خريجو العلوم القضائية: طموحات من أجل صون العهد والوفاء بالعدل
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أكّد خريجو الفوج الرابع من الدارسين بالمعهد العالي للقضاء بنزوى على أهمية المقررات الدراسية القانونية التي خضعوا لها خلال فترة الدراسة التي استمرت عامين معبرين عن شغفهم بالعودة لجهات عملهم في سلك القضاء والقضاء الإداري والادعاء العام بطموحات أكبر وهمة وقَّادة للالتحاق بزملائهم وبدء مرحلة جديدة من حياتهم تقودهم إلى صون العهد والوفاء بالعدل، وتحقيق العدالة الناجزة مستلهمين من التوجيهات السامية نبراسًا ينير لهم طريقهم نحو تحقيق أهدافهم.
في البداية قال الخريج فضيلة القاضي أشرف بن شيخان العوفي خريج شعبة القضاء الإداري: نودع هذا الصرح العلمي الشامخ بعد أن خضنا فترة التدريب والتأهيل بنجاح، حيث كانت سنتين مليئتين بالجد والاجتهاد، استشعرنا خلالهما جسامة وعِظم الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقنا، ولنعود إلى مقر عملنا لنلتحق بمن سبقونا وكلنا حرص على تحقيق العدل بكل تجرد ونزاهة بما يضمن للناس حقوقهم، ويحفظ للدولة مصالحها ومكتسباتها.
فيما قالت وكيل ادعاء عام ثانٍ كلثم بنت سيف الشرقية خريجة شعبة الادعاء العام: "بعد أن اجتزنا مرحلة التدريب العلمي والعملي لهذه الوظيفة وخلاله كان للمعهد العالي للقضاء الدور الأكبر في تأهيلنا علميًا لنعود بشغف إلى جهات عملنا التي أوفدتنا، وكان للفترة التي قضيناها تأثير كبير من خلال دراسة المواد القانونية ذات الأهمية في مجال عملنا وتدريسنا لها بشكل أعمق وتأهيلنا من خلال البرامج التدريبية المتنوعة التي شملت جوانب التشريعات الجزائية ذات العلاقة بأعمال الادعاء العام وكذلك تدريبنا على أعمال التحقيق والتصرف في دوائر الادعاء العام؛ مؤكدة في حديثها بالقول نعود لنصبح أعضاء ادعاء عام مؤهلين لتولي الدعوى العمومية، وتمثيل المجتمع خير تمثيل معاهدين الله أن نكون على قدر الثقة لتحقيق الآمال المعقودة علينا.
وأشار حاتم بن علي الهنائي قاضٍ مساعد خريج شعبة القضاء: كان المعهد بوابتي لعالم تمنيته منذ الصغر وعشته بكل تفاصيله عبر صنوف العلم والمعرفة القضائية، وصقلت خلال برنامجه العملي مهاراتي على منصات القضاء الشامخ حتى وصلت إلى لحظة التتويج. بعد إنهاء متطلبات الدراسة وعودتنا لممارسة أعمالنا بالمحاكم نعاهد الله على صون العهد والوفاء بالعدل لنسهم بالرقي بالسلك القضائي وتحقيق العدالة الناجزة وبث الطمأنينة في المجتمع.
وتحدثت بدور بنت حمد الصقرية معاون إدعاء عام من دفعة شعبة الادعاء العام: بعد أن وفقنا الله في الانتساب إلى الادعاء العام التحقت مع زملائي وزميلاتي في مشوار مسيرة الدراسة بالمعهد العالي للقضاء، فقضينا عامين متعمقين في دراسة القانون بين فروعه المختلفة على يد كادر أكاديمي ذي كفاءة عالية علاوة على الحلقات التدريبية والمحاضرات. وكان لمقررات الدراسة والتطبيق العملي الدور الأبرز في صقل شخصياتنا وتكوين العقيدة القانونية التي ستكون المعينة لنا بعد الله في حمل الأمانة وأداء الواجب.
واختتم معاون إدعاء عام حمد بن خميس الخليلي خريج شعبة الادعاء العام من دفعة البسالة الحديث بالقول: نتطلع بكل شغف للعودة إلى مقر العمل بعد انتهاء العامين الدراسيين الأكاديمي والتطبيقي وحصولنا على شهادة الدراسات العليا في العلوم القضائية، أود أن أشيد بما قدم لنا من محاضرات علمية أكاديمية متعمقة في العلوم القضائية على أيدي أساتذة محاضرين على مستوى أكاديمي وعلمي رفيع، وزيارات لأغلب المؤسسات القضائية والقانونية، وندوات خارجية في شتى الموضوعات التي تهم الدارس بالمعهد العالي للقضاء؛ ونطمح إلى تطبيق ما درسناه والأخذ بزمام المبادرة في تحقيق الآمال المعقودة علينا.
يذكر أن الفوج الرابع من الخريجين ضم 79 من الدارسين، منهم ثلاثة وعشرون خريجًا يمثلون الدفعة السابعة من شعبة القضاء، وسبعة خريجين يمثلون الدفعة الثانية من شعبة القضاء الإداري، وتسعة وأربعون خريجا وخريجة يمثلون الدفعتين الخامسة والسادسة من شعبة الادعاء العام.
ويعتبر المعهد العالي للقضاء بنزوى الجهة الحكومية الوحيدة المتخصصة في التأهيل والتدريب القضائي والقانوني، حيث أنشئ بموجب المرسوم السلطاني رقم 35/2010 وافتتح مقره في عام 2011م بهدف تدريب القضاة المساعدين ومعاوني الادعاء العام، وتأهيلهم علميًا وعمليًا وتطبيقيًا للعمل في القضاء والادعاء العام؛ والعمل على الارتقاء بالمستوى العلمي والعملي للقضاة وأعضاء الادعاء العام وتدريب أعوان القضاء ومن في حكمهم من موظفي الادعاء العام وكذلك تدريب الموظفين القانونيين العاملين بالجهاز الإداري للدولة والمحامين العمانيين، كما يهدف المعهد إلى تنمية البحث العلمي وتأصيله في فروع الشريعة والقانون والقضاء وجمع وحفظ الدراسات والأبحاث والأحكام والمبادئ القضائية والشرعية.
ويلتحق للدراسة بالمعهد المعينون في وظائف قاضٍ مساعد أو معاون ادعاء عام ويمنح الخريج شهادة دبلوم الدراسات العليا في العلوم القضائية؛ كما تقام دورات تدريبية تستهدف موظفي الادعاء العام، والموظفين القانونيين في الجهاز الإداري للدولة والمحامين العمانيين.
وبانضمام هذه المجموعة من الخريجين يكون مجموع خريجي المعهد منذ إنشائه مائتين وأربعة وستين خريجًا وخريجةً، فيما نفّذ المعهد خلال العام المنصرم مائةً وخمسةً وخمسين برنامجًا تدريبيًا، التحق بها ثلاثةُ آلافٍ وستمائةٍ وأربعةَ عشر متدربًا ومتدربةً وبنهاية العام الفائت بلغ مجموع البرامج التدريبية التي عقدها المعهد منذ إنشائه ألفًا وواحدًا وستين برنامجًا تدريبيًا، التحق بها تسعةَ عشر ألفًا وخمسُمائةٍ وأربعةٌ وستون متدربًا ومتدربة من الكوادر القانونية في القطاع الحكومي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المعهد العالی للقضاء شعبة القضاء
إقرأ أيضاً:
تقرير: المشروع العثماني يقود طموحات تركيا في سوريا
لأكثر من عقدٍ من الزمان، ترأسَ بشار الأسد نظاماً قمعَ المعارضة، وأشعل حرباً أهلية مدمرة، وحوَّلَ سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة للقوى الإقليمية والعالمية. ويُمثِّل رحيله المفاجئ إلى روسيا نهاية حقبة سوداء في تاريخ سوريا الطويل والدموي.
تمتد تداعيات صعود نجم تركيا إلى ما وراء سوريا
وعلى الرغم من أن رحيل الأسد قد يبدو وكأنه نقطة تحوُّل، فهو ليس ستاراً يُسدَل على معاناة سوريا. وإنما يشير إلى بداية مرحلة جديدة في صراعات السلطة القديمة، التي رسمَت منذ فترة طويلة الخطوط العريضة لمفترق الطرق الحاسم للإمبراطوريات، وفق أندرو لاثام، أستاذ العلاقات الدولية في كلية ماكاليستر في سانت بول، بولاية مينيسوتا. النزعة العثمانية الجديدة
وقال لاثام، وهو باحث أول في معهد السلام والدبلوماسية، وباحث غير مقيم في مؤسسة أولويات الدفاع في واشنطن العاصمة، في مقاله بموقع صحيفة "ذا هيل" التابعة للكونغرس، من بين الجهات التي تتنافس على النفوذ في سوريا ما بعد الأسد، برزت تركيا بوصفها جهةً رابحة بوضوح.
Neo-Ottoman Turkey’s triumph over its regional rivals https://t.co/hcxecMkNj1
— The Hill (@thehill) December 24, 2024
على مدى العقد الماضي، اتَّبَعت أنقرة سياسة غالباً ما توصف بـ "النزعة العثمانية الجديدة"، وهو مصطلح يُلخِّص طموحها لاستعادة النفوذ على الأراضي التي كانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية. وتشير النزعة العثمانية الجديدة إلى إطار إستراتيجي وأيديولوجي، تسعى فيه تركيا إلى توسيع نطاق نفوذها الاقتصادي والسياسي والثقافي عبر المناطق الخاضعة تاريخياً للسيطرة العثمانية، بما في ذلك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبلقان.
وأشار الكاتب إلى أنه في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، استفادت تركيا باستمرار من هذا النهج لتوسيع نطاق وجودها في سوريا. في البداية، وُضِعَ تدخل تركيا في الصراع السوري في إطار الاستجابة للتهديد الكردي على طول حدودها الجنوبية والجهود الإنسانية الرامية إلى معالجة أزمة اللاجئين.
ومع ذلك، أصبحت دوافع أنقرة الأعمق واضحة عندما فرضت سيطرتها العسكرية على شمال سوريا، وشيَّدت البنية التحتية ونفذت سياسات تُعزِّز الثقافة التركية والحكم في المناطق المحتلة. وبحلول الوقت الذي سقط فيه الأسد، كانت تركيا قد رسَّخَت نفسها بوصفها الجهة الفاعلة الأجنبية المهيمنة التي تُشكِّل مستقبل سوريا.
وأوضح الكاتب أن الأسد لم يرحل عن منصبه من فراغ. وإنما كان رحيله نتيجةً لتحولات متغيرة بين القوى المتنافسة الرئيسة في سوريا، ألا وهي روسيا وإيران وتركيا والأكراد. وشاركت كل من هذه الجهات الفاعلة في الصراع السوري، غير أن إستراتيجية تركيا العثمانية الجديدة أثبتت أنها الأكثر قابلية للتكيف والديمومة.
“United States of Türkiye 2053”
says an impressive map which became viral on Greek ,Turkish and Arab social media and not only
The accuracy of the details on the map don’t matter but the visualization of Turkey’s expansionist project ! Turkey’s neo- imperialism at a glance… pic.twitter.com/vl13Q3jSxI
ورغم أن روسيا أدّت دوراً حاسماً في دعم نظام الأسد، فقد ضعف موقفها في سوريا بسبب حربها في أوكرانيا التي أنهكتها. ويسلط تنظيم موسكو لفرار الأسد إلى روسيا الضوء على حدود نفوذها.
وبالمثل، انحسر دور إيران. رغم أن طهران دعمت الأسد في البداية حفاظاً على "محور المقاومة"، فقد أدّى النهج البراغماتي لتركيا إلى تقويض إستراتيجية إيران الطائفية.
وفي الوقت نفسه، قُوِّضَ الأكراد السوريون، الذين سعوا إلى الحكم الذاتي في خضم فوضى الحرب، من خلال العمليات العسكرية التركية والمناورات الدبلوماسية، مما جعلهم عرضةً للخطر في ظل تقليص الولايات المتحدة لوجودها الإقليمي.
أسباب النجاح التركي في سوريا
وعزا الكاتب نجاح تركيا في سوريا ما بعد الأسد إلى إستراتيجيتها متعددة الأوجه التي تجمع بين القوة العسكرية والاستثمار الاقتصادي والجاذبية الأيديولوجية. وقد فرضت تدخلاتها العسكرية سيطرتها على المناطق الرئيسة في شمال سوريا، مما أدى إلى إقامة منطقة عازلة تُؤمِّن حدود تركيا وتُعزِّز التسوية السياسية المستقبلية في سوريا.
وفي الوقت نفسه، ضخّت أنقرة الموارد لإعادة بناء البنية التحتية في المناطق التي تحتلها تركيا، مما عزَّز التبعية وخلق شعوراً بالاستقرار غابَ عن أماكن أخرى في سوريا.
ومن الناحية الثقافية، تتجلى رؤية تركيا العثمانية الجديدة في تعزيز اللغة والمناهج التركية، فضلاً عن التكامل الاقتصادي الذي يربط هذه المناطق برباط أوثق بأنقرة.
وتمتد تداعيات صعود نجم تركيا إلى ما وراء سوريا. فإذ تعيد تركيا تأكيد ذاتها خليفةً للإمبراطورية العثمانية، فهي تعيد تشكيل النظام الإقليمي الذي أُنشئ بعد الحرب العالمية الأولى. وهذا التحوُّل يُوهن إرث القومية العربية ويقدم نموذجاً عملياً للحكم يروق للسكان الذين أنهكتهم الحرب.
فضلاً عن ذلك، لدى تركيا القدرة على إعادة رسم التحالفات في الشرق الأوسط، إذ ربما تسعى دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى التعامل مع أنقرة لموازنة قوى إيران وروسيا.
وفي حين أن تصرفات تركيا لا تشي صراحةً بسعيها إلى إعادة رسم الحدود الوطنية، فإن إدارتها للأراضي السورية تطمس المفاهيم التقليدية للسيادة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل سوريا كدولةٍ موحدة.
تحديات تواجه مشروع تركيا العثماني الجديد
ومع ذلك، يقول الكاتب، إن مشروع تركيا العثماني الجديد لا يخلو من التحديات، مشيراً إلى أن أردوغان يواجه انتقادات داخلية بسبب الضغوط الاقتصادية والاستقطاب السياسي الذي تفاقم بسبب التدخلات المكلفة في الخارج.
وعلى الصعيد الدولي، تُخاطِر تركيا بإبعاد الشركاء الغربيين، بما في ذلك أمريكا وحلف شمال الأطلسي، بسبب المخاوف بشأن الميول الاستبدادية لأنقرة وتعاونها مع الجهات الفاعلة غير الغربية مثل روسيا.
فضلاً عن ذلك، من الممكن أن يثير الاستياء من السيطرة التركية في شمال سوريا مقاومة محلية، مما يهدد الاستقرار الذي تسعى أنقرة إلى ترسيخه.
وقال الكاتب: لقد شقَّت تركيا لنفسها طريقاً جديداً بوصفها خليفة للامبراطورية العثمانية. وما يزال من غير المؤكد ما إذا كانت النزعة العثمانية الجديدة تمثل إطاراً قابلاً للتطبيق للاستقرار الإقليمي أم شكلاً جديداً من أشكال الإمبريالية.