الأحرار والعبيد – جنوب إفريقيا نموذجاً / د.نبيل الكوفحي
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
خلق الله الناس احرارا ( متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، وتأتي العبودية ضمن حياة البشر اختيارية نتيجة عوامل نفسية وظرفية، ولم تكن العبودية جبرا لأحد حتى وان كان في الاسر او الحبس.
موقف جنوب افريقيا في دعوى الابادة الجماعيه على كيان الاحتلال يعبر عن دولة حرة، تحتكم لضمير انساني. لم يرتهن لمصالح مع الغرب مع كونها مستعمرة بريطانية سابقا، ولم يأت استجابة لعرى ” الأخوة العربية او الاسلامية” التي تربطها بالشعب العربي في فلسطين، ولا لحقوق جوار ولا اتفاقية دفاع مشترك كما حال “دول الجامعة العربية”.
ان هدا الموقف يعبر عن الارادة المستقلة، فكذب كل استقلال لأي دولة لا ينعكس بارادة حرة للدولة. ان هذا الموقف يدعوا للفخر لدى الاحرار اياً كانت بلدانهم ودياناتهم ولغاتهم والوانهم، موقف عبر عنه
رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا بكل وضوح : «يقول البعض إن الخطوة التي اتخذناها محفوفة بالمخاطر، نحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير، قد يهاجموننا، لكننا سنظل متمسكين بمبادئنا».
ان الحرية قيمة واحدة لا تتجزأ، ووصف واحد لا يتعدد، لذلك اطلقت على أصحابه ” الأحرار” ، بينما للعبودية أشكال وصور شتى، لذلك اطلقت على من يرزخون فيه ” عبيداً” بدون ” ال” التعريف. ان الفقير يبقى حرا وان جاع مالم يتاجر بعرضه وشرفه، لذا قالت العرب ( تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها). والاسير والسجين يبقى حرا مهما عذب و أوذي مادام ثابتا على مبدئه منحازا للحق ومصلحة الوطن. مات الشهيد عمر المختار وهو مكبل على أعواد المشانق لكنه بقي حراً بل أيقونة للحرية. ومات الشهيد صدام حسين على أعواد المشانق، ولا زالا محل فخر وترحم.
مقالات ذات صلة الرقص ما بعد الأزمة!! 2024/01/11هاهم المجاهدون الاحرار في غزة وفلسطين، يجتمع عليهم كل فراعنة الارض، يخذلهم الجار والأخ والصديق، يقدمون دمائهم شهداء وجرحى، لكنهم لم يرفعوا راية عبودية قط، ولن يرفعوها باذن الله. هذه الرؤوس المرفوعة وان كانت تنزف دما، والجباه العالية وان كان يعلوها غبار القصف الدمار ، هي التي جعلت دولة كجنوب افريقيا وغيرها تنتصر لهم،
ان الفراعنة يُعبّدون الناس لهم بطاعتهم خوفا منهم، وقد يكون غالب هذا التخويف منعا ” لمساعدات” وما آمنوا ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) او تهديدات بأمور صغيرة أخرى ولم يدركوا قوله ( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا).
ان التاريخ لا يفتح سجلاته الا للأحرار الشجعان فقط، وقد مر على البشرية الاف الجبناء والعبيد ممن تحكموا في رقاب العباد ولم يعد احد يعرف عنهم شيئا. في سجلات التاريخ خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو القائل ( فلا نامت اعين الجبناء)، وسجل فيه عبدالله بن رواحه رضي الله عنه وهو يحدث نفسه ( يا نفس ان لم تقتلي تموتي …)، كما سجل صلاح الدين الايوبي ومحمد الفاتح وقطز وغيرهم رحمهم الله.
شكرا لنلسون مانديلا ايقونة الحرية الذي اورث بلاده عزا وفخرا بمحبسه الطويل حتى حررها، وشكرا لأحفاده من جديد الذين سطروا سابقة تاريخية لم يسبقها لهم أحد. ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
هل هذا هو إسلامكم ؟
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
نحن نعلم ان الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين الموحدين، فهو دينُ الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وبعث به كل الرسل ليُبلغوه للناس، ودعا له الرسلُ ونشروه في أرجاء المعمورة، فهو أصلُ عقيدتهم التي اتّحدوا عليها، وانطلقوا منها، فكان هو دينهم جميعاً. .
ونعلم أيضاً ان المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، لكن بعضهم جعل السلامة مقتصرة على المسلمين وحدهم، فقالوا: المسلم من سلم المسلمون (وليس الناس) من لسانه ويده، ثم جاءنا التكفيريون ووضعوا قواعد جديدة اخرجوا بها عشرات الفرق من الملة، وأهدروا دماءهم، فما بالك بدماء الشعوب والأمم التي لا تنتمي إلى الإسلام ؟. .
المؤسف له ان الصورة التي نراها بأم أعيننا على أرض الواقع تختلف تماما عن كل المفاهيم الإسلامية العامة، وتتقاطع مع أبسط المبادئ الإنسانية في التعامل مع البشر على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم. فمنذ عام 1988 وهو العام الذي تأسس فيه تنظيم (القاعدة) في افغانستان، وعام 1992 الذي انطلقت فيه مذابح العشرية السوداء في الجزائر، وظهور تنظيم (داعش) في العراق والشام، ونحن نقف مندهشين ازاء ممارسات لم نألفها، ولم نسمع بها، وفتاوى ما انزل بها الله من سلطان، حيث صار القتل على الهوية، وفوجئنا بتفشي ظواهر بربرية جديدة تمثلت بسبي النساء واغتصابهن، والتفاخر بقتل الأطفال والتمثيل بأجسادهم، ومصادرة ممتلكات الناس باعتبارها من الغنائم. وظهرت لدينا حكومات غير متدينة (عربية وإسلامية) توفر الدعم المطلق لهذه الجماعات الارهابية التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين. .
قبل قليل كنت اشاهد مقطعا مصورا لواجهات الدكاكين المغلقة في الأسواق السورية، مكتوب عليها بأحرف كبيرة (سني) – (شيعي) – (درزي) – (علوي) – (مسيحي)، وشاهدت مقطعا موجها لإخواننا المسيحيين في الشام، يظهر فيه مسلح ملتحي يأمرهم بدفع الجزية. ولقطات مصورة لمسلحين يقتحمون القرى العلوية ويضرمون فيها النيران، ثم يقتلون شبابها ويسبون نساءها. .
فهل هذا هو الإسلام الذي ننتمي اليه ؟.
تارة يأمرون بمعاملة الحيوانات برحمة وعدل، ويقولون: ان الإحسان إليها بابٌ من أبواب الأجر والثواب. وتارة يطلقون النيران على الجموع الغفيرة من المدنيين بلا رحمة وبلا هوادة. .
هل امركم الإسلام ان تقتلوا العلويين والشيعة والمسيحيين والدروز ؟. لماذا ؟. على أي أساس ارتكزتم ؟. وما هو دليلكم ؟. ما هو النص من القرآن، وما هو النص من السنة النبوية ؟. .
ما مورس الآن بحق الطوائف السورية ليس انتقاماً، بل هولوكوست وابادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، يصورونها ويوثقونها ويتفاخرون بها. يقتلون الرجال والأطفال ثم يرمونهم من شاهق، أو يرمونهم في البحر، أو يحرقون جثامينهم كما حدث في بعض القرى والبلدات. فالساحل السوري يغرق الآن بدماء التصفيات حيث الاعدامات الميدانية، والفاعلون يتراقصون فوق جثث المغدورين، وكانت حصيلة القتلى في منطقة الساحل منذ السادس وحتى الثاني عشر من مارس 1225 مدنيا علوياً. بينما يؤكد بشار إسماعيل أنهم 22 ألف قتيل. .
فهل هذا هو اسلامكم يا جولاني ؟. .