قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالإنابة بجمهورية الصومال علي محمد عمر إن الاتفاق الذي أُبرم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال "غير قانوني تمامًا، وخارج نطاق القواعد الدولية، ويعد تعديا على سيادة الصومال، وتهديدا لوحدته واستقلاله، والصومال سيعارض ذلك".

وأضاف -في حوار خاص مع الجزيرة نت على هامش زيارته للعاصمة القطرية الدوحة- أن هذا الاتفاق "ليس صفقة تجارية"، ويمنح الحكومة الإثيوبية مساحة في الشمال الإثيوبي تمارس السيادة عليها من أجل إقامة قاعدة عسكرية وميناء بحري، في مقابل الاعتراف باستقلال إقليم أرض الصومال.

كما أشار وزير الدولة بجمهورية الصومال الفدرالية إلى أن حركة الشباب "ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك"، لكن الحكومة الصومالية نجحت "في طردها بعيدًا عن مقديشو"، لولا مذكرة التفاهم التي وقعها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع إقليم أرض الصومال مؤخرا.

وعن التهديدات الحالية التي تتعرض لها الملاحة البحرية في البحر الأحمر، قال علي محمد عمر إن الصومال يرغب في أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية في باب المندب لأن نحو 20% من التجارة العالمية تمر عبره، لكن يجب أيضا وضع حل لجذور الأزمة عبر وقف العدوان على الشعب الفلسطيني ووقف الإبادة الجماعية في حقه.

وإلى تفاصيل الحوار..

ما طبيعة مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال؟

أولا- يمكن للكيانات المتوافقة أن تبرم صفقة، لكن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ورئيس إقليم أرض الصومال غير متوافقين، لذا فإن الاتفاق غير قانوني على الصعيد الدولي، وهو خطأ تماما، ولا يتوافق مع معايير القوانين الدولية.

ثانيًا- الصفقة التي تمت -إذا افترضنا أن ما يقوله الإعلام صحيح- ليست صفقة تجارية، وتحتوي على 4 مكونات مختلفة:

المكون الأول: تخصيص قطعة أرض بمساحة 90X20 كيلومترًا بعيدًا عن الصومال لصالح إثيوبيا، لذلك يمكن للحكومة الإثيوبية أن تدير تلك المنطقة، ومن ثم فإن هذا الاتفاق يمنح إثيوبيا ممارسة السيادة على تلك المنطقة. المكون الثاني: إثيوبيا تريد إقامة قاعدتين بحرية وعسكرية في البحر الأحمر، لأنها لا تمتلك هذا حاليا. المكون الثالث: ستتمكن إثيوبيا من إقامة ميناء تجاري خاص بها. المكون الرابع: وفي مقابل ذلك، سيعترف الإثيوبيون باستقلال إقليم "أرض الصومال".

حركة الشباب ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك

وإذا نظرنا إلى ما تفعله حركة الشباب اليوم فهي تجعل الصومال غير آمن، ولكنها -مع ذلك- لا تؤثر على سيادتنا، ولا تؤثر على استقلاليتنا، ولا تؤثر على وحدتنا، أما هذا الاتفاق فإنه يؤثر على كل تلك الأمور، لذا فهو أكثر خطورة على الصومال من حركة الشباب، وعلينا أن نحاربه بشكل أقوى من الطريقة التي نحارب بها الحركة.

ما نتائج زيارتكم الحالية للدوحة؟ وهل لها علاقة بطبيعة التطورات في شمال الصومال؟

هذه الزيارة كان مُخططا لها سابقا، ولدينا قضايا ثنائية مختلفة لمناقشتها، وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الرحلة مجدولة بالفعل ظهرت مشكلة "أرض الصومال" في الأول من يناير/كانون الثاني الحالي، حيث وقّع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ما يسمى مذكرة تفاهم مع رئيس إقليم أرض الصومال.

وهذا ليس المعتاد أن يوقع رئيس وزراء لدولة ذات سيادة للاتفاق مع حاكم أو رئيس إقليم في دولة أخرى، هذا غير قانوني تمامًا، وخارج نطاق القواعد الدولية، ويعد تعديا على سيادة الصومال، وتهديدا لوحدتها واستقلالها، والصومال سيعارض ذلك.

وجزء من زيارتي كان يهدف إلى مناقشة أولوياتنا في هذه المسألة مع إخواننا القطريين وأكثر من ذلك، لأنه في البداية يجب عليك بذل الكثير من الجهد الدبلوماسي، وكانت هذه الرحلة جزءًا من ذلك.

ما موقف الصومال من التهديدات الحالية المتعلقة بحركة الملاحة في البحر الأحمر؟

البحر الأحمر طريق مهم جدًا، ويمر خلاله نحو 15 إلى 20% من التجارة العالمية، عبر ممر صغير بين باب المندب والبحر الأحمر، وسلامته وأمنه مهمان جدًا، وأي انقطاع في هذا الطريق يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى مناطق كثيرة حول العالم، كما يرفع أسعار المنتجات، ويزيد مستوى القلق في المنطقة.

اليوم، نرى الحوثيين على الجانب الآخر من البحر الأحمر يتحدون مع الفلسطينيين، ويحاولون المساعدة. ورغم أن سبب هذا التحالف مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه إبادة جماعية جيد، لكن في الوقت نفسه قد لا يكون تعطيل حركة التجارة العالمية هو الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، لذا يريد الصومال أن تكون حركة الملاحة البحرية سليمة جدًا.

كما نود حل السبب الجذري لهذه المشكلة في غزة، والتي تحتاج إلى حل في وقت أقرب مما نتوقع، ويجب منع الإبادة الجماعية.

وكيف يؤثر ذلك على أمن الصومال؟

الآن، تسمع في الأخبار عن ارتفاع نسبة القرصنة، رغم أنها توقفت في الصومال منذ 7 سنوات، والارتفاع الحالي -خاصة في البحر الأحمر- يعود إلى الانفلات الأمني في المنطقة، وانعدام الأمن في مكان ما سيؤثر بالطبع على جيرانه، وبالتأكيد سيؤثر على الصومال.

هل ما زالت حركة الشباب تمثل تهديدا لاستقرار البلاد؟ أم انحصر وجودها بعيدا عن العاصمة مقديشو؟

علينا أولا أن نتحدث عن السبب الأساسي لوجود حركة الشباب، فقد ظهرت بعد اجتياح القوات الإثيوبية للصومال بين عامي 2006 و2007، واستفادت من الغضب المتولد عن ذلك، وعلى مدى 16 عامًا الماضية كانت الحكومات الصومالية تقاتل الحركة.

ولكن في الـ12 شهرًا الماضية، قمنا بطرد حركة الشباب بعيدًا عن مقديشو، إلى ما يقرب من 500 كيلومتر إلى منطقة مودوغ، وكنا نحقق تقدما كبيرا، ولكن ما حدث في الأول من يونيو/حزيران الحالي حوّل انتباهنا، ونحن قلقون من أنه إذا لم يتم حل هذه المشكلة فقد تصعد حركة الشباب مرة أخرى.

نتوقع قريبًا أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا وزاريًا، ونأمل أن نحظى بدعم كامل من إخواننا

وأيضًا الأزمة التي قد تحدث في الجزء الشمالي من الصومال، حيث تحاول إثيوبيا التواجد قد تؤدي إلى انتفاضة أخرى، ومن ثم تجنيد الشباب من جديد.

لذا فإن وجود حركة الشباب في منطقة شمال الصومال، ووجود الحوثيين في الجانب الآخر من البحر الأحمر سيغلق بالتأكيد هذه الممر البحري بأكمله.

واليوم، الناس مشغولون جدا بالحرب في غزة وأوكرانيا، ولكن ما قد يحدث في البحر الأحمر -إذا استمرت هذه الأزمة، وبدأت الجماعات الإرهابية الاستفادة من الانتفاضة في الشمال- سيخلق أزمة هائلة لم يشهدها العالم من قبل. وما يقلقني هو أنه لا يتم إعطاء اهتمام كافٍ للأخطاء التي ارتكبها رئيس الوزراء الإثيوبي، وما قد ينتج عن ذلك من التجاوز على السيادة الصومالية على أراضيها.

هل حصل الصومال على أي دعم من الاتحاد الأفريقي أو المنظمات الدولية الأخرى؟

نعم، دبلوماسيًا لدينا دعم كامل من المجتمع الدولي، ولم أر دولة واحدة تقف مع إثيوبيا اليوم. وهناك دعم من الاتحاد الأفريقي للصومال وكذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسيكون هناك اجتماع لمنظمة إيغاد في الـ18 من هذا الشهر في كمبالا.

كما سيكون هناك اجتماع لمجلس الأمن والسلام في الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بالإضافة إلى اجتماع لمجلس الأمن في نيويورك، وكلها تدعم الصومال.

وهل هذا الدعم الدبلوماسي كفيل بإنهاء أزمة هذا الاتفاق؟ وهل تلجأ الدولة الصومالية  لخيارات أخرى؟

سياسيًا، حتى الآن نحن راضون جدًا، ونتوقع قريبًا أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا وزاريًا، ونأمل أن نحظى بدعم كامل من إخواننا. وحتى الآن الدعم السياسي الذي لدينا جيد بما فيه الكفاية.

ومع ذلك لدينا الكثير من الخيارات والأدوات التي في جعبتنا، والتي سنستخدمها حسب مستوى التصعيد من الجانب الإثيوبي، فمثلا ستكون هناك انتفاضة محلية، والصوماليون لن يقفوا، والشعب سينتفض ويقاتل وبالتأكيد سندعمه. ولدينا أيضًا أدوات أخرى يمكننا استخدامها عندما يكون ذلك مناسبًا.

البنك الدولي وصندوق النقد الدولي استعرضا اقتصاد الصومال، وأدركا أن الصومال مستعد الآن لإنهاء الديون الثقيلة

هناك تقارير تشير إلى مسارات التنمية التي تحققت مؤخرا.. فهل انعكس ذلك على المواطن الصومالي؟

إذا عدت شهرًا واحدًا إلى ديسمبر/كانون الأول، ستجد أن الصومال انضم إلى مجتمع شرق أفريقيا، ويعد هذا أمرًا مهمًا جدًا، فلقد قاموا بتقييمهم وقبلوا الصومال ليكون عضوًا.

لقد استعرضت الأمم المتحدة أيضًا إدارة الأسلحة في الصومال، واتفقت على أنه يجب رفع الحظر. لقد كان ذلك الحظر الأطول والأكثر شمولا على أي بلد في العالم لأكثر من 30 عامًا، وقد رُفع الآن.

كما استعرض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اقتصاد الصومال، وأدركا أن الصومال مستعد الآن لتسديد الديون الثقيلة. وهذا العام، كنا مستعدين للذهاب أبعد من ذلك نحو التطور الاقتصادي، وكنا نتوقع بدء مشاريع كبرى، لذلك فإن الصومال على طريق التقدم، وشهدنا الكثير من النجاح في الأشهر القليلة الماضية، وأصبح العالم الآن لديه ثقة في نظام الحكم في الصومال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إقلیم أرض الصومال فی البحر الأحمر هذا الاتفاق حرکة الشباب عن ذلک

إقرأ أيضاً:

الملء الأخير لسد النهضة.. ماذا تريد إثيوبيا؟ ولماذا لا تُستأنف المفاوضات؟

برزت قضية سد النهضة مرة أخرى إلى الواجهة في مصر، حيث تشير وسائل إعلام محلية إلى نية إثيوبيا في بدء عملية تعبئة جديدة للسد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مع حلول موسم الفيضان، وذلك بعد مرور ما يزيد عن 6 أشهر على فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم.

والعام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، انتهاء عملية التعبئة الرابعة، "الأخيرة"، لسد النهضة الضخم، الذي شرعت أديس أبابا في بنائه منذ أكثر من عقد على النيل الأزرق.

ومع ذلك، يقول خبراء مصريون ومن بينهم أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن أديس أبابا من المحتمل أن تقوم بملء جديد للسد خلال الأسابيع المقبلة، بعد الانتهاء من إتمام التعلية الأخيرة للجزء الأوسط من السد، وأن هذه التعبئة قد لا تكون الأخيرة.

ويضيف في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" إن "إثيوبيا أتمت بناء السد بنسبة 100 بالمئة، وتسعى إلى الوصول إلى السعة القصوى من المياه المخزنة، إذ يتبقى لها 23 مليار متر مكعب من المياه، ستقوم بتخزينها خلال موسم الفيضان الحالي، بهدف تشغيل توربينات توليد الطاقة الكهربائية، التي تستهدف تركيبها".

ويتابع: "لا تزال إثيوبيا تعمل على تركيب 5 توربينات إضافية بسد النهضة، وتأمل في إكمال تركيبها بنهاية هذا العام وتشغيل ما يمكن منها. وبذلك، يتبقى 6 توربينات أخرى يُتوقع تركيبها العام المقبل أو العامين المقبلين، من أصل 13 توربينا يتضمنها السد".

ومع ذلك، يقول شراقي إنه "إذا لم يتم تركيب التوربينات وتشغيلها، فإن تخزين المياه سيشكل ضغطا على السد. ولذلك، فإن قرار التخزين الجديد لم يتخذ بعد، ويتوقف على قدرة إثيوبيا على تركيب التوربينات وتشغيلها".

"مسارات التفاوض انتهت".. مصر تحدد موقفها بشأن سد النهضة أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية، الثلاثاء، انتهاء الاجتماع الرابع، الأخير، من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا، الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بإعداد الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف 4 أشهر . خسائر محتملة

تعتبر مصر والسودان السد الذي بدأت إثيوبيا تشييده عام 2011، وكلفها 4.2 مليار دولار، تهديدا لإمداداتهما من المياه، إذ طلبتا مرارا من أديس أبابا التوقف عن ملئه إلى حين التوصل لاتفاق بشأن سبل تشغيله.

في المقابل، يقع السد في قلب خطط التنمية بإثيوبيا، التي تعتبر الكهرباء المنتجة منه داعمة لتطور البلاد، وقد أعلنت لأول مرة في فبراير 2022، أنها بدأت توليد الكهرباء منه.

وينبع قلق مصر باعتبار أن السد يشكل تهديدا وجوديا؛ لأنها تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 بالمئة من احتياجاتها المائية، حسب شراقي، إذ يقول إن بلاده "ستتأثر في أحدث جولات التعبئة القادمة من السد الإثيوبي".

ويضيف: "مصر تتكبد خسائر اقتصادية ومائية في كل عملية من عمليات التعبئة، فمثلا كل مليار متر مكعب من المياه يتم تخزينه يكبد الاقتصاد المصري خسائر غير مباشرة تُقدر بحوالي مليار دولار".

ويتابع: "حصة مصر من مياه النيل تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وتغطي حوالي 50 بالمئة من احتياجات المواطنين، إذ يحصل الفرد على نحو 500 متر مكعب سنويا بينما يحتاج إلى 1000 متر مكعب، مما يعني أن هناك فقرا مائيا في البلاد".

وتتبنى مصر العديد من الإجراءات لتعويض النقص في حصة كل مواطن من المياه ورفع متوسط نصيب الفرد إلى 800 متر مكعب سنويا، وفق شراقي، من بينها "إعادة الاستخدام وتحسين نظم الري، واستيراد محاصيل جاهزة من الخارج، وهو ما يعد بمثابة استيراد للمياه بشكل غير مباشر".

ومع ذلك، يظل هناك عجزا قدره 200 متر مكعب، حسب ما يضيف أستاذ الموارد المائية، إذ يشير إلى أن "هذا العجز يتطلب استثمارات كبيرة في محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، واستبدال بعض المحاصيل مثل قصب السكر بمحاصيل تحتاج إلى مياه أقل وتعطي نفس إنتاج السكر".

وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025" وبأن مناطق في السودان الذي يعاني من حرب منذ أكثر من عام، حيث كان النزاع في دارفور قبل عقدين مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ، حسب وكالة فرانس برس.

وخلال الخمسين عاما الماضية، انخفض منسوب النيل من 3000 متر مكعب في الثانية إلى 2830 متر مكعب، أي أقل 100 مرة عن منسوب نهر الأمازون.

ومع انخفاض الأمطار وتكاثر موجات الجفاف في شرق أفريقيا، قد يتراجع منسوبه بنسبة 70 بالمئة، وفقا لأكثر توقعات الأمم المتحدة تشاؤما، التي نقلتها فرانس برس.

ويقول شراقي: "حاليا، تخسر مصر 23 مليار متر مكعب في فترة الصيف وخلال ملء السد الإثيوبي، ويتم تعويض هذه الكمية باستخدام مخزون السد العالي من السنوات السابقة".

وفي السنوات السابقة، كان يتم رفع منسوب سد النهضة تدريجيا وتخزين كميات محدودة من المياه، ولكن هذا العام فإن الوضع قد يكون مختلفا، حسب شراقي، الذي يقول إن إثيوبيا "باستطاعتها تخزين كامل الكمية المطلوبة هذا العام البالغة 23 مليار متر مكعب، وهو ما سيكون له تداعيات كبيرة".

ويضيف: " الأضرار الاجتماعية والبيئية تشمل السودان وإثيوبيا أيضا وليس مصر فقط، خاصة السودان الذي يعاني من نقص في المياه بشكل حاد بسبب عدم وجود مخزونات كافية لديه مثل مصر لتعويض النقص، وبالتالي ستكون المعاناة أكبر في الشهور المقبلة".

ويتابع: "القرار الآن بيد إثيوبيا، وقد يستغلون الفرصة لإتمام التخزين الكامل في ظل توقف المفاوضات".

بعد "انتهاء المسار التفاوضي".. ما سيناريوهات أزمة سد النهضة؟ أثار البيان المصري بانتهاء "مسار التفاوض" بشأن سد النهضة واحتفاظ مصر للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر، والذي قابله بيان إثيوبي يتهم القاهرة بـ"التحريف"، التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة بشأن الأزمة، وهو ما يوضحه مختصون لموقع "الحرة". فشل المفاوضات

ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن عن اتفاق، التي كان آخرها قبل ما يزيد عن 6 أشهر.

وفي ديسمبر 2023، انتهت جولة جديدة من مسار مفاوضات السد في أديس أبابا، دون تحقيق تقدم يذكر، والتي سبق إطلاقها في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بإعداد الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف 4 أشهر.

وتبادلت إثيوبيا ومصر الاتهام بإفشال المفاوضات الثلاثية، إذ تقول القاهرة إن الجولة الرابعة من المفاوضات لم تسفر عن أي نتيجة نظرا "لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث".

فيما ردّت إثيوبيا في بيان صدر عن وزارة الخارجية، قائلة إنها "بذلت جهودا وتعاونت بشكل نشط مع دولتي المصب لحل نقاط الخلاف الرئيسية والتوصل إلى اتفاق ودي"، متهمة مصر بأنها "تتبنى عقلية من الحقبة الاستعمارية وتضع العراقيل أمام جهود التقارب".

ويعتبر المحلل السياسي المصري، فادي عيد، أن إثيوبيا "تبنت خلال السنوات الماضية، سياسة المراوغة في المفاوضات التي لم تسفر عن أي حل".

ويقول لموقع "الحرة": "المفاوضات لم تأت سوى بالمراوغات والتلاعب من الجانب الإثيوبي مع مصر التي اتبعت كل الطرق الدبلوماسية الممكنة لحل هذه الأزمة، ولم تتردد في تبني أي مبادرة أو الخوض في أي مسار للوصول إلى حل".

ويتابع: "إثيوبيا نجحت في سياسة المماطلة بما فيه الكفاية حتى تمكنت من فرض الأمر الواقع على مصر".

بدوره، يحمّل المحلل السياسي الإثيوبي، أنور إبراهيم أحمد، مصر مسؤولية فشل المفاوضات، إذ يقول في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن بلاده "لا تراوغ، بل إن المطالب المصرية المتجددة والمتغيرة من وقت لآخر، أدت إلى إطالة أمد المفاوضات، وجعلها تبدو وكأنها محاولة لتعطيل بناء السد".

ويضيف: "منذ عام 2012 وحتى الآن، كانت المطالب المصرية متنوعة ومتغيرة. وهذا جعل إثيوبيا ترى أن مصر تحاول عرقلة تقدم المشروع، إذ كانت هناك نظرة إثيوبية مفادها أن مصر تحاول تعطيل بناء السد، لكن إثيوبيا لم تتوقف عن البناء".

وأوشكت إثيوبيا الآن على الانتهاء من بناء السد، وهذا أضحى شيء ملموس، حسب المحلل الإثيوبي، الذي يقول إن "الخلافات بين البلدان الثلاثة الآن تتركز على كمية المياه وطريقة التخزين وإدارة السد، وهي الخلافات الناجمة عن التغيرات في الموقف المصري".

وتطالب مصر بإبرام "اتفاق نهائي ملزم" بشأن ملء السد وتشغيله، وكذلك الحصص المائية لكل دولة، وهو ما ترفضه إثيوبيا، التي لا تعترف باتفاق أبرم عام 1959 بين القاهرة والخرطوم، ليست أديس أبابا طرفا فيه، تحصل مصر بموجبه على 66 بالمئة من مياه النيل سنويا والسودان على 22 بالمئة.

مصر تدخل على خط الأزمة "الصومالية-الإثيوبية".. وتوقعات بشأن الخطوة المقبلة تعكس تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأخيرة بشأن إثيوبيا مدى عمق الخلافات بين البلدين بشأن ملف المياه والأمن الإقليمي، وأثارت تساؤلات جديدة بشأن كيفية إدارة القاهرة لعلاقتها بأديس أبابا إحياء المفاوضات

تتباين آراء الخبراء بشأن إمكانية إحياء المفاوضات في المستقبل القريب، إذ يأمل شراقي أن تعود بلاده إلى المفاوضات مرة أخرى، إذ يقول خلال حديثه: "يجب على مصر أن تسعى لاستئنافها؛ لأننا المتضررون الأساسيون من هذا الوضع".

ويضيف: "من المهم لمصر أن تبادر بالمطالبة باستئناف المفاوضات، حتى لو كانت إثيوبيا غير مهتمة، ومعاناة السودان من انقسامات داخلية بفعل الحرب، إذ إن تأخير استئناف المفاوضات يضر بمصر بشكل أكبر، وقد يشعر المواطن المصري بالإحباط من جراء الملء الأحادي الجانب الذي تفرضه أديس أبابا".

في المقابل، يرى عيد أن "أي مفاوضات قد تعود إليها مصر الآن لن تكون ذات جدوى. وستمثل إخفاقا للإدارة الحالية".

ويضيف: "ما تم من الجانب الإثيوبي عدوان صريح وصارخ على حقوق مصر في مياه النيل. فما هي المفاوضات التي ستنجح بعد هذا العدوان الذي يهدد بإنهاء أمة بأكملها؟".

من جانبه، يرى المحلل السياسي الإثيوبي أنه "لا بديل عن المفاوضات بين البلدان الثلاثة، إذ لا يوجد خلاف يستمر مدى الحياة".

ويقول أحمد خلال حديثه: "رغم كل هذه التحديات، يجب أن تستمر المفاوضات. فالعلاقات بين الدول الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا) تمتد عبر التاريخ وهي ضرورية لمواجهة التحديات المشتركة؛ ليس التحدي فقط في بناء السد، ولكن في كيفية استفادة الدول الثلاث من التعاون المشترك من أجل مصلحة شعوبها".

ويضيف: "فشل المفاوضات السابقة كان يرجع إلى أزمة ثقة بين مصر وإثيوبيا من جهة، ومن جهة أخرى تغير مواقف السودان الداعم لكل بلد على حدة من حين إلى آخر. لذلك تميزت المفاوضات بحالة من الكر والفر".

ويختتم المحلل الإثيوبي حديثه بالقول: "لكن، رغم الفشل المتكرر، من الضروري أن تعود الأطراف الثلاثة إلى طاولة المفاوضات بروح جديدة تستند على الثقة المتبادلة وحسن النية والرغبة في التعاون".

التغير المناخي يقرع طبول "حروب المياه" بين دول الشرق الأوسط في عام 1992، حددت الأمم المتحدة يوم 22 مارس ليكون اليوم العالمي للمياه، بهدف إذكاء الوعي بالأمور ذات الصلة بالمياه، حيث تُنظَّم الاحتفالات لتسليط الضوء على أهمية المياه واستلهام الإجراءات الرامية إلى التصدي للأزمة العالمية للمياه.

مقالات مشابهة

  • الملء الأخير لسد النهضة.. ماذا تريد إثيوبيا؟ ولماذا لا تُستأنف المفاوضات؟
  • وزيرا خارجية إثيوبيا والصومال يجتمعان في تركيا لتخفيف التوترات الدبلوماسية
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل سفير إثيوبيا
  • «داعش» يعزز وجوده في منطقة الساحل الأفريقي
  • تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر
  • حركة يمنية جديدة تُعلن بدء عملياتها العسكرية ضد “إسرائيل” نصرةً لغزة
  • تداول 19 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر
  • الصومال: لا مفاوضات مع «الشباب» الإرهابية
  • خط طيران مباشر بين مصر والصومال بداية من يوليو القادم
  • حرب غزة: قصف إسرائيلي على مناطق جنوب القطاع وإيران تهدد بخيارات شاملة إذا شنت تل أبيب حربا على لبنان