صور| مجسمات تحاكي الماضي.. حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أحمد المسري - القطيف
تصوير أحمد المسري
أخبار متعلقة صور| مجسمات تحاكي الماضي.. حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقيةذكريات سوق القيصرية.. حكاية الأحساء التاريخية يرويها أصحاب المحلاتتميز الحرفي محمد المغيص، بتجسيد الماضي وصناعة ونحت المجسمات القديمة التي أصبحت اليوم من التراث، وذلك على وجهات منازل الشرقية.
وقال المغيص: ”أصنع المجسمات الخشبية منذ 27 عاماً، وبدأت أعلم أبنائي حتى أورث ذلك لهم، للاسهام في الحفاظ على التراث حتى لو كان بالمجسمات. فالواجهات القديمة للمنازل عالقة في أذهاننا، ونريد أن يشاهدها الجيل القادم“.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليومواجهات منازل الشرقية1
أضاف: ”أنحت البيوت والمنازل بالتراث القديم، والواجهات بتنوعها، والباصات، والصناديق الخشبية، والخباز، والبقالة، والأبواب بأنواعها، وحتى أجسد الشخصيات القديمة أيضاً ويوجد ذلك في بعض أعمالي، وكل ذلك بشكل التراث القديم وليس كما هي عليه الآن“.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليوموتابع: ”بداياتي كانت من صنع شيء صغير جداً حتى استهواني العمل فقمت بصناعة شيء أكبر حتى استهواني الأمر أكثر فبدأت بصناعة المجسمات بشكل كبير ومتنوع الأحجام والأشكال، وأضيف على الأعمال الألوان حتى يعطيها الشكل القديم التراثي، وإن دققت النظر في بعض الأعمال وتم تصويرها بشكل دقيق تشاهد الماضي حاضراً أمامك“.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليوموأوضح المغيص أن أكثر شيء يتم طلبه الصناديق الخشبية الخفيفة بتعدد أحجامها، ويؤخذ ذلك في المناسبات مثل القريقعون، كما يتم سحب منها للمواليد الصغار، ويكون ذلك بشكل كبير، وأسعار ذلك في المهرجانات يكون قليل، حيث يبدأ السعر من 50 ريالا ويزداد السعر بحسب الحجم والتطريز والمدة في صنع العمل.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليوموأضاف: ”يطلب منا صناعة الأبواب القديمة سواء كانت الخشبية منها أو الحديدية ذات التطريز المعروف، وأقوم بصناعة كل ذلك بالخشب، كما أن بعض أعمالي أضيف فيه اللبس القطيفي القديم والتي تلبسه العجائز وذلك من أجل الحفاظ على تراث المنطقة، فالاجيال اليوم لا تعرف هذا اللبس ويكاد لا نشاهده إلا نادرا“.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليومولفت المغيص إلى أنه يجسد بعض الموروثات القديمة مثل توزيع الأطباق في شهر رمضان المبارك، وهذا كله بالنحت والتجسيد بالخشب.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليوموختم المغيص حديثه قائلاً: ”أتمنى أن يستمر أبنائي في تعلم المهنة، وأن يواصلوا مسيرتي في الحفاظ على التراث“.
حرفي يجسّد واجهات منازل الشرقية - اليومالمصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: الشرقية أخبار السعودية التراث السعودي
إقرأ أيضاً:
هبطة سرور .. بهجة العيد تمتد إلى عبق الماضي
مع نسائم الفجر الأولى تنبض الحياة في قلب بلدة "سرور" بولاية سمائل. هذه القرية رغم ضيق ممراتها، إلا أنك تجد المتسع والرحابة في قلوب أهلها وزوار هبطتها القادمين من مختلف الولايات، حيث يتجمع الأهالي كبارًا وصغارًا نحو ساحة الهبطة، أو حسب ما يسميها البعض "الحلقة"، في إشارة إلى الحلقة التي يتم فيها البيع والمناداة على المواشي التي تتوسط مزارع القرية، متلهفين لاستقبال العيد بطقوس متوارثة تُبهج الروح وتُعطر المكان.
الأطفال يتسابقون بين ممرات القرية متلهفين، أعينهم تلمع شوقًا، وأيديهم تمسك بالألعاب والحلوى، وكأن الهبطة فسحة عيدٍ تسبق أيامه.
يقول مرشد بن خلفان الريامي، وهو يُعد بسطته منذ ساعات الفجر الأولى: "هذه الهبطة جزء من ذاكرتنا، ننتظرها من عام إلى آخر، نُعد لها كأننا نستعد للعيد نفسه، بالإضافة إلى كونها مصدر رزق قبل العيد، حيث نقوم بالتجهيز لشراء البضائع ومستلزمات العيد من الأسواق التقليدية كسوق مطرح لنقوم ببيعها بين أركان الهبطة، حيث نستعرض مستلزمات العيد من بهارات ومكسرات، بالإضافة إلى الحلويات وألعاب الأطفال المختلفة".
وعلى الجانب الآخر من الهبطة، تُسمع أصوات المزايدة على الأغنام، حيث تجمع عدد من الرعاة والدلالين، وبدأت النداءات تتعالى لجذب انتباه الحضور، لكن الأعداد هذا العام بدت أقل من المعتاد. ويقول عبدالله بن ناصر السيابي، أحد مربي الماشية: "الإقبال هذا العام كان ضعيفًا نسبيًا، والأسعار تراوحت بين 140 إلى 250 ريالًا عمانيًا، مع تجاوز بعض السلالات المميزة حاجز 300 ريال عماني، إلا أن حركة البيع لم تكن بنفس الزخم المعتاد".
وأرجع السيابي هذا التراجع إلى عدة أسباب، أبرزها ضعف القدرة الشرائية لدى الكثير من الأسر، وتوفر الأغنام المستوردة بأسعار أقل، إضافة إلى تراجع الإقبال على شراء المواشي في عيد الفطر مقارنة بعيد الأضحى، حيث يُفضل كثير من الناس الانتظار لشراء الأضاحي في الموسم الأكبر.
في وسط الهبطة، يقف العم سليمان بن خلفان بن حمود الجلنداني، محاطًا بأبنائه ومجموعة من الأصدقاء والزوار، يتحدث عن ذكريات هبطات الزمن الجميل حيث قال: "كنا ننتظرها بلهفة، ونتحمل مشقة السير إليها لمسافات كبيرة حرصًا على استكمال مستلزمات العيد منها، وها نحن نُعلّم أبناءنا وأحفادنا أن الهبطة أكثر من سوق، إنها ذاكرة ولقاء ومحبة". وتابع: "رغم التغيّر، إلا أن روح الهبطة باقية، فهي عنوان للعيد وفرحة الجماعة".
أما الأطفال، فهم أبطال المشهد، يمرحون بين بائعي الألعاب والحلوى، ويتنقلون من بسطة لأخرى، معبرين عن سعادتهم بطريقتهم الخاصة. تقول الطفلة ديما، التي يصطحبها والدها إلى الهبطة: "أنا أشتري كل سنة من هبطة سرور، أحب أن أختار ألعاب العيد والبالونات والحلوى"، بينما قال الطفل حواري بن ربيع الدغيشي بابتسامة عريضة: "الهبطة أحلى من العيد، نلتقي فيها كلنا ونلعب ونشتري كل شيء".
ما يُميز هبطة "سرور" هو موقعها المفتوح وسط الخِصب والبيوت القديمة، تحفها أشجار النخيل، ويمر بجوارها فلج البلدة، في منظر تتمازج فيه البساطة بالجمال. هناك، يلتقي الأهالي، يتبادلون التهاني، ويتذكرون قصص العيد أيام زمان، في لحظات تُجدد الصلة بالأرض والناس والفرح.
تختتم الهبطة فعالياتها قرابة الظهر، لكن أثرها يبقى، فكل زائر يحمل معه ذكرى وصورة ومذاقًا من أيام العيد. هبطة سرور، كما قال أحد الحضور، هي بداية العيد، وعبق لا يمكن نسيانه.
وسط هذا المشهد التراثي العابق برائحة العيد، تمتزج أصوات الباعة بنداءات الأطفال وضحكاتهم، وكأن الزمن يعود إلى الوراء ليحفظ لهذا التقليد بهاءه وأصالته، الهبطة بالنسبة للأهالي ليست مجرد سوق، بل هي لقاء القلوب قبل العيد، ومساحة تجتمع فيها العائلات، يتبادلون فيها الأحاديث والابتسامات، ويرسمون لحظات تبقى محفورة في الذاكرة.
في أحد الأركان، يجلس العم راشد بن حمد الرواحي،
ولأن العيد لا يكتمل إلا بالفرحة التي تتراقص في عيون الصغار، تتهافت الأمهات لشراء الملابس الجديدة والهدايا لأطفالهن، بينما يتفنن الباعة في جذب الزبائن بعروضهم وحكاياتهم الممتعة عن جودة بضائعهم.
عندما تقترب الشمس من كبد السماء، وتبدأ خيوط الضوء بالتسلل بين نخيل البلدة، يودّع الناس الهبطة محملين بأكياسهم، ولكن الأهم من ذلك، محملين بروح العيد ودفء اللقاء.