رحل الشاعر الكبير السيد حسن غازي الشهير بالسيد غازي، اليوم الجمعة، حيث سيواري الثري في أحد المقابر بمدينة كفرالشيخ، مدفونًا مع أحزانه وآلام التهميش المحمل بالفقر والعزلة، لم ينل السيد غازي،الشهرة التي نالها من هم أقل منه من أنصاف الموهوبين، ولم تكن له شلة تدفع به لدائرة الضوء وتلمعه.

عاني السيد غازي شاعر الأحزان من الحرمان والعوز والفقر، رغم أنه لو باع شعره وقلمه لجني الكثير من المال، عاش فقيرًا ومات على هذا النحة،  بداخل حجرة بالإيجار،  بمنطقة القنطرة البيضاء التابعة العشوائية لمدينة كفرالشيخ،يعانى كل صنوف الحرمان مابين الإهمال والتهميش وضيق ذات اليد.


يقول الشاعر والأديب أحمد زكي شحاتة زميل ورفيق السيد غازي،لم يتوقع أحد أن يُصبح الفتى الذى هجر مدرسته في الصف الرابع الابتدائي ليلتحق بالعمل في دكان أبيه، ليخلفَه في صناعته "نجارًا"، وكأنما طرقات "الجاكوش" تحولت فى أذنيه إلى تفاعيل "الخليل الفراهيدى"، التى وضعها بدوره على أساس طرقات النحاسين، فتكونت لديه الذائقة الموسيقية والتي ساعد فى ترسيخها هُيام والده بكوكب الشرق وإدارة المذياع على أغنياتها ليل نهار فى المنزل والورشة.
ويضيف،هنا أدركت الصبي السيد_غازي لوثة الشعر، فلم يلبث أن هجر العمل إلى الملتقيات الأدبية، وكبر السيد وكبرت معه موهبته، وازداد إعجاب مخالطيه يومًا بعد يوم بهذا الشاعر الذي يكتب الفصحى دون أن يلحن في وزن أو ضبط نحوي، رغم أنه لم ينل حظًا وفيرًا من التعليم الذى يؤهله ليكون ضليعًا فى اللغة والعروض.
وهو الأمر الذى حدا بالشاعر الراحل محسن الخياط أن يقول عنه: "لقد وُلِدَ عقادٌ جديد فى كفرالشيخ".
ولما بلغ السيد مبلغ الرجال، تزوج وأنجب "شادي" و"إيثار"، وفي ظهيرة يوم قائظ خرج "إيثار" الصغير يلهو أمام منزل أسرته وعاد لينتفض في حجر والده، الذي لم يملك رغم محاولات الأطباء دفع الحمى عن الفتى اليافع ليختطفه الموت من بين يديه.
وهنا خرج السيد غازي هائمًا على وجهه لا يلوي على شيء ينشد الشعر الحزين في ولده الراحل، وكأنما الحزن أبى أن يفارقه، منشدًا كلمات "هذارة.. كالويل رامية / كالرعد.. كالطوفان.. كالنار".
واختصته الأقدار بوابل من المآسي، فلم يكد يفيق من وفاة نجله حتى فشلت زيجته، فراح يردد:
"أعرف.. أكتر..أكثر.. أكثر/ أن اليوم الغائم / ثوب حداد يتأهب للمجهول/ أعرف حين يطول الليل على البشرية/ أن الشمس الذهبية/ تتلوى في قبضة غول"
ولم تفلح فرحته بصدور ديوانيه "قطرات من طوفان الغربة"، و"الوجه الهارب" عن هيئة قصور الثقافة في إزاحة غيوم الحزن عن سماء حياته، التي ما لبثت أن تلبدت مجددًا بعدما تعرض نجله الباقي "شادي" لمحنة ألقت به خلف القضبان، ليزداد حزن الشاعر ويتسع جب المعاناة لينطلق بلبلا صداحًا وحسونا مغردًا بأعذب الأشعار.
ومنذ أغسطس/آب 1958 وحتى يوم رحيله يعيش #السيد_حسن_غازي، داخل حجرة بالإيجار وسط حي القنطرة البيضاء بكفرالشيخ، يعاني كل صنوف الحرمان ما بين الإهمال والتهميش وضيف ذات اليد، حتى ردد البعض أنه اضطر لعرض دروع التكريم والجوائز للبيع لتوفير متطلبات الحياة.
ليردد: لكأنما الأهوال في جسدي/ تسعي بأنياب وأظفار/ تبغي دمًا ما حف من ضعة/ وأنا عليك معلق ثاري"، ويتساءل: "هل كنتُ نجمًا دونما ألَقِى/ أو نبتة من غير أمطارِ/ أو زهرة إلا برابيتي/ أو جدولًا إلا بأمطارى/ أوفتنة الا بحاليتي/ أو نغمة إلّا بأوتاري؟!.

ونعي الشاعر الكبير محمد الشهاوي،صديقة السيد غازي، واصفًا رحيله بأنه فادحة للشعر.

كما نعت مديرية الثقافة بكفرالشيخ، برئاسة أحمد الشهاوي مدير عام المديرية، الشاعر الكبير السيد غازي، متمنين له بالرحمة والمغفرة ولأسرته الصبر والسلوان، مشيرًا إلي أنه سيتم عمل حفل تأبين للشاعر الكبير يوم الخميس القادم، علي هامش انتخابات نادي الأدب.

received_758632256287254 received_739492787829960

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الشاعر الکبیر

إقرأ أيضاً:

ملهمات

ملهمات
حبايبنا
منى عبد الرحيم
حسن الجزولي
----------------------------------------
عندما انفتح ستار المسرح على مصراعيه، أطلت لنا الدرامية القديرة منى عبد الرحيم في مقدمة خشبة المسرح، بينما كانت البلابل في خلفية المسرح، يترنمن بأغنية " حبايبنا" من كلمات الشاعر التيجاني حاج موسى وألحان الموسيقار بشير عباس الذي فاجأ الشاعر حين عودته لتوه من زيارة مدينة مريدي بالجنوب بأنه استطاع وهو هناك الانفعال بنص القصيدة ليضع لها لحنا مناسبا، وقد أحيل اللحن فيما بعد إلى البلابل اللاتي ادينه كأغنية مكتملة جاذبة لاذن المعجبين بهن في أوساط المستمعين . ويكاد هذا العمل أن يكتب ويلحن ويقدم كاغنية مكتملة خلال ١٠ ايام فقط، كما توضح لنا الدرامية الصديقة منى عبد الرحيم .
وكنا قد بذلنا جهدا في تجميع عناصر بداية قصة هذه الأغنية، عند هيام إحدى الشخصيات الفنية المرموقة بالممثلة الواعدة وقتها منى عبد الرحيم وهي تخطو في أول عتبات مسيرتها الدرامية، وذلك عندما التقاها ضمن أول دفعة دارسية بمعهد الموسيقى والمسرح وقتها عام ١٩٦٩.
الدرامية منى عبد الرحيم قدمت عدة أعمال مسرحية، وكانت بداياتها عندما اختارها المخرج عوض محمد عوض مع عمالقة مسرحيين كعوض صديق وعبد الهادي الصديق في أول عمل درامي لها وهي مسرحية " الزوبعة" وفيما بعد اشركها في المسرحية الشهيرة " مدير ليوم واحد" مع عبد الهادي الصديق والتي كتبها السر قدور.
وضمن اهتمامات ملهمتنا منى أنها كاتبة صحفية تعاونت مع عدة صحف ومجلات، وتقول انها كونت ارشيفا ضخما جمع كل مقالاتها وكتاباتها، وتتأسف أنه ضاع عنها مع السرقة والنهب الذي تم لمنزلهم بحي الركابية بام درمان خلال هذا الحرب اللعينة، وهي لم تأسف لكل ما ضاع من أثاث ومتاع وممتلكات تعرضت للنهب، بمثل ما تأسفت لضياع ذاك الارشيف.
و عودة لقصة الأغنية فقد حدث وأن دب خلاف تسبب فيه المحب دون قصد أدى لجفوة من جانب المحبوبة، ما قاد إلى قطيعة افترقا بعدها وسار كل في طريقه، ولكن جرح الفراق ظل غائرا في قلب المحب، لفترة طالت.
وبحكم علاقة الشاعر تيجاني حاج موسى بكليهما والصداقة التي ربطته بهما، فقد حاول اصلاح ذات البين ولكنه فشل تماما، وقد انطبعت التجربة الفاشلة بين صديقيه عميقا داخل إحساسه المرهف كشاعر، فكتب قصيدة حبايبنا من وحي الخصام الذي وقع بين صديقه وصديقته .
وفي إفادته لي حول قصة القصيدة، إبان لي الصديق تيجاني بأن بعض المواقف الحياتية تجبر الشاعر احيانا على تبن مشاعر الآخر كصديق وتدفعه للتعبير عنها شعرا. وهكذا ولدت قصيدة "حبايبنا" لتصير اغنية ذائعة الصيت .
تقول منى أن الشاعر التيجاني كان قريبا منها وقد ربطت بينهما علاقة اخوية وهو بمثابة صديق خلال حياتها، درجة أن " عيالها" كانوا يعتقدون أنه شقيقها أما وابا، وتشير إلى أنها هي من عرفت زوجها الموسيقار الراحل محمد سراج الدين بالشاعر التيجاني حيث كونوا مع بعض الأصدقاء شلة ربطتهم علاقات حميمة وراسخة أنتجت اغنية " والله ايام يا زمان" التي كتبها تيجاني من وحي ذكريات ورحلات شهيرة قامت بها الشلة إلى نيالا وجبل مرة ومناطق أخرى وغناها الفنان الراحل مصطفى سيداحمد الذي زاملهم في تلك الرحلات.د
وتقول منى إن زوجها الذي ارتبطت به فيما بعد كان يعلم بالعلاقة العاطفية التي أنتجت اغنية حبايبنا بحكم علاقته الوطيدة بينها وبين الحبيب السابق.
الجدير بالذكر أن هناك عدة أغنيات عاطفية أخرى شهيرة كتبت فيها كملهمة لتلك الاغنيات، ومع أنها قد سمتها لنا ولكنها طلبت الا تتم الإشارة لها ضمن هذا التوثيق، مشيرة إلى أن أنجالها يعلمون بتفاصيل تلك الأغنيات العاطفية.
علما أنها أنجبت من زوجها الراحل محمد سراج الدين بتاتا وبنين، وقد حمل جلهم جينات ابداع الأسرة، فإلى جانب كل من " رحيق الكبرى كطبيبة بيطرية والمتخصصة في مجال سباقات الخيول وقدرتها على التحمل نجد رامز المتخصص في إدارة الأعمال إلى جانب تركيزه على الجانب الموسيقي ثم وضاح مهندس الاتصالات ومغني الراب والتأليف الموسيقي واخيرا رؤى خريجة علوم الكمبيوتر والعاملة في مجال التصميم "، مما يشير إلى أن ملهمتنا منى عبد الرحيم تنتمي بأنجالها لأسرة مبدعة، حيث شقيقها هو الجيتاريست المعروف شاكر عبد الرحيم ثم السينمائي الموهوب صلاح عبد الرحيم،
تختتم لنا منى افاداتها حول شخصيتها كملهمة بأن كل ذلك جرى فترة الشباب، وذهب كل لحال سبيله، أسسوا الاسر والعوائل وانجبوا الصبيان والصبايا وقد صاروا رجالا ونساء، وقد كان كل ذلك بمثابة ماضي جميل، ولكل ماضيه.  

مقالات مشابهة

  • محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال تطهير الترع والمجاري المائية بالحامول
  • شرق النيل بين فكّي الحرمان والمرض.. شبح الحرب يخيم على “مدينة الأشباح”
  • منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
  • ملهمات
  • بلدية مدينة غازي عنتاب التركية تقرر إعلان مدينتي دمشق وحلب مدناً صديقة
  • محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات برنامج إعداد القيادات الدعوية لمكافحة المخدرات
  • جنايات النجف تحكم على مدانين بالمخدرات شنقا حتى الموت
  • بلدية غازي عنتاب تقرر إعلان دمشق وحلب مدن شقيقة
  • الإثارة حاضرة في الفعاليات الرياضية ببطولة غازي
  • توزيع 6 آلاف كرتونة مواد غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفرالشيخ