لقد سبق لـ "حزب الله" أن اعترف في فترات سابقة بأن قوته العسكرية تبقى من دون ذي جدوى أو فائدة أو فاعلية على أرض الواقع إن لم تكن محصّنة بوحدة داخلية. وهذه الوحدة لا تعني أن تكون جميع القوى السياسية، التي يتكوّن منها المجتمع اللبناني، مؤيدة لسلاحه ولدوره في الدفاع عن كل لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية، التي تهدّد "الشعب والجيش والمقاومة"، وهي ثلاثية لا يزال الخلاف عليها داخليًا محتدمًا، خصوصًا أن "حارة حريك" تعرف تمام المعرفة أن نصف الشعب اللبناني لا يؤيد، بل يعارض أن يمتلك أي طرف لبناني سلاحًا غير شرعي غير الجيش والقوى الأمنية المفترض بعناصرها أن تتولى وحدها حماية اللبنانيين من الداخل والخارج وليس أي طرف آخر.

وهذا يعني في المحصلة النهائية أن الوحدة الداخلية بمفهومها الشامل غير مؤمنة لتحمي ظهر "المقاومة"، وبالطبع في غياب الرئيس المطالب من "القوى الممانعة" أيضًا أن يحمي ظهر "المقاومة" وخاصرتها تمامًا كما فعل الرئيس أميل لحود في حرب تموز، وكما فعل الرئيس ميشال عون طيلة ولايته.
وعلى رغم أن الوحدة الداخلية الكاملة والشاملة غير مؤمّنة فإن "حزب الله" ماضٍ في مساندة قطاع غزة وما يتعرّض له أهله من حرب إبادة يشنّها جيش العدو بلا هوادة، وذلك انطلاقًا من الجنوب، الذي يتعرّض لاعتداءات إسرائيلية متواصلة وفي شكل عنيف. والأخطر من هذا القصف لبلدات جنوبية وما يخّلفه من أضرار بشرية مادية ومن تهجير لمئات العائلات أن تل أبيب تهدّد لبنان، صبحًا ومساء، بأنه سيكون شبيهًا لقطاع غزة بمآسيه وويلاته نتيجة تعرّضه لغارات وقصف لم يهدأ يومًا منذ ثلاثة أشهر متواصلة. وهذا ما أكده وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت، الذي قال إن "إسرائيل لا تخشى الحرب مع "حزب الله" في لبنان"، محذراً من أن "الدمار في غزة يمكن نسخه ولصقه في بيروت".
ومما زاد من قلق القلقين أن زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل للبنان لم تكن نتائجها في المستوى المطلوب، خصوصًا أن ما سمعه من وفد "حزب الله" أعاد عقارب ساعة الجهود الديبلوماسية إلى الوراء. وقد تزامن ذلك مع تقاطع ثلاثة مواقف من الداخل الإسرائيلي  حيال التطورات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية واحتمالات انزلاقها إلى ما هو أدهى من مواجهات مضبوطة على قاعدة التماثل بين الفعل وردّ الفعل، في الوقت الذي كانت تقارير أميركية تكشف عن خشية واشنطن من أن يضغط بنيامين نتنياهو على زرّ التفجير الكبير مع "حزب الله" لاعتباراتٍ تتصل بـ "إنقاذ مسيرته السياسية"، فدعا "حزب الله" الى أخذ العبر مما "تعلّمتْه حماس في الأشهر الماضية"، مؤكداً "أننا مصممون على الدفاع عن مواطنينا وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم آمنين، ونحن نتصرف بمسؤولية من أجل ذلك، وإذا استطعنا فسنفعل ذلك بطرق سياسية وإلا سنتصرف بطرق أخرى".
أمّا تأكيد الوزير الإسرائيلي في مجلس الحرب بيني غانتس من أنه "لا بد من حل عاجل لعدم قدرة مواطني شمال إسرائيل على العودة إلى منازلهم"، ففيه الكثير من معالم الارتباك الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي، وهذا يحتم "تحويل القتال ضدّ "حزب الله" من الدفاع إلى الهجوم". 
وقد عكس تصريح المتحدث باسم وزير الخارجية الأميركي مات ميلر من أن لا مصلحة لا أحد لا إسرائيل ولا المنطقة ولا العالم أن ينتشر هذا الصراع إلى ما هو أبعد من غزة القلق الأميركي من أن تندفع إسرائيل إلى توسيع الحرب، فإن هذه الخشية كانت ارتسمت من خلال تقرير استخباري أميركي صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية DIA نُشرت خلاصته وعبّر عن قلقٍ في واشنطن من أحاديث عن احتمال توسيع تل أبيب للحرب إلى لبنان، مشيراً إلى أن تحقيق إسرائيل الانتصار في هذه الحرب سيكون "صعباً وسط القتال المستمر في غزة." المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة

يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع نفسه في عين العاصفة منذ أن قرر الحرب على قطاع غزة قبل 9 أشهر، خصوصا أن العملية العسكرية لم تحقق أهدافها بعد.

ويواجه نتنياهو عدة عقدة، منها عودة الرهائن التي لم تحرز تقدما رغم المفاوضات والوسطاء، مرورا بالضغوط لإنهاء القتال، وصولا إلى الجبهات المشتعلة والمظاهرات في الداخل، فضلا عن اتهامات الخيانة التي تلاحقه.
من جهته، شن الوزير المستقيل من مجلس الحرب بيني غانتس هجوما حادا على نتنياهو، وأكد أنه لا يمكن له مواصلة إدارة الحرب على هذا النحو، معتبرا أنه حان الوقت لتحديد موعد انتخابات مبكرة.

وقال في تصريحات له، اليوم (الإثنين): إن هذه الحكومة لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة، وأضاف أن من اتخذ قرار الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء، الدكتور محمد أبو سليمة، برفقة 54 أسيرا من غزة بسبب الاكتظاظ في السجون، يجب أن يقال فورا.

وفي ظل تفاقم الخلافات السياسية، كان زعيم المعارضة يائير لبيد، كشف وجود محادثات مع أطراف مختلفة بينها حزب الليكود لإسقاط حكومة نتنياهو، مشددا على أن المعارضة «ستسقط حكومة نتنياهو من أجل إنقاذ الدولة».

وفي محاولة لدعم نتنياهو، قرر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مساندة رئيس حكومته، قائلا: إن هناك شيئا فظيعا يحدث. وحثّ هرتسوغ، إثر حفل في القدس، الإسرائيليين على التخفيف من حدة التصريحات التحريضية والاتهامات بالخيانة بين المعارضين السياسيين، وفقًا لـ«القناة 13» الإسرائيلية.

وحذّر من أن الإساءة اللفظية يمكن أن تؤدي إلى العنف الجسدي إذا تركت من دون رادع، في إشارة منه إلى حالة الغليان في الداخل الإسرائيلي من الحكومة وملف الأسرى.

ورأى أنه عندما تحرض الجماعات وتتهم بعضها البعض بمحاولة تقويض وتدمير إسرائيل، فمن الواضح أن شيئا فظيعا يحدث، يبدأ بالعنف اللفظي، ولن ينتهي عند هذا الحد.

وكان نتنياهو زعم في كلمة ألقاها خلال احتفال بأسبوع الكتاب، أنه شعر في الأسابيع الأخيرة، بالرعب مرارا وتكرارا من كلمات من النوع الأكثر فظاعة، والمشبعة بالكراهية وبالعنف.

وانتشر مساء الأحد مقطع فيديو يظهر آيالا ميتزجر، زوجة ابن يوروم ميتزجر، الأسير الذي قُتل في ضربات إسرائيلية على غزة، وهي تقول أمام حشد من الناس إنه إذا لم يعد الأسرى المتبقون «فسننتظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بحبل المشنقة».

مقالات مشابهة

  • باحث: خلافات بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل تؤجل إعلان الهدنة
  • إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة
  • مخاوف فرنسية من حرب نتنياهو بعد خطاب الكونغرس
  • وزير المالية الإسرائيلي يدعو إلى الحرب مع حزب الله
  • قراءات سياسية تلخص المشهد العام.. هل يحتمل لبنان حربا جديدة مع إسرائيل؟
  • مسؤول اسرائيلي : قوتنا تتلاشى والحرب مع لبنان كارثية
  • هذه آخر دراسة إسرائيليّة عن حرب لبنان.. كيف وصفتها؟
  • دراسة إسرائيلية: قوتنا العسكرية تتلاشى والحرب مع لبنان كارثية
  • صحف عالمية: نتنياهو يخوض 3 حروب استنزاف وتحقيق بشأن الرصيف العائم
  • خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية إثر تصريحات غالانت بشأن الحرب مع لبنان