الذكرى المئوية لثورة 1924 «7»..كيف ساهم عرفات محمد عبد الله في ثورة 1924؟
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
بقلم: تاج السر عثمان بابو (1) بمناسبة الذكرى المئوية لثورة 1924، والذكرى 68 لاستقلال السودان نتناول في هذه الدراسة سيرة المناضل عرفات محمد عبد الله ( 1898 – 1936م) الذي كان من ثوار1924، ومن أعلام وصناع الاستقلال، و ساهم في ارساء دعائم النهضة الحديثة التي عبر عنها في مقالاته ودراساته التي نشرها في مجلتي “النهضة ” و”الفجر” اللتين صدرتا في ثلاثنيات القرن الماضي، فضلا عن أن عرفات كان من قيادات جمعية اللواء الأبيض البارزين، وساهم في تفجير ثورة 1924 التى نحتفل بذكراها المئوية هذا العام.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: کان عرفات عرفات من ثورة 1924 کان من
إقرأ أيضاً:
نهايات المئوية الأولى للإخوان.. تحديات البقاء
خلال أقل من 3 سنوات تكمل جماعة الإخوان مائة عام على تأسيسها (تأسست في آذار/ مارس 1928)، ومع اقتراب هذه الذكرى تواجه الجماعة عاصفة غير مسبوقة، ومحاولات لإخفائها قسريا عن المشهد بعد أن عجزت عوامل التعرية الطبيعية عن ذلك، ضربات قوية تتعرض لها الجماعة في العديد من الدول التي كانت نجم ساحاتها الدعوية والخيرية والسياسية، مؤامرات تتشارك في وضعها وتنفيذها حكومات وأجهزة مخابرات محلية وإقليمية ودولية، تصريحات علنية من ألد أعدائها كتلك التي صدرت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا؛ من أن كيانه لن يسمح للإخوان بإقامة خلافة إسلامية على حدوده الشرقية (الأردن) أو الغربية (مصر) أو الجنوبية (سوريا)، وهذا لا يعني أنه يرحب أو يغض الطرف عن حدوثها في مكان آخر!!
الضربة التي تعرضت لها الجماعة مؤخرا في الأردن ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. تؤمن الجماعة بسنّة التدافع لتحقيق أهدافها وغاياتها، والتي لا تخرج عن تفعيل ما تضمنته دساتير الدول الإسلامية ذاتها، والتي نصت على أن الإسلام هو دينها الرسمي، وأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، ربما زادت الإخوان التمسك بوحدة الأمة الإسلامية والعمل بجدية لتحقيق ذلك، وهو ما لا تهتم به كثيرا الحكومات العربية والإسلامية التي تؤمن بالدولة القُطرية، حتى وإن انضوت في منظمة التضامن الإسلامي والتي صارت أضعف كيان إقليمي في المجرة.
حين اندلعت ثورات الربيع العربي شارك الإخوان بقوة في هذه الثورات، وكانوا البديل الجاهز بعد سقوط بعض الأنظمة العربية، لكن ذلك لم يرُقْ لقوى الاستبداد، سواء من بقايا تلك النظم والتي كانت لا تزال تمتلك بعض أدوات القوة المادية
الحرب على الإخوان يقودها تحالف الاستبداد العربي والصهيونية العالمية، والقوى الاستعمارية، أطراف هذا التحالف في الشرق والغرب تدرك خطورة مشروع الإخوان عليهم، وهو إدراك لا ينطلق من فراغ بل من تجربة عملية، فمنذ ظهرت الجماعة في العام 1928 كانت شوكة في حلق الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية، وقادت مع غيرها من الوطنيين نضالا ضده، وشكلت كتائب عسكرية واجهته، واحتضنت في مقراتها الرئيسة في مصر قادة النضال العربي والإسلامي ضد الاستعمار، أمثال الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، والزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي، والقائد الجزائري الفضيل الورتلاني، والأمير مختار الجزائري، ومحيي الدين القليبي. كما ساندت النضال الفلسطيني مبكرا ضد العصابات الصهيونية حتى قبل تأسيس دولة الكيان، واستضافت وتعاونت مع الحاج أمين الحسيني، ونظمت كتائب متطوعين للقتال في حرب 1948. وقد أشاد بتلك الكتائب قائد الجيش المصري في ذلك الوقت اللواء فؤاد صادق، ثم -وهذا هو الأهم- أنجبت حركة حماس التي تصدرت مشهد المقاومة مع بقية الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية، حين تخلت حركة فتح عن البندقية.
ظلت الجماعة خلال مسيرتها حريصة على ممارسة دعوتها لفكرتها بالحسنى، ودون صدام مع السلطات الحاكمة في مصر أو غيرها، وليس صحيحا ما يشيعه خصومها أنها ومنذ بدايتها كانت في صِدام مع الحكومات، فقد كانت علاقتها هادئة مع النظام الملكي في مصر -بلد المنشأ- حتى منتصف الأربعينات تقريبا، وشاركت في حفل تنصيب الملك منتصف العام 1937، لكن مع تصاعد انحرافات الملك أصبحت الجماعة جزءا أساسيا من حركة وطنية واسعة ضده، وهو ما لم يحتمله الملك، فسعى إلى شيطنة الجماعة، واتهامها بكل نقيصة.
وكانت علاقة الإخوان بضباط 23 يوليو (1952) جيدة، بل كان بعض هؤلاء الضباط من منتسبيها أو أصدقائها، لكن العلاقة تغيرت حين طالب الإخوان بعودة الديمقراطية، وتسليم الحكم للمدنيين، مع عودة الضباط إلى ثكناتهم.
وكانت علاقة الإخوان جيدة مع الرئيس الراحل أنور السادات حتى زيارته إلى الكيان الصهيوني وتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد. وحتى مع الرئيس مبارك ظلت العلاقة هادئة في سنوات حكمه الأولى، وقد وصف مبارك الجماعة في حديث لصحيفة نيويوركر أنها جماعة تناضل سلميا، وتمددت الجماعة في عهده بين الجامعات والنقابات وحتى البرلمان، رغم حملات القمع، والمحاكمات العسكرية المتتالية التي واجهتها منذ منتصف التسعينات.
تكررت الصورة في العديد من الدول الأخرى التي كان للجماعة حضور كبير فيها؛ مثل سوريا التي شارك الإخوان في كتابة دستورها بعد الاستقلال، والذي أصبح مرجعا للإعلان الدستوري الأخير، ثم شاركوا في حكومتها قبل وصول البعث الذي دخل في مواجهة معهم منذ بداية الثمانينات.
وفي الأردن الذي تأسست الجماعة فيه قبل عام من تأسيس المملكة، ظلت العلاقة جيدة طوال حكم الملك المؤسس عبد الله الأول، ومعظم فترة حكم الملك حسين حتى توقيعه اتفاقية وادي عربة، وكان لها حضورها المميز في الجامعات والنقابات، وفي البرلمان، كما تولى بعض أبنائها مواقع وزارية، وصولا إلى الانتخابات البرلمانية العام الماضي التي فاز فيها الإخوان بالمركز الأول بين القوى السياسية المتنافسة (31 مقعدا في البرلمان). لكن الضغوط الإقليمية عقب طوفان الأقصى، والدور الكبير للإخوان في تحريك الشارع الأردني دعما للمقاومة؛ هي التي دفعت النظام الأردني لتوجيه ضربته الأخيرة للجماعة، وهي ضربة معنوية أكثر من كونها مادية، حيث أن الجماعة تم حلها بالفعل منذ العام 2021، وتمت مصادرة جميع مقراتها وممتلكاتها.
وحين اندلعت ثورات الربيع العربي شارك الإخوان بقوة في هذه الثورات، وكانوا البديل الجاهز بعد سقوط بعض الأنظمة العربية، لكن ذلك لم يرُقْ لقوى الاستبداد، سواء من بقايا تلك النظم والتي كانت لا تزال تمتلك بعض أدوات القوة المادية، أو مشيخات وممالك الخليج التي خشيت على حكمها العائلي من رياح الديمقراطية، فخصصت مليارات الدولارات لتمويل حملات ومؤامرات محلية وعالمية لمواجهة هذا المد الديمقراطي، والظهور الإخواني.
ليس من الحكمة أن يضع الإخوان رؤوسهم في الرمال حتى لا يروا تلك الأضرار، بل الحكمة كل الحكمة الاعتراف بها، والسعي لعلاجها
يتصور البعض أن الضربة التي تلقاها الإخوان في الأردن هي المؤذنة بنهاية الجماعة عالميا، ويتجاهل هؤلاء أن الجماعة لا تزال موجودة في الأردن نفسه من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يمثل المعارضة الرئيسة في البرلمان، وحتى لو تم حل الحزب فستظل الجماعة موجودة رغم حظرها، فهي جزء من نسيج المجتمع لا يستطيع أحد فصله، وإلا فإنه يمزق المجتمع ذاته.
ما حدث للإخوان في الأردن حدث لغيرهم في دول أخرى على رأسها دولة المنشأ (مصر)، والتي تعرضت فيها الجماعة لضربات أراد لها أصحابها أن تكون مميتة في أواخر الأربعينات ومنتصف الخمسينات ثم منتصف الستينات، وظلت قيادات الجماعة وكوادرها رهن الحبس حتى منتصف السبعينات ثم عادت قوية عفية.
كما أن الإخوان في سوريا تعرضوا لضربة أكثر عنفا مطلع الثمانينات، وأصدر حافظ الأسد قانونا خاصا لتصفية الإخوان، ولكن الجماعة ظلت قائمة في المنافي حتى عادت إلى وطنها بعد تحريره من عصابة الأسد، وهو ما تكرر للجماعة في ليبيا على يد معمر القذافي، وفي تونس على يد بورقيبة (الذي دعمه الإخوان من قبل) وفي عهد زين العابدين بن علي، ثم عادت حركة النهضة للحكم بعد ثورة الياسمين وقبل أن ينقلب قيس سعيد على الديمقراطية.
صمود الإخوان في مواجهة محاولات استئصالهم حتى الآن لا تعني أنهم لم يتضرروا، أو يتراجعوا، فالحقيقة أن الأضرار كثيرة سواء على مستوى الصورة الذهنية التي نجحت الأنظمة المناوئة لهم في تشويهها، أو في حدوث انقسامات وتشققات داخلية في أكثر من قُطر، أو انصراف قطاعات واسعة من الشباب عن التنظيم، ناهيك عن الزج بعشرات الآلاف منهم في غياهب السجون، وهجرة مئات الآلاف خارج أوطانهم، ومصادرة مؤسساتهم وممتلكاتهم، أو حتى على مستوى علاقاتهم ببقية المكونات المجتمعية والسياسية.
ليس من الحكمة أن يضع الإخوان رؤوسهم في الرمال حتى لا يروا تلك الأضرار، بل الحكمة كل الحكمة الاعتراف بها، والسعي لعلاجها، وإذا كانت الجماعة حريصة على دخول مئوية جديدة بعد 3 سنوات، فإن من واجبها (على المستويين القُطري والعالمي) مراجعة وتقييم سياساتها، وآلياتها، وممارساتها الدعوية والخيرية والسياسية، وعقد ورش عمل متنوعة تشمل كل مجالات عملها، بمشاركة أبنائها وبالاستماع لأراء المخلصين من خارجها، حتى تتمكن من الدخول في مئوية جديدة بروح جديدة، وطرائق عمل جديدة، فمن لم يتجدد يتبدد.
x.com/kotbelaraby