عربي21:
2024-12-25@18:59:11 GMT

جنوب أفريقيا تضع العالم المتحضر أمام نفسه

تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT

يقف من أطلق على نفسه العالم المتحضر أمام مرآة الحقيقة؛ النظام الدولي بقوانينه ومواثيقه ومبادئه الذي فصّلها بعد الحرب العالمية الثانية، لينظر إن كان ذلك النظام لا يزال على مقاسه أم إنه أصبح واسعا عليه بعد أن تقلصت أردافه بفعل ضربات الشعوب الحرة خلال الأعوام الخمسين الماضية.

في لاهاي، حيث مقر محكمة العدل الدولية، تتجه أنظار العالم لخمسة عشر قاضيا يعتلون منصة أعلى منبر للعدالة في العالم، وينظرون أيهتدون أم يكونون من الذين لا يهتدون، إذ إن دور القضاة الخمسة عشر هو حل النزاعات بين الدول، طبقا للقانون الدولي و"العدالة الدولية"، وصولا للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

كما أن دورهم تعزيز وحماية حقوق الإنسان، مما يسهم في تحقيق العدالة والإنصاف، ومحاسبة الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وهي كلها جرائم تضمنتها عريضة الدعوى المرفوعة من دولة جنوب أفريقيا ضد الكيان المحتل لفلسطين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وعلى الرغم من أن العريضة ربطت الجرائم بهذا التاريخ، إلا أن جرائم الاحتلال سبقت حتى الإعلان عن الكيان، والضحايا يتجرعون مرارات انتهاكاته وويلات جرائمه منذ ما يقارب الثمانين عاما، من قتل وتهجير قسري واغتصاب للأموال والنساء واختطاف للأطفال.


من المفترض أن هذه الهيئة العدلية العليا مؤسستية ومهنية، ولا يخضع قضاتها لسياسات الدول التي ينحدرون منها، لكن هذا الكلام العظيم، إلى أي مدى يمكن أن ينسحب على ذلك الكيان المدلل؟
من المفترض أن هذه الهيئة العدلية العليا مؤسستية ومهنية، ولا يخضع قضاتها لسياسات الدول التي ينحدرون منها، لكن هذا الكلام العظيم، إلى أي مدى يمكن أن ينسحب على ذلك الكيان المدلل لدى أكثر من خمس دول، ينحدر عدد من القضاة منها، وعلى رأسهم رئيسة الهيئة القاضية جوان دونوهيو، الأمريكية الأصل، التي وقفت كمحامية لبلادها أمام المحكمة نفسها في الدعوى المرفوعة من نيكارجوا، التي بالمناسبة خسرتها واشنطن، لكن أمريكا لا تنسى أبناءها، فقد عينت السيدة دونوهيو في الخارجية الأمريكية، وتشربت من سياساتها و"ألاعيبها" قبل أن تختارها قاضيا في محكمة العدل الدولية، وهي القاضية الوحيدة في التشكيلة الحالية للمحكمة، التي لم يصبها دور التغيير الذي يتم كل ثلاث سنوات، وتتم الآن دورتها الثالثة.

حديث المجتمع الدولي عن العدالة تنقصه العدالة، إذ إن كل الآليات والأدوات أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، ونظّر لها المفكرون من أمثال هوجو جروتيوس، والمكنى بــ"أبو القانون الدولي"، وإيمانويل كانط، وهانز كيلسن، وغيرهم. فحتى لو كانت النظريات والأفكار غُلفت بالمثالية، إلا أن تطبيقها طوع لمصلحة الأقوى، ولعل بعض هؤلاء المنظرين رأى بأم عينه هذا الإجحاف وليّ عنق النظريات لمصالح سياسية في دوائر استخلاص الحقوق، فأُذل فيها الضعيف وأُعز القوي ولو كان باغيا، أو أُنصف المظلوم نكاية في الظالم أو من يدعمه.

ومن ذلك، قضية الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود، التي نُظرت عام 2007، فعلى الرغم من أن المحكمة انتهت إلى أن صربيا انتهكت التزامها بمنع الإبادة الجماعية، لكنها لم تجد صربيا مسؤولة بشكل مباشر عن ارتكاب الإبادة الجماعية، وضاع دم المسلمين البوسنيين في أروقة قصر السلام في لاهاي، حيث مقر العدل الدولي

من المهم أن نضع في اعتبارنا أنه بينما تعالج محكمة العدل الدولية النزاعات بين الدول، فإن قراراتها قد تكون لها آثار أوسع على حقوق الإنسان والعدالة، وهو ما يكفينا كانتصار إذا ما أدانت المحكمة فعل الاحتلال. ومع ذلك، علينا أن نتفهم أن سلطة محكمة العدل الدولية تقتصر على إثبات موقف وإقرار حال، وفي حالتنا هذه، يكفينا انتصارا أن كسرنا ذلك الحاجز الذي لم نستطع أن نعبره على مدار خمسين عاما، في ظل محاباة من الغرب المنحاز للاحتلال والجائر على حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
والحقيقة التي يجب أن يقف العالم عندها، هي أن غزة وحدها بشعبها الصامد تكتب تاريخ العالم الآن، غزة وحدها اليوم هي من تضع العالم عند حقائق، طالما تم تزويقها لكي يختفي قبح ما حوته سياسات ومصالح الأنظمة أمام عدالة القضايا وحقوق الشعوب، غزة وحدها هي من كشفت فساد تلك الأدوات والآليات التي وضعتها الدول التي تدعي التحضر لتكيل مكيالين؛ مكيالا يزن العدالة بين شعوبها ودولها، وآخر صُنع خصيصا من أجل تلك الشعوب المستضعفة. لكن جنوب أفريقيا، التي تصنف ضمن الفئة الثانية، أرادت أن تعدل تلك الموازين وتكسر قواعد القياس بمقاييس عنصرية تقيس المظالم بقياس من يطالب بها، وهي بدعواها هذه تضع المرآة أمام هذا العالم، كما تضعها أمام من يدعي العروبة ويدعي الإسلام ويدعي الإنسانية.

من المهم أن نضع في اعتبارنا أنه بينما تعالج محكمة العدل الدولية النزاعات بين الدول، فإن قراراتها قد تكون لها آثار أوسع على حقوق الإنسان والعدالة، وهو ما يكفينا كانتصار إذا ما أدانت المحكمة فعل الاحتلال. ومع ذلك، علينا أن نتفهم أن سلطة محكمة العدل الدولية تقتصر على إثبات موقف وإقرار حال، وفي حالتنا هذه يكفينا انتصارا أن كسرنا ذلك الحاجز الذي لم نستطع أن نعبره على مدار خمسين عاما، في ظل محاباة من الغرب المنحاز للاحتلال والجائر على حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين. وعلينا أن نعلم أن المحكمة ليس لديها من آليات التنفيذ ما يجعل أحكامها قاطعة ملزمة، إلا أنها ستدعم موقف المظلومين أمام المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة كل مجرمي الحرب، كما حدث في البوسنة ورواندا. وعلينا أخيرا أن نؤمن بأن شجرة العدالة لن تورق إلا بالتضحيات؛ فإن أردت أن تشارك في إنماء ثمارها، فعليك أن تتحرك في هذه الفاصلة التاريخية التي تجني فيها الشعوب مكتسبات، وتنتزع حقوقها انتزاعا ممن سلبها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدل الدولية جنوب أفريقيا الإبادة الجماعية غزة إسرائيل غزة جنوب أفريقيا الإبادة الجماعية العدل الدولية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة على حقوق

إقرأ أيضاً:

محكمة قنا تنظم ندوة بعنوان "المفاهيم القانونية" بحقوق جنوب الوادي

نظمت محكمة قنا الابتدائية، بالتعاون مع كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادي، ندوة تثقيفية بعنوان "المفاهيم القانونية" والتي أقيمت بمقر المحكمة، في إطار المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وذلك تحت رعاية  المستشار عدنان فنجرى وزير العدل و الدكتور أحمد عكاوى، رئيس الجامعة.

 

 

 

 وبحضور المستشار إسماعيل زناتي رئيس محكمة قنا والدكتور عبد البارئ سليمان عميد كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادى، و حاضر فى الندوة الدكتور عبدالله جاد الرب أحمد مدرس القانون العام بكلية الحقوق بقنا. 

ركزت الندوة على ايضاح المفاهيم القانونية التي تهم المواطنين، وإلقاء الضوء علي دور وزارة العدل في ترسيخ قيم العدالة وتطوير البنية التشريعية بما يحقق أثار ايجابية تعكس دور مباشرة حياة المواطنين، وذلك في إطار تحقيق رؤية القيادة السياسية لتحقيق أهداف المبادرة الرئاسية "بداية".

 من جانبه أكد المستشار إسماعيل زناتي، رئيس محكمة قنا الابتدائية، حرص الوزارة على تقديم تثقيف وتوعية قانونية لمختلف شرائح المجتمع من خلال برامج توعوية، تعمل على نشر الثقافة القانونية، لزيادة الوعي القانوني لدى الجمهور، وذلك عبر وسائل متنوعة؛ منها تنظيم المحاضرات وورش العمل والندوات، وتوزيع المطبوعات، التي تهدف إلى توعية شرائح المجتمع بثقافة القانون. في بداية حديثة نقل الدكتور عبد البارئ سليمان ، عميد كلية الحقوق ، تحيات الدكتور أحمد عكاوى ، رئيس الجامعة ، للحضور الكريم . 

ثم قال الدكتور عبد الباري سليمان، عميد كلية الحقوق، إنه في إطار مبادرات الكلية وبالتنسيق بين الجامعة والمجتمع الخارجى، نظمت الكلية محاضرات تثقيفية وتوعوية، بهدف توعية النشء بالمخاطر التي قد يواجهونها عند استخدام التقنيات والتطبيقات الحديثة، وتثقيف وتوعية الطلبة بالأضرار والسلبيات الناتجة عن الاستخدام السلبي للتكنولوجيا الحديثة، وتعزيز مفاهيم المواطنة الإيجابية. 

وأضاف أن الطلبة في هذه المرحلة من العمر من أكثر الفئات تعاملاً مع تلك الوسائل؛ الأمر الذي يستدعي توعيتهم وإرشادهم تفادياً لوقوعهم في المخاطر المختلفة التي تحيط بهم من جميع الجهات، لافتاً إلى أن الطريقة المثلى لتعزيز الوعي بالاستخدام الآمن للشبكة تكمن في الوصول إلى النشء وتثقيفهم في سن مبكرة.

 فيما أكد الدكتور عبد الله جاد الرب : أن التشريعات والقوانين في الدولة نظمت الحقوق والواجبات القانونية كافة للأفراد بشكل يوفر لهم حياة آمنة، حيث كفل القانون الحقوق، وفرض عليهم بالمقابل مجموعة من الالتزامات التي يجب أن تُمارس في حدود ما أوجبه القانون.  

واستعرض "جاد الرب" مواد القانون التي تنظيم علاقات العمل ذات الصلة بالأجر والإجازات وغيرهما من المواد التي تكفل للعمال حقوقهم، وتوضح واجباتهم حيال أصحاب العمل، إضافة التى توعية العمال الحضور وتعريفهم ببعض المواد في القوانين الأخرى المعمول بها لدى الدولة، والتي من شأنها تنظيم الحياة العامة وتوفير الأمن، لاسيما للعمال داخل مساكنهم التي توفرها لهم المنشآت العاملين لديها. 

كما تم تعريف المنتسبين بجميع الجوانب القانونية التي تنظم عمل الافراد وتحدد حقوقهم والتزاماتهم القانونية والمهنية على المستويات كافة، وحثهم على ضرورة تطوير القدرات القانونية لديهم من الناحية العملية مما يمكنهم من اكتساب مهارات تساعدهم في أداء واجباتهم الوظيفية.

مقالات مشابهة

  • "العدل" تحاضر حول "الاتفاقيات الدولية والنظام القانوني"
  • عاجل.. الإسرائيليون يلاحقون عائلة نتنياهو أمام المحكمة.. تهديد وعرقلة العدالة
  • الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • محاضرة تستعرض الاتفاقيات الدولية وآثرها على القطاع الخاص
  • عمرو خليل: نتنياهو وجالانت محاصران بملاحقات المحكمة الدولية
  • دورة تدريبية لمستشاري هيئة قضايا الدولة في التحول الرقمي
  • دورة تدريبية لمستشاري هيئة قضايا الدولة في التحول الرقمي.. صور
  • لتحقيق العدالة الناجزة.. دورة تدريبية لمستشاري هيئة قضايا الدولة في التحول الرقمي
  • محكمة قنا تنظم ندوة بعنوان "المفاهيم القانونية" بحقوق جنوب الوادي
  • النيابة الإدارية تطلق فيلما وثائقيا بعنوان 70 عاما في محراب العدالة