دراسة: تغطية الصحف الأمريكية لحرب غزة تُظهر تحيزا صارخًا لإسرائيل
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أظهرت دراسة تحليلية قام بها موقع "ذا انترسبت" الأمريكى حول تغطية الصحف الرئيسية الأمريكية للنزاع الإسرائيلى الفلسطينى فى قطاع غزة أن هناك تحيزًا واضحًا لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
وذكر الموقع فى تقرير نشره الأربعاء الماضي، أن الدراسة شملت تحليل التغطية الإعلامية الرئيسية لصحف بارزة مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز".
وأفادت الدراسة بأن وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة، التى تلعب دورًا هامًا فى تشكيل آراء الأمريكيين بشأن النزاع الإسرائيلى الفلسطيني، لم تولٍ اهتماما كافيا فى تغطيتها بالحصار والقصف الإسرائيلى على غزة، خاصة فيما يتعلق بالأطفال والصحفيين فى المنطقة.
وأشارت الدراسة إلى أن الصحف الأمريكية الكبرى كانت بنفس القدر من عدم الانتباه للوفيات فى صفوف الفلسطينيين كما فعلت للإسرائيليين، واستخدمت لغة عاطفية عندما تناولت عمليات القتل الإسرائيلية، بينما لم تستخدم هذه اللغة فى تقديم التقارير حول وفيات الفلسطينيين.
وأوضحت الدراسة أن الصحف الأمريكية الكبرى كانت مركزة على تغطية الأعمال المعادية للسامية فى الولايات المتحدة، فيما أهملت تقريباً تغطية العنصرية المعادية للمسلمين بعد هجوم أكتوبر الماضي، وفقاً للتقرير.
وفى إطار الدراسة، اتهم نشطاء داعمون للفلسطينيين الصحف الأمريكية الكبرى بالتحيز الشديد لصالح إسرائيل، حيث شهدت صحيفة "نيويورك تايمز" احتجاجات فى مقرها فى مدينة مانهاتن بناءً على تغطيتها لأحداث غزة، وهو اتهام يتفق مع تحليل موقع "إنترسبت".
وأفادت الدراسة التى أجراها الموقع الأمريكى بتركيزها على الأسابيع الستة الأولى من النزاع، بدءًا من الهجمات التى شنتها حركة "حماس" فى ٧ أكتوبر الماضي، والتى أسفرت عن مقتل ١١٣٩ إسرائيليا، وحتى ٢٤ نوفمبر الماضي، بداية من "الهدنة الإنسانية" التى وافق عليها الطرفان لمدة أسبوع لتسهيل تبادل الرهائن.
وفى غضون هذه الفترة، قُتل ١٤ ألفًا و٨٠٠ فلسطيني، من بينهم أكثر من ٦ آلاف طفل، بسبب القصف الإسرائيلى على غزة، بينما تبلغ حصيلة القتلى الفلسطينيين فى الوقت الحالى أكثر من ٢٣ ألف شخص.
وكذلك جمع موقع "ذا انترسبت" بجمع ما يزيد على ١٠٠٠ مقال من صحيفة "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز" حول العدوان الإسرائيلى على غزة، وأجرى تحليلا لها، حيث حصر استخدام بعض المصطلحات الرئيسية والسياق الذى استخدمت فيه.
وكشفت الإحصائيات عن "التحيز الصارخ" فى طريقة تغطية الحرب، مع التركيز على إبراز الآراء المؤيدة لإسرائيل وتقليل من أهمية الأصوات الفلسطينية والمؤيدة للفلسطينيين، حيث استُخدمت عبارات ومصطلحات تُعزز الروايات الإسرائيلية بشكل أكبر مقارنة بتلك الفلسطينية.
وفقًا للتقرير، تم كشف التحيز المناهض للفلسطينيين فى وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة من خلال أربعة دلائل رئيسية.
أولًا، كانت التغطية غير متكافئة لحصيلة القتلى بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، حيث أظهرت الدراسة أن كلمات "إسرائيلي" أو "إسرائيل" استخدمت بشكل أكبر من كلمة "فلسطيني" أو أشكال مختلفة منها، على الرغم من أن الوفيات الفلسطينية كانت أكثر بكثير من الوفيات الإسرائيلية.
وأظهرت الإحصائيات أنه مقابل كل قتيل فلسطيني، تم ذكر الفلسطينيين مرة واحدة فقط، بينما تم ذكر الإسرائيليين ثمانى مرات مقارنة بالوفيات الفلسطينية. واستُخدمت مصطلحات عاطفية لوصف قتل المدنيين الإسرائيليين، فى حين تم تجاهل تلك المصطلحات تقريبًا عند وصف القتلى الفلسطينيين.
التقرير أظهر أيضًا أن التغطية الصحفية اقتصرت على استخدام مصطلحات عاطفية لوصف قتل الإسرائيليين مثل "المذبحة" و"المروعة" بشكل شبه حصرى للإسرائيليين، بينما تم تجاهل تلك المصطلحات فى وصف القتلى الفلسطينيين.
كما تجاهلت التغطية تسليط الضوء على ضحايا الأطفال والصحفيين الفلسطينيين، مما أظهر نقصًا فى التقارير حول هؤلاء الضحايا فى الصحف الأمريكية.
الدراسة كشفت عن استثناء ملحوظ فى تغطية صحيفة "نيويورك تايمز" لحرب إسرائيل على غزة. نشرت الصحيفة قصة على صفحتها الأولى فى نوفمبر الماضى حول تصاعد وتيرة قتل النساء والأطفال الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، على الرغم من عدم بروز الأطفال أو النساء فى العنوان الرئيسي.
رغم أن حرب إسرائيل على غزة قد تكون الأكثر دموية فى التاريخ الحديث بالنسبة للأطفال، لاحظت الدراسة عدم ذكر كلمة "أطفال" والمصطلحات ذات الصلة فى عناوين المقالات التى فحصها موقع "ذا انتسرسبت" الأمريكي.
أشارت الدراسة إلى أن الصحف الأمريكية تبرز الضحايا من الشباب الإسرائيليين باعتبارهم أطفالًا، فى حين تشير إلى الضحايا من الأطفال الفلسطينيين باعتبارهم أشخاصًا دون ذكر كلمة "أطفال".
على الرغم من تقارير عن مقتل أكثر من ٦ آلاف طفل فلسطينى على الأقل فى غزة خلال الستة أسابيع الأولى للحرب، يتجاوز العدد حاليًا ١٠ آلاف طفل.
فى تغطية الصحف الأمريكية للقتلى فى صفوف الصحفيين فى غزة، تم التركيز على المخاطر التى يواجهها الصحفيون فى حروب أوكرانيا، خاصة خلال الأسابيع الستة الأولى بعد الغزو الروسي، كما قورن ذلك بـ ٤٨ شخصًا قتلوا فى الأسابيع الستة الأولى من القصف الإسرائيلى على غزة.
عندما يتعلق الأمر بترجمة الصراع فى غزة إلى كراهية فى الولايات المتحدة، ركزت الصحف الكبرى أكثر على الهجمات المعادية للسامية مقارنة بالهجمات ضد المسلمين، وبشكل عام، سلطت الصحف الأمريكية الضوء بشكل غير متكافئ على العنصرية تجاه الشعب اليهودى مقارنة بالعنصرية تجاه المسلمين أو العرب.
فى الفترة التى قام بها الموقع الأمريكى بإجراء الدراسة، كانت هناك اهتمامات أكبر لمصطلح "معاداة السامية" مقارنة بـ "كراهية الإسلام" فى صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز".
ورغم وجود العديد من الأمثلة على معاداة السامية والعنصرية المعادية للمسلمين، كان ٨٧٪ من الإشارات فى هذه الصحف حول التمييز تتعلق بمعاداة السامية، مقابل ١٣٪ حول كراهية الإسلام.
تلخيص الدراسة يشير إلى أن تغطية الصحف الأمريكية الكبرى للحرب فى غزة كانت غير متكافئة، حيث استخدمت لغة عاطفية عند وصف هجمات ضد الإسرائيليين، وعلى العكس من ذلك، قدمت تغطية غير عادلة لعمليات قتل المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين.
فى ختام الدراسة تم التوصل إلى استنتاجات تظهر وجود تحيز واضح فى وصف الأحداث، حيث يُبرز تقرير الدراسة الاستخدام المفرط للغة العاطفة فى وصف العمليات الإسرائيلية، مع التركيز على مصطلحات مثل "مذبحة" و"مروعة" للإشارة إلى الأحداث، فى حين يُعزى تنفيذ عمليات قتل المدنيين الإسرائيليين إلى استراتيجية مدروسة من قبل "حماس".
وفى إطار تحليل الدراسة، تُظهر الصحف الأمريكية تفضيلًا لتصوير عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين بوصفها "أخطاء فردية" رغم تكرارها المتكرر، مما يشير إلى تجاهل واضح للسياسات الإسرائيلية التى قد تهدف إلى إلحاق الأذى بالمدنيين والهياكل البنية فى قطاع غزة.
وفى نهاية الدراسة، يتعمد التحليل التأكيد على أن هذا التحيز فى التغطية الإعلامية قد أثر بشكل سلبى على فهم الجمهور الأمريكى للصراع، حيث تسهم تلك الصورة المشوهة فى تشكيل وجهات نظر محددة وتشجيع استنتاجات مغلوطة، كما أتاحت للمؤيدين لإسرائيل فرصة التأثير فى الرأى العام، فى حين تُلقى اللوم على وسائل التواصل الاجتماعى التى تروج لوجهات نظر فلسطينية باعتبارها "معلومات مضللة".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة إسرائيل الإسرائیلى على غزة نیویورک تایمز قتل المدنیین تغطیة الصحف فى حین فى غزة
إقرأ أيضاً:
دراسة تحذر من تزايد مستويات الميكروبلاستيك في الدماغ البشري
تشير دراسة جديدة إلى أن التلوث بالميكروبلاستيك، الذي شهد ارتفاعًا هائلًا خلال الخمسين عامًا الماضية، قد ينعكس في تزايد نسبة هذه الجزيئات في أدمغة البشر. وكشفت الدراسة، التي أجريت على أنسجة مأخوذة من عمليات تشريح بعد الوفاة بين عامي 1997 و2024، عن اتجاه تصاعدي في تلوث الدماغ بالميكروبلاستيك والنانو بلاستيك. كما تم العثور على هذه الجزيئات في عينات من الكبد والكلى.
وأظهرت الدراسة أن تركيز الميكروبلاستيك كان أعلى بست مرات في عينات دماغية لأشخاص مصابين بالخرف. ومع ذلك، حذر الباحثون من أن الضرر الذي يسببه الخرف في الدماغ قد يؤدي إلى تراكم هذه الجزيئات، مما يعني أنه لا يمكن افتراض وجود علاقة سببية مباشرة.
وقال الباحثون، بقيادة البروفيسور ماثيو كامبن من جامعة نيو مكسيكو بالولايات المتحدة: "نظرًا للانتشار المتزايد للميكروبلاستيك والنانو بلاستيك في البيئة، فإن هذه البيانات تستدعي جهودًا بحثية أوسع لفهم تأثيرها المحتمل على الاضطرابات العصبية وصحة الإنسان بشكل عام".
الميكروبلاستيك هو نتاج تحلل النفايات البلاستيكية، وقد انتشر في جميع أنحاء العالم، من قمة جبل إيفرست إلى أعماق المحيطات. ويتعرض الإنسان لهذه الجزيئات عبر الطعام والماء واستنشاق الهواء.
وفي دراسة حديثة أخرى، تبين أن التلوث البلاستيكي في المشيمة كان أعلى بكثير لدى النساء اللاتي أنجبن مبكرًا. كما أظهر تحليل آخر أن الميكروبلاستيك يمكن أن يسد الأوعية الدموية في أدمغة الفئران، مما يؤدي إلى أضرار عصبية، رغم أن الشعيرات الدموية البشرية أكبر حجمًا.
تم نشر الدراسة الجديدة في مجلة Nature Medicine، حيث حللت عينات من الدماغ والكبد والكلى لـ 28 شخصًا توفوا في عام 2016 و24 شخصًا توفوا في عام 2024 في نيو مكسيكو. وأظهرت النتائج أن تركيز الميكروبلاستيك كان أعلى في أنسجة الدماغ مقارنة بالكبد والكلى، كما كان التلوث أعلى في العينات المأخوذة عام 2024 مقارنة بعام 2016.
كما وسّع الباحثون نطاق التحليل ليشمل أنسجة دماغية لأشخاص توفوا بين عامي 1997 و2013 على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، حيث أظهرت البيانات اتجاهًا تصاعديًا في تلوث الدماغ بالميكروبلاستيك من عام 1997 إلى 2024.
وكانت مادة البولي إيثيلين، المستخدمة في الأكياس البلاستيكية وتغليف الأطعمة والمشروبات، هي النوع الأكثر شيوعًا من البلاستيك الموجود، حيث شكلت 75% من إجمالي الجزيئات البلاستيكية المكتشفة. ووجدت الدراسة أن الجسيمات في الدماغ كانت في معظمها على شكل شظايا وقطع نانوية من البلاستيك. كما لم تتأثر تركيزات الميكروبلاستيك في الأعضاء بعوامل مثل عمر الشخص عند الوفاة أو سبب الوفاة أو الجنس أو العرق.