونصوص المواثيق الأممية. فالنظام الدولي لا يعني التوازن الدولي على أساس من العدالة إن لم تكن مصالح الدول التي تهمين على المفاتيح القرار. ومن ثم أن حرب السودان النازفة قامت على أسس من التداخلات الايدولوجية الحزبية بين دول المنطقة وجيوسياسية لإقليمية بما يشكله السودان حربا وسلما على محيطه الأفريقي، وكانت الحرب قد نتجت عن حروب مشتعلة على أساس الإثني تغذيها توجهات الدولة وصلت فيها الجرائم المرتكبة الى الإبادة الجماعية كحرب دارفور وأصبح معها رئيس النظام السابق مطلوباً لدى محكمة الجنايات الدولية نظام روما. هذا التواجد الكثيف والمواجهة الحادة مع المؤسسات الدولية أصبح السودان مكشوفاً لتطبيق بنود الفصل السابع خشية أن تتحول بنطاقها الإقليمي إلى حرب ما بين دول الإقليم Interstates War.
إن التعقيدات التي ينطوي عليها استصدار قرار بالتدخل الدولي من جانب مجلس الأمن بكل ما تمثله الأزمة السودانية من تطابق ما بين مطلوبات التدخل الدولي والحالة التي تستدعي تفعيل كل ما ورد في المواثيق الأممية حتى تلك المنظمة للحروب. ولأن التدخل الحالات التي تستدعي التدخلي بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة وتعارضه بين سيادة الدول والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في المنظمة الدولية، تكون الأزمة السودانية بانقساماتها الهيكلية تحدي آخر للتعامل مع معه. فالنظام القائم كما يوصف بشرعية الأمر الواقع ولم يزل تمثيله الدبلوماسي بينما يفقد على ارض الواقع سيطرته لصالح قوات الدعم السريع الذي يجد بدوره دعماً إقليميا لا يخفى يقترب هو الآخر من تشكيل واقعاً حكومياً بقوة الأمر الواقع خاصة في المواقع التي يسيطر عليها على امتداد البلاد. وهذا الواقع الهجين بما يشبه دولة يتقاسمها نظامان. ولم يكن التواجد الأممي بالأمر الجديد على الأراضي السودانية إذا كان عسكريا (قوات يوناميد في دارفور) وسياسياً (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي، يونامتس) تعمل وفق تفويض مجلس الأمن الدولي وتم إلغاءها مؤخراً.
هل سيكون الخيار الأخير الذي سيلجأ إليه أطراف الصراع بعد أن استنفدت حلول الداخل وبالتالي... على ما يبدو فإن ما تعول عليه أطراف الصراع يقوم على تصور قاصر لمفهوم التدخل الدولي في حال أصبح البلد مهدداً للسلم والأمن الدوليين من أن هذه القوات المنوط بها التدخل ستكون قوات حفظ السلام Peace Keeping Forces وليست قوات مفوضة باستخدام القوة بصالح طرف ما إلا في حالة الدفاع عن النفس بحسب تفويضها. ومن خلال تجارب البلدان التي منيت بالصراعات التي تطلبت تدخلاً أممياً في كل قارات العالم منذ الحرب العالمية الثانية إلى البوسنة ورواندا ودارفور وغيرها من مناطق. وهذا التأثير المحدود لوجودها على الأرض لن يكون خارج تقدير الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. ويبقى أن للهيئات الدولية لها دور يستحيل تجاوزه في الأزمة السودانية والمنطق في ذلك أن السودان لم يزل دولة عضوا بالمنظمة الأممية وما يحدث فيه ينسحب على غيره من الدول.
والواقع أن الأزمة السودانية قد استفحلت بما يسمح لكل احتمالات التدخل واهمها الإنسانية من فرض حل خارجي على مستوى أممي بما مثلته فظائعها من ارتكاب لانتهاك واسعة ازدادت بشاعتها كلما طال أمد الحرب وامتدت رقعتها. ولكن يأتي تصريح قائد قوات الدعم السريع الجنرال حميدتي بالإشارة إلى التدخل وما يعنيه هذا التدخل في السياق الإقليمي والتدخلي سيحول من طبيعة الصراع التي باتت تتجه بقوة نحو حرب أهلية تجر معها تداخلات الحدود الإثنية والجيوسياسية على نطاق واسع. وفي هذه الحالة ستزداد التكلفة على الجانبين الجهة التي ترعى التدخل من جهد أمني وغوثي.
لقد كانت الدعوات منذ انفجار الحرب للتدخل الدولي مطروحة على أكثر من صعيد وإن لم يكن لها صوتاً مسموعاً في أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بحفظ الأمن، وذلك لتعقيدات ليس أقلها صرف الانتباه إلى بؤر صراع عالية الوتيرة تنذر بمواجهة نووية كالصراع بين روسيا وأوكرانيا أو حرب غزة في الصراع العربي الإسرائيلي. وأهمها طبيعية الحال موقع السودان وما يمثله ومدى تأثيره على الموازين السياسية والاقتصادية مما جعل من صراعه الداخلي متروكا لقوى إقليمية مشكوك في فاعلية آلياتها للتدخل في الشأن السوداني كمنظمة الإيغاد بأكثر من التصريحات. وبهذا يكون التدخل الدولي بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى لبلوغ الأزمة السودانية مستوى تجاوز كل ما يستدعي التدخل من انهيار. والتدخل المطلوب ليس على سياق اجندة طرفي الصراع ولكن على أن يقوم على أسس إنسانية تلبي حاجة الضحايا والمتضررين من ويلات الحرب، وهو ما يعني تدخلاً إنسانيا (التدخل الدولي الإنساني) وهو من بين آليات يجيزها التدخل الأممي.
###
nassyid@gmail.com
///////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الأزمة السودانیة الأمم المتحدة التدخل الدولی الأمن الدولی مجلس الأمن من الدول
إقرأ أيضاً:
«لا نملك الحماية»: الأزمة المتفاقمة في منطقة أبيي المتنازع عليها
التغيير: وكالات
في أبيي، المنطقة الغنية بالنفط المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، أدى الفراغ السياسي لفترة طويلة إلى تأجيج الصراعات المحلية وترك المنطقة مهملة من قبل جماعات الإغاثة الدولية. لكن الوضع بالنسبة للسكان أصبح أكثر صعوبة على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث أثارت النخب السياسية صراعات جديدة ومع تسبب الحرب في السودان في ارتفاع الأسعار ودفع اللاجئين والعائدين إلى البحث عن الأمان هناك.
وقال ماكواك دينج، وهو صحفي محلي، “مع قدوم الأشخاص من السودان، هناك نقص في الكثير من الأشياء مثل الرعاية الصحية والوصول إلى المياه داخل أبيي”. “حتى في المنازل، تستضيف عائلة واحدة الآن عائلتين”.
وقال دينج إنه نازح بنفسه، بعد أن نجا من هجمات الميليشيات في الجزء الجنوبي من أبيي في عام 2022. وقال إن معظم النازحين في المنطقة يتلقون الدعم من الأقارب ويفتقرون إلى فرص العمل للعيش بشكل مستقل.
كان من المفترض أن تعقد أبيي استفتاءً جنبًا إلى جنب مع تصويت استقلال جنوب السودان عام 2011، مما يسمح لسكانها بالبت فيما إذا كانوا يريدون الانضمام إلى الجنوب.
ومع ذلك، وعلى الرغم من استقلال جنوب السودان رسميًا، لم يتم إجراء استفتاء أبيي أبدًا بسبب النزاعات حول من يحق له التصويت، وبسبب المصالح المتنافسة للسودان وجنوب السودان، والتي تستفيد أيضًا من الوضع الراهن.
خريطة أبييتوضح هذه الخريطة منطقة أبيي الإدارية، وهي منطقة تقع بين السودان وجنوب السودان. تُظهر الخريطة الرئيسية حدود السودان إلى الشمال وجنوب السودان إلى الجنوب. تم تسليط الضوء على أبيي كمنطقة صغيرة على طول الحدود بين البلدين. يقوم مربع أحمر مُدرج بتكبير منطقة أبيي الإدارية، مما يُظهر حدودها بمزيد من التفاصيل. داخل هذه المنطقة، تم تحديد موقعين: أبيي (باتجاه المركز) وأجوك (أبعد إلى الجنوب).
وقد أدى الجمود اللاحق إلى شعور السكان الرئيسيين في أبيي، وهم قبيلة دينكا نقوك، بأنهم أصبحوا منسيين. ونظراً لأن العديد منهم يعتبرون أنفسهم من جنوب السودان، فقد انحازوا إلى المتمردين الجنوبيين خلال نضالهم الذي استمر عقوداً من الزمان ضد حكومة شمال السودان.
وفي زيارة حديثة لأبيي، قال السكان المحليون لصحيفة نيو هيومانيتاريان إن حالة عدم اليقين بشأن الحدود الإقليمية أعاقت قدرة المنطقة على جذب المساعدات الإنسانية الكافية، وجعلتها عرضة للهجمات والهجمات.
وفي السنوات الأخيرة، شمل ذلك غارات مميتة على الأجزاء الجنوبية من أبيي من قبل ميليشيات دينكا تويك من ولاية واراب المجاورة لجنوب السودان. ويتهم سياسيو تويك بتأجيج الصراع من خلال الادعاء بأن أجزاء من أبيي تنتمي إلى أراضيهم.
كما كانت هناك اشتباكات طويلة الأمد بين رعاة قبيلة دينكا نقوك ومسيرية، الذين يهاجرون موسميًا عبر أبيي وكانوا تاريخيًا بمثابة وكلاء للحكومة السودانية؛ على الرغم من انخفاض التوترات في السنوات الأخيرة.
قال نيانكوك نجور، وهو مدرس وسياسي محلي: “لم يتم حل وضع أبيي، وهذا يعني أننا لا نملك ضمانًا للسيادة. عادة ما ندخل في صراعات مع المجتمعات المجاورة بسبب ذلك”.
“استغل الساسة الشباب”كان التأثير الإنساني لهذه الصراعات واضحًا عندما سافرت نيو هيومانيتيريان إلى أبيي قبل بضعة أسابيع على متن طائرة استأجرتها إدارة أبيي من جوبا، عاصمة جنوب السودان.
عند القيادة من الأجزاء الجنوبية من أبيي، حيث يقع أحد مهابط الطائرات الرئيسية في المنطقة، كانت المنازل المحترقة والقرى والحقول المهجورة تشير إلى المناطق التي شنت فيها ميليشيات دينكا تويك هجمات.
تعود جذور الصراع إلى مزاعم دينكا تويك في عام 2017 بأن أجزاء من جنوب أبيي – ولا سيما بلدة أغوك ومنطقة سوق أنيت الصاخبة – تقع داخل مقاطعة تويك.
يشعر الكثيرون أن هذه المطالبات الإقليمية تخفي رغبة نخب دينكا تويك في السيطرة على منطقة يُنظر إليها على أنها مركز اقتصادي محلي وقاعدة ضريبية. ونظرًا لوضعها غير المؤكد، تُعتبر أبيي هدفًا سهلاً لمنطقة مجاورة مهمشة أيضًا.
بدأت غارات ميليشيات دينكا تويك والانتقام من مجموعات دينكا نقوك في عام 2022، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من دينكا نقوك من جنوب أبيي. تم نشر جنود من جنوب السودان لإنشاء منطقة عازلة، لكن السكان يقولون إن التوترات لا تزال مستمرة.
مع وجود عدد قليل من مجموعات المساعدة الدولية المتاحة للمساعدة، اعتمدت الاستجابة الإنسانية إلى حد كبير على الأسر المضيفة التي كانت تتقاسم مواردها الشحيحة وإقامتها المحدودة لعدة سنوات.
قال ميجاك ماكول باشول، وهو مقيم يبلغ من العمر 29 عامًا في بلدة أبيي – حيث لجأ معظم النازحين – إن عائلته تستضيف 23 قريبًا فروا من الهجمات على أنيت.
وقال باتشول “إن الطعام ليس كافياً. كما أنه من الصعب الحصول على العلاج عندما يمرض الناس، والحياة صعبة للغاية”. “في أنيت، كان أقاربي يزرعون، لكنهم الآن يعتمدون علينا في معيشتهم”.
وقال دينج، الصحفي النازح، إن أنيت كانت سوقاً رئيسياً في أبيي ورمزاً للوحدة بسبب مجتمعها المتنوع من التجار. وقال إن تدميرها من قبل ميليشيات دينكا تويك كان له تأثير كبير على اقتصاد المنطقة الأوسع.
وقال دينج “كانت السوق كبيرة جداً، وكانت توفر فرص العمل للشباب وكانت مصدر دخل للجميع – وليس فقط الحكومة”.
وقال سكان أبيي والباحثون لصحيفة نيو هيومانيتاريان إن الصراع كان مؤلماً بشكل خاص بسبب العلاقات التاريخية القوية بين دينكا نقوك ودينكا تويك.
وقال الباحث لوكا بيونج من جنوب السودان، وهو من منطقة أبيي، إن أنظمة معيشتهم مترابطة، والزواج المختلط شائع للغاية، وأن سكان أبيي لجأوا في كثير من الأحيان إلى قبيلة دينكا تويك أثناء النضال من أجل الاستقلال.
ومع ذلك، قال بيونج إن مقاطعة تويك لم تكن ناجحة اقتصاديًا في الآونة الأخيرة مثل أبيي، التي تتمتع بأراضي خصبة بالإضافة إلى النفط. وقال إن النخب السياسية في تويك سعت إلى معالجة هذا “التفاوت” من خلال حشد الشباب المضطهدين. وقال بيونج: “استخدم السياسيون الشباب للانخراط في أنشطة إجرامية وتسببوا في الخلاف بين نقوك وتويك”. وأضاف: “ما حدث هو بالضبط ما يحدث في جميع أنحاء جنوب السودان”، في إشارة إلى الطريقة التي غالبًا ما تثير بها النخب السياسية والعسكرية ما يسمى بالصراعات الطائفية هناك.
تأثير حرب السودانفي حين تدهورت التفاعلات بين دينكا نقوك ودينكا تويك في السنوات الأخيرة، قال سكان أبيي إن العلاقات مع مجتمعات المسيرية، الذين يهاجرون عبر الأجزاء الشمالية من أراضي أبيي، قد تحسنت.
تم تجنيد المسيرية سابقًا في ميليشيات حكومية من قبل الخرطوم، واستخدموا لإخراج سكان دينكا نقوك من مناطق النفط التي لا تزال السلطات السودانية تسيطر عليها.
لطالما كان دينكا نقوك، الذين يعتبرون أنفسهم المقيمين الدائمين الوحيدين في أبيي، قلقين من أنه إذا شاركت المسيرية في الاستفتاء، فإنهم سيسجلون المسيرية غير المهاجرين للتأثير على نتيجة التصويت.
على الرغم من أن هذه التوترات لا تزال دون حل، قال العديد من سكان أبيي إن الحرب المستمرة في السودان بين جيش البلاد وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، والتي بدأت في أبريل 2023، خلقت فرصة لمزيد من المشاركة الإيجابية بين الطوائف.
“عندما يسعل أهل الخرطوم، أو عندما يعطس أهلها، فإننا ندفع الثمن في أبيي هنا”.
ومع انقطاع طرق الإمداد من شمال السودان، أصبح المسيرية، الذين كانوا يعتمدون ذات يوم على السلع من الشمال، يعتمدون الآن على الغذاء القادم من جوبا في الجنوب والذي يمر عبر أبيي ـ وهو الاعتماد الجديد الذي عزز التعايش السلمي.
وقال بيونج، الباحث: “هناك شبه بالسلام النسبي. فقد بدأ الناس يتحلون بالواقعية، ثم بدأوا يتحدثون كمجتمع، دون شرط أن تكون هذه أرض شعب أبيي أو المسيرية”.
ومع ذلك، كان للحرب في السودان تأثير سلبي على أبيي بطرق أخرى. فقد أدى وصول النازحين إلى إجهاد البنية الأساسية المحلية، كما أدى اعتماد أبيي المتزايد على السلع من جوبا البعيدة إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق.
وقد ظهرت في الأسواق المحلية سلع رخيصة نهبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، تتراوح من الإلكترونيات إلى السيارات. وقال بعض السكان إن ماشيتهم تعرضت أيضًا لغارات من قبل الميليشيات التي تقاتل في حرب السودان، على الرغم من أنهم لم يحددوا المجموعات التي قامت بذلك.
وقال تشول دينج ألاك، كبير الإداريين السابقين لأبيي: “كل ما حدث هناك يؤثر علينا. عندما يسعل الخرطوم، أو عندما يعطس، فإننا ندفع الثمن في أبيي هنا”.
وقال أيواك روكديت دينج، من منظمة العمل المجتمعي لأبيي من أجل التنمية، وهي منظمة غير حكومية محلية، لصحيفة نيو هيومانيتاريان إن منظمته تتلقى طلبات وشكاوى كل يوم من النازحين القادمين من السودان في حاجة ماسة إلى الغذاء والمأوى.
وقال دينج: “في كل مرة تجد فيها أشخاصًا يأتون يطلبون المساعدة، ماذا نفعل؟ نأخذ البيانات وعليهم الانتظار لأننا لا نملك الموارد”.
حل وضع أبييوعزا تشول تشانجات تشول، وزير بناء السلام في أبيي، الافتقار إلى الدعم الإنساني إلى الوضع المتنازع عليه في المنطقة والتحديات السياسية التي تواجهها منظمات الإغاثة في العمل هناك. وقال تشول: “المنظمات مترددة. فهي لا تفهم ما إذا كان هذا جزءًا من السودان أو جزءًا من جنوب السودان، ولهذا السبب لا يدفع المانحون أحيانًا الأموال لمساعدة الناس”.
وقال تشول إن التأخير المطول في حل وضع أبيي يجعل المنطقة عرضة للنزاعات والصراعات الحدودية، خاصة وأن أراضيها خصبة للغاية ولديها موارد مثل النفط.
وقال تشول: “نحن مثل سلة الغذاء هنا لكل مجتمع يحيط بنا، لكن المشكلة هي أننا لا نتمتع بالحماية. يريد بعض الجيران ما لدينا في هذه الأرض”.
وقد ردد بيونج، الباحث، مخاوف تشول، مجادلاً بأن التأخير لا يؤدي فقط إلى تأجيج الصراعات الحدودية، مثل تلك التي اندلعت مع قبيلة دينكا تويك، بل إنه يعوق أيضاً التنمية الأوسع في المنطقة.
وقال: “عندما تكون في حالة من عدم اليقين، فليس من الصحي أن تخطط، وليس من الصحي حتى للتنمية طويلة الأجل، ونعم، ليس من الصحي حتى للأنشطة الإنسانية”.
ومع ذلك، أكد بيونج أن أبيي وجيرانها لا ينبغي لهم أن يعتمدوا على السودان وجنوب السودان لحل النزاعات المحلية. وقال إن مسؤولية تعزيز السلام يجب أن تقع بدلاً من ذلك على عاتق المجتمعات نفسها.
وقال: “لا يتعلق الأمر بما إذا كانت حكومة جنوب السودان ستساعد، أو حكومة السودان ستساعد. بل يتعلق الأمر [بهم] أنفسهم بخلق بيئة ملائمة لبقائهم وتعايشهم مع المجتمعات المجاورة”.
thenewhumanitarian
أوكيش فرانسيس
صحفي مستقل يغطي جنوب السودان
حرره فيليب كلاينفيلد.
الوسومأبيي الاستفتاء الخرطوم السودان المسيرية جنوب السودان جوبا حرب السودان دينكا قوات الدعم السريع