قراءة في أحدث إصدارات أنيس الرافعي “جميعُهم يتكلّمون من فمي”
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أثير- مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
ماذا يريد منّي أنيس الرافعي ..؟، هو مبدع خلاّق لا شكّ في ذلك ..ولكن عليه أن يساعدني لأتبعه في أدغال نصوصه المتداخلة المربكة المجنونة الصادمة ..إلخ، كالعادة طلبت نسختي الالكترونية منه ..، فلبّى الطلب ووجدتني وجها لوجه مع ” جميعهم يتكلّمون من فمي ” وانطلقت في سبر هؤلاء الذين يتكلّمون من فمه .
في أوّل عناق لنا لسرد هذا الفتى الكبير ..، نجلس تحت ” مظلة تحضير الأرواح ..” ونعيش في مناخات صوفية حين يتلبّس الساحر المغربي بروح وجسد المحبوبة ..بل يصدر منه صوتها ..حيث تسمعها من فم الساحر العجيب :
” لا تصدّق وساوسك، فأنا لا أعشق سواك ”
ثمّ ندخل إلى ” أكاديمية الجن ” ونتبع أنيس الرافعي الذي لا أدري ماذا يفعل كي نتبعه داخل هذه الأدغال ..، يقول أنّه بعد سفر فوهن فذهاب إلى الحمام ..، فسنة من النوم ..، رأى فيها أنّه تلميذ نجيب من الجنّ ..، ثمّ ارتداء ملابسه وخروجه من الحمام حيث رأى نفس الشخص الذي شاهده أو خيّل إليه أنّه لمحه ..:
” حتّى وجدت صاحب جديلة الشعر الطويلة ، الذي تطلّع إليّ لحظتها مبتسما، كاشفا من وراء ظهره، دون قصد منه ، بعض ريش أجنحته المخبأة “
أمّا في ” حديقة المجهول ” فثمة احتفاء بشخصية مغربية في عالم الثقافة والأدب ..، هو السيد عبد الفتاح كيليطو ..، الذي تعلّمت منه عن بعد فهم الأدب والحياة ..وذاك حديث طويل، المهمّ أنّ الكاتب يفعل ما يريد داخل نصّه ..، فقد أخذه معه في سفرة إلى ” الحديقة المجهولة ” حيث يكرمه ويبجله ويعرضه على قضاة ليُسأل أسئلة عن ” جدل اللغات ، الماضي حاضرا ، جذور السرد ، حمّالو الحكاية ، ومرايا ” ومن الواضح أنّها تعلّة لأنيس الرافعي للاحتفاء برجل قدّم الكثير للأدب العربي ..، تجوّل معه وشطح شطحات أنيس كلّما كان في حضرة مبدع وقامة كبيرة ..
أمرّ الآن على باب ” العجلة المعكوسة ” ملتفتا إليّ وليس لبداية الكون ..والانفجار العظيم منذ ما يناهز أربعة عشر مليار سنة ..، وأقف أمام باب ” الحصوات الملساء ”
ففي هذا النصّ تطرّقٌ للحديث عن شركة عابرة للقارات خاصّة بالسفر داخل الزمن، أو السفر من الزمن الضيّق إلى الزمن اللامقيّد ، وأجمل ما شدّني في هذه التهويمة الرافعية ذكره لوالديه الذيْن يكنّ لهما الحبّ الصافي :
” أرنو إلى يومية ورقية مثّبتة على الجدار تعود إلى العام 1976 ، لمحت وجوها متعاقبة لأشخاص من معارفي، وجيراني، وعائلتي، وأصدقائي، ممّن قضوا نحبهم منذ فترات قصيرة أو طويلة، كما أبصرت رجلا وامرأة في مقتبل العمر كانا يحدّقان إليّ بفرح وحنان غامريْن، فأدركت بعد ومضة دهشة خاطفة، أنّها والدايّ قبل أن يرزقان على الأرجح …”
مازلت في مفتتح هذا الأثر الصادر حديثا ..ولم أدخل إلا مشارفه ..بل لم أشهد غرفه ودهاليزه ..ولم أقل شيئا لهذا الرجل الذي يتجوّل بي ضاحكا مشيرا إلى النفس العميقة … كلما تورطت فيه .. ، ولم أدر كيف تجاوزت في كتابة هذا المقال الإخباري ..الحدّ المسموح به ..، سأواصل القراءة بمفردي وأدعو كلّ محبّي الأدب الصافي ، الأدب الذي لا يُقرأ قبل النوم لاستدراجه ..فهو منبّه ومربك وجميل ..، ولكن قبل أن أودّعكم أترككم مع هذه الفقرة الملخصة للكتاب الجيد لأنيس الرافعي ( جميعهم يتكلّمون من فمي ) :
” يخوض الكاتب والقاص المغربيّ أنيس الرّافعي تجربة سرديّة مختلفة وغير مسبوقة في مشروعه الجماليّ الممتدّ ، هي عبارة عن بحث قصصيّ في غياهب الشامانيّة الجديدة ، و متاهاتها المتشعّبة، وطقوسها الملغزة..، فعلى امتداد 21 نصّا ، و 21 صورة تمثّل “معرض الشامان” الموازي أو الافتراضيّ ، يجد القارئ نفسه منخرطا في رحلة عكسيّة مثيرة من المستقبل البعيد إلى الماضي السحيق ، من أجل اكتشاف الأسطوريات المستحدثة للفكر السحريّ الإحيائيّ، و الشامانيات المعاصرة التي تخترق بنيات مجتمعاتنا العربية الحديثة و ذهنياتها اللاّواعيّة..”
.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
إصدارات مشروع «استعادة طه حسين» تتصدر جناح الهيئة العامة للكتاب في الكويت
تشارك وزارة الثقافة من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، في الدورة 47 من معرض الكويت الدولي للكتاب، الذي بدأت فعالياته صباح أمس، تحت رعاية الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي.
وزار الجناح المصري في معرض الكويت، أسامة شلتوت، السفير المصري بدولة الكويت، وأشاد بالجناح والإصدارات المتنوعة للهيئة، مؤكدًا أن الثقافة المصرية حاضرة بقوة في كافة دول العالم.
جناح الثقافة المصرية يشهد إقبالًا كبيرًا من زوار المعرضكما شهد الجناح إقبالًا كبيرًا من زوار المعرض والمسؤولين عنه، لما له من أهمية كبيرة في معرض الكويت، خاصة وأن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تعد أكبر ناشر في الشرق الأوسط، وتلعب دورا كبيرا في نشر الثقافة وبناء الإنسان.
وتقدم الهيئة المصرية العامة للكتاب، مجموعة كبيرة من إصداراتها المتنوعة في مختلف فروع المعرفة في المعرض، وبينها إصدارات مشروع استعادة طه حسين، وإصدارات سلسلة أدباء القرن العشرين، وسلسلة الإبداع العربي، وسلسلة تاريخ المصريين، وسلسلة التراث، وعقول، كما تقدم موسوعة الأغاني، وإصدارات سليم حسن، وكتاب الخط الكوني، وغيرها من الإصدارات، كذلك تقدم الهيئة مجموعة من الإصدارات المتنوعة للأطفال.