سودانايل:
2024-07-07@01:46:40 GMT

السودان: خيارات وبدائل التدخل الدولي

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

بعد ظهوره الدراماتيكي في جولته الأفريقية صرح قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) بألا حل لأزمة الحرب في السودان إلا عبر تدخل دولي. يأتي هذا التصريح بعد غياب عن المشهد السوداني امتد لشهور حملت كل السيناريوهات والتفسيرات في السبب من اختفائه وهو قائد أحد طرفي الصراع في الأزمة الحرب السودانية.

ومع كل ما رأي فيه المراقبون من أن ظهوره قد يحدث اختراقاً في حل الأزمة القائمة بما توصل اليه مع الكيانات المدنية والدعم السريع من تفاهمات نتج عنها اعلان اديس ابابا هذا الشهر الموقع بين تنسيقية المدنية لوقف الحرب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) يتزعمها رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله حمدوك وقوات الدعم السريع. وإذا كان طرح التدخل الدولي كخيار أخير يأتي بعد أن فشلت كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية في التوصل إلى حل ينهي المأساة الإنسانية التي طال أمدها حرباً وموتاً وتجهيراً ونزوحاً للمواطنين السودانيين. ولكن ما الذي يدعو الى التدخل الدولي بعد مضي تسع أشهر من الاقتتال المتواصل، وهل المقصود بالتدخل الدولي يأتي في سياق تفويض مجلس الأمن الدولي أم على المستوى الإقليمي على مستوى الاتحاد الأفريقي، أم تدخل مباشر تضطلع به جهة ما، وهل يؤدي إلى حل للأزمة أم يزيدها تقعيدا.
من المؤكد أن الأطراف المتقاتلة بكافة فصائلها وميلشياتها المدنية والقبلية المسلحة لا تمتلك تصوراً لطبيعة هذا التدخل كما لا تدرك حجم الكارثة التي تسببت فيها ومدى مسؤولية الجنائية والقانونية والأخلاقية والتاريخية التي يتحملها الأطراف وإن لم تكن في صراعها المحموم على السلطة أو ما ترفع من شعارات تقدر حساباتها التي لا يسندها منطق بمقاييس السياسة أو القانون. ومع ذلك تصر على حسم الصراع عسكرياً مهما أدى ذلك من أهوال لم يعد السودانيون قادرين على احتمالها، مما يجعل من التدخل الدولي المباشر لإنهاء الحرب أمراً عاجلاً يحتمل كل ذرائع التدخل.
التدخل الدولي مقروءً مع سلسلة من التدابير بمفاهيم الأمم المتحدة والقانون الدولي لا يعني تنفيذه حصراً على اطاره النظري القانوني كما في ديباجات ونصوص المواثيق الأممية. فالنظام الدولي لا يعني التوازن الدولي على أساس من العدالة إن لم تكن مصالح الدول التي تهمين على المفاتيح القرار. ومن ثم أن حرب السودان النازفة قامت على أسس من التداخلات الايدولوجية الحزبية بين دول المنطقة وجيوسياسية لإقليمية بما يشكله السودان حربا وسلما على محيطه الأفريقي، وكانت الحرب قد نتجت عن حروب مشتعلة على أساس الإثني تغذيها توجهات الدولة وصلت فيها الجرائم المرتكبة الى الإبادة الجماعية كحرب دارفور وأصبح معها رئيس النظام السابق مطلوباً لدى محكمة الجنايات الدولية نظام روما. هذا التواجد الكثيف والمواجهة الحادة مع المؤسسات الدولية أصبح السودان مكشوفاً لتطبيق بنود الفصل السابع خشية أن تتحول بنطاقها الإقليمي إلى حرب ما بين دول الإقليم Interstates War.
إن التعقيدات التي ينطوي عليها استصدار قرار بالتدخل الدولي من جانب مجلس الأمن بكل ما تمثله الأزمة السودانية من تطابق ما بين مطلوبات التدخل الدولي والحالة التي تستدعي تفعيل كل ما ورد في المواثيق الأممية حتى تلك المنظمة للحروب. ولأن التدخل الحالات التي تستدعي التدخلي بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة وتعارضه بين سيادة الدول والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في المنظمة الدولية، تكون الأزمة السودانية بانقساماتها الهيكلية تحدي آخر للتعامل مع معه. فالنظام القائم كما يوصف بشرعية الأمر الواقع ولم يزل تمثيله الدبلوماسي بينما يفقد على ارض الواقع سيطرته لصالح قوات الدعم السريع الذي يجد بدوره دعماً إقليميا لا يخفى يقترب هو الآخر من تشكيل واقعاً حكومياً بقوة الأمر الواقع خاصة في المواقع التي يسيطر عليها على امتداد البلاد. وهذا الواقع الهجين بما يشبه دولة يتقاسمها نظامان. ولم يكن التواجد الأممي بالأمر الجديد على الأراضي السودانية إذا كان عسكريا (قوات يوناميد في دارفور) وسياسياً (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي، يونامتس) تعمل وفق تفويض مجلس الأمن الدولي وتم إلغاءها مؤخراً.
هل سيكون الخيار الأخير الذي سيلجأ إليه أطراف الصراع بعد أن استنفدت حلول الداخل وبالتالي... على ما يبدو فإن ما تعول عليه أطراف الصراع يقوم على تصور قاصر لمفهوم التدخل الدولي في حال أصبح البلد مهدداً للسلم والأمن الدوليين من أن هذه القوات المنوط بها التدخل ستكون قوات حفظ السلام Peace Keeping Forces وليست قوات مفوضة باستخدام القوة بصالح طرف ما إلا في حالة الدفاع عن النفس بحسب تفويضها. ومن خلال تجارب البلدان التي منيت بالصراعات التي تطلبت تدخلاً أممياً في كل قارات العالم منذ الحرب العالمية الثانية إلى البوسنة ورواندا ودارفور وغيرها من مناطق. وهذا التأثير المحدود لوجودها على الأرض لن يكون خارج تقدير الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. ويبقى أن للهيئات الدولية لها دور يستحيل تجاوزه في الأزمة السودانية والمنطق في ذلك أن السودان لم يزل دولة عضوا بالمنظمة الأممية وما يحدث فيه ينسحب على غيره من الدول.
والواقع أن الأزمة السودانية قد استفحلت بما يسمح لكل احتمالات التدخل واهمها الإنسانية من فرض حل خارجي على مستوى أممي بما مثلته فظائعها من ارتكاب لانتهاك واسعة ازدادت بشاعتها كلما طال أمد الحرب وامتدت رقعتها. ولكن يأتي تصريح قائد قوات الدعم السريع الجنرال حميدتي بالإشارة إلى التدخل وما يعنيه هذا التدخل في السياق الإقليمي والتدخلي سيحول من طبيعة الصراع التي باتت تتجه بقوة نحو حرب أهلية تجر معها تداخلات الحدود الإثنية والجيوسياسية على نطاق واسع. وفي هذه الحالة ستزداد التكلفة على الجانبين الجهة التي ترعى التدخل من جهد أمني وغوثي.
لقد كانت الدعوات منذ انفجار الحرب للتدخل الدولي مطروحة على أكثر من صعيد وإن لم يكن لها صوتاً مسموعاً في أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بحفظ الأمن، وذلك لتعقيدات ليس أقلها صرف الانتباه إلى بؤر صراع عالية الوتيرة تنذر بمواجهة نووية كالصراع بين روسيا وأوكرانيا أو حرب غزة في الصراع العربي الإسرائيلي. وأهمها طبيعية الحال موقع السودان وما يمثله ومدى تأثيره على الموازين السياسية والاقتصادية مما جعل من صراعه الداخلي متروكا لقوى إقليمية مشكوك في فاعلية آلياتها للتدخل في الشأن السوداني كمنظمة الإيغاد بأكثر من التصريحات. وبهذا يكون التدخل الدولي بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى لبلوغ الأزمة السودانية مستوى تجاوز كل ما يستدعي التدخل من انهيار. والتدخل المطلوب ليس على سياق اجندة طرفي الصراع ولكن على أن يقوم على أسس إنسانية تلبي حاجة الضحايا والمتضررين من ويلات الحرب، وهو ما يعني تدخلاً إنسانيا (التدخل الدولي الإنساني) وهو من بين آليات يجيزها التدخل الأممي.

###
nassyid@gmail.com
///////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الأزمة السودانیة الأمم المتحدة التدخل الدولی الأمن الدولی مجلس الأمن من الدول

إقرأ أيضاً:

سفير الخرطوم السابق بأمريكا: نحي الشقيقة مصر لجهودها في توحيد كلمة القوى السياسية وحل الأزمة في السودان

حيا سفير السودان السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، نور الدين ساتي، مصر حكومة وشعباً على استضافة مؤتمر «معاً لوقف الحرب في السودان» من أجل توحيد كلمة القوى السياسية السودانية والدفع نحو حل سياسي ينهي الأزمة.

وأضاف ساتي على هامش مؤتمر «معًا لوقف الحرب في السودان» الذي انطلقت أعماله السبت في القاهرة بمشاركة وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبّد العاطي، أن هذا اللقاء الذي ضم جمع مختلف القوى السياسية المدنية السودانية والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين جاء في الوقت المناسب بهدف البحث عن حلول لوقف الحرب وإنقاذ البلاد.

وأوضح أن الحرب في السودان استمرت أكثر مما ينبغي وأزهقت أرواح الآلاف من أبناء شعب السودان وينبغي العمل فوراً و بشكل جماعي من أجل توحيد الصف وإخراج البلاد من أزمتها.

وتابع، أن «مؤتمر القاهرة» نجح في ضم أطراف مختلفة من المجتمع السوداني ويسعى إلى البحث عن حلول تساعد السودانيين على المضي قدماً إلى الأمام وإيجاد رؤية واقعية لحل الأزمة السودانية.

وأثنى على دور القاهرة في حل الأزمة السودانية، قائلا: و ذلك ليس بجديد على الشقيقة مصر التي تسعى دائماً إلى لم شمل أبناء السودان، بل و تتحرك دائماً من منطلق مسئوليتها و علاقات الإخوة و الروابط العميقة والتاريخية التي تربط بين الشعبين.

وأكد أهمية أن يكون لدى السودانين نظرة ورؤية استراتيجية لمستقبل العلاقات السودانية المصرية في ضوء مكانة القاهرة الكبيرة بالمنطقة والقارة و من أجل العمل على استتاب الأمور في الإقليم بل وفي العالم، من خلال تلك الرؤية المشتركة.

وأعرب عن أمله في أن يمثل «مؤتمر القاهرة» خطوة أولى في تلك المرحلة وأن يشجع ويدفع إلى عمل جماعي من أجل إيجاد حلول لكل مشاكل السودان، منبهاً إلى أنه منذ أسابيع لم نكن نتوقع ونتخيل أن تجتمع كل تلك القوة السودانية معاً في مكان واحد وسط كل تلك التحديات و الصعوبات والطبيعية، إلا أن ذلك تحقق بالقاهرة.

اقرأ أيضاًسفير الاتحاد الأوروبي بالسودان: نقدر الأدوار الفاعلة لمصر من أجل إنهاء الأزمة

وكيل تعليم الجيزة وسفير السودان يتفقدان لجان امتحان الشهادة المتوسطة السودانية

مسؤولة بالاتحاد الإفريقي تطالب بضرورة وقف الاقتتال بشكل فوري في السودان

مقالات مشابهة

  • حزب "المصريين": الرئيس السيسي يبذل جهودا كبيرة لإنهاء الصراع فى السودان
  • «الاتحاد الأوروبي» يثمن الجهود المصرية لحل الأزمة السودانية
  • إشادات دولية بدور مصر لحل الأزمة السودانية: سخرت كل إمكانياتها لإنهاء الحرب
  • سفير الخرطوم السابق بأمريكا: نحي الشقيقة مصر لجهودها في توحيد كلمة القوى السياسية وحل الأزمة في السودان
  • عبد الله حمدوك: نعول على مصر كثيرًا في المساعدة لحل الأزمة بالسودان
  • سفير الاتحاد الأوروبي بالسودان: نقدر الأدوار الفاعلة لمصر من أجل إنهاء الأزمة
  • المبعوث الأممي للسودان: نعول على جهود القوى المدنية لإنهاء الأزمة الحالية
  • حرص المؤتمرين ودوافع المصريين
  • بدء جلسات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة
  • المحاور والعوائق في التفاوض السوداني