عادة ما يقال للشخصية النرجسية التي تتسم بالغرور والتعالي لا سيما أصحاب السلطة حينما يتمسكون بسقف مواقفهم مكابرة منهم دون العودة إلى الوراء رغم الخسائر التي تتراكم عليهم والهزائم التي تلاحقهم، فيمنعهم الكِبر والغرور والإعجاب بالنفس أن يتراجعوا رغم غرق السفينة وصيحات التحذير من المحيطين به، وهم يمضون دون إلتفات منهم ولربما أطلقوا ألسنتهم مرددين كلمات النصر إن كان قائدا عسكريا أو عبارات النجاح إن كان زعيما سياسيا.

. عادة ما يقال لمثل تلك الشخصية المتعالية في مقام الانكسار: انزل من فوق الشجرة!..

فهو في برجه يشدوا بترانيم النصر وجنوده يلعقون مرارة الهزيمة، وينعم بالدفء وأتباعه يتلوون من شدة البرد، فتجده دوما في حالة انفصال حسي عن واقعه المحيط به، ولربما اتصف بالميكافيلية أيضا فأصبح كل شيء مبرِرَا لغايته؛ تماما كما هو حال رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني "بنيامين نتنياهو" في إدارته للصراع مع المقاومة كما وصفه المحللون الإسرائيليون أنفسهم: مريض بالنرجسية والميكافيلية، لا يأبه لكمّ الخسائر والنكبات الواقعة بجيشه وشعبه، فدماؤهم فداء لمستقبله السياسي! وأرواحهم لبقائه في سدة الحكم.

فقد صمّ الكِبر أذنيه وأعمى التعالي بصره وبصيرته، فلا يرى انهيار الحالة النفسية والمعنوية لجنوده وضباطه ولا يشعر بالخسائر المالية والاقتصادية لدولته، مستندا في ذلك إلى مجموعة من الصهاينة المتطرفين من أعضاء حكومته مثل "إيتمار بن غفير"، وزير الأمن القومي من حزب القوة اليهودية، والمتطرف "بتسرائيل سمويتريش"، وزير المالية من حزب الصهيونية الدينية! بالإضافة إلى "يوآف جالانت" وزير الدفاع، و"إيلي كوهين" وزير الخارجية.. إلخ، مع جمهور الأحزاب الدينية المتطرفة والمغالية في أوهامها -ولا أقول أحلامها- في إبادة العرب كافة، نتيجة لشحن طاقتهم بما كتبه أحبار السوء وخَطتْه أيديهم في التلمود مبرِرَا للقتل والتدمير؛ حتى لا يُبقوا حجرا ولا شجرا وليقتلوا كل كائن حي حتى النساء والأطفال والبغال والحمير!..

وعبثا حاولوا استرداد هيبة الدولة الضائعة ذات الترسانة العسكرية المخيفة واستعادة الردع المأمول؛ ليس أمام أحد الجيوش النظامية التي حازت ترتيبا مرموقا في إحدى دوريات مجلة "جلوبال فاير باور" المتخصصة في ترتيب أقوى الجيوش، بل ضاعت هيبتهم وتمرغت أنوفهم أمام مجموعة من الشباب الملثم ممن يرتدون البنطلونات التريننج والأحذية الخفيفة وقد خرجوا لهم كالأشباح في وضح النهار! وأصابوا الأشاوس المُدربين من جيش الاحتلال بالصراخ والعويل.

وعبثا حاولت قيادة أركان الجيش التعتيم على كمّ الخسائر البشرية في صفوف الجنود والضباط والقادة، لكن الفضيحة لاحقتهم من خلال كاميرا المقاومة التي وثّقت العمليات بالصوت والصورة في يوميات القتال الدائر في أحياء الشجاعية وجُحر الديك وغزة وخان يونس.. إلخ، وحرمتهم من إخفاء فضيحتهم وطمس معالمها!

ولم يقف الأمر عند سمعة الجيش الذي بلغت أرقام التصدير لصناعاته الدفاعية من   أنظمة الدفاع الجوي والقبة الحديدية والدبابة الميركافا وغيرها مبلغها في الماضي، بل امتدت الخسائر إلى شريان حياتهم (الاقتصاد)، إلى حد لم يحدث في تاريخ الدولة، ووصلت الخسائر لكافة القطاعات من جراء الحرب كالصناعة والتكنولوجيا والطاقة والبنوك والسياحة والطيران أرقاما كبيرة، بسبب هروب الشركات الدولية ورؤوس الأموال الفلكية وإحجام الأفواج السياحية وبطء وكساد الحركة المالية والتجارية، ناهيك عن استدعاء ما يزيد عن 360 ألف جندي من قوات الاحتياط، مما سبب نقصا كبيرا في القوى العاملة التي يعتمد عليها الاقتصاد حتى قدرت إحدى الجهات الاقتصادية أن الكلفة الإجمالية للحرب ستحمل خزينة البلاد ما يزيد عن 200 مليار شيكل (50 مليار دولار)..

ثم خرجت إلى العلن انقسامات الحكومة اليمينية، مع تحول وانحسار الدعم الغربي السياسي والاقتصادي والإعلامي لها، وتراجع بعض الزعماء الأوروبيين عن الدعم السخي المعتاد، مع بدء الإدارة الأمريكية رغم صهيونيتها حالة من التململ والمطالبة بتقديم صيغة لإنهاء الحرب نتيجة انقلاب دفة الرأي العام عليها، وصولا إلى الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا أمام محمكة العدل الدولية في لاهاي متهمة اسرائيل بالإبادة الجماعية.. كل ذلك بفضل الصمود الإسطوري لأهلنا في غزة، وبسبب صحوة الضمير الإنساني للشعوب التي صعّدت من اعتراضها وأحرجت قادتها.

والنتيجة.. عدم تحقيق أي أهداف للحرب التي صبت فيها دولة الاحتلال أطنانا من الذخائر المحرّمة، مدعومة بالأساطيل الجوية الداعمة من أمريكا وأوروبا خلفها، فلا استطاعت إسرائيل القضاء على قيادات حماس من العسكريين، ولا استطاعت إيجاد شبكة الأنفاق المعقدة، ولا استطاعت تحرير رهائنها -بتعبيرها- بل ساءت الحالة النفسية للإسرائيليين وبدأت الهرولة في الهجرات العكسية إلى حيث البلدان الغربية التي يحملون جوازات سفرها، وانهارت المعنويات لجنود الاحتلال حتى أقام لواء النخبة "جولاني" حفلا صاخبا احتفالا بخروجه من جحيم غزة!

كل ذلك وما يزال "بيبي" (اسم التدليل الخاص ببنيامين نتنياهو) رابضا فوق الشجرة متمنعا عن النزول من فوقها، وقد تواردت الأنباء التي تحذر من قرب وصول مجموعة من الأشباح التابعة لمجموعة النخبة من كتائب الشهيد عز الدين القسّام في جنح الليل من أجل قطع الشجرة التي يقف فوقها نتنياهو..

وقد أعذر من أنذر!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو المقاومة الإسرائيليون غزة إسرائيل غزة نتنياهو المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

خبيران : المقاومة حرمت نتنياهو من ارتداء القميص الأبيض وربطة العنق الزرقاء في ذكرى 7 أكتوبر

#سواليف

أشار خبراء إلى أن فشل سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التدخل البري بلبنان وصمود المقاومة في قطاع غزة سيجبرناه على إلقاء خطاب ذكرى 7 أكتوبر/تشرين الأول مرتديا القميص الأزرق بدلا من الأبيض وربطة العنق الزرقاء كما ظل يخطط طوال الأسبوعين الماضيين.

ووفقا للخبير المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين، فإن هذا التغيير الرمزي في الملابس يحمل دلالات عميقة على الوضع الراهن للصراع.

وقال جبارين إن نتنياهو كان يسعى جاهدا على مدى الأسابيع الماضية إلى إخفاء معالم الفشل في قطاع غزة من خلال توجيه ضربات إستراتيجية على الجبهة الشمالية، و”لكن يبدو أن هذه المحاولات لم تنجح في تحقيق النتائج التي كان يرجوها، مما قد يضطره إلى مواجهة الواقع المرير في خطابه المرتقب”.

مقالات ذات صلة وزير الشباب يتخذ قرارات بعد حادثة استاد الحسن 2024/10/04

وفي السياق ذاته، يلفت الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان الانتباه إلى التصعيد الملحوظ في العمليات العسكرية للمقاومة اللبنانية، مشيرا إلى أن عملياتها اليومية تجاوزت حاجز الـ25 عملية، وهو رقم يفوق بكثير المعدل السابق الذي كان يتراوح بين 12 و15 عملية يوميا.

وحسب شومان، فإن هذا التصاعد في وتيرة العمليات يشير إلى أن الجسم العسكري للمقاومة اللبنانية لا يزال قويا ومتماسكا رغم محاولات الاستهداف الإسرائيلية، كما يؤكد أن القرار السياسي لدى حزب الله يسير على النهج نفسه الذي كان متبعا قبل اغتيال عدد من قياداته.

أسلحة متنوعة
يذكر أن المقاومة اللبنانية استخدمت 3 أنواع رئيسية من الأسلحة في عملياتها الأخيرة، وهي الصواريخ والمسيّرات والمدفعية، ويعكس هذا التنوع في الأسلحة المستخدمة -وفقا لشومان- تطورا في القدرات العسكرية للمقاومة وقدرتها على المناورة والتكيف مع الظروف الميدانية المتغيرة.

كما لفت شومان إلى استخدام المدفعية بشكل مكثف، متسائلا عما إذا كانت هناك مرابط مدفعية ثابتة تم استخدامها في استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية وبعض المناطق داخل فلسطين المحتلة.

ويرى شومان أن نجاح المقاومة في نصب كمائن للجنود الإسرائيليين يؤكد أن الاستهدافات الجوية الإسرائيلية السابقة لم تنجح في النيل من المقاتلين بشكل فعال، مشيرا إلى أن معظم الضحايا في الجنوب اللبناني كانوا من المدنيين “في حين أن المقاتلين لا يزالون قادرين على التصدي لمحاولات التوغل الإسرائيلية”.

وفي ظل هذه التطورات يرى شومان أن إسرائيل تواجه معضلة إستراتيجية، فبعد مرحلة الصدمة التي اعتمدت فيها على التفوق الجوي دخلت إسرائيل الآن مرحلة الالتحام البري والميداني، وهذا التحول في الإستراتيجية قد يكون مكلفا، إذ تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر فادحة في الأيام الأخيرة.

ويشير شومان إلى أن هناك من يطالب نتنياهو بالعودة إلى إستراتيجية الصدمة، أي الضرب من الجو، لأنها تحقق إنجازات دون تعريض الجنود لخسائر مباشرة، لكن السؤال يبقى: هل سيؤدي هذا إلى إعادة النظر في التهديدات الإسرائيلية بالتوغل داخل الأراضي اللبنانية؟

إستراتيجية نتنياهو
من جانبه، يلفت جبارين الانتباه إلى أن تراكم الخسائر الإسرائيلية قد يؤدي إلى طرح تساؤلات جدية بشأن أهداف الحرب، فطالما كانت إسرائيل تحقق مكاسب لم يكن هناك من يسأل عن الأهداف.

لكن مع بدء تكبد الخسائر قد تبدأ الأصوات -يضيف جبارين- بالتساؤل: هل نحن نقاتل من أجل الأهداف المعلنة كإعادة الأسرى وإعادة سكان الشمال والإطاحة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؟ أم أن هناك أهدافا غير معلنة، مثل محاولة تقليص نفوذ إيران في المنطقة أو إعادة رسم الخريطة الإستراتيجية لإسرائيل؟

وفيما يتعلق بإستراتيجية نتنياهو، يرى جبارين أنه يتعمد إرباك المشهد إسرائيليا وخارجيا من خلال تغيير الأهداف المعلنة للعملية، فبعد أن كانت الأهداف محصورة في 3 نقاط رئيسية أصبح الحديث الآن عن محور نتساريم والتمسك بمحور فيلادلفيا، وصولا إلى الحديث عن نهر الليطاني وعملية محدودة ضد حزب الله.

ويرى أن هذا التغير في الخطاب هو إستراتيجية متعمدة من قبل نتنياهو لإرباك المشهد وربما لكسب المزيد من الوقت أو الحصول على ضوء أخضر أميركي لعملية أوسع.

ويلفت جبارين الانتباه إلى وجود تناغم واضح بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل فيما يتعلق بالجبهة اللبنانية، على عكس ما شهدناه في قطاع غزة، ويعزو هذا التناغم إلى وجود مخططات عملت عليها إسرائيل على مدار 15 عاما لتوجيه ضربة جزئية إلى حزب الله.

مقالات مشابهة

  • خبيران : المقاومة حرمت نتنياهو من ارتداء القميص الأبيض وربطة العنق الزرقاء في ذكرى 7 أكتوبر
  • بوريس جونسون يفشي سرا خطيرا كتمته بريطانيا عن بنيامين نتنياهو
  • وزير اقتصاد لبنان للجزيرة: خسائر البلاد جراء عدوان إسرائيل كبيرة جدا
  • حمادة: المقاومة ثابتة وتُكبد العدو الخسائر الفادحة على الحدود
  • صور تظهر دمارا في قاعدة “نيفاتيم” الإسرائيلية بعد الضربة الإيرانية (شاهد)
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف بحجم الخسائر الهائلة التي تعرض لها سلاح الجو نتيجة الهجوم الإيراني ويصفه ’’بالمدمر’’ (تفاصيل)
  • نتنياهو أراد التخلص من عقدة 7 أكتوبر بلبنان ففاجأته إيران
  • اليمن: نبارك العملية الإيرانية التي ضربت الأهداف الإسرائيلية
  • أشهر ثلاث شجرات في السودان ..!!
  • نائب وزير المالية: الإصلاحات الضريبية تستهدف تحفيز المشروعات الصغيرة