إسرائيل في قفص الاتهام
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اغرب ما انفردت به لائحة الدعوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية حول الانتهاكات الصهيونبة لحقوق الإنسان. أنها:
لم تأت من دولة عربية. . ولا من دولة اسلامية. . ولا من منظمة الجامعة العربية. . ولا من السلطة الفلسطينية التي يقودها (عباس احمونا). .بل جاءت من دولة جنوب أفريقيا التي تبعد 7000 كيلومترا عن غزة.
اما الأغرب من ذلك كله فهو ان النظام الصهيونى المتهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية استعان بخطاب أحمد أبو الغيط الذي يتهم فيه المقاومة بالارهاب. .
رفعت جنوب أفريقيا دعواها أمام المحكمة العليا للأمم المتحدة، واتهمت فيها الحملة العسكرية الإسرائيلية بقتل الأطفال والنساء وتنفيذ مجازر بشرية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وهذا يعني ان اسرائيل ستجد نفسها في موقف محفوف بالمخاطر العالية أمام لجنة من القضاة في قاعة المحكمة. .
جاء في لائحة الدعوى: إن الأضرار التي ألحقتها الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة منذ 7 أكتوبر تشكل أعمال إبادة جماعية. حيث قتلت إسرائيل ما يزيد عن 21,110 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 7,729 طفلاً، وفقدان أكثر من 7,780 آخرين، يُفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض، وإصابة أكثر من 55,243 فلسطينياً آخرين، وقتل أكثر من 110 صحفياً، وتدمير مناطق شاسعة، بما في ذلك أحياء بأكملها، وألحقت أضرارا أو دمرت ما يزيد عن 355 ألف منزلاً فلسطينياً. .
وان العمليات الحربية التي نفذتها اسرائيل حتى الآن تشكل انتهاكا صارخا لبنود القانون الدولي. وبالتالي فان هذه الدعوى تسلط الأضواء على الجرائم الصهيونية. .
اللافت للنظر ان الحيثيات التي استعرضتها جنوب أفريقيا لم تستند فيها إلى أي مصدر فلسطيني أو عربي. ولم تستشهد بما عرضته الفضائيات المناصرة لغزة. إنما استعانت بتقارير المنظمات الدولية المحايدة، واستشهدت ايضاً بمواقف المعارضة الاسرائيلية، بضمنها اعترافات النخبة السياسية في الداخل الاسرائيلي. وجميع هذه الاعترافات موثقة بالصوت والصورة وبما لا يترك أي ثغرة للإفلات من العقوبات الدولية. وسوف يدرك العالم كله ان ما جرى في غزة يفوق كل التصورات. فالأوصاف التي وردت في لائحة الدعوى تفوق كل الجرائم التي استنكرها المجتمع الدولي. .
تتضمن الدعوى شقين: الشق الأول: وهو شق مستعجل ولا يحتمل التأجيل. يقضي بوجوب تعليق الغارات والهجمات ضد غزة، والاسراع برفع الحصار عنها. والسماح بدخول لجان التحقيق الدولية. . الشق الثاني: وهو موضوعي تتخلله مرافعات ومناقشات وربما يستغرق مدة طويلة قبل الوصول إلى القرار النهائي. .
يقول الكاتب الأمريكي كريس هيدر: (عندما يتمرد علينا الرازحون تحت الاحتلال، ويحملون أسلحة المقاومة، فإننا نسقط كل ادعاء بمهمتنا الحضارية، ونطلق العنان لعربدة الذبح والدمار، فنسكر بكؤوس العنف، ونقتل بشراهة متهورة بذريعة القضاء على الارهاب، ونفضح اكذوبة تفوقنا الأخلاقي المتبجح، ونكشف الحقيقة الجوهرية لحضارتنا المتعطشة للدماء. . نحن القتلة الأقسى والأكفأ في كوكب الأرض، وهذا يفسر أسباب هيمنتنا على المستضعفين، فعملياتنا الحربية لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالتحرر، ولا ننوي أبداً منحها للمستضعفين في الأرض. فالشرف والرحمة والعدالة والحرية افكار لا وجود لها في عقيدتنا). .
ختاماً: في الوقت الذي نتقدم فيه إلى جمهورية جنوب أفريقيا شعبا وحكومة لموقفهم المشرف مع الشعب الفلسطيني، وسعيهم الحثيث لإدانة الكيان الغاصب ومقاضاته ومنعه من الإفلات من العقاب. يحز في انفسنا ان تصاب ضمائر الحكومات العربية والإسلامية بالشلل التام. .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات جنوب أفریقیا أکثر من
إقرأ أيضاً:
المحكمة الجنائية الدولية تحاصر قادة إسرائيل | رفض تعليق مذكرات الاعتقال ينذر بمحاسبة تاريخية
إن قرار المحكمة الجنائية الدولية برفض تعليق مذكرات الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يمثل منعطفًا حاسمًا في مسار العدالة الدولية. هذا القرار ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو تأكيد صارخ على استقلالية المحكمة كهيئة قضائية دولية ذات سيادة، ورفض قاطع لأي محاولات للتأثير على عملها أو ثنيها عن ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم دولية جسيمة.الأساس القانوني الراسخ
تستند المحكمة في قرارها هذا إلى أساس قانوني متين يتمثل في نظامها الأساسي، الذي يمنحها الولاية القضائية على الجرائم التي تُرتكب في أراضي الدول الأطراف، أو من قبل مواطنيها. وبما أن فلسطين دولة طرف في النظام الأساسي للمحكمة، فإن المحكمة تتمتع بكامل الصلاحية للتحقيق في الجرائم المدعى ارتكابها على أراضيها. وقد قامت فلسطين بالفعل بممارسة حقها السيادي بإحالة ملف الجرائم المزعومة إلى المحكمة، مطالبة بتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم.
تكامل مع قرارات محكمة العدل الدولية
يتعزز موقف المحكمة الجنائية الدولية بالقرار الأولي الصادر عن محكمة العدل الدولية في يناير 2024، والذي أشار إلى وجود "ادعاء معقول" بارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية. على الرغم من أن قرار محكمة العدل الدولية يتعلق بتدابير مؤقتة، إلا أنه يشكل مؤشرًا خطيرًا على جدية الاتهامات الموجهة لإسرائيل، ويضع ضغوطًا إضافية على المحكمة الجنائية الدولية للمضي قدمًا في تحقيقاتها وملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم. فالإبادة الجماعية تُعدّ أشد الجرائم الدولية جسامة، وأي شبهة في ارتكابها تستوجب تحقيقًا معمقًا ومحاسبة صارمة.
المسؤولية القيادية الفردية كحجر زاوية
إن تركيز المحكمة على المسؤولية الجنائية الفردية لنتنياهو وغالانت، بصفتهما قادة سياسيين وعسكريين، يمثل تطبيقًا لمبدأ راسخ في القانون الجنائي الدولي.
هذا المبدأ يقضي بأن القادة لا يُسألون فقط عن الأفعال التي ارتكبوها بأنفسهم، بل يُسألون أيضًا عن الجرائم التي ارتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بها أو كان ينبغي عليهم أن يكونوا على علم بها، ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة لمنعها أو المعاقبة عليها. وبصفتيهما رئيس مجلس الحرب ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، كان لنتنياهو وغالانت سلطة وسيطرة كبيرتان على العمليات العسكرية والأمنية، وبالتالي تقع عليهما مسؤولية ضمان احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
التداعيات المستقبلية وتأثير القرار
إن رفض المحكمة تعليق مذكرات الاعتقال يحمل في طياته تداعيات قانونية وسياسية بعيدة المدى. على الصعيد القانوني، يؤكد هذا القرار على أن مبدأ عدم الإفلات من العقاب يسري على الجميع دون استثناء، بغض النظر عن المناصب أو النفوذ السياسي. وعلى الصعيد السياسي، يزيد هذا القرار من الضغوط الدولية على إسرائيل، وقد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدبلوماسية لها. كما أن هذا القرار قد يعرض نتنياهو وغالانت لخطر الاعتقال إذا سافرا إلى أي من الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة، مما سيحد من تحركاتهما الدولية بشكل كبير.
رسالة قوية للعدالة الدولية
في الختام، فإن قرار المحكمة الجنائية الدولية برفض تعليق مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت يُعدّ بمثابة رسالة قوية تؤكد على التزام المحكمة بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية. هذا القرار يُعزز من مكانة المحكمة كهيئة قضائية دولية مستقلة ونزيهة، ويُرسل إشارة واضحة إلى أن القانون الدولي سيادة، وأن مرتكبي الجرائم لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن أو عظمت مناصبهم.