حزب الله يريد العودة إلى ما قبل الحرب..
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
في اللحظة التي اندلعت فيها الحرب في قطاع غزة، لا بل من اللحظة الاولى لعملية "طوفان الأقصى"، كانت معضلة "حزب الله" الاساسية مرتبطة بالتوقيت، أي انه لا يرغب بالذهاب إلى حرب واسعة أو "حرب كبرى" كما يسميها في هذه اللحظة بالذات، وهذا أمر مرتبط بالظروف الإقليمية والدولية وقراءته لها، وبإستعداداته الشاملة لمثل هذه الحرب وقدرته على خوضها بأقل خسائر ممكنة.
لم يكن "حزب الله" قادراً على تجاهل إندلاع الحرب في غزة، خصوصا أنه شعر منذ اللحظة الاولى بخطورة الهجمة الإسرائيلية التي قد تهدد المكتسبات الاستراتيجية في الداخل الفلسطيني، كما ان خطابه الاعلامي والسياسي كان يفرض عليه المشاركة على قاعدة وحدة الساحات، لذلك فتحت الجبهة جنوباً وباتت في الأيام الاخيرة أكثر اتساعاً، ما طرح اسئلة عن الواقع العسكري وكيفية استمراره بعد وقف النار.
تحاول إسرائيل كسر قواعد الاشتباك لصالحها مستغلةً اندلاع الاشتباكات الحالية في الجنوب، وتضع ضمن اهدافها الاساسية امرين، الاول فتح باب الاستهدافات لعناصر الحزب في سوريا بشكل دائم من دون ان يتمكن "حزب الله" من الردّ وهذا الامر يمكنها من إنهاء عملية مراكمة القوة التي يحاول الحزب وايران بناءها في سوريا، كما يفتح باب الاستنزاف بشكل دائم امام قياديي الحزب الاساسيين.
أما الهدف الثاني فهو تمكينها من توجيه ضربات دقيقة في لبنان ضدّ اهداف استراتيجية للحزب مثل مصانع او مخازن الصواريخ الدقيقة او اماكن تستخدم لتطوير سلاح المسيّرات، ولعل هذا الامر كان هدفاً إسرائيلياً قديماً لكن قواعد الردع التي كان يفرضها "حزب الله" كانت تمنع تل ابيب من القيام بأي عمل عسكري في الداخل اللبناني، لذلك فإن محاولات اسرائيل قد تفشل إذا اظهر الحزب إستعداده بالذهاب إلى حرب شاملة.
أمام هذه المعادلات والمساعي، تتحرك الديبلوماسية الدولية بهدف الوصول الى تسوية لكن لدى "حزب الله" رغبة جدية بالعودة الى مرحلة ما قبل الحرب، أي انه ليس جاهزاً اليوم للقبول بأي وقف لإطلاق النار في حال حاولت إسرائيل تكريس قواعد الاشتباك المعتمدة خلال الحرب، بعد إنتهائها، اي ان ما يصح خلال المعارك غير متاح اوقات السلم، علماً ان الحزب يحاول خلال المعركة تكريس بعض الخطوط الحمراء في اطار الرسائل الامنية الميدانية بينه وبين تل ابيب.
وفي هذا الاطار يأتي الحديث عن الـ 1701، على اعتبار ان "حزب الله" جاهز لتطبيقه بعد انتهاء الحرب، كما كان يطبقه في السابق، لا بل ان الحزب سيحاول الحصول على مكتسبات اضافية مرتبطة بقيام اسرائيل بالاجراءات ذاتها التي يطبقها لبنان في الجانب الآخر من الحدود، وعليه فإن الحزب يفضل العودة الى مرحلة تمرير الوقت في ظل الاستقرار في انتظار لحظة اقليمية ودولية مناسبة للحرب الكبرى ربما... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!
سواء في لبنان أو في غزة يظل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار أمراً شديد الأهمية؛ لأنه يعني وقف القتل والتخريب والتهجير الذي يوشك أن يصبح آتياً من طرفٍ واحدٍ هو الطرف الإسرائيلي. بيد أنّ المشكلات الأخرى المتكاثرة بعد الحرب على الجبهتين هي بالصعوبة نفسها، بل قد تكون أكثر عسراً واستعصاءً، وستقتصُر المعالجة هنا على الجبهة في لبنان.
إنّ الصعوبة الأولى بعد وقف النار إن حصل تتمثل في دخول الجيش اللبناني إلى منطقة الليطاني الحدودية والتي اخترقتها إسرائيل من الوريد إلى الوريد. وبالطبع، فإنّ الانسحاب الإسرائيلي ينبغي أن يحصل أولاً، وإن حصل فهل يكون دخول الجيش سهلاً وسلِساً؟ المنطقة المقصودة خالية من السكان تقريباً، لكنها لا تخلو من عناصر الحزب وربما لا تزال هناك أسلحة ومخابئ إن لم تكن هناك أيضاً أنفاقٌ لم يدمّرها الإسرائيليون بالكامل. فهل يستطيع الجيش إخلاء المنطقة من السلاح والمسلحين بطول مائة كيلومتر تقريباً؟ للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي ما حصلت ضربةٌ للحزب كضربة هذه الحرب. وقد كان سابقاً ينفّس عن نفسه بدعاوى الانتصار التي لا يستطيعها الآن؛ ولذلك ستنصبّ مماحكاته على الجيش و«يونيفيل» الذين لن يقاتلوه لكنهم سيصرُّون على الخروج والإخراج وهم تحت رقابة الإسرائيليين والأميركيين والفرنسيين.إشكاليات الخروج والإخراج، تتلوها إشكاليات الموقف الداخلي. لدينا منذ قيام دولة لبنان الكبير الذي لم يعد كذلك لا لجهة سورية ولا لجهة إسرائيل ولا لجهة المناطق التي ينتشر فيها الحزب ومسلَّحوه. منذ قيام الدولة في العشرينات منذ القرن الماضي تحضر مشكلات الهوية الفصامية بين المسيحيين والمسلمين وقد صارت الآن رباعية وليست ثنائية: المسيحيون والسنة والشيعة والدروز. وقد كانت المظلومية الشيعية سيدة الموقف من ستينات القرن الماضي، وهي ستعود الآن بعد الصدمة الهائلة على الصعد كافة: كيف سيعود الشيعة إلى منازلهم على الحدود ومعظم المنازل مدمَّرة؟ وهم سيشهدون الدمار الهائل وسيبتزون الحكومة العاجزة بحجة رفع الظلم. وبعد الحكومة هناك عشرات ألوف المساكن التي يحتلها المهجَّرون في سائر الأنحاء بإيجار ومن دون إيجار، وهناك عشرات المدارس التي لا تستطيع فتح أبوابها للطلاب لأنّ المهجَّرين فيها! وربما لا يمون الحزب على مناطق التهجير، لكنه لن يسهِّل عودة أصحابها إليها وسيكون هذا الإباء جزءاً من الصدمة التي نزلت بالحزب وسائر اللبنانيين.
قبل الحرب كان «الثنائي الشيعي» يحتجز رئاسة الجمهورية ويريد فرض مرشح معين من أجل الأمن الاستراتيجي للحزب! أما الآن فسائر الشيعة غير آمنين ولا في مساكنهم، والذي أتصوره أن الرهان سيزداد تعقيداً لأن الفصامية ازدادت بين الشيعة والمسيحيين وما عاد عندهم ما يمكن تبادله. هناك من اللبنانيين من يعتقد أن إعادة الإعمار وإعادة بناء الدولة هما همّان يمكن أن يجمعا اللبنانيين. لكنّ الأمر ليس كذلك الآن. كان هناك «مجنون» بإعادة إعمار بيروت وهو رفيق الحريري يعاونه السعوديون والفرنسيون، لكنّ التضامن العربي والدولي ليسا حاضرين الآن. مفاوض الشيعة الوحيد على وقف النار وعلى استعادة الكيان السياسي واحد ووحيد هو نبيه بري وأمل الشيعة فيه مشروط، إنما لا ثقة للآخرين به. وعلى أي حال، فكل تنازُلٍ من جانبه سيقابل بالإنكار والاستنكار. لكن، هناك انطباعٌ الآن أنّ إيران تريد أخيراً وقف الحرب بعد أن كانت قد أثارتها. ويقال إنّ علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني إنما زار بري ولبنان لهذا الغرض. وبالطبع الجميع الآن يعتبر إسرائيل هي العقبة وقد جاء آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأميركي إلى لبنان لهذا الغرض، ويقال إنّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدعمه أيضاً!
الجميع الآن يترقب نوايا وأفعال ترمب الذي يقال إنه يريد وقف كل الحروب ومنها الحرب على لبنان وستبيّن الأيام القليلة المقبلة مدى الصدق في هذه المقولة. لكن على ماذا يراهن الحزب المقاتل بعد هلاك الألوف من عناصره وطائفته، وإذا كان «يعاني» سابقاً غرور فائض القوة، فهو يعاني اليوم الضعف الشديد الذي أوصلته إليه الحرب الإسرائيلية ويسخر المتحدثون الإسرائيليون ويزعمون أنهم يريدون تحرير اللبنانيين من سطوة الحزب وداعميه، ويصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغرور إلى مخاطبة الشعب الإيراني بأنه يريد تحريرهم من نظام حكمهم الفظيع!
الصعوبات قبل وقف النار وبعده لا تُعدُّ ولا تُحصى. وعندما جاء هوكستين إلى بيروت قابل ثلاثة، هم: الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون الذي من المفروض أن يرسل جحافله الجرارة إلى منطقة الليطاني للحلول محلَّ تحصينات الحزب وأنفاقه.
المطربة اللبنانية الشهيرة فيروز بلغت التسعين، ويتخذها اللبنانيون ومحبو لبنان من العرب دليلاً على «خلود» لبنان رغم ضخامة المشكلات فيه داخلياً وخارجياً.