مجدّدًا، يخرج رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ليحذّر ممّا بات يوصَف بـ"المقايضة" بين رئاسة الجمهورية والتسوية الإقليمية التي يُعمَل عليها، ملمّحًا إلى أنّ "محور الممانعة"، وفق وصفه، يضع رئاسة الجمهورية والحكومة المقبلة في إطار المفاوضات الجارية بين هذا المحور والموفدين الغربيين، وبالأخصّ الأميركيين، حول إعادة انتشار "حزب الله" في الجنوب، وأمور أخرى مرتبطة بالقرار 1701 وغيره.


 
يؤكد جعجع أنّ هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا، فرئاسة الجمهوريّة، وفق ما يقول، "ليست بدلًا عن ضائع، ولن تكون جائزة ترضية لمحور المقاومة، ولن تكون أمرًا ملحقًا لأيّ صفقة لا من قريب ولا من بعيد"، ملاقيًا بذلك ما يقوله آخرون خصوصًا في المعارضة، أنّ استحقاق الانتخابات الرئاسية "منفصل" عن كلّ ما عداه، بما في ذلك عن الوضع الأمني الناتج عن الحرب الإسرائيلية على غزة، وانعكاساتها على "الجبهة المفتوحة" في جنوب لبنان.
 
وإذا كان ما يقوله جعجع ليس بجديد، إذ سبق أن تحدّث بنفسه عن "مقايضات مطروحة"، فإنّ علامات استفهام بالجملة تُطرَح حول أسباب وخلفيّات إعادة طرح الفكرة في هذا التوقيت، ومدى "الجدية" التي قد تنطوي عليها، في وقتٍ يبدو "السباق" على أشدّه بين التسوية السياسية والمواجهة العسكرية، مع تصاعد وتيرة العمليات في جنوب لبنان، وتصاعد التهديدات الأمنية المتبادلة بين لبنان وإسرائيل من جهة ثانية.
 
ما تخشاه المعارضة
 
يقول العارفون إنّ حديث جعجع المتكرّر عن "المقايضة" يعكس في جانبٍ منه وجود خشية حقيقية لدى شريحة واسعة في صفوف قوى المعارضة بشكل خاص، من أن يكون هناك مسعى لـ"ربط" الاستحقاق الرئاسي بالوضع القائم في جنوب لبنان، بحيث يشترط "حزب الله" إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، لتطبيق القرار الدولي 1701 كما يريد المجتمع الدولي، ما يمنحه "انتصارًا مجانيًا" يمكنه تضخيمه، للقول إنّه لم يتراجع ولم يخضع.
 
ومع أنّ مثل هذا الحديث لم يَرِد "صراحةً" في الخطاب الرسمي لـ"حزب الله"، وخصوصًا في المواقف المُعلَنة لأمينه العام السيد حسن نصر الله، فإنّ أوساط "القوات" تشير إلى أنّ "طيفه" يحضر في الكثير من مواقف المحسوبين على الحزب، الذين يصرّون دائمًا على ترداد معادلة أنّ الانتخابات الرئاسية "مرهونة" بنتائج الحرب في غزة، ويلمّحون إلى أنّ حظوظ مرشح الحزب سترتفع بناءً على هذه النتائج، أو التسوية التي ستتحقق.
 
بالنسبة إلى أوساط "القوات"، فإنّ مثل هذا الأمر مرفوض في الشكل وفي المضمون، فالرئاسة ليست "جائزة ترضية" كما قال جعجع، بل إنّ مثل هذه "المقايضة" من شأنها أن ترسل إشارات "سلبية" حول رئاسة الجمهورية، التي تصبح مجرّد "بند" على طاولة المفاوضات، يمكن استخدامه على طريقة "الابتزاز" بين هذا الفريق وذاك، ما يؤكد أنّ هناك من يريد رئيسًا "صوريًا"، وهو ما لا يمكن قبوله بأيّ حال من الأحوال.
 
هل من مقايضة فعلاً؟
 
لكنّ ما تقوله أوساط "القوات" لا يبدو واقعيًا بالنسبة لآخرين، ممّن يعتبرون أنّ فكرة المقايضة غير منطقية وغير واقعية، بل يسألون عن الأساس الذي يستند إليه جعجع حين يقول إنّ محور المقاومة يقول في معرض حديثه عن المفاوضات، إنّ الأمور تحتاج إلى وضع داخلي "يتصل بملف رئاسة الجمهورية والحكومة"، في حين أنّ القاصي والداني يدرك أنّ ملف الرئاسة مغيّب بالمطلق عن مواقف "حزب الله" منذ عملية "طوفان الأقصى".
 
وفيما يشير هؤلاء إلى ما ورد في خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" الأخير حين قال صراحةً إنّ "لا شيء لديه ليقوله" في ملف الرئاسة أو غيره، ما يدحض فكرة الربط أو المقايضة المطروحة، يذكّرون بالموقف المُعلَن في المقابل لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قيل سابقًا إنّه من يطرح فكرة المقايضة نيابة عن "حزب الله"، حين نفى الأمر جملة وتفصيلاً، وقال "إننا لا نبادل مترًا واحدًا من الجنوب بكل المناصب والمراكز في الدولة".
 
أما الحديث عن البناء على نتائج الحرب في غزة، فيقول العارفون بأدبيّات "حزب الله" إنّ البعد المقصود منه هو "سياسيّ" في المقام الأول، وهو ينطلق من معادلة واضحة مفادها أنّ مثل هذه الحرب، مع كلّ ما أفرزته من تموضع هنا أو هناك، لا بدّ أن يكون لها تبعاتها على الاستحقاقات، ومن بينها الرئاسة، ربطًا بتأثيرها المحتمل على موازين القوى، وهذا أمر طبيعي في السياسة، ويفسّر الرهانات المتكرّرة على متغيّرات معينة من أجل إحداث "خرق ما".
 
حتى الآن، لا مقايضة ولا من يحزنون، وفق ما يقول العارفون بالكواليس السياسية، بمعزل عن "التركيز" على هذه الفكرة، لغاياتٍ معلومة أو مجهولة. بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ جوهر مثل هذه "المقايضة" لا يبدو ثابتًا، ولا سيما أنّ الفريق المتّهَم بها، متهَم أيضًا بأنّه "يهمّش" الرئاسة، ولا يضعها في سلّم أولوياته، في حين أنّ الفريق المدّعي متّهَم هو الآخر، بتعطيل الاستحقاق، عبر رفض التجاوب مع كل المبادرات، ولا سيما الحواريّة منها!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: رئاسة الجمهوریة حزب الله ما یقول

إقرأ أيضاً:

ترامب وشي... اتصال يعيد فتح ملف الرسوم

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه تحدّث مع نظيره الصيني شي جينبينغ بشأن الرسوم الجمركية، وفقا لمقابلة نشرتها مجلة "تايم" الجمعة.
وفيما نفت الصين خوض مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، قال ترامب إنّه يتوقع أن تتوصل الدولتان إلى اتفاق بهذا الشأن في الأسابيع المقبلة، حسبما ذكرت المجلّة الأميركية.

أخبار ذات صلة ترامب يطالب موسكو بوقف قصف كييف ترامب: الأيام المقبلة مهمة لمساعي السلام في أوكرانيا المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • جعجع: بناء الدولة يبدأ من البلديات
  • لماذا سميت سورة يس بهذا الاسم؟.. 5 معجزات لا يعرفها كثيرون
  • لماذا أوصى الرسول بقراءة أذكار النوم؟.. لـ 13 سببا الشياطين أبرزها
  • ترامب وشي... اتصال يعيد فتح ملف الرسوم
  • الرئاسة والحزب... نحو مخرج منظّم
  • لماذا سورة الكهف الوحيدة التى نقرأها يوم الجمعة ؟
  • لاوندس التقي سفير إسبانيا في لبنان والنائب القادري
  • زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، قيادة لواء خليفة بن زايد الثاني المحمول جواً التابع لقيادة حرس الرئاسة.
  • الجديد: فكرة بطاقات توزيع الوقود مرفوضة
  • إن أعادوا لنا الأماكن .. من يعيد لنا تلك الدرر الثمينة ؟؟