حتى “الفلسطيني الميت” لا يسلم من الانتقام
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أحمد العبد :
حتّى الميت في فلسطين لا ينجو من يد الإرهاب الإسرائيلية، إلى حد بهتت معه المقولة الصهيونية القديمة: «الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت»، بعدما أضحى الميت الفلسطيني نفسه محور سياسة الانتقام الإسرائيلية، إذ كما مارست إسرائيل ضد الفلسطينيين الأحياء القتل والتهجير والتدمير والاعتقال والتعذيب، لم تستثنِ من ممارساتها تلك الشهداء الذين تُنتهك حرمة أجسادهم، إما باحتجازها في ثلاجات المستشفيات ومقابر الأرقام السرية، أو بالتمثيل بها، وذلك على غرار ما جرى قبل أيام في طولكرم، حيث هشّمت إحدى الدوريات العسكرية رأس شهيد بعد اغتياله.
ووصلت هذه السياسة الانتقامية، في بعض الأحيان، إلى حدّ سرقة أعضاء الأجساد والإتجار بها، أو تحويلها للدراسة في كليات ومعاهد الطب الإسرائيلية.والواقع أن احتجاز جثامين الشهداء ليس جديداً، بل هو سياسة منهجية مؤطّرة بغطاء قانوني وتنظيرات أيديولوجية تقوم على مبدأ «جمع الجثث».
وقد جرى تكثيف العمل بها منذ عام 2015 – بعد توقف لعدة سنوات -، مع بدء موجة من العمليات الفدائية في الضفة الغربية، بينما أقرّتها محكمة الاحتلال العليا رسمياً في عام 2019، لاستخدامها ورقة مساومة في المستقبل، عبر مبادلة الجثث مع أسرى إسرائيليين تحتجزهم حركة «حماس» في قطاع غزة منذ عام 2014.
وسجّلت هذه السياسة قفزة كبيرة جديدة منذ السابع من أكتوبر، حيث تحتجز إسرائيل مذّاك 51 شهيداً من الضفة الغربية، ليرتفع عدد الشهداء المحتجزين في مقابر وثلاجات الاحتلال إلى 455 (256 في مقابر الأرقام، و198 منذ عودة سياسة الاحتجاز عام 2015).
ومن بين هؤلاء 18 أسيراً ارتقوا داخل سجون الاحتلال، و22 طفلاً تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، و6 شهيدات (4 في مقابر الأرقام)، علماً أن تلك الأرقام لا تشمل الشهداء المحتجزين في غزة، لعدم توافر معلومات دقيقة حولهم.
وفي السياق، يقول منسّق «الحملة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء»، حسين شجاعية، إن «عام 2023 شهد تصاعداً كبيراً في احتجاز جثامين الشهداء، هو الأكبر منذ عام 2015، حيث احتجزت إسرائيل نحو 101 شهيد، بقي منهم 79 محتجزاً»، مشيراً إلى أن ذلك «جاء انعكاساً لقرارات “الكابينت” ومحاكم الاحتلال، بالتزامن مع تصاعد عمليات القتل والاعتقال والتنكيل التي ترتكبها إسرائيل».
ويؤكّد شجاعية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «التحكم بالحزن وما بعد الموت والحرمان من التشييع والدفن اللذين يليقان بالشهداء، كان يجري قبل 7 أكتوبر»، مستدركاً بـ«(أننا) رأينا أخيراً (بعد 7 أكتوبر) مشاهد أكثر انتقاماً ووحشية ودموية بحق الشهداء، والتنكيل بجثامينهم والتمثيل بها، وسحل جثامينهم بالآليات العسكرية ودهسها، وتشويه معالمها وتهشيمها، والإساءة إليها وإهانتها، وتركها لفترات زمنية في أماكن مفتوحة».
ولا يقتصر ذلك المشهد على الضفة، بل يمتد بصورة أكثر وحشية إلى قطاع غزة، الذي استغلّت إسرائيل عدوانها عليه لنقل جثامين مئات الشهداء، من المقابر إلى جهات مجهولة. وأثير هذا الملف أخيراً بعد أن أكّدت مصادر محلية وجود تغييرات في الجثامين تدلّل على سرقة الاحتلال للأعضاء، إذ اتهم «المكتب الإعلامي الحكومي» في غزة، العدو، بسرقة أعضاء من جثامين شهداء قتلهم شمالي القطاع، وهو ما تبيّن بعد أن سلّم الاحتلال جثامين 80 فلسطينياً كان احتجزهم لفترة خلال عمليته البرية.
وقال المكتب، في بيان: «بعد معاينة الجثامين، تبيّن أن ملامح الشهداء مُتغيّرة بشكل كبير»، مضيفاً أن الاحتلال سلّم «الجثامين المجهولة الهوية، ورفض تحديد أسماء أصحابها، كما تحديد الأماكن التي سرقها منها».
من جهته، يقول شجاعية إن «الاحتلال سلّم مجموعتين من جثامين الشهداء في غزة؛ الأولى تضم 11 شهيداً في خانيونس، والأخرى تضم 80 شهيداً في رفح، وقد بدت عليهم ملامح تدل على سرقة أعضائهم». وإذ أوضح أن تأكيد ذلك «بحاجة إلى توثيق من خلال تشريح الجثامين»، فقد ذكّر بـ«وجود سوابق لدى الاحتلال في سرقة جثامين الشهداء، وهناك اعترافات لمسؤولين إسرائيليين بذلك».
وكان «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» قد دعا إلى تشكيل «لجنة تحقيق دولية مستقلة»، وذلك بعد معاينة أطباء في غزة لبعض الجثث، وإفادتهم بسرقة أعضاء منها مثل قرنية العين وقوقعة الأذن والكبد والكلى والقلب، مشيراً إلى أن «لدى إسرائيل تاريخاً حافلاً في احتجاز جثث الفلسطينيين، إذ تحتجز في برادات خاصة جثث 145 فلسطينياً على الأقل، إضافة إلى حوالي 255 في مقابر الأرقام و75 مفقوداً ترفض الاعتراف باحتجاز جثثهم».
وذكر «الأورومتوسطي» أنه سبق أن «رصد تعمّد السلطات الإسرائيلية الإفراج عن جثث شهداء من سكان الضفة الغربية بعد مدة من احتجازها في درجة قد تصل إلى أربعين تحت الصفر، مع اشتراط عدم تشريح الجثث وهو ما قد يخفي وراءه سرقة بعض الأعضاء».
والجدير ذكره، هنا، أن إسرائيل تواجه اتهامات سرقة الأعضاء، منذ عقود، وذلك استناداً إلى شهادات وعدة معلومات، من بينها ما كشفته الطبيبة الإسرائيلية، مئيرة فايس، عن سرقة أعضاء من جثث فلسطينيين وزرعها في أجساد مرضى يهود، واستعمالها في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لإجراء الأبحاث عليها. كما أقرّ يهودا هس، وهو المدير السابق لـ«معهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل»، الذي تجري فيه عمليات التشريح، بـ«سرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلود لشهداء فلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، من دون علم أو موافقة ذويهم».
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي جثامین الشهداء مقابر الأرقام سرقة أعضاء فی مقابر فی غزة
إقرأ أيضاً:
“وول ستريت جورنال”: إطلاق سراح الأسرى تحول إلى مشهد مهين لـ “إسرائيل”
الثورة نت/..
سلّطت الصحف والمواقع العالمية الضوء على الغضب الإسرائيلي الداخلي حول مشاهد تسليم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، للأسرى الصهاينة أمس الخميس.
وفي هذا الإطار، قالت “وول ستريت جورنال” الأميركية إن حماس أرادت إرسال رسالة إلى العالم مفادها أنها لا تزال تتولّى القيادة في قطاع غزة، مشيرة إلى أنّ وسيلتها لتحقيق ذلك هي “تحويل عملية إطلاق سراح الأسرى الصهاينة إلى مشهد لا يستطيع كيان الاحتلال إسرائيل إيقافه”.
وبدأ هذا الأمر قبل نحو أسبوعين، عندما أطلق سراح أول دفعة من الأسرى الصهاينة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يتضمّن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى الاحتلال.
وبحسب الصحيفة فإنّ وتيرة هذا الاتجاه زادت أمس الخميس بإطلاق سراح الأسيرين من أمام أنقاض منزل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد يحيى السنوار.
ولكن هذه المرّة، واجه الأسرى صعوبة في الخروج من المركبات التابعة لحماس، مع تجمّع الحشود ومحاولات التقاط صور لهم، كما لم تكن سيارات الصليب الأحمر متوقّفة في منطقة قريبة هذه المرة، الأمر الذي اضطر الأسرى لمحاولة المرور بين تلك الحشود.
ووفقاً لمحللين إقليميين، تحرص حماس على جعل كلّ دفعة من دفعات إطلاق سراح الأسرى داخل غزة، مناسبة مدروسة بدقة متزايدة، حيث تستعرض قوتها وتحرص على إهانة وإذلال عدوها – ولكن في الوقت ذاته، تعرّض وقف إطلاق النار الهشّ للخطر، بحسب تعبيرهم.
وذكرت الصحيفة أنّ “ردّ فعل إسرائيل على هذا الاستعراض كان غاضباً”، حيث أكدت أنها لن تطلق سراح الأسرى الفلسطينيين الـ110، الذين كان من المفترض الإفراج عنهم ضمن الاتفاق، لكنّ الوسطاء، بمن فيهم المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، حاولوا الحفاظ على تماسك الاتفاق، وفي النهاية، أطلقت “قوات الاحتلال” سراح الأسرى كما كان متفقاً عليه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظلّ إسكات بنادقها وتمركز جنودها على أطراف غزة “لا تستطيع إسرائيل أن تفعل الكثير لمنع حماس من استعراض تسليم الأسرى”.
يأتي ذلك مع سماع الكثير من الأصوات الغاضبة من المسؤولين الصهاينة على مشهد القوة والتعافي اللذين أظهرتهما المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة.