القوى المدنية البرازيلية تبعد العسكر بعد صراع طويل
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
صديق الزيلعي
تجارب الشعوب الأخرى حول الانتقال الديمقراطي، وابعاد العسكر عن السلطة، لا تنعزل عن مصاعب وضعنا الحالي ومستقبل بلادنا. فقضية إنهاء الحرب الكارثية هي الأولوية القصوى التي يجب ان تتوجه نحوها كل جهودنا، وطاقاتنا الفكرية، وحوارات قوانا المدنية، واتصالاتنا الدولية. لكن ذلك لا يتعارض مع التفكير في ماذا بعد الحرب؟ وأري ان كل الجهود يمكن ان تتواصل جنبا الي جنب.
تبنت البرازيل الملكية الدستورية البرلمانية على النمط الإنجليزي طوال عقود بعد استقلالها عن البرتقال عام 1822، ثم تحولت الى النمط الرئاسي الأمريكي عقودا أخرى، لتقع تحت الحكم الدكتاتوري خلال الفترة ما بين 1930 – 1945، ثم عادت للتعددية الحزبية. أدى الجيش دورا محدودا خلال تلك الفترات. لكن الجيش، بدعم من الولايات المتحدة، تدخل في 1965 لإسقاط رئيس حزب العمال المنتخب. تداول حكم البرازيل، منذ ذلك الحين وحتى 1985، عدة جنرالات.
أستند العسكر، آنذاك ولتبرير استمرارهم في الحكم، الى مفهوم متسع للأمن القومي، لا يشمل الدفاع الخارجي فقط، بل أضاف مواجهة الخطر الشيوعي الداخلي. خلال تلك الفترة استطلاع الجيش استغلال الانقسامات بين الأحزاب والمجتمع المدني للحفاظ على قبضته على الحياة السياسية. ومنع معظم الأحزاب وسمح للأحزاب اليمينية بالنشاط العلني. قام الجيش بمجهودات كبيرة في تطوير الاقتصاد، عن طريق كوادره، مما أعطاه شرعية وقبول وسط قطاعات من الشعب. انقسم العسكريون، بمرور الزمن، بين تيار متشددين يخشى عودة المدنيين، وفتح ملف انتهاكات الجيش، واصلاحيين يرون ان الوقت قد حان لعودة المدنيين للحكم. وازداد الشرخ داخل المؤسسة العسكرية.
بدأت عملية الانفتاح المتدرج الذي قاده الجناح الإصلاحي داخل الجيش في عام 1973 في ظل سياقين اجتماعي وعسكري غير مواتين لاستمرار الحكم العسكري. فالركود الاقتصادي الذي أصاب البرازيل والأزمة المعيشية الحادة، والقرارات التقشفية المفروضة من البنك الدولي، بعد التقدم الذي شهدته البرازيل فترة الستينات، فازداد وتصاعد الرفض الشعبي لحكم العسكر. من الجانب الآخر تضخم خوف العسكريين من تصاعد نفوذ الأجهزة الأمنية على حساب المؤسسة العسكرية. كما تعرض الحكم العسكري للحصار بعد انتقال بلدان مجاورة الى الديمقراطية. وبعدها ظهرت ازمة النظام مع الكنيسة الكاثوليكية. كان من عوامل الضغط التظاهرات الشعبية الحاشدة والإضرابات العمالية، وظهور مجموعات ومنظمات دينية وشبابية ونسوية كمجموعات ضغط. كما ظهرت اتحادات عمالية جديدة وقوية، استطاعت تعبئة العمال للمطالبة برفع اجورهم والدفاع عن حقوقهم. وكان من أبرز قادتها لولا دي سيلفا. كان سلوك قوى المعارضة بالغ الأهمية، فبعد الانفتاح، حشدت قواها في تكتل انتخابي ضم كل التيارات السياسية والفكرية.
بعد صراع كبير داخل المؤسسة العسكرية خلال فترة الرئيس المتشدد ميديشي، تمكنت مجموعة العسكر الإصلاحيين من ترشيح الجنرال غيزيل للرئاسة. بدأ الرئيس الجديد إجراءات تدريجية لتحقيق الانتقال الديمقراطي، وسط مضايقات مستمرة من المتشددين. وساعد الرئيس في فرض خليفته فيغيريدو الذي وعد بنقل البلاد الى الديمقراطية وفتح حوارا مع المعارضة وأصدر عفوا عاما وسمح بعودة المنفيين وألغى النظام الحزبي المشوه وسمح بالتعددية الحزبية. ورغم تلك الإصلاحات الا ان الجناح العسكري المتشدد نجح في فرض قوانين انتخابية تمنع التحالفات، ورغم ذلك أحرزت أحزاب المعارضة انتصارات كبيرة في الأقاليم، وصارت حاكمة في عشرة أقاليم.
اندلعت مظاهرات ضخمة في 1984 للمطالبة باختيار مباشر للرئيس. وبدأت مفاوضات ماراثونية مع الجيش المصر على التمسك بالحكم. اتفقت المعارضة على مرشح معتدل لكي يوحد المعارضة ويجذب أصوات المعتدلين داخل الجيش. ففاز بالرئاسة، ولكنه توفي قبل تتويجه، فاختير نائبه سارني الذي ظل في الحكم من 1985 وحتى 1990. ثم استقر النظام الديمقراطي ليتم انتخاب النقابي دي سيفيا للرئاسة، الذي قام بإجراءات قوية لترسيخ الحكم المدني الديمقراطي وإنجاز إصلاحات اقتصادية وإبقاء الجيش خارج السياسة.
الوسومصديق الزيلعيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صديق الزيلعي
إقرأ أيضاً:
الداخلية تبعد 3 أجانب خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام
أصدر اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، 3 قرارات تتضمن إبعاد 3 أشخاص يحملون جنسيات أجنبية من مصر، وذلك لأسباب تتعلق بالصالح العام، استنادًا إلى القانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة الأجانب بجمهورية مصر العربية والخروج منها، وذلك وفقًا لما نشرته الجريدة الرسمية في عددها الصادر اليوم.
ونص القرار الأول رقم 133 لسنة 2025 بأن يقضي بإبعاد المواطن الأمريكي مايكل أنتوني إيفانز Michael Anthony Evans، من مواليد 1 يونيو 1986، خارج البلاد، والذي صدر القرار بناءً على مذكرة الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية المؤرخة في 20 يناير 2025
كما نص القرار الثاني رقم 130 لسنة 2025 ويقضي بإبعاد المواطن اليمني عمر صالح صالح عنف، من مواليد 2 نوفمبر 1983، خارج البلاد، وصدر القرار استنادًا إلى مذكرة الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية المؤرخة في 18 يناير 2025، والتي أوصت بالإبعاد حفاظًا على الصالح العام.
ونص القرار الثالث رقم 129 لسنة 2025 بإبعاد المواطن الأوزباكستاني موخاماد أزمجون أوغلي مخمودوف (Mukhamad Azamjon Ugli Makhmudov)، من مواليد 23 يونيو 2000، خارج البلاد، القرار جاء بناءً على مذكرة رسمية من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، المؤرخة في 18 يناير 2025، والتي أوصت بإبعاده لدواعٍ تتعلق بالصالح العام.
كما أكدت وزارة الداخلية أن جميع القرارات المنشورة في العدد 46 من الجريدة الرسمية بتاريخ 25 فبراير 2025، تأتي في إطار تطبيق القوانين المنظمة لإقامة الأجانب في مصر، والحفاظ على الأمن العام، مشددة على أن إدارة الجوازات والهجرة والجنسية ستتولى تنفيذ القرارات فورًا.
اقرأ أيضاًالداخلية تضبط عصابة النصب على شركات توريد المواد الغذائية بالقاهرة
ضربة لتجار العملة.. الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة
الداخلية ترد الجنسية المصرية لـ 42 مواطنا