قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الفتوى مستقرة على مر العصور -وانطلاقًا من مبادئ الشريعة- على دفع وذم وتحريم كل ما يضر الناس كاحتكار الأقوات وغيره، والضرر المذموم هو قليل الضرر وكثيره، وفي كل الأمور، إلا ما دلَّ الشرع على إباحته لمصلحة شرعية.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس مضيفًا أن من المقرر شرعًا أنَّه: "لا ضرر ولا ضرار"، فهذه قاعدة فقهية من القواعد الكبرى التي يدور عليها غالب أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما ثبت عن رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، فضلًا عن أن الشريعة حرَّمت الضرر على الإنسان، وجرَّمَتْ إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل، وإذا وقع فينبغي رفعه وإزالته انطلاقًا من أحكام الشريعة السمحة التي تقضي بأن الضرر يزال.

وأشار فضيلته إلى إنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات، حيث إن الشرع الشريف قد نهى عن الاحتكار وحرَّمه، ودَلَّت النصوص الشرعية على أَنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، فقد اشتملت الأخبار على لعن المحتكر وتَوعُّدِه بالعذاب الأخروي الشديد، وكذلك تم وصفه بالخاطئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة.

وأضاف فضيلة المفتي أن المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها، وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار. فضلًا عن أن المال المكتسب من الاحتكار بلا شك هو مال مكتسب من حرام وجريمة، لأن الاحتكار جريمة وأكل لأموال الناس بالباطل. وينبغي أن يعلم هذا المحتكر أنه قبل توبته عليه رد أموال الناس التي أخذها منهم بطرق غير مشروعة.

وشدد فضيلة مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل بعض التجار الجشعين. فمَنْ يَسْتَغل ظروف الناس ويبيع بأسعار مُبالغ فيها فقد ارتكب مُحرَّمًا، للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس إلى مثل هذه السلع، فهو يضر الناس ويضيِّق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإضرار.

وناشد فضيلته التجار بضرورة الكسب الحلال وتحري الصدق والأمانة وتفعيل وترسيخ قيمة المراقبة مؤكدًا على أهمية الكسب الحلال وأهميته في تربية الأولاد تربية فيها بركة، مستشهدًا في ذلك ببركة مال والد الإمام البخاري، فقد ساعده هذا المال الحلال الطيب الذي ورثه من والده على نشر علمه في الآفاق بل عبر الأزمان والدهور.

وردًّا على سؤال عن حكم احتكار العملة الأجنبية لبيعها بسعر أعلى، وهل يدخل في الاحتكار المحرم، قال مفتي الجمهورية: «نعم، يدخل ذلك في الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا، ومرتكبُ هذا الفعل مرتكبٌ لإثمٍ كبير، لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شحِّ العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سَلْبًا في الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية، ويوقع المحتاجين في المشقة والحرج».

وشدد فضيلته على أنه لا يجوز التعامل في النقد الأجنبي إلا عن طريق البنوك وشركات الصرافة المعتمدة المرخص لها في هذا النوع من التعامل، والمال المكتسب مما يعرف بـ«تجارة السوق السوداء» كسبٌ غير طيِّبٍ.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السوق السوداء الدكتور شوقي علام المفتي عملات أجنبية احتكار

إقرأ أيضاً:

هل يجوز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته ؟.. الإفتاء تجيب

هل يجوز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مجدى عاشور مستشار مفتي الجمهورية السابق، وامين الفتوى بدار الإفتاء المصرية. 

 وقال مجدى عاشور : إن وقت صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، ومن فاتته صلاة التراويح حتى خرج وقتها ، يُسْتَحَبُّ له قضاؤها بعد صلاة الفجر أو في النهار ، على المفتى به ؛ لِعِظم أجرها ولأنها صلاة مؤقتة أي مقصودة لذاتها في وقتها ، وذلك أخذا بما ذهب إليه الشافعية وهو قول عند الأحناف. 

 واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال : " مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا " ، ولحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ مِنَ اللَّيْلِ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ النَّوْمُ أَوْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً" رواه ابن حبان .

هل يجوز أداء صلاة التراويح بأقل من 8 ركعات.. اعرف الموقف الشرعيحكم صلاة العشاء خلف جماعة التراويح.. دار الإفتاء توضحلماذا نصلي صلاة التراويح في رمضان؟.. لا تفوتها لـ10 أسبابهل يجوز صلاة التراويح ركعتين

قال مجدى عاشور:إن صلاة التراويح سنة مؤكدة ، و الفقهاء اختلفوا في أيهما أفضل : صلاتها جماعة في المسجد ، أم صلاتها منفردًا .

وأشار الى ان الأولين احتجوا بفعل سيدنا عمر رضي الله عنه ، والآخرين احتجوا بأصل فعلها منفردًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلاهما صحيح .

 عدد ركعات صلاه التراويح 

ونوه ان عدد ركعاتها عند جماهير الفقهاء عشرون ركعة ثم الوتر بثلاث ركعات ، وأصلها عند المالكية ست وثلاثون ركعة من غير الوتر ، وذهب بعضهم إلى أنها ثماني ركعات ، والكل صحيح ، وإن كان الأفضل ما ذهب إليه جماهير الفقهاء .

وأوضح انه فى حالة عدم الاستطاعة بالأخذ بأي من هذه الأقوال ، فليصل أقل من الثماني ولو ركعتين من غير الوتر ويكون له ثواب من قيام ليلة في رمضان ، على ما ذهب إليه بعض الشافعية ؛ فصلاة جزء منها خير من تركها كلها .

فضل صلاة التراويح

عدّ العُلماءُ بضعة َفضائل لقيام اللّيل، منها:

- عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بقيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهادًا عظيمًا.

- قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.

- قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.

- المحافظونَ على قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته، فقد مدح الله أهل قيام اللّيل، وعدَّهم في جملة عباده الأبرار.

-مدح الله أهل قيام اللّيل في جملة عباده الأبرار، فقال - عزَّ وَجَل -: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).

- قيام اللّيل أفضَلُ الصّلاة بعد الفريضة.

-قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ ومنهاةٌ للآثام.

-شرفُ المُؤمن قيام اللّيل.

-قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.

- من أسباب مغفرة الذنوب، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان

مقالات مشابهة

  • هل يجوز جمع الصلوات بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب
  • البنك المركزي يكشف أسماء البنوك التي قررت نقل مقارها إلى عدن تفادياً للعقوبات الأمريكية!
  • البنك المركزي يعلن أسماء البنوك التي وافقت على نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن
  • المفتي يوضح حدود الأمانة في العلاقة بين الزوج وزوجته .. ماذا قال؟
  • المفتي يوضح حدود الأمانة في العلاقة بين الزوج وزوجته «فيديو»
  • هل يجوز قراءة القرآن من المصحف في صلاة التراويح؟ الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته ؟.. الإفتاء تجيب
  • الاتحاد الآسيوي يضع خارطة طريق توضح المعايير التي ينبغي الالتزام بها
  • براءة اليوتيوبر أحمد أبو زيد من تهمة الاتجار في النقد الأجنبي
  • هل يجوز التفرغ للعبادة في رمضان وترك العمل؟ دار الإفتاء توضح