“الميلس الإماراتي” منبر لتعزيز القيم والهوية الإماراتية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
تعتبر المجالس مظهرا من مظاهر التواصل والتكافل والضيافة، والكرم عند أبناء دولة الإمارات، وعند كثير من شعوب المنطقة، وتلعب دورا هاما في غرس القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد في المجتمعات.
ويعتبر “المجلس” عنصرا مهما من عناصر الثقافة والتراث في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، لذا فقد تمكنت هذه الدول من إدراجه في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، من خلال ملف دولي مشترك تقدمت به، وأصبح منذ ديسمبر 2015 جزءا من التراث الإنساني للشعوب.
وتنتشر المجالس في العديد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعرف بأسماء مختلفة، ففي دولة الكويت تسمى “الديوانية”، وفي المملكة العربية السعودية تعرف بـ “المجلس”، وفي الإمارات يطلق عليه “المیلس” بقلب الجيم ياء في اللهجة الإماراتية.
ويصطحب الآباء أبناءهم للمجالس، حيث يكتسب الأبناء إضافة للعادات والتقاليد، الكثير من المعرفة والعلم من خلال الأحاديث التي يتم تداولها في مختلف المجالات مثل التربية، والاقتصاد، والشعر، والثقافة، والتراث وغيرها من الموضوعات، لذا تعتبر المجالس منبرا ومدرسة تسهم في بناء وتعزيز الهوية الإماراتية.
وقال الحظ مصبح الكويتي الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، إن المجالس حظيت باهتمام أبناء الإمارات منذ زمن بعيد لمكانتها في تحقيق التواصل بين أبناء المجتمع، وقد حرص أصحابها على الاهتمام ببنائها وزخرفتها وتأثيثها، وإعطائها مكانا مميزا من القصر أو المنزل، إذ يبنى المجلس بمدخل مستقل عن بقية أجزاء البيت، وانعكست البيئة الإماراتية ومواردها الطبيعية على بناء المجلس وتجهيزه.
وأوضح أن المجلس قد يكون عبارة عن بيت من الشعر، قرب بيت شيخ القبيلة أو في منتصف الحي “الفريج”، أو خيم البدو، وقد يكون في أبسط حالاته عبارة عن حظيرة محاطة من ثلاث جهات بأغصان أشجار السمر، والغاف وغيرها لتقيه من الرياح، والرمال، كما قد يكون المجلس في ظل إحدى أشجار الغاف الكبيرة المتميزة بظلها الوارف والتي يلجأ إليها الناس وقت “القائلة” أي بعد الظهر.
وأشار إلى أن المجالس في الإمارات تصنف إلى أقسام متعددة تبعا للبيئة التي توجد فيها، حيث تبنى مجالس أهل الساحل من الجص والطين، أو العريش، أو على شكل مظلة، وقد يكون المركب “المحمل” هو مجلس الغواصين بعد أن يفرغوا من عمليات الغوص، وفي هذا النوع ينصب الحديث على أنواع السفن، وعمليات الصيد أو الغوص، ومشاقها وعمليات البيع، وتجارة اللؤلؤ، وغيرها من الموضوعات.
ولفت إلى أن مجالس أهل البادية تتكون من نوعين، مجالس تقام في العراء يسميها البدو “الحظائر”، حيث يجلسون في الهواء الطلق حول النار ودلال القهوة، ومجالس بيت الشعر، التي تقام في خيمة مصنوعة من الشعر.
وذكر الكويتي أن المهن التي مارسها سكان الإمارات انعكست على مجالسهم، وعلى نوعية الأحاديث التي تدور بها، فكانت هناك مجالس خاصة بالشيوخ، وأخرى بتجار اللؤلؤ “الطواويش”، ومجالس للصيادين، وأخرى للمهتمين بالقنص، كما ظهرت مجالس خاصة بالعاملين في مجال الفنون الشعبية، ومجالس للشعر.
وأوضح أن مجالس التجارة تميزت بأنها كانت مفتوحة للجميع خاصة العاملين في مهنة الغوص، وبنشاطها الملحوظ في مواسم الغوص على اللؤلؤ، خاصة في موسم “القفال” أي نهاية موسم الغوص للتفاوض على أسعار اللؤلؤ، وعقد صفقات البيع، كما كانت تنشط خلال شهر رمضان، وبعد صلاة الجمعة حيث يتجمع التجار في منزل أحدهم لتناول وجبة الغداء، وتبادل الأحاديث ذات الصلة بعملهم، كما كانت تتناول أخبار البحر، والحكايات المتعلقة بالأخطار التي كان يواجهها الغواصون.
وقال إنه كانت هناك مجالس للقضاء، وتخصصت في القضايا الشرعية والمسائل التي يتم تحويلها من مجالس الشيوخ والتجار للقضاة، وعرف مجتمع الإمارات العديد من هذه المجالس، والتي عرفت بأسماء العديد من القضاة، ولم يقتصر دورها على فض النزاعات والحكم في القضايا المختلفة، بل أسهمت في نشر الوعي الديني، وتدريس العلوم الشرعية، وكانت أبواب مجالس القضاة، تفتح من الصباح الباكر حتى موعد صلاة الظهر، ثم تفتح بين صلاتي العصر والمغرب.
وأوضح الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أنه في دولة الإمارات درجت العادة أن يكون هناك مجالس خاصة للشيوخ، يجتمع فيه أفراد المجتمع لعرض قضاياهم، ومناقشة شؤون حياتهم، وتناقل الأخبار، وتسمى بـ“البرزة”، فيقال إن الشيخ بارز إذا كان جالسا في برزته، وقد تكون داخل القصر أو خارجه.
وأضاف أن هذه المجالس كانت – ومازالت – تلعب دورا مهما في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، وفي صياغة القرارات المهمة في كل إمارة، ويحق لكل فرد من أفراد الإمارة حضور البرزة والإدلاء بوجهة نظره، وعرض قضيته الخاصة، ويحرص زوار هذه المجالس على الالتزام بارتداء الزي الإماراتي .
يذكر أن مصطلح “المجلس” يستخدم في بلدان كثيرة للدلالة على العديد من المنتديات السياسية والثقافية.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
«طيران الإمارات للآداب» يسلط الضوء على أصالة الثقافة الإماراتية
دبي (وام)
أخبار ذات صلة لطيفة بنت محمد تفتتح مهرجان سكة للفنون والتصميم منتخب السلة إلى «مربع الذهب» في «دولية دبي»برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، احتفى مهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته السابعة عشرة بالأمسية الشهيرة «أبيات من أعماق الصحراء».
حضر الفعالية شخصيات رفيعة المستوى وضيوف وزوار المهرجان من الإمارات والعالم، وتضمنت مجموعة من العروض الحية للشعر والموسيقى والأداء، فيما ركزت الأمسية على اكتشاف قوة الكلمات وقدرة الثقافة والإبداع على الجمع بين الثقافات والشعوب. وعكس الحفل تفرد التراث الإماراتي من خلال ما قدمته الشاعرة شهد ثاني من أداء متميز، واستمتع الزوار بعروض أداء من خيراني باروكا، وأسماء عزايزة، وعبد اللطيف يوسف، وشمة البستكي، وصفية سنكلير، وخالد البدور.
كما قدمت فرقة «رومينيشن» عرضاً موسيقياً فريداً عكس مهمة أعضائها في تحويل الفردية إلى تناغم جماعي يعزز من السلام وذلك من خلال اختيار قصص ثقافية متنوعة.
وقالت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، إن مهرجان طيران الإمارات للآداب يمثل امتداداً لرؤية دبي في تعزيز الحوار الثقافي وربط الأفكار والرؤى بين مختلف الثقافات.
وأضافت أن فعالية «أبيات من أعماق الصحراء» تأتي لتسليط الضوء على جمال الثقافة الإماراتية وأصالتها، وأهمية دور الآداب والفنون في مد جسور التفاهم بين الشعوب. والتقت سموّها خلال الحفل بـ 26 مديراً ومديرة لمهرجانات أدبية من مختلف أنحاء العالم، من أبرزها مهرجان شلتنهام للأدب، ومهرجان إدنبرة الدولي للكتاب، ومهرجان برلين الدولي للأدب، ومهرجان ملبورن للكتاب، إلى جانب ممثلين عن مهرجانات أدبية أخرى تقام في أستراليا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، والأرجنتين، والصين، وأفريقيا، وماليزيا، وأوروبا، وغيرها، والذين يجتمعون في دبي للمشاركة في فعاليات المؤتمر الرابع للجمعية العالمية للمهرجانات الأدبية (GAoLF)، الهادف إلى مدّ جسور التواصل بين المهرجانات الأدبية حول العالم، وإتاحة الفرصة أمامها لتبادل الأفكار، ومشاركة أفضل الممارسات، ومناقشة التحديات التي تواجهها واستكشاف فرص التعاون فيما بينها.
وقالت أحلام بلوكي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب إننا نسعد اليوم بالاحتفال بمرور أكثر من ستة عشر عاماً على انطلاق مهرجان طيران الإمارات للآداب، وبالتجربة الفريدة التي تقدمها أمسية «أبيات من أعماق الصحراء»، إحدى أبرز فعاليات المهرجان السنوية التي تبرز جوهر الجمال والثقافة الإماراتية، مشيرة إلى أن الشعراء العالميين والمحليين أضافوا لمسة خاصة إلى هذه الليلة، مما جعلها تجربة لا تُنسى تحت سماء دبي الساحرة.
وأعربت عن شكرها للشركاء والراعي الرسمي طيران الإمارات والشريك المؤسس هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، على دعمهما المستمر الذي كان له دور كبير في إنجاح هذا الحدث الثقافي المميز. ويجمع المهرجان نخبة من الكتّاب والمفكرين ونجوم الفن من حول العالم والمنطقة العربية.