إسرائيل تواصل الكذب.. وتدعي تشويه جنوب إفريقيا للحقيقة في قضية الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أدعت إسرائيل إن جنوب إفريقيا تشوه الحقيقة في قضيتها أمام محكمة العدل الدولية، حيث تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين، بحسب ما ذكرت "بي بي سي" اليوم الجمعة.
وقال المحامي الإسرائيلي تال بيكر لمحكمة العدل الدولية، إن جنوب إفريقيا قدمت "وصفا شاملا مضادا للوقائع" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، علي حد تعبيره.
وتقول جنوب إفريقيا إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في حربها في غزة. كما تطلب من المحكمة أن تأمر إسرائيل بوقف نشاطها العسكري.
وأشارت "بي بي سي" إلي أن محكمة العدل الدولية هي المحكمة العليا للأمم المتحدة ومقرها لاهاي في هولندا، وأن أحكامها ملزمة قانونا نظريا لأطراف محكمة العدل الدولية، والتي تشمل إسرائيل وجنوب إفريقيا، ولكن لا يمكن إجبار طرف علي تنفيذ الحكم.
وقدمت إسرائيل دفاعها للمحكمة بعد يوم من تقديم جنوب إفريقيا قضيتها.
ونوهت "بي بي سي" إلي أنه خارج ساحة محكمة العدل الدولية، أنشأت الشرطة طوقا أمنيا لضمان عدم اشتباك أنصار إسرائيل مع المؤيدين لفلسطين.
ورفع المؤيدين لغزة الأعلام الفلسطينية وتم رفع لافتات تظهر صورا لرئيس جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، في إشارة إلى أوجه التشابه التي رسمها الفريق القانوني لجنوب إفريقيا بين الوضع في غزة وحقبة الفصل العنصري السابقة في جنوب إفريقيا.
وتؤكد جنوب إفريقيا أن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي وقعت عليها الدولتان، والتي تلزم الأطراف بمنع حدوث الإبادة الجماعية.
ولفتت "بي بي سي" إلي استشهاد أكثر من 23350 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، استشهدوا على يد إسرائيل في الحرب، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
ويوم أمس الخميس، استمع قضاة المحكمة الـ 17 إلى محامي المحكمة العليا في جنوب إفريقيا تمبيكا نجكوكايتوبي الذي وصف كيف كانت "نية الإبادة الجماعية" الإسرائيلية واضحة "من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هجومها العسكري."
وقال إن إسرائيل لديها خطة "لتدمير" غزة، والتي تمت رعايتها من قبل قادة إسرائيل.
وقالت عديلة حسيم، التي تمثل جنوب إفريقيا أيضا، للمحكمة إنه "كل يوم هناك خسائر متزايدة لا يمكن إصلاحها في الأرواح والممتلكات والكرامة والإنسانية للشعب الفلسطيني."
وأضافت: "لا شيء سيوقف المعاناة، باستثناء أمر من هذه المحكمة."
وقالت جنوب إفريقيا في الأدلة التي قدمتها أمام المحكمة إن تصرفات إسرائيل "تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة القومية والعرقية الفلسطينية."
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جنوب أفريقيا إسرائيل غزة محكمة العدل الدولية ابادة جماعية محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب إفریقیا بی بی سی
إقرأ أيضاً:
مسار التدمير الذاتي: كيف وصلت المحكمة الجنائية الدولية إلى حافة الانهيار؟
فبراير 17, 2025آخر تحديث: فبراير 17, 2025
أحمد الخالد
شكّل الصراع بين فلسطين وإسرائيل تحديًا خطيرًا للمحكمة الجنائية الدولية. ومما زاد من إحباط المتضررين الذين علقوا آمالهم على هذه المنظمة، أن المراجعة انتهت بالفشل. وتواجه المحكمة الجنائية الدولية الآن مستقبلًا غامضًا.
ففي 7 فبراير/شباط، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، موفيًا بوعده الذي قطعه خلال حملته الانتخابية بمعاقبة المنظمة لإصدارها مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
ووفقًا للعديد من المحللين، فإن قرار ترامب بفرض قيود مالية وقيود على تأشيرات الدخول على موظفي المحكمة الجنائية الدولية وأي شخص يتعاون مع المحكمة في التحقيقات ضد مواطني الولايات المتحدة أو حلفائها قد يؤدي إلى انهيار المنظمة، وفي أسوأ الأحوال، إلى إنهائها بشكلها الحالي.
وردًا على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بيانًا حثت فيه الدول الأطراف على معارضة العقوبات الأمريكية، معتبرةً أن هذه الخطوة تضر بعملها المستقل والنزيه. وقد حظي هذا البيان بتأييد 79 دولة، لكن لم يكن له أي تأثير. وظل موقف واشنطن على حاله دون تغيير.
أصول المشاكل
في السنوات الأولى التي تلت تأسيسها، تناولت المحكمة الجنائية الدولية في المقام الأول الجرائم التي ارتكبها السياسيون أو العسكريون في أفريقيا. وبالتالي، كثيرًا ما اتُهمت المحكمة الجنائية الدولية بالانتقائية الجغرافية. وهذا ليس بالأمر المستغرب، حيث تكشف دراسة تاريخ التقاضي أمامها أن من بين 50 قضية نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية، وقعت 40 قضية في القارة الأفريقية.
ومع ذلك، فإن الانتقادات غير الجوهرية لم تعيق قدرة المحكمة الجنائية الدولية على العمل بفعالية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية. فقد تمكنت المحكمة الجنائية الدولية من الحفاظ على توازن المصالح الهش وتجنب الفضائح والامتناع عن الصراع مع القوى العالمية، على الرغم من وجود أسباب كثيرة تدعو إلى ذلك.
ومع ذلك، واجهت المحكمة الجنائية الدولية في السنوات الأخيرة هجمة كبيرة من الانتقادات. فقد وُجهت انتقادات عديدة للمنظمة، تراوحت بين اتهامات بتسييس القرارات والتدخل في الشؤون الداخلية.
ويمكن أن يُعزى رد الفعل العنيف هذا إلى حد كبير إلى محاولة المحكمة لعب دور أكثر بروزًا على الساحة الدولية. وعلى الرغم من أن أهدافها وصلاحياتها محدودة نوعًا ما، إلا أنها سعت إلى الاضطلاع بدور الحَكَم في العالم الذي لم يكن من الممكن الدفاع عنه في البداية. وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية لم تتدخل عادةً في المسائل السياسية الكبرى في وقت سابق، إلا أن محاولات التأثير على العمليات الدولية التي أثرت على مصالح القوى العظمى وحلفائها هي التي حفزت الأزمة التي تواجهها المحكمة الآن بشكل كامل.
المحكمة الجنائية الدولية تواصل هجومها
كان عام 2023 عامًا فاصلاً في تاريخ المنظمة. فقد حولت المحكمة الجنائية الدولية تركيزها بشكل كبير من أفريقيا إلى أوروبا والشرق الأوسط. وعلى خلفية النزاعات في أوكرانيا وقطاع غزة، تعرضت روسيا وإسرائيل، أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لهجوم من المحكمة الجنائية الدولية.
ولم تضبط المحكمة الجنائية الدولية نفسها وأصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيسي دولتين – الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية حاولت مقاضاة لاعبين عالميين كبار، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، على الجرائم التي ارتكبتها في أفغانستان، لكن المنظمة لم تجرؤ مع ذلك على تجاوز حدود الكلام. فقد هددت واشنطن المحكمة الجنائية الدولية برد قاسٍ إذا ما حاولت فتح تحقيق ضد مواطنين أمريكيين، واضطرت المنظمة إلى التراجع، وتركت أي مناقشات علنية حول هذا الموضوع.
أما في حالة روسيا وإسرائيل، فقد ذهبت المحكمة الجنائية الدولية إلى أبعد من ذلك وتعمدت تحدي الجهات الدولية القوية. ونتيجة للمواجهة المفتوحة، وجدت المحكمة نفسها في وضع صعب مع شرعية متنازع عليها وثقة مقوضة.
نتيجة سلبية
لا يزال من غير المعروف ما الذي كان يعول عليه المدعي العام كريم خان عندما أصدر مذكرة توقيف بحق بوتين ونتنياهو، ولكن النتيجة النهائية كانت مشكوكًا فيها، أو بمعنى أدق مدمرة للمنظمة نفسها.
أولاً، فتحت روسيا على الفور دعوى جنائية ضد خان وقضاة المحكمة الجنائية الدولية. وذكرت موسكو أن محاكمة بوتين كانت غير قانونية بشكل واضح، واصفةً قرار المحكمة بأنه” باطل قانونيًا“.
ثانيًا، كل ما حدث بعد الإعلان عن مذكرة اعتقال بوتين لم يؤكّد سوى تدني فعالية المحكمة الدولية، وكشف مرة أخرى عن مشاكل في تنفيذ الأحكام ومحدودية الاختصاص القضائي. حتى الدول التي وقّعت وصادقت على نظام روما الأساسي رفضت اعتقال بوتين خلال زياراته لأراضيها، الأمر الذي شكك في جدوى المحكمة الجنائية الدولية.
وبقراره هذا، دقّ ترامب المسمار الأخير في نعش المحكمة الجنائية الدولية، وأثبت أخيرًا أنه لا يحق لأي منظمة أن تملي إرادتها على القوى العالمية، لا سيما في القضايا التي تمس مصالحها الوطنية.
ونتيجة لذلك، وضع كريم خان، الذي يحمل الجنسية البريطانية، والذي تولى منصبه في عام 2021، المحكمة الجنائية الدولية على عتبة التصفية في غضون ثلاث سنوات فقط. قد يجادل البعض بأن هذا لم يحدث عمدًا وأن نواياه كانت حسنة. إلا أننا في النهاية نرى أن النائب العام خان، بحكم طموحه أو افتقاره إلى الحكمة، أو اعتماده على الرأي العام، قد شوه سمعة منظمة ذات سمعة طيبة استمرت أكثر من 20 عامًا، مما أدى إلى انهيارها بحكم الأمر الواقع.
ووفقًا لوسائل الإعلام الغربية، فقد استقال عدد من كبار الموظفين حتى قبل قرار ترامب لتجنب إدراجهم على قائمة العقوبات. أما البقية فقد حصلوا على رواتب عدة أشهر مقدماً، استعداداً لوقف التمويل.
تصحيح الأخطاء
على خلفية الأحداث الدراماتيكية الأخيرة التي أحاطت بالمحكمة الجنائية الدولية، طرح الكثيرون سؤالًا منطقيًا حول الحاجة إلى مثل هذه المنظمة. ففي نهاية المطاف، إذا لم يتم تنفيذ قرارات المحكمة، فما الحاجة إليها أصلاً؟
ومع ذلك، إذا أردنا أن نسترشد بالحقائق، فلا بد من الاعتراف بأن المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسها حتى عام 2023، كان نفعها أكثر من ضررها. فقد حققت المحكمة في عشرات القضايا التي نجحت في التحقيق فيها وحاكمت الجناة.
ولذلك، مع الأخذ في الاعتبار المزايا السابقة، فإن إصلاح المحكمة الجنائية الدولية لا يخلو من معنى. ومع ذلك، عند تصحيح الأخطاء، من الضروري النظر في طوباوية فكرة المحكمة الدولية العليا التي ستكون قراراتها ملزمة لجميع الدول دون استثناء.
وبناءً على ذلك، لا يمكننا الاعتماد على تحسين عمل الهيئات الحالية للمحكمة الجنائية الدولية وتطوير آليات لمنع الحالات التي تهدد عمل المحكمة. يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتجنب إصدار أحكام استفزازية، لا سيما ضد كبار مسؤولي الدولة. فمن الواضح أن إصدار حكم ضد رئيس أي دولة هو خطوة خطيرة، وإذا لم يكن بالإمكان تنفيذ الحكم بالكامل، فإن الحكم يعتبر خطوة سياسية شعبوية تهدف إلى إثارة غضب الرأي العام أكثر من كونه محاولة حقيقية لتحقيق العدالة.
لذلك، في مثل هذه الحالات، ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية ممارسة ضبط النفس وتجنب اتخاذ قرارات قاسية. وهذا من شأنه أن يبني الثقة في أحكام المحكمة الجنائية الدولية ويردع الدول الأخرى عن اتهام المنظمة بالتحيز والتسييس.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتمتع الأمين العام للمحكمة الجنائية الدولية بسمعة لا تشوبها شائبة. ولا ينبغي أن يثير حياده ونزاهته ذرة شك في نظر الرأي العام الدولي. وفي حال وجود أدلة على عكس ذلك، والتي قد تلقي بظلالها على عمل المنظمة، ينبغي إقالته من منصبه على الفور حتى تتضح جميع ملابسات القضية.
على سبيل المثال، عندما اتهمته إحدى مرؤوسات كريم خان السابقة بالتحرش الجنسي، مما أثار دهشة الجميع، لم يتم إيقاف الأمين العام عن العمل أثناء التحقيق فحسب، بل زُعم أنه كان متورطًا في علاقات شخصية للضغط على الشاهد لسحب الادعاء.
علاوةً على ذلك، وكما اتضح لاحقًا، كانت زوجة خان لفترة طويلة موظفة في هيئة الرقابة التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، وهي التي قادت التحقيق الداخلي ضد خان، كما أن الرئيس الحالي لهذه الهيئة كان أحد مرؤوسي خان وعمل معه مباشرةً في الماضي.
وتؤدي هذه الظروف إلى تهميش المحكمة الجنائية الدولية وتقويض مصداقيتها، مما يدل على انعدام الشفافية والمحسوبية المترسخة في أعلى هرم المنظمة.
الخاتمة
على الرغم من عيوبها، لا يمكن القول إن المحكمة الجنائية الدولية محكوم عليها بالفشل في نهاية المطاف. فقد انحرفت عن مسارها الأصلي، بعد أن صُممت كمؤسسة مستقلة، وتحولت إلى أداة ضغط مسيّسة تتأثر بالمحيط الدولي.
ولكن ما هو مقبول للبعض، لا يمكن أن يكون مقبولًا للبعض الآخر بشكل قاطع. لذلك، ولكي تستعيد المحكمة الجنائية الدولية سمعتها، يجب أن تصبح مرة أخرى نموذجًا للحياد وضبط النفس، وأن تحترم مصالح الأطراف الدولية الفاعلة مع الالتزام الصارم بمبادئ العدالة المستقلة. وإلا فإن المنظمة ستُحرم ببساطة من مستقبلها وستسقط في غياهب النسيان.