افتحوا البلاد… فسكين الإغلاق وصل العظم
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
قبل أكثر من ثلاث سنوات ضربت العالم وعلى نحو مفاجئ جائحة (كوفيد 19)، سارعت خلالها الكويت إلى اصدار سلسلة قرارات، شملت حظر التجوال الكلي والجزئي واغلاق المتاجر والمحال ووقف أغلب الأنشطة في البلاد، ما أصاب عدد كبير من القطاعات الاقتصادية بالشلل والجمود.
وعلى الرغم من أن هذه القرارات كانت مفهومة ومبررة في حينها على سبيل الوقاية من الجائحة وكجزء من تدابير عالمية اتخذ مثلها في عدد كبير من الدول، إلا أن هناك شعورا تعاظم بمرور الوقت بأن “هناك قدرا كبيرا من المبالغة والافراط في قرارات الاغلاق” التي اتخذت بسرعة وعلى عجل واستمر العمل بها لأوقات اطول من اللازم ولم يراع تأثيرها على القطاعات الاقتصادية وهو الامر الذي تسبب لاحقا بخسائر لا تحصى!
هذه المعالجة للأزمة ـ بحسب الخبراء الاقتصاديين ـ مجرد نموذج ومثال لطريقة تعاطي الحكومة مع الملف الاقتصادي اجمالا ومع هدف جذب الاستثمارات الأجنبية على وجه الخصوص، الذي يأتي دائما في آخر الاهتمامات والأولويات.
فعلى الرغم من صدور ترسانة من القوانين الرامية الى تشجيع وجذب الاستثمار الأجنبي بينها القانون رقم 72 لسنة 2020 بشأن قانون حماية المنافسة، والقانون رقم 71 لسنة 2020 بشأن قانون الإفلاس الجديد، والقانون رقم 12 لسنة 2020 في شأن حق الاطلاع على المعلومات، والقانون رقم 79 لسنة 2019 بشأن تعديل قانون رقم (1) لسنة 2016، وغيرها الكثير، الا أن نصيب الكويت من تدفقات الاستثمار الأجنبي لا تزال شديدة التواضع وأقل من أن تذكر، وهو الامر الذي ارجعه البعض باختصار إلى ما وصفوها بـ”عقلية الاغلاق”.
ففي حين لا تزال الكويت تحت تأثير قرارات تعليق اصدار تأشيرات الزيارات والالتحاق بعائل، أعلن مركز الإقامة المميزة في السعودية أول من امس عن إطلاق 5 فئات جديدة تحت مظلة الإقامة المميزة وهي: إقامة كفاءة استثنائية، وإقامة الموهبة، وإقامة مستثمر أعمال، وإقامة رائد أعمال، وإقامة مالك عقار، في خطوة تعزز مكانة السعودية كمركز عالمي يجذب أفضل العقول والاستثمارات وتمكن الاقتصاد الوطني من خلال خلق الوظائف ونقل المعرفة.
ويرى الخبراء ان الكويت على الرغم من امتلاكها الإمكانات والمقومات التي تساعدها في تحقيق رؤيتها المستقبلية بأن تكون مركزاً مالياً وتجارياً إقليمياً وعالمياً جاذباً للاستثمار، وتعدد الفرص الاستثمارية التي من الممكن طرحها امام المستثمر الأجنبي مثل مدينة الحرير وميناء مبارك والمدن الإسكانية، وكذلك تطوير جزيرة فيلكا، الا أن المعوقات البيروقراطية لا تزال تمثل سدا منيعا يحول دون جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وعلى الرغم من تسابق دول الخليج على جذب قطاعات استثمارية جديدة وتسهيل الاقامات والزيارات وتبسيط اجراءت فتح أنشطة اقتصادية الا ان الكويت لا تزال متأخرة في هذا الملف في ظل استمرار اغلاق البلاد امام الزيارات والاقامات الجديدة حتى يتم الانتهاء من قانون الاقامة الجديد الذى تتم مناقشته حاليا، وهو الامر الذي يضيع على البلاد العديد من الفرص في تنمية وتعظيم وتنوع موارد الدخل، وخلق رافد جديد يتوازى مع رافد الدخل النفطي.
وتترقب الاوساط الاقتصادية قانون إقامة الأجانب الجديد الذي يستحدث فئتين جديدتين وهما: ملاك العقارات والمستثمرين، ومنحهما الإقامة العادية مدداً تتراوح ما بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة قابلة للتجديد بعد التعديل المقدم من الوزارة، وذلك بهدف جذب الاستثمارات إلى البلاد وتعزيز ودعم التنوع الاقتصادي.
وكشف خبراء لـ”السياسة” ان الكويت اصبحت اقل الدول الخليجية جذباً للاستثمار الاجنبي المباشر الذي بلغ العام الماضي نحو 195.37 مليون دينار (633.29 مليون دولار)، في حين أن السعودية استطاعت ان تجذب استثمارات مباشرة بقيمة 33 مليار دولار خلال 2022، جعلها في المرتبة الـ 10 بين اقتصادات مجموعة العشرين في العام 2022، واستطاعت الامارات ان تجذب نحو 23 مليار دولار في 2022 بزيادة تبلغ 10 بالمئة مقارنة بالعام 2021، وهو ماجعلها في المرتبة الـ16 في التصنيف العالمي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وبلغت التدفقات الاستثمارية الأجنبية في عمان نحو 4.8 مليار دولار في 2022، كما نمت تدفقات الاستثمارات المباشرة في البحرين بواقع 1.95 مليار دولار في 2022، محققة رقما قياسيا جديداً.
ويرى الخبراء أن من أهم المعوقات عدم وجود ستراتيجية متكاملة للدولة لجذب الاستثمارات، وعدم وضوح التوجه العام للدولة بمعنى هل ترغب الدولة بأن تكون دولة صناعية أو تجارية، بالاضافة إلى سيناريوهات الشد والجذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واستمرار حال عدم الاستقرار السياسي.
وأوضحوا أن الكويت لديها مميزات استثمارية تتفوق بها على دول المنطقة مثل عدم وجود ضرائب دخل أو ضريبة قيمة مضافة أو زكاة، كما تتميز بانخفاض أسعار الكهرباء.
وأوضحوا أن أغلب الدول الإقليمية وضعت خططا ستراتيجية متكاملة لجذب الاستثمارات عبر وضع بنية تشريعية جاذبة وضمانات حقيقية للمستثمرين تجعلهم يطمئنون على مستقبل استثمارتهم، لافتاً إلى أن المستثمر في الكويت لا يأمن من أن يتم اصدار قانون غدا قد يؤثر سلباً على استثماراته.
ولفتوا إلى كيفية جذب المستثمر وهناك توجه للدولة يعيق الاستثمارات داخل البلد، مشيراً إلى أن توجه الحكومة بإعادة هيكلة التركيبة السكانية أثر بشكل مباشر على البيئة الاستثمارية لاسيما أن المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي لا يستطيع جلب عمالة مدربة للمشروع الذي يريد إقامته داخل الكويت، وذلك لأن القوانين الحالية تمنع ذلك.
وكشفوا عن ان بيئة الاستثمار في الكويت ليست جاذبة للمستثمر المحلي، فكيف سيتم استقطاب الاستثمارات الأجنبية في بيئة تعد طاردة لأي استثمار؟
وأضاف أن المستثمر في الكويت يعاني الكثير من المعوقات والمشكلات التي تجعله يعيد التفكير مرارا وتكراراً قبل الدخول في استثمار جديد، مشيراً إلى أن من أهم هذه المشكلات طول الدورة المستندية وشح الأراضي الصناعية أو الحرفية وكذلك قد تكون هناك قيود على عدد العمالة المطلوبة، مشيرين إلى حجم الفساد التي يواجه المستثمر لكي يستكمل اجراءاته المستندية.
محمود شندي – السياسة الكويتية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: جذب الاستثمارات على الرغم من ملیار دولار قانون رقم لا تزال
إقرأ أيضاً:
الشيوخ الأميركي يوافق على مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي
أقر مجلس الشيوخ الأميركي أمس الجمعة ميزانية مؤقتة تجنب الإدارة الفدرالية الشلل أو ما يعرف بالإغلاق الحكومي.
وحظي النص الذي يموّل الحكومة الفدرالية الأميركية حتى نهاية السنة المالية الحالية في 30 سبتمبر/أيلول المقبل بتأييد الرئيس دونالد ترامب الذي يتعين عليه الآن توقيعه. لكن النص قوبل بانتقادات شديدة من المعارضة الديمقراطية التي أدانت التخفيضات الكبيرة المقررة في بعض مجالات الإنفاق العام بقيمة أكثر من 7 مليارات دولار.
وكانت الإدارات الفدرالية الأميركية تواجه الجمعة خطر الإغلاق بعدما هدد الديمقراطيون، المستاؤون من اقتطاعات الإنفاق التي أقرها ترامب، بعرقلة خططه للتمويل الفدرالي.
وتراجع الديمقراطيون عن موقفهم في أزمة نابعة من غضبهم بسبب حملة الرئيس ترامب لتقليص عدد الموظفين في الحكومة الاتحادية.
وبعد أيام من النقاش المحتدم، أنهى زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر الأزمة مساء يوم الخميس، قائلا إنه سيصوت للسماح بتمرير مشروع القانون.
وأضاف أنه لا يميل لمشروع القانون، لكنه يعتقد أن بدء إغلاق حكومي سيكون أسوأ، نظرا لأن ترامب ومستشاره إيلون ماسك يتحركان على نحو سريع لخفض الإنفاق.
وخلال هذه الفترة، يُمكن تسريح ما يصل إلى 900 ألف موظف فدرالي مؤقتا، بينما يعمل مليون آخرون يُعتبرون من العمال الأساسيين، من مراقبي الحركة الجوية إلى الشرطة، بلا أجور.
إعلانومرر مجلس النواب، الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية، مشروع القانون في الأسبوع الماضي، مما يعني أن الإنفاق سيبلغ نحو 6.75 تريليونات دولار خلال السنة المالية التي تنتهي سبتمبر/أيلول المقبل.
وتأتي هذه التحركات، بينما تخوض الولايات المتحدة حربا تجارية مع بعض أقرب حلفائها، مما أدى لموجة بيع كبيرة للأسهم وأثار مخاوف من حدوث ركود.
وتمويل الإدارات الفدرالية موضوع نزاع متكرر في الولايات المتحدة، وتدور بشأنه خلافات حتى داخل المعسكر الجمهوري بين المحافظين المعتدلين وأنصار ترامب الداعين إلى تقليص كبير في الإنفاق الفدرالي.
وشهدت الولايات المتحدة 4 عمليات إغلاق تأثرت فيها الخدمات لأكثر من يوم عمل، كان آخرها خلال ولاية ترامب الأولى.