إلي جنات الخلد استاذنا الفاضل (البروفيسور حمدالنيل الفاضل)

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي
إلي جنات الخلد استاذنا الفاضل (البروفيسور حمدالنيل الفاضل) والعزاء لأستاذنا الطيب السلاوي الذي نعاه للحنتوبيين بكلمات مؤثرة تتجلي فيها قمة الفقد للراحل العالم في مجاله المتواضع الرزين العاشق للغة الإنجليزية التي حببها للكثيرين .
وهكذا وصلتنا حروف أستاذنا الكريم الطيب السلاوي ناعية بقلب واجف وعين دامعة أستاذنا الفاضل ( حمد النيل الفاضل ) الذي رحل عن دنيانا الفانية قبل أيام في قاهرة المعز.

هز الخبر الفاجع بالتأكيد كل الحنتوبيين في مشارق الأرض ومغاربها لأنهم طلابه الأوفياء وقد كان لهم نعم المربي الذي تجسدت فيه مهنة الانبياء وعرفوه بهذه البسطة في الجسم والعلم والرزانة والأناقة في المخاطبة وتوصيل المراد من الكلم المتحدر من فيه سلسلا عذبا فراتا يضاهي بقدراته عتاة الناطقين بها إبان امبراطوريتهم التي لا تغيب عنها الشمس يوم كان لهم كتاب يسدون عين الشمس وشعراء ليس لهم حصر يقود اللواء فيهم شكسبير وغيرهم كثير وروايات وسحر ومعاني وشارلز ديكنز هذا الفتي الذي ترعرع في البؤس والحرمان واليوم مازالت ريع كتبه تدر الملايين ويقوم علي إدارة مؤسسته في الطباعة والترجمة جهابذة من ذوي الخبرة والدراية والحنكة في التعامل مع فنون النشر وقد ربطوا قراء العالم بذلك الماضي الساطع والمكتبات مثل الازهار في كل مكان وتتزين بها بيوت الفقراء والمساكين والاغنياء علي حد سواء فالتنقيب عن كتاب جيد في الزمان البعيد لم يكن ترفا بل كان من الضروريات وقد ملك حب القراءة شغاف القلوب واقطار النفس .
علي المستوي الشخصي كنت من الطلاب الذين قبلوا بحنتوب الجميلة دفعة ١٩٦٤ وفي فصل أولي ( نيوتن ) ومع اول حصة لنا إنجليزية أطل علينا معلم بابتسامة حانية وسمت مهاب وكلمات رائعه معبرة وتدفق في السرد كماء النيل يجعل الطلاب في تحفز لالتقاط كل شاردة وواردة من وادي السحر هذا الذي يخلب الألباب ويسبي العقول .
خاطبنا منذ ضربة البداية بصوته الرصين الواضح وطلب أن نأتي له بمثال لحدث يعبر عن التكرار والتعود والروتين ، وكنت اجلس في الصف الأمامي واجبته علي الفور :
( I often stand on my head ).
بالمناسبة الدرس بكامله يكون بالانجليزي ولاسبيل البتة لإدخال كلمات عربية لزوم التوضيح إذا تعثر على الطلاب الفهم وذلك ببساطة لأن الطالب منذ المرحلة الوسطي يجد المعلم المدرب حسن التدريب وفي العالي يجد معلمين في مستوي الراحل حمدالنيل الفاضل الذي نال من الصقل والتدريب في لندن لمرات كثر إضافة لما عنده من مثابرة وصفات طيبة لمسها الجميع فهو من ارومة كريمة ومن منبت كرم واريحية ليس فيها تكلف بل هي طبع وسجية فيه.
عندما أجبته عن سؤاله بخصوص الحدث المتكرر استحسن الرد وقال لي ما اسمك ؟!
قلت ( حمدالنيل ) .
قال علي الفور ( لازم يكون اسمك حمدالنيل ) !!..
وفهمت بعد الدرس أن أستاذنا اسمه حمدالنيل وهو فخور باسمه وواثق من نفسه وعلي سبيل الدعابة الإيجابية المشجعة للطلاب وحثهم علي التحصيل العلمي قال جملته الذهبية تلك وقد انتفعت بها في مقبل السنين بعد ان التحقت بسلك التعليم في المرحلة الوسطي ومن وقتها لم اضيع فرصة لتشجيع الطلاب وهذا ماتعلمناه من معلم الأجيال الراحل حمدالنيل الفاضل نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان والعزاء لكافة طلابه في طول البلاد وعرضها والعزاء لأستاذنا الطيب السلاوي ولكل أساتذة حنتوب في الزمن الجميل ولكل أساتذة بلادنا الحبيبة ، وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ) .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
خريج حنتوب دفعة ١٩٦٨ .

ghamedalneil@gmail.com
//////////////////////  

المصدر: سودانايل