في إحدى الروايات المصرية للحكاية الشعبية "ماري جرجس اللي قتل الوحش"، يحكي أحد الرواة المصريين المسلمين، قائلا: إنه ذات مرة هناك كانت مملكة يحكمها أحد الملوك، وكان هناك نهر يمر وسط هذه المملكة. كان هذا النهر هو شريان الحياة للمملكة كلها، ولا يوجد مصدر مياه آخر للمملكة سواه. ثم جاء ثعبان ضخم (وحش) وقام بسد هذا النهر، فمنع المياه عن المملكة.
إن هذه الحكاية التي يحكيها راوٍ مصري مسلم لجمهور- معظمه إن لم يكن كله- من المسلمين، لم يجد غضاضة أو حساسية دينية، في أن يمجد من كرامات قديس بطل مسيحي. فهذه واحدة من كرامات كثيرة تُنسب إلى القديس ماري جرجس، على نحو ما ينسب غيرها لقديسين مسيحيين آخرين، يرويها رواة مسلمون، لأخذ العظة منها. والأمر نفسه لرواة مصريين مسيحيين يقومون برواية حكايات عن أولياء مسلمين وكراماتهم، دونما حساسية دينية؛ لأخذ العظة أيضا. إن الراوي المسلم أو المسيحي لا يهتم بمدى صدق مثل هذه الكرامات أو خياليتها، ومدى واقعيتها أو مبالغتها للواقع، وإنما ما يعنيه هو أخذ العظة والعبرة والدروس الإنسانية المستفادة. إن حكايتنا التي سردنا لها قد تحيلنا إلى موروث إنساني ممتد، منه على سبيل المثال، لا الحصر، أسطورة أوديب، ولكن روايتها في مصر تؤكد ثوابت وطنية ومجتمعية ممتدة عبر العصور، وترسخ للتعايش الإنساني بين المصريين، مترفعين على اختلافات النوع والعرق واللهجة، والدين. ولقد تماشىت كل أشكال المأثورات الشعبية المصرية مع هذا الخيط التعايشي العام للنسيج المصري. فعندما تحضر مولد السيدة العدرا في أسيوط، أو مولد ماري جرجس، تلاحظ مشاركات المصريين المسلمين وهي تفوق مشاركات الأخوة المسيحيين، وكذلك تلاحظ مشاركات المسيحيين في موالد المسلمين مثل سيدي أبو الحجاج الأقصري، أو سيدي عبد الرحيم القناوي، التي تفوق مشاركات المسلمين. وليست هذه هي فقط التي تؤكد الثوابت الوطنية والاجتماعية داخل النسيج المصري، بل إننا نلاحظ هذه الوحدة والتناغم الاجتماعي في أداء فريضة مهمة عند المسلمين والمسيحيين المصريين. فأغاني "التحنين" للحجاج المسلمين، التي يودع بها المسلمون أحباءهم وهم في طريقهم إلى مكة، هي نفسها أغاني "التقديس"، التي يودع بها المسيحيون في مصر أحباءهم من الحجاج (المقدسين) المتوجهين إلى بيت المقدس، مع اختلافات بسيطة تتعلق بأسماء الأماكن، والصفات التي تطلق على الزائرين، مثل "الحاج أو الحاجة"، عند المسلمين، و"المقدِّس والمقدٍّسة" عند المسيحيين. ومن ذلك:
فمن أغاني التقديس المسيحية:
مقدِّسة يا مقدسة.. يا أم شال قطيفة
رايحة فين يا مقدسة
رايحة أزور المسيح وأعول الضعيفة
****
مقدِّسة يا مقدسة.. يا أم شال لاموني
رايحة فين يا مقدسة
رايحة أزور المسيح وأملِّي عيوني
وهي نفسها أغاني التحنين الإسلامية مع هذا التغيير البسيط:
حاجة يا حاجة.. يا أم شال قطيفة
رايحة فين يا حاجة؟..
رايحة أزور النبي محمد، والكعبة الشريفة
****
حاجة يا حاجة.. يا أم شال لاموني
رايحة فين يا حاجة؟..
رايحة أزور النبي محمد، ووأملِّي عيوني
وانطلاقا من هذا الأساس الثابت للعلاقة الإنسانية، نجد المنشدين الشعبيين يؤكدون هذا المعنى، فنجد أحدهم يقول:
أنا باوحد اللي خلق الناس
خلق مسلمين ونصارى
شوف ياما ناس عايشة على فرش وكناز (كنوز)
وناس ع المعايش حيارى
ويقول آخر:
وحياة من خلق محمد
وخلق عيسى ابن مريم
كل هذا يؤكد القيم الإنسانية الفطرية، التي ينشأ عليها المصريون، والتي ينبغي أن تسود، دون أن يعكر صفوها أمور دخيلة، سرعان ما تختفي؛ ليبقى أساس العلاقة المتينة التي تربط المصريين ببعضهم البعض برباط وثيق إلى يوم القيامة إن شاء الله. وللحديث يقية.
* أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب، جامعة القاهرة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ماري جرجس
إقرأ أيضاً:
وأخيرا: الكشف عن فاكهة تحمل الحل النهائي لتنقية جسم المدخن من النيكوتين
صورة تعبيرية (مواقع)
المرصد تكشف المستور: في مفاجأة مدوية، كشف طبيب الأسرة الدكتور سعود الشهري عن سر فاكهة لذيذة تحمل في طياتها القدرة على مساعدة المدخنين في تطهير أجسادهم من سموم النيكوتين العنيدة.
فبينما يصارع الكثيرون للتخلص من قبضة هذه العادة القاتلة، يطل علينا "الشهري" عبر مقطع فيديو ليقدم لهم بصيص أمل طبيعي وغير متوقع.
اقرأ أيضاً هل انتهى دور حكومة عدن؟: تغييرات سعودية جذرية تزلزل تحالف الشرعية 23 أبريل، 2025 احذر: هجوم تصيّد ذكي يخدع Gmail.. ويهدد ملايين الحسابات حول العالم 23 أبريل، 2025وأوضح الدكتور "الشهري" أن فاكهة الخوخ، بتواضعها ومذاقها الحلو، تخبئ كنوزًا من الفيتامينات والمعادن التي تجعلها حليفًا قويًا في معركة المدخنين ضد آثار النيكوتين. وأشار إلى أن الخوخ يضاهي الجزر والبرتقال في غناه بفيتامين أ الضروري لصحة الجسم.
ولم تتوقف فوائد هذه الفاكهة المدهشة عند هذا الحد، حيث أكد "الشهري" أن حبة واحدة من الخوخ تمنح الجسم ما يقارب 10% من احتياجه اليومي من فيتامين أ، بالإضافة إلى جرعة منعشة من فيتامين سي تقدر بنحو 17% من الاحتياج اليومي.
وفي سياق حديثه المثير، أضاف الدكتور: "الخوخ ليس مجرد فاكهة عادية، بل هو كنز دفين! فهو غني بالنحاس ومضادات الأكسدة القوية التي تحارب الشوارد الحرة في الجسم، كما أنه مليء بالألياف المفيدة لصحة الجهاز الهضمي."
ولتعزيز مصداقية هذه المعلومة القيمة، كشف "الشهري" عن نتائج دراسة أجريت على مجموعة من المدخنين الذين واظبوا على تناول الخوخ يوميًا.
وقد أظهرت النتائج بشكل لافت قدرة هذه الفاكهة على دعم عملية إخراج النيكوتين من الجسم عبر البول، مما يفتح نافذة أمل جديدة أمام الراغبين في استعادة صحتهم والتخلص من براثن التدخين.
بهذا الاكتشاف المذهل، يضع الدكتور سعود الشهري فاكهة الخوخ على قائمة الأطعمة الخارقة التي يمكن أن تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة المدخنين، مقدمًا لهم طريقة طبيعية ولذيذة لدعم جهودهم في التخلص من هذه الآفة الصحية.