يبدو السؤال الرئيسي حول الحرب الجديدة التي اندلعت شرارتها في اليمن هو ما إذا كانت هذه الحرب قد انتهت أم لم تنته بعد؟

لقد بذل التحالف الغربي قصارى جهده لإبلاغ الجميع في اليمن بضرورة الاختفاء وإخفاء كل ما يمكن أن يكون هدفا للضربات، وكان حجم الضربات محدودا للغاية.

بدورهم، يطلق الحوثيون تصريحات غامضة: فهم يعدون بإحراق المنطقة من ناحية، لكنهم يسمحون، من ناحية أخرى، بصيغ خفض التصعيد على غرار "إذا استمرت الضربات فسنهاجم"، "لا يوجد تهديد على الشحن الدولي"، "ستستمر الهجمات ضد السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية" (ضدها فقط؟ ماذا عن السفن الأمريكية والبريطانية.

كلا؟).

إقرأ المزيد ماذا قالت الدول العربية في الضربة الأمريكية البريطانية على مواقع للحوثيين؟

يعرف اليمنيون بالطبع بأنهم شعب شجاع للغاية، إلا أن القوة الضاربة للحوثيين لا تضاهى بالتحالف الغربي، ومن الواضح أن قيادة الحوثيين لا تسعى إلى مواجهة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة. وأفترض أن الحوثيين سيتخذون خطوات للخروج من الصراع مع الولايات المتحدة.

وبعكس "حزب الله"، لم يقتصر الحوثيون على الهجمات الصاروخية، التي لم تسبب سوى أضرار طفيفة، لكنهم أسقطوا، في واقع الأمر، ثقلا حديديا على قدم الغرب من خلال توجيه ضربة للتجارة البحرية. ويبدو لي أنهم، شأنهم في ذلك شأن "حماس"، أخطأوا في تقدير مخاطر الرد وإمكانياته. والمزيد من التصعيد إلى حرب واسعة النطاق طويلة الأمد ليس مفيدا وصعب التنفيذ بالنسبة للحوثيين، فالحصار البحري سيقوض قدراتهم العسكرية إلى حد كبير.

ومن الناحية النظرية، كان من الممكن لروسيا أن تغيّر موازين القوى بشكل كبير من خلال تزويد الحوثيين بالصواريخ المضادة للسفن. إلا أن روسيا لا تسعى إلى التصعيد مع الولايات المتحدة في البحر، ولا مع الغرب لمستوى أعلى الآن (وهو أمر سيتغير على الأرجح، لكن هذا هو الوضع الراهن)، بسبب هشاشة طرق التصدير الروسية إلى الهند والصين أولا، وثانيا، فإنه من السهل نسبيا عزل اليمن وتزويده بالأسلحة أمر صعب، حتى بالنسبة للجارة إيران.

إن الهجمات على حقول النفط السعودية والإماراتية ستقوض تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، ما سيجذب عرب الخليج إلى المعسكر الأمريكي، الأمر الذي يريدون بوضوح هم أنفسهم تجنبه. بمعنى أن تلك الضربات تفيد الولايات المتحدة وليس محور المقاومة، وأشك أنها ستنفذ.

يواجه الحوثيون عواقب من غير المرجح أن يرغبوا في تحمل تداعياتها بمفردهم. ومع ذلك، تظهر إيران و"حزب الله"، حتى اللحظة، رغبة في الحد من حجم الصراع بدلا من الرغبة في تأجيجه.

ومن خلال تصريحاتها بشأن استمرار الهجمات على السفن الإسرائيلية (فقط)، تلمّح قيادة الحوثيين لواشنطن إمكانية التوصل إلى تسوية، تسمح بالتحول إلى نظام "حزب الله" بالتحول إلى إظهار النشاط دون إلحاق ضرر جسيم بإسرائيل مقابل وقف قصف اليمن. قد يكون ذلك في شكل عدد أقل من الهجمات، أو فقط هجمات لطائرات مسيرة يتم إسقاطها.

في المقابل، يحدد تصرفات بايدن إلى حد كبير منطق الانتخابات الرئاسية، وقد أظهر بايدن تصميمه بالفعل، وهو الآن بحاجة إلى خفض التصعيد وفقا لشروطه، أو تقديم ما يمكن طرحه بوصفه انتصارا، بعدها يصبح من المفضل الانسحاب من الصراع.

أعتقد أننا سنشهد في المستقبل القريب حدا معينا لتصرفات الأطراف، لكننا لن نرى، وفقا لتقديري، تصعيدا فوق المستوى الذي سبق الضربات.

بطبيعة الحال، لا ينطبق ذلك على الآفاق طويلة المدى، فالأزمة العالمية مستمرة في التفاقم، وسوف تتضاعف الصراعات، وأعتقد أن قناة السويس سوف تغلق في نهاية المطاف نتيجة لحرب إقليمية، إن لم تكن نتيجة لحرب صينية أمريكية كبرى. لكنني أعتقد أن هذا لن يحدث الآن.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف أخبار اليمن ألكسندر نازاروف الأمم المتحدة البحر الأحمر الحرب على غزة الحوثيون الشرق الأوسط المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن خليج عمان عبد الملك الحوثي قطاع غزة قناة السويس هجمات إسرائيلية الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

خبراء: تعنت الحوثيين أوصل السلام في اليمن إلى المجهول

دخلت الأوضاع الميدانية في اليمن، طيلة العامين الماضيين، في حالة من الهدوء والركود (لا حرب / لا سلم)، وظلّت المساعي لتحقيق السلام تراوح مكانها دون أي تقدم يُذكر، بينما بدأت الجبهات مؤخرًا تشهد حالة من التصعيد العسكري، خصوصًا من جانب ميليشيا الحوثي، حيث يشير خبراء إلى أن تعنت الحوثيين أوصل عملية السلام في اليمن إلى المجهول.

 

وتثير هذه التطورات تساؤلات حول فرص السلام في ظل عودة تصاعد وتيرة القتال، وسط ترقب حذر لاحتمال استئناف الحرب البرية في أي لحظة، وبشكل يُتوقع أن يكون أعنف من المعارك السابقة.

 

وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، فتح في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ثقبًا في نافذة الأمل، عندما أعلن عن موافقة الأطراف على الالتزام بسلسلة من التدابير تمهيدًا للتوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق، تضع أسسها الأمم المتحدة، لإنهاء الحرب وتحقيق سلام شامل.

 

ويرى سياسيون ومراقبون يمنيون أن: "(الجنين) الذي تمخّض عن (عملية قيصرية) شاقّة استمرت لأشهر، قد (وُلِدَ ميتًا)".

 

وأوضحوا أن "تهديدات ميليشيا الحوثي لخطوط الملاحة الدولية انعكست بشكل مباشر على خارطة الطريق التي جُمدت منذ إعلانها، خصوصًا وأن الإعلان تزامن مع بدء الحوثيين تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف سفن الشحن التجارية بذريعة نصرة غزة وفلسطين".

  

وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فياض النعمان: "أعتقد أن صلف جماعة الحوثي الإرهابية وفشل تدابير المبعوث الأممي في إدارة عملية السلام، كانت أهم العوامل التي دفعت عملية السلام إلى أدراج الأمم المتحدة المجمدة والمنسية".

 

وأضاف النعمان لـ"إرم نيوز": "المتابع للتصعيد والأحداث التي تشهدها المنطقة، خصوصًا في المياه الدولية والإقليمية اليمنية، يلحظ مؤشرات واضحة على أن ميليشيا الحوثي غير جادة وغير جاهزة لأي عملية سلام".

 

وتابع: "أما المبعوث الأممي لليمن، فيبدو أن تحركاته بين عواصم القرار الفاعلة في الأزمة اليمنية والضغوط التي يمارسها على الأطراف المناهضة للميليشيات، تهدف بعد عامين من فشل عمله في تمديد الهدنة وتنفيذ بنودها، إلى إنقاذ سمعته ومحاولة تسويق نجاح، حتى لو كان ذلك على حساب الأزمة اليمنية نفسها".

 

ويرى النعمان أن "الأطراف المناهضة للميليشيا الحوثية الإرهابية وافقت على مجموعة من التدابير التي يمكن العمل عليها لرسم ملامح خارطة طريق للأزمة اليمنية. لكن المكونات السياسية والأحزاب اليمنية تؤكد أنها لم تتسلم خارطة طريق من المبعوث الأممي أو الأطراف الإقليمية والدولية الوسيطة".

 

وأشار إلى أنه "حتى لو وُجدت خارطة طريق، فإن التصعيد الحوثي في المنطقة والقرصنة في المياه الدولية والإقليمية اليمنية كفيلة بتجميدها، ما يستوجب ضغوطًا دبلوماسية وعسكرية دولية على الميليشيات لإيقاف هذا التصعيد".

 

ويُرجّح النعمان أن "المجتمع الدولي لن يُكافئ ميليشيات إرهابية تستهدف خطوط الملاحة الدولية، بإيجاد خارطة طريق تدعم مشروعها الإرهابي الذي يهدد الأمن المحلي والإقليمي".

 

*تجميد خارطة الطريق*

 

ويأمل المسؤول اليمني، أن يكون "السلام مرتكزًا بشكل واضح على المرجعيات الأساسية للحل السياسي في اليمن، وأي تهاون في تنفيذ هذه المرجعيات يعني تأجيلًا لجولة صراع دموية قادمة".

 

وبدوره، يرى المحلل السياسي ومدير مركز "سوث 24" للأخبار والدراسات، يعقوب السفياني، أن "خارطة الطريق التي أُعلن عنها قبل عام قد جُمّدت بسبب هجمات الحوثيين العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن والملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب".

 

وأشار السفياني في حديثه لـ"إرم نيوز" إلى أن "الحوثيين بدؤوا هذه الهجمات في وقت كانت فيه مساعي غروندبرغ والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جدًا، وكان الحديث حينها عن توقيع وشيك للأطراف على خارطة الطريق، حيث أشار مكتب المبعوث الأممي إلى التزام الأطراف بمجموعة من التدابير ضمن خارطة الطريق".

 

وأضاف السفياني أن "انخراط الحوثيين في الأزمة الإقليمية، بصرف النظر عن موقفهم من غزة، أثّر بشكل كبير على المسار السياسي للأزمة اليمنية، ما جعل أطراف مجلس القيادة الرئاسي غير مستعدة للمضي في خارطة الطريق في ظل تهديد الحوثيين للملاحة الدولية وباب المندب وخليج عدن وسقطرى والسواحل اليمنية".

 

وتابع: "علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تكن لتسمح بإنجاز خارطة طريق أو صفقة سياسية في اليمن، قد تصب في مصلحة الحوثيين، في ظل استهدافهم للملاحة الدولية والقطع البحرية الأمريكية في المنطقة".

 

ويعتقد السفياني أن "أي تقدم سياسي في الملف اليمني، أو استئناف العمل على خارطة الطريق، مرهون بوقف التصعيد البحري للحوثيين، وسحب قواتهم ومنصات الإطلاق من السواحل ومن محافظة الحديدة، والعودة إلى طاولة المفاوضات".

 

وأشار إلى أن "التحركات التي تجري مؤخرًا في الرياض قد لا ترتبط بالمسار السياسي أو إعادة خارطة الطريق، بل قد تكون مرتبطة بإجراءات عسكرية قادمة ضد الحوثيين".

 

ومن جهته، يرى الصحفي عبدالباسط الشاجع أن "الأزمة اليمنية وصلت إلى طريق مسدود، وزادها تعقيدًا استهداف الحوثيين ناقلات النفط وسفن الشحن بذريعة نصرة غزة، ما زاد من تعقيد الوضع السياسي والعسكري في اليمن".

 

وأضاف الشاجع أن "هناك تحركات عسكرية واسعة للحوثيين في مدينة الحديدة ومحيطها، استعدادًا لمعارك قادمة، بينما على الصعيد السياسي، يبدو أن هناك محاولات لإعادة إحياء دور الأحزاب اليمنية استعدادًا لما يبدو أنه تصعيد عسكري محتمل".

 

وأشار إلى أن "هذه التطورات تبقى مرتبطة بأمن البحر الأحمر، وسط توقعات بأن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سيتخذ نهجًا أكثر تشددًا ضد الحوثيين، على العكس من سلفه جو بايدن".

مقالات مشابهة

  • الهجمات الإلكترونية تكبد الشركات البريطانية 55 مليار دولار في 5 سنوات
  • خبراء: تعنت الحوثيين أوصل السلام في اليمن إلى المجهول
  • أمير منطقة حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة
  • سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة: الاستثمار في النساء ومساعدتهن أولوية قصوى للحكومة الأمريكية
  • الشركات البريطانية تتكبد 55 مليار دولار بسبب الهجمات الإلكترونية
  • الشركات البريطانية تتكبد خسائر فادحة من الهجمات الإلكترونية
  • نيوزيلندا تصنف الحوثيين «منظمة إرهابية».. خطوة جديدة لردع الهجمات الإرهابية على خطوط الملاحة الدولية
  • قائد البحرية الأمريكية يتحدث عن طبيعة القتال ضد الحوثيين في البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • وزارة الخارجية والمغتربين: تواصل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الجماعي انتهاج سياسات تقوض الأمن والاستقرار حول العالم وذلك من خلال استمرار دعمها اللامحدود لكل من نظام زيلنيسكي في أوروبا والكيان الصهيوني في منطقتنا
  • أستاذ علاقات دولية: الولايات المتحدة الأمريكية راضية عن مسار نتنياهو