«الميلس الإماراتي».. منبر لتعزيز القيم والهوية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
العين (وام)
تعتبر المجالس مظهراً من مظاهر التواصل والتكافل والضيافة، والكرم عند أبناء دولة الإمارات، وعند كثير من شعوب المنطقة، وتلعب دوراً مهماً في غرس القيم والعادات والتقاليد في المجتمعات.
يُعتبر «المجلس» أحد عناصر الثقافة والتراث في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر.
وتنتشر المجالس في العديد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعرف بأسماء مختلفة. ففي دولة الكويت، تسمى «الديوانية»، وفي المملكة العربية السعودية تعرف بـ«المجلس»، وفي الإمارات يطلق عليه «المیلس» بقلب الجيم ياء في اللهجة الإماراتية.
ويصطحب الآباء أبناءهم للمجالس، حيث يكتسب الأبناء إضافة للعادات والتقاليد، الكثير من المعرفة والعلم من خلال الأحاديث التي يتم تداولها في مختلف المجالات، مثل التربية، الاقتصاد، الشعر، الثقافة، والتراث، وغيرها. لذا، تُعتبر المجالس منبراً ومدرسة تسهم في بناء وتعزيز الهوية الإماراتية.
أنواع المجالس
وقال الحظ مصبح الكويتي، الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، إن المجالس حظيت باهتمام أبناء الإمارات منذ زمن بعيد لمكانتها في تحقيق التواصل بين أبناء المجتمع، وقد حرص أصحابها على الاهتمام ببنائها وزخرفتها وتأثيثها، وإعطائها مكاناً مميزاً من القصر أو المنزل، إذ يُبنى المجلس بمدخل مستقل عن بقية أجزاء البيت، وانعكست البيئة الإماراتية ومواردها الطبيعية على بناء المجلس وتجهيزه.
وأوضح أن المجلس قد يكون عبارة عن بيت من الشعر، قرب بيت شيخ القبيلة أو في منتصف الحي «الفريج»، أو خيم البدو، وقد يكون عبارة عن حظيرة محاطة من ثلاث جهات بأغصان أشجار السمر، والغاف وغيرها لتقيه من الرياح، والرمال، كما قد يكون المجلس في ظل إحدى أشجار الغاف الكبيرة المتميزة بظلها الوارف، والتي يلجأ إليها الناس وقت «القائلة» أي بعد الظهر.
وأشار إلى أن المجالس في الإمارات تصنف إلى أقسام متعددة تبعاً للبيئة التي توجد فيها، حيث تُبنى مجالس أهل الساحل من الجص والطين، أو العريش، أو على شكل مظلة، وقد يكون المركب «المحمل» هو مجلس الغواصين بعد أن يفرغوا من عمليات الغوص. في هذا النوع، ينصب الحديث على أنواع السفن، وعمليات الصيد أو الغوص، ومشاقها وعمليات البيع، وتجارة اللؤلؤ، وغيرها.
ولفت إلى أن مجالس أهل البادية تتكون من نوعين، مجالس تقام في العراء يسميها البدو «الحظائر»، حيث يجلسون في الهواء الطلق حول النار ودلال القهوة، ومجالس بيت الشعر، التي تقام في خيمة مصنوعة من الشعر.
مجالس للتجار
وذكر الكويتي أن المهن، التي مارسها سكان الإمارات، انعكست على مجالسهم، وعلى نوعية الأحاديث التي تدور بها، فكانت هناك مجالس خاصة بالشيوخ، وأخرى بتجار اللؤلؤ «الطواويش»، ومجالس للصيادين، وأخرى للمهتمين بالقنص، كما ظهرت مجالس خاصة بالعاملين في مجال الفنون الشعبية، ومجالس للشعر.
وأوضح أن مجالس التجارة تميزت بأنها كانت مفتوحة للجميع خاصة العاملين في مهنة الغوص، وبنشاطها الملحوظ في مواسم الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، خاصة في موسم «القفال» أي نهاية موسم الغوص للتفاوض على أسعار اللؤلؤ، وعقد صفقات البيع، كما كانت تنشط خلال شهر رمضان، وبعد صلاة الجمعة، حيث يتجمع التجار في منزل أحدهم لتناول وجبة الغداء، وتبادل الأحاديث ذات الصلة بعملهم، كما كانت تتناول أخبار البحر، والحكايات المتعلقة بالأخطار التي كان يواجهها الغواصون.
مجالس «البرزة»
وقال الكويتي إنه كانت هناك مجالس للقضاء، وتخصصت في القضايا الشرعية والمسائل التي يتم تحويلها من مجالس الشيوخ والتجار للقضاة، وعرف مجتمع الإمارات العديد من هذه المجالس، والتي عرفت بأسماء عديدة، ولم يقتصر دورها على فض النزاعات والحكم في القضايا المختلفة، بل أسهمت في نشر الوعي الديني، وتدريس العلوم الشرعية، وكانت أبواب مجالس القضاة، تفتح من الصباح الباكر حتى موعد صلاة الظهر، ثم تفتح بين صلاتي العصر والمغرب.
وأوضح الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أنه في دولة الإمارات درجت العادة أن تكون هناك مجالس خاصة للشيوخ، يجتمع فيه أفراد المجتمع لعرض قضاياهم، ومناقشة شؤون حياتهم، وتناقل الأخبار، وتسمى بـ«البرزة»، فيقال إن الشيخ بارز إذا كان جالساً في برزته، وقد تكون داخل القصر أو خارجه.
وأضاف أن هذه المجالس كانت، ومازالت، تلعب دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، وفي صياغة القرارات المهمة في كل إمارة، ويحق لكل فرد من أفراد الإمارة حضور البرزة والإدلاء بوجهة نظره، وعرض قضيته الخاصة، ويحرص زوار هذه المجالس على الالتزام بارتداء الزي الإماراتي. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي دول مجلس التعاون
إقرأ أيضاً:
تعاون بحثي بين “تريندز” والمجلس الديني الدرزي الأعلى لتعزيز قيم التسامح والتعايش
أبوظبي – الوطن:
وقع مركز تريندز للبحوث والاستشارات والمجلس الديني الدرزي الأعلى اتفاقية تعاون بحثي معرفي، تهدف إلى تعزيز البحث العلمي والتعاون المشترك في مجالات ذات اهتمام مشترك، بما يساهم في تعزيز قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية.
وأكد الطرفان أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار تعزيز الجهود البحثية والاستفادة من الخبرات المتبادلة المستندة إلى الأدلة والوقائع الميدانية. كما تشمل الاتفاقية توسيع القاعدة المعرفية في مجالات البحوث، إلى جانب تنظيم الفعاليات العلمية، والمؤتمرات، وورش العمل المشتركة.
وتتضمن الاتفاقية التي وقعها كل من الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، والشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، رئيس المجلس الديني الدرزي الأعلى في إسرائيل، بحضور مسؤولين من الجانبين، وضع إطار رسمي للتواصل والتنسيق بين الطرفين، بما يعزز تبادل الدراسات والخبرات البحثية وتنفيذ مبادرات من شأنها دعم المعرفة العلمية والاستفادة منها في تطوير المجتمع وتعزيز قيم التسامح والتعايش الإنساني.
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، إن هذه الشراكة البحثية تسعى إلى التعاون البحثي لبناء وصياغة رؤى تعتمد على المعرفة والتحليل العلمي الدقيق. معرباً عن أمله في أن تشكل نافذة بحثية مشتركة تعزز من فهم القضايا الراهنة وتقدم حلولاً علمية.
بدوره قال الشيخ موفق طريف، إن توقيع هذه الاتفاقية يعكس التزام المجلس بدعم المعرفة والبحث العلمي باعتباره ركيزة أساسية لتعزيز التنمية المجتمعية، مؤكداً أن المجلس يؤمن بأن التعاون مع مركز “تريندز” سيساهم في إنتاج بحوث أصيلة تخدم المجتمع والمهتمين وتحقق الفائدة للأجيال القادمة.