بين التأييد والرفض.. ردود فعل اليمنيين بشأن الضربات الأمريكية البريطانية على مواقع الحوثيين
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
تصاعدت ردود الفعل بين أوساط اليمنيين بشأن الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ضد أهداف للحوثيين في عدة مناطق باليمن.
ردود متباينة بين التنديد والتأييد، فالمعارضين لتلك الضربات تقول إن من شأنها أن تعمل على توسيع الصراع في المنطقة وتقود إلى مزيد من عدم الاستقرار وانتهاك صارخ للسيادة اليمنية وكذلك جعلت من الحوثي بطلا، فيما المؤيدون للضربات يرون أنها مهمة لتأمين الملاحة البحرية.
وفجر الجمعة، أعلن البيت الأبيض في بيان مشترك لـ10 دول، أنه "ردا على هجمات الحوثيين (..) ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، قامت القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية بتنفيذ هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن".
وصدر البيان المشترك باسم حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، وفق ما نشره البيت الأبيض.
وقالت جماعة الحوثي، الجمعة، إن جميع المصالح الأمريكية البريطانية باتت "أهدافا مشروعة" لقواتها، ردا على "عدوانهم المباشر والمعلن" على اليمن، وفق بيان نشرته وكالة أنباء (سبأ) التابعة للجماعة.
فيما أعلن المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، في بيان متلفز، أن خمسة من مسلحي الجماعة قتلوا خلال 73 غارة شنتها القوات الأمريكية البريطانية على 5 محافظات في اليمن.
مقامرة بأمن واستقرار اليمن والمنطقة
وفي السياق حمل وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، جماعة الحوثي المسئولية الكاملة عن استدعاء الضربات العسكرية في الأراضي اليمنية الواقعة بالقوة تحت سيطرتها، على خلفية استهدافها الممنهج لممرات الملاحة وحركة التجارة العالمية، في وقت كان اليمنيون ينتظرون أي بارقة للسلام، لتؤكد من جديد انها تنظيم إرهابي لا يجيد سوى اشعال الحروب، وأداة لتنفيذ الاجندة الإيرانية في زعزعة الامن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وقال الارياني "لقد حذرنا منذ اللحظة الأولى من العواقب الخطيرة للهجمات العشوائية التي تشنها جماعة الحوثي وتطال السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة بالبحر الأحمر وباب المندب، وأنها ستقود الى استدعاء رد فعل عسكري في الأراضي اليمنية، وعسكرة البحر الأحمر وباب المندب، وجلب القوى الدولية للمر المائي الأهم في العالم.
وأكد أن جماعة الحوثي عبر هذه المغامرات غير المدروسة تقامر بأمن واستقرار وسلامة ومستقبل بلد لم يتعافى بعد من آثار الحروب التي فجرتها، في سبيل ارضاء أسيادها في إيران، وتعرض الجهود التي يبذلها الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، لاستعادة التهدئة وإحياء العملية السياسية في اليمن للخطر، وتؤكد نهجها المعطل لجهود وقف الحرب واحلال السلام.
تزيد من قوة الحوثيين
وفي السياق قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، إن تلك الضربات على مواقع وأهداف حوثية "عدوان على اليمن"، في ظل التصعيد والتوتر الذي يشهده البحر الأحمر.
وأضافت كرمان، "نرفض أي قصف خارجي لليمنيين، أفراد وجماعات، ونعده عدواناً على البلاد وانتهاكاً للسيادة"، مؤكدة أن موقفها المبدئي الثابت الرافض للقصف الخارجي لا يعد تراجعاً أو تنازلاً عن موقها من جماعة الحوثي وانقلابها.
وأشارت إلى أن الحوثيين "جماعة سلالية فاشية أسقطت عاصمة اليمنيين وقوضت دولتهم بالقوة والقهر"، داعية اليمنيين لـ "إسقاط حكمهم الغاصب واستعادة الدولة اليمنية بكافة الوسائل" لافتة إلى "أن هذا واجب وطني ملح جدا".
وترى أن مثل هذه الهجمات الامريكية البريطانية والتي سببها الرد على هجمات الحوثي للسفن في البحر الأحمر وتعريض الملاحة الدولية للخطر- ستزيد الحوثي قوة ولن تضعفه، وهو الذي يبرر هجماته بأنها من اجل الضغط لإيقاف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها، وهذا أكسبه الكثير من التعاطف".
وختمت كرمان بالقول: "الهجمات الامريكية البريطانية ايضاً ستكسب الحوثي المزيد والمزيد من التعاطف والتأييد، ولذا فالأجدى والأولى أن تذهب أمريكا وبريطانيا لإيقاف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها".
تلميع لجماعة الحوثي
النائب البرلماني شوقي القاضي اعتبر الضربات الأمريكية البريطانية بأنها تلميع لجماعة الحوثي، وقال مخاطبا الغرب "سأصدقكم عندما تدعموا الجيش الوطني لتحرير الحديدة وصنعاء والبيضاء واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".
وأضاف "أما أن تلمعوا مليشيا الحوثي وتبيضوا صفحتها بقصف منشآت مدنية وترويع الآمنين وزيادة معاناة اليمنيين فإنكم شركاء الجريمة والتمزيق والتخادم وهو ما يرفضه أحرار اليمن" حد قوله.
عدوان سافر
فيما اعتبر النائب البرلماني محمد ناصر الحزمي، الضربات بأنها انتهاك لسيادة اليمن، عداء سافر ومدان ولا يرضى به عاقل.
وقال "من وجهة نظري ولا أحد سيزايد علي في موقفي من الحوثي لكني اقول ما اراه حقاً: ضرب أي شبر من اليمن يعتبر عداء سافرا ومدان ولا يرضى به عاقل".
وأكد الحزمي أن أمريكا وبريطانيا سبب رئيسي لما وصل إليه الأمر في المنطقة وما ترتكب فيه من جرائم وهما مع الكيان الصهيوني من ينتهك كل قوانين السماء والأرض"، مستدركا بالقول "أوقفوا إبادة غزة أيها القتلة".
خرق للسيادة
الكاتب الصحفي أحمد الشلفي، يرى أن هناك إجماع شامل في الأوساط اليمنية تقريبا على رفض الهجمات التي نفذتها بريطانيا وأمريكا على المحافظات اليمنية.
واضاف "باعتبار ذلك خرق للسيادة اليمنية واعتداء على أراضي الجمهورية اليمنية ومساس بأمنها، من قبل دول أجنبية هدفها حماية إسرائيل وتوفير غطاء لها لقتل الأبرياء في غزة وتدميرها ، من خلال الإضرار بأمن بلد آخر هو اليمن".
تغييب للدولة اليمنية وتفكيكها
في حين قال الباحث نبيل البكيري إن "أي ضربات أمريكية بريطانية تستهدف مناطق سيطرة مليشيات الحوثي هو عدوان على اليمن كلها وانتهاك لسيادته، لا هدف منها سوى استمرار تغييب الدولة اليمنية وتفكيكها".
وقال "بالتالي فهو عدوان غربي سافر على اليمن أرضا وإنساناً ومرفوض جملة وتفصيلا".
مصالح أمريكا
الصحفية والناشطة سامية الأغبري علقت بالقول: "لما نفذوا انقلاب على الدولة وسيطروا على البلاد بقوة السلاح وقتلوا آلاف اليمنيين وجندوا وقتلوا الأطفال وشردوا الملايين وقصفوا المدن والقرى، كل ذلك لم تكن ترى أمريكا فيه خطرا".
وأضافت "كل هذا الدم المسفوك والدمار والخراب والمجاعة ليست جرائم وليست أفعال خطرة، لكن الارهاب والخطر هو ما يمس أمريكا ومصالحها".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي البحر الأحمر اسرائيل الأمریکیة البریطانیة البحر الأحمر جماعة الحوثی على الیمن فی الیمن
إقرأ أيضاً:
حرب الجبال... ماذا وراء الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في اليمن؟
اعتمدت الولايات المتحدة منذ إطلاقها العملية العسكرية الثانية ضد ميليشيا الحوثيين في اليمن، استراتيجية تكتيكية مُغايرة لتلك التي اعتمدتها في عملياتها العسكرية الأولى، فيما رأى خبراء أن الخطوات العسكرية الأمريكية تسير وفق مخطط تصاعدي عبر التدرج من الأدنى إلى الأعلى.
وبات يطلق توصيف "حرب الجبال" على العمليات الأمريكية التي بدأت منذ منتصف الشهر الجاري، للتركيز على ضرب مخابئ وملاجئ عسكرية تتواجد في عمق الجبال التي تتميز بها التضاريس الجغرافية اليمنية.
*حرب الجبال*
وقال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية العميد ثابت حسين، إنه "يمكن تسمية الضربات الأخيرة للطائرات الأمريكية، على مواقع وتحصينات حوثية في صعدة تحديدًا بـ(حرب الجبال)".
وأوضح حسين أن "هذه الحرب وفقًا للاستراتيجية المُتبعة، تُعدّ من أعقد أنواع الحروب، بما تتطلبه من أسلحة نوعية وقنابل ذات قدرات تدميرية وتفجيرية هائلة".
ونوّه بأن "الضربات الجوية وحدها لا تكفي لشل قدرة الحوثيين نهائيًا وإفقادهم القدرة على تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومهاجمة أصول أمريكية"، متوقعا أن تشهد المرحلة المقبلة حربا بريّة.
*من الساحل للمرتفعات*
وبدوره، رأى الخبير في الشؤون العسكرية وتكنولوجيا النقل البحري علي الذهب، أن "الاستهداف الحاصل للحوثيين يمثل توسعا في خريطة الأهداف التي توجّه القوات الأمريكية هجماتها إليها، وذلك نتيجة تطور بنك الأهداف".
وقال الذهب إن "الملاحظ في هذه الهجمات هو الانتقال من استهداف المناطق الساحلية والمدن إلى المرتفعات، بناءً على معلومات مستجدة بشأن وجود أنفاق ومخابئ للقوى الحوثية ووسائلها التهديدية".
وأضاف أن "التحصينات التي أنشأها الحوثيون خلال فترة الهدنة الداخلية منذ 2 أبريل/نيسان 2022 وحتى الوقت الحالي، تم استهداف جزء كبير منها، ولكن الحوثيين اتخذوا تدابير وقائية لحمايتها".
*انسحاب إيران*
من جهته، رأى الصحفي والمحلل السياسي خالد سلمان، أن مايحدث "هو عملية شاملة تتمدد على طول خارطة سيطرة الجماعة الحوثية، من الشواطئ وحتى المدن والجبال، حيث مركز السلطة وكرسي المذهب وقيادات الصف الأول".
وأضاف سلمان : "لايبدو من واقع استمرارية العملية غير المقيدة بسقف زمني، أنها مجرد رسالة وفعل محدود في المكان والزمان، بل هي تحمل خطة عمل تنتهي باجتثاث الخطر الحوثي المميت ،والمحدق بالتجارة الدولية وبمصالح واشنطن وأمن الحلفاء".
وتوقع أن الضربات الأمريكية "ستستمر وستتصاعد وتيرتها، وسيشتد الحصار على ميليشيا الحوثيين بقرارات اقتصادية، تجفف الموارد المالية ومصادر تهريب السلاح".
ورجح سلمان، تخلي إيران عن الحوثيين؛ لأنها "في حساب المصالح ستختار بقاء نظامها مقابل التضحية بالحوثي".