الخارجية الصومالية: الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال يهدد سيادتنا وسنواجهه بخيارات عدة
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالإنابة بجمهورية الصومال علي محمد عمر إن الاتفاق الذي أُبرم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال "غير قانوني تمامًا، وخارج نطاق القواعد الدولية، ويعد تعديا على سيادة الصومال، وتهديدا لوحدته واستقلاله، والصومال سيعارض ذلك".
وأضاف -في حوار خاص مع الجزيرة نت على هامش زيارته للعاصمة القطرية الدوحة- أن هذا الاتفاق "ليس صفقة تجارية"، ويمنح الحكومة الإثيوبية مساحة في الشمال الإثيوبي تمارس السيادة عليها من أجل إقامة قاعدة عسكرية وميناء بحري، في مقابل الاعتراف باستقلال إقليم أرض الصومال.
كما أشار وزير الدولة بجمهورية الصومال الفدرالية إلى أن حركة الشباب "ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك"، لكن الحكومة الصومالية نجحت "في طردها بعيدًا عن مقديشو"، لولا مذكرة التفاهم التي وقعها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع إقليم أرض الصومال مؤخرا.
وعن التهديدات الحالية التي تتعرض لها الملاحة البحرية في البحر الأحمر، قال علي محمد عمر إن الصومال يرغب في أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية في باب المندب لأن نحو 20% من التجارة العالمية تمر عبره، لكن يجب أيضا وضع حل لجذور الأزمة عبر وقف العدوان على الشعب الفلسطيني ووقف الإبادة الجماعية في حقه.
وإلى تفاصيل الحوار..
ما طبيعة مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال؟
أولا- يمكن للكيانات المتوافقة أن تبرم صفقة، لكن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس إقليم أرض الصومال غير متوافقين، لذا فإن الاتفاق غير قانوني على الصعيد الدولي، وهو خطأ تماما، ولا يتوافق مع معايير القوانين الدولية.
ثانيًا- الصفقة التي تمت -إذا افترضنا أن ما يقوله الإعلام صحيح- ليست صفقة تجارية، وتحتوي على 4 مكونات مختلفة:
المكون الأول: تخصيص قطعة أرض بمساحة 90X20 كيلومترًا بعيدًا عن الصومال لصالح إثيوبيا، لذلك يمكن للحكومة الإثيوبية أن تدير تلك المنطقة، ومن ثم فإن هذا الاتفاق يمنح إثيوبيا ممارسة السيادة على تلك المنطقة. المكون الثاني: إثيوبيا تريد إقامة قاعدتين بحرية وعسكرية في البحر الأحمر، لأنها لا تمتلك هذا حاليا. المكون الثالث: ستتمكن إثيوبيا من إقامة ميناء تجاري خاص بها. المكون الرابع: وفي مقابل ذلك، سيعترف الإثيوبيون باستقلال إقليم "أرض الصومال".حركة الشباب ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك
وإذا نظرنا إلى ما تفعله حركة الشباب اليوم فهي تجعل الصومال غير آمن، ولكنها -مع ذلك- لا تؤثر على سيادتنا، ولا تؤثر على استقلاليتنا، ولا تؤثر على وحدتنا، أما هذا الاتفاق فإنه يؤثر على كل تلك الأمور، لذا فهو أكثر خطورة على الصومال من حركة الشباب، وعلينا أن نحاربه بشكل أقوى من الطريقة التي نحارب بها الحركة.
ما نتائج زيارتكم الحالية للدوحة؟ وهل لها علاقة بطبيعة التطورات في شمال الصومال؟هذه الزيارة كان مُخططا لها سابقا، ولدينا قضايا ثنائية مختلفة لمناقشتها، وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الرحلة مجدولة بالفعل ظهرت مشكلة "أرض الصومال" في الأول من يناير/كانون الثاني الحالي، حيث وقّع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ما يسمى مذكرة تفاهم مع رئيس إقليم أرض الصومال.
وهذا ليس المعتاد أن يوقع رئيس وزراء لدولة ذات سيادة للاتفاق مع حاكم أو رئيس إقليم في دولة أخرى، هذا غير قانوني تمامًا، وخارج نطاق القواعد الدولية، ويعد تعديا على سيادة الصومال، وتهديدا لوحدتها واستقلالها، والصومال سيعارض ذلك.
وجزء من زيارتي كان يهدف إلى مناقشة أولوياتنا في هذه المسألة مع إخواننا القطريين وأكثر من ذلك، لأنه في البداية يجب عليك بذل الكثير من الجهد الدبلوماسي، وكانت هذه الرحلة جزءًا من ذلك.
ما موقف الصومال من التهديدات الحالية المتعلقة بحركة الملاحة في البحر الأحمر؟
البحر الأحمر طريق مهم جدًا، ويمر خلاله نحو 15 إلى 20% من التجارة العالمية، عبر ممر صغير بين باب المندب والبحر الأحمر، وسلامته وأمنه مهمان جدًا، وأي انقطاع في هذا الطريق يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى مناطق كثيرة حول العالم، كما يرفع أسعار المنتجات، ويزيد مستوى القلق في المنطقة.
اليوم، نرى الحوثيين على الجانب الآخر من البحر الأحمر يتحدون مع الفلسطينيين، ويحاولون المساعدة. ورغم أن سبب هذا التحالف مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه إبادة جماعية جيد، لكن في الوقت نفسه قد لا يكون تعطيل حركة التجارة العالمية هو الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، لذا يريد الصومال أن تكون حركة الملاحة البحرية سليمة جدًا.
كما نود حل السبب الجذري لهذه المشكلة في غزة، والتي تحتاج إلى حل في وقت أقرب مما نتوقع، ويجب منع الإبادة الجماعية.
وكيف يؤثر ذلك على أمن الصومال؟الآن، تسمع في الأخبار عن ارتفاع نسبة القرصنة، رغم أنها توقفت في الصومال منذ 7 سنوات، والارتفاع الحالي -خاصة في البحر الأحمر- يعود إلى الانفلات الأمني في المنطقة، وانعدام الأمن في مكان ما سيؤثر بالطبع على جيرانه، وبالتأكيد سيؤثر على الصومال.
هل ما زالت حركة الشباب تمثل تهديدا لاستقرار البلاد؟ أم انحصر وجودها بعيدا عن العاصمة مقديشو؟علينا أولا أن نتحدث عن السبب الأساسي لوجود حركة الشباب، فقد ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك، وعلى مدى 16 عامًا الماضية كانت الحكومات الصومالية تقاتل الحركة.
ولكن في الـ12 شهرًا الماضية، قمنا بطرد حركة الشباب بعيدًا عن مقديشو، إلى ما يقرب من 500 كيلومتر إلى منطقة مودوغ، وكنا نحقق تقدما كبيرا، ولكن ما حدث في الأول من يونيو/حزيران الحالي حوّل انتباهنا، ونحن قلقون من أنه إذا لم يتم حل هذه المشكلة فقد تصعد حركة الشباب مرة أخرى.
نتوقع قريبًا أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا وزاريًا، ونأمل أن نحظى بدعم كامل من إخواننا
وأيضًا الأزمة التي قد تحدث في الجزء الشمالي من الصومال، حيث تحاول إثيوبيا التواجد قد تؤدي إلى انتفاضة أخرى، ومن ثم تجنيد الشباب من جديد.
لذا فإن وجود حركة الشباب في منطقة شمال الصومال، ووجود الحوثيين في الجانب الآخر من البحر الأحمر سيغلق بالتأكيد هذه الممر البحري بأكمله.
واليوم، الناس مشغولون جدا بالحرب في غزة وأوكرانيا، ولكن ما قد يحدث في البحر الأحمر -إذا استمرت هذه الأزمة، وبدأت الجماعات الإرهابية الاستفادة من الانتفاضة في الشمال- سيخلق أزمة هائلة لم يشهدها العالم من قبل. وما يقلقني هو أنه لا يتم إعطاء اهتمام كافٍ للأخطاء التي ارتكبها رئيس الوزراء الإثيوبي، وما قد ينتج عن ذلك من التجاوز على السيادة الصومالية على أراضيها.
هل حصل الصومال على أي دعم من الاتحاد الأفريقي أو المنظمات الدولية الأخرى؟
نعم، دبلوماسيًا لدينا دعم كامل من المجتمع الدولي، ولم أر دولة واحدة تقف مع إثيوبيا اليوم. وهناك دعم من الاتحاد الأفريقي للصومال وكذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسيكون هناك اجتماع لمنظمة إيغاد في الـ18 من هذا الشهر في كمبالا.
كما سيكون هناك اجتماع لمجلس الأمن والسلام في الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بالإضافة إلى اجتماع لمجلس الأمن في نيويورك، وكلها تدعم الصومال.
وهل هذا الدعم الدبلوماسي كفيل بإنهاء أزمة هذا الاتفاق؟ وهل تلجأ الدولة الصومالية لخيارات أخرى؟سياسيًا، حتى الآن نحن راضون جدًا، ونتوقع قريبًا أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا وزاريًا، ونأمل أن نحظى بدعم كامل من إخواننا. وحتى الآن الدعم السياسي الذي لدينا جيد بما فيه الكفاية.
ومع ذلك لدينا الكثير من الخيارات والأدوات التي في جعبتنا، والتي سنستخدمها حسب مستوى التصعيد من الجانب الإثيوبي، فمثلا ستكون هناك انتفاضة محلية، والصوماليون لن يقفوا، والشعب سينتفض ويقاتل وبالتأكيد سندعمه. ولدينا أيضًا أدوات أخرى يمكننا استخدامها عندما يكون ذلك مناسبًا.
البنك الدولي وصندوق النقد الدولي استعرضا اقتصاد الصومال، وأدركا أن الصومال مستعد الآن لإنهاء الديون الثقيلة
هناك تقارير تشير إلى مسارات التنمية التي تحققت مؤخرا.. فهل انعكس ذلك على المواطن الصومالي؟إذا عدت شهرًا واحدًا إلى ديسمبر/كانون الأول، ستجد أن الصومال انضم إلى مجتمع شرق أفريقيا، ويعد هذا أمرًا مهمًا جدًا، فلقد قاموا بتقييمهم وقبلوا الصومال ليكون عضوًا.
لقد استعرضت الأمم المتحدة أيضًا إدارة الأسلحة في الصومال، واتفقت على أنه يجب رفع الحظر. لقد كان ذلك الحظر الأطول والأكثر شمولا على أي بلد في العالم لأكثر من 30 عامًا، وقد رُفع الآن.
كما استعرض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اقتصاد الصومال، وأدركا أن الصومال مستعد الآن لتسديد الديون الثقيلة. وهذا العام، كنا مستعدين للذهاب أبعد من ذلك نحو التطور الاقتصادي، وكنا نتوقع بدء مشاريع كبرى، لذلك فإن الصومال على طريق التقدم، وشهدنا الكثير من النجاح في الأشهر القليلة الماضية، وأصبح العالم الآن لديه ثقة في نظام الحكم في الصومال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إقلیم أرض الصومال فی البحر الأحمر هذا الاتفاق حرکة الشباب عن ذلک
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: الاتفاق على قمة مصرية صومالية إريترية ومواصلة دعم مقديشيو عسكريا
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي،اليوم، بقصر الاتحادية الرئيس الصومالي د. حسن شيخ محمود، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين، كما تم التوقيع على الإعلان السياسي المشترك لترفيع العلاقات بين مصر والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية وقعه الرئيسان، إلى جانب عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين وقعهم وزيرا خارجية الدولتين.
وقد عقد الرئيسان مؤتمراً صحفياً في ختام الاجتماعات، وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس في المؤتمر الصحفي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى فخامة الرئيس الدكتور/ حسن شيخ محمود..
رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة،
يسعدنى بداية، أن أرحب بفخامتكم، وبالوفد المرافق فى بلدكم الثانى "مصر" .. حيث تأتى زيارتكم الكريمة، لتؤكد على الروابط والعلاقات الوطيدة بين بلدينا وشعبينا، التى تعود إلى زمن بعيد.
كما تأتي زيارتكم، أخى فخامة الرئيس، فى وقت شهدت فيه العلاقات بين مصر والصومال.. تطورا كبيرا .. حيث يعد لقاؤنا اليوم، رابع لقاء يجمعنا منذ يناير 2024، لتلبية المصالح المشتركة لدى شعبينا الشقيقين.
السيدات والسادة الحضور،
لقد تباحثت مع أخى فخامة الرئيس "حسن شيخ محمود"، حول مختلف القضايا والتطورات الإقليمية، بما فى ذلك الأوضاع الأمنية والسياسية فى منطقة القرن الإفريقى، وأمن البحر الأحمر حيث توافقنا على ضرورة تكثيف الجهود، للحفاظ على السلم والأمن فى تلك المنطقة الحيوية، المؤثرة على الأمن العالمى.
كما اتفقنا على ما مثلته "قمة أسمرة"، بين مصر والصومال وإريتريا، التى عقدت فى 10 أكتوبر 2024، من نقلة نوعية فى العلاقات والتنسيق بين بلداننا حيث شهدت المباحثات، سبل تعزيز التنسيق فى الموضوعات الإقليمية، فى إطار الحرص على دعم الصومال الشقيق، كركيزة أساسية فى استقرار منطقة القرن الإفريقى.. واتفقنا على أهمية عقد قمة ثلاثية ثانية، لتعزيز هذه الشراكة.
تناولنا أيضا خلال مباحثاتنا اليوم، مجمل تطورات العلاقات الثنائية بين البلدين .. حيث ناقشنا التقدم المحرز فى المجال الاقتصادى، بعد تسيير خط مصر للطيران بين القاهرة ومقديشيو.. واتفقنا على
ضرورة الحفاظ على الزخم القائم، وتدعيم علاقاتنا الثنائية خلال الفترة المقبلة، بإجراءات إضافية ومحددة، فى مجالات الصحة، والتعاون القضائى، وبناء القدرات، وغيرها من المجالات.
وفيما يخص المجال العسكرى، اتفقنا على مواصلة العمل المشترك، تفعيلا لبروتوكول التعاون العسكرى، الموقع بين البلدين بالقاهرة، فى أغسطس 2024 .. بهدف تدعيم قدرات الدولة الصومالية ومؤسساتها الوطنية، لحفظ الأمن والاستقرار، ومكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
وفى هذا الإطار، ناقشنا باستفاضة، مسألة مشاركة القوات المصرية، فى بعثة الاتحاد الإفريقى الجديدة فى الصومال.
واسمحوا لي أن أتحدث عن مشاركتنا في هذه البعثة، التي تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال، ولا تهدف إلى تهديد أي دولة… مشاركتنا إيجابية، فعلي مدار أكثر من ٣٠ عاما ونحن نتألم لما يحدث في الصومال… مشاركتنا تهدف في الأساس للتضامن مع الأشقاء في الصومال…
الحضور الكريم،
إننا هنا اليوم، لإطلاق عهد جديد من التعاون العميق، حيث وقعت وأخى فخامة الرئيس "حسن شيخ محمود"، إعلانا سياسيا مشتركاً، لترفيع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية .. بما يشمله ذلك من محاور سياسية، وعسكرية، وثقافية، واقتصادية أخرى .. حيث يقضى الإعلان، بإجراء مشاورات سياسية سنوية على مستوى القمة، لمتابعة مجمل تطورات العلاقات بين بلدينا، واستشراف إجراءات تعزيز التعاون فى مختلف المجالات.
كما يسعدنى أن أشهد اليوم - مع أخى فخامة رئيس الصومال - مراسم التوقيع على مذكرة التفاهم بين وزارتى الخارجية فى مجال التدريب الدبلوماسى.. فضلا عن اتفاق تبادل الإعفاء من تأشيرات الدخول، لحاملى جوازات السفر الدبلوماسية من بلدينا، بما يعزز من آليات المشاورات والتنسيق السياسى، بين مصر والصومال.
أخى فخامة الرئيس،
ستظل مصر دائما، داعمة لإخواننا فى الصومال، وسنعمل معا لتحقيق المزيد من الإنجازات.. فأمن واستقرار بلدكم الشقيق.. "جزء لا يتجزأ من أمننا القومى".
مرة أخرى، أهلا وسهلا بكم - أخى فخامة الرئيس - ضيفا عزيزا كريما، فى بلدكم الثانى "مصر".