إسرائيل تصعّد وأمريكا تجاريها
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
إسرائيل تصعّد وأمريكا تجاريها
الأشهر القادمة توفّر فرصة ذهبية للكيان الصهيوني لتصعيد الحرب وتوسّع رقعتها إقليمياً، مستقوية بانتشار قوات بحرية وجوّية أمريكية كبيرة في المنطقة.
الإدارة الأمريكية، رغم إعلاناتها الخبيثة بأنها تدعو إسرائيل كي تُبدي بعض الرأفة بالمدنيين الفلسطينيين، لم تبدِ أي استعداد لممارسة ضغط فعلي على حليفتها.
بينما يعلن وزير الخارجية الأمريكي أنه يسعى لعدم توسّع الحرب إقليمياً، إلا أنه بدأ جولته الأخيرة بُعيد اغتيال القوات الأمريكية لقائد بـ«الحشد الشعبي» بالعراق بعد يومين من اغتيال العاروري، بما يتنافى تماماً مع زعم الوزير.
* * *
يواصل الكيان الصهيونية السير بمسعاه الرامي لتوسيع رقعة الحرب. فكما كان متوقعاً، بعد دخولة معظم أراضي قطاع غزة وتدمير ثمانين في المئة من مباني شطره الشمالي، وما يزيد عن أربعين في المئة من مباني خان يونس وحوالي ربع مباني منطقتي دير البلح في الوسط ورفح في الجنوب، وفق أحدث التقديرات.
مع ما رافق ذلك التدمير الجنوني من إبادة جماعية، أودت بحياة ما يزيد عن 1.5 المئة من سكان القطاع وهي نسبة مروّعة، ومن تهجير للغالبية الساحقة من السكان، بما يرى فيه أقصى اليمين الصهيوني المشارك في الحكومة مقدمة لتطهير عرقي يقوم على منع السكان من العودة إلى المناطق التي كانوا يقطنون بها استكمالاً لما دخل التاريخ بتسمية «النكبة الثانية» مهما كان مصير المهجرين اللاحق، بعد كل هذه الفظاعات إذاً، انتقل الحكم الصهيوني إلى تسعير نار جبهته الشمالية.
وقد أشرنا إلى هذا الانتقال في مقال الأسبوع الماضي الذي كُتِب صبيحة اليوم الذي شهد في مسائه اغتيال صالح العاروري ومن رافقه في ضاحية بيروت. وقد تلى ذلك اغتيالان آخران يوم الإثنين الماضي، طالا أحد قادة «حزب الله» الميدانيين في لبنان الجنوبي وأحد قادة «حماس» الميدانيين في سوريا، في سياق عام من التصعيد في تبادل القصف بين الدولة الصهيونية والمقاومة في جنوب لبنان.
وفي هذه الأثناء، أضاف وزير «الدفاع» الصهيوني، يوآف غالانت، تهديداً جديداً إلى سلسلة تهديداته الموجهة إلى «حزب الله» فصرّح في مقابلة نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم الإثنين أنه لن يتردد في إجراء «نسخ ولصق» بين غزة ولبنان، مستعيراً لغة الكمبيوتر للتدليل على نيته إلحاق دمار بلبنان مماثل لما لحق بغزة.
ويترافق هذان التصعيد والتهديد بمطالبة الحكم الصهيوني «حزب الله» بسحب قواته العسكرية إلى شمالي نهر الليطاني، وهو يدرك تماماً أن الحزب سيأبى الإذعان إلى هذا المطلب المُهين.
وقد أعلن الحزب أنه لن يجدد العمل بالتسوية التي تلت العدوان الصهيوني على لبنان في عام 2006 سوى بعد أن تتوقف الحرب في غزة، والحال أن الحكم الصهيوني يعلن بشتى أصواته أن هذه الحرب سوف تدوم طيلة السنة الجديدة.
هكذا فإن احتمال انتقال إسرائيل إلى قصف مركّز للبنان، وبالأخص مناطق انتشار «حزب الله» فيه، بات مرتفعاً للغاية. طبعاً، يعلم الحكم الصهيوني أن لدى «حزب الله» إمكانيات عسكرية تفوق بكثير ما كان لدى المقاومة في غزة.
لكنّه يبدي استعداداً لخوض غمار حرب جديدة طاحنة ضد لبنان، بحجة أنه لا يستطيع أن يقبل باستمرار تسليط الحزب لوسائط قصفه عليه. وقد أضاف غالانت في مقابلته سابقة الذكر أن الإسرائيليين «مستعدون للتضحية».
وثمة ملاحظتان مهمتان في صدد التصعيد الراهن. الملاحظة الأولى أن الدولة الصهيونية ليس بمقدورها أن تخوض حرباً شاملة على جبهتها الشمالية بلا مواصلة أمريكا لمشاركتها الكاملة فيها، مثلما شاركت ولا تزال في العدوان على غزة.
ذلك أنه لولا الجسر الجوّي الأمريكي الذي زوّدها بآلاف الأطنان من السلاح والعتاد بواسطة ما يناهز 250 شحنة بطائرات النقل و20 شحنة بالسفن، فضلاً عن إتاحة واشنطن لإسرائيل استخدام السلاح والعتاد الأمريكيين المستودعين لديها.
ناهيك من التمويل الأمريكي القائم والموعود، لولا كل ذلك ما كانت إسرائيل لتستطيع مواصلة قصف بمثل كثافة قصفها لغزة طيلة ثلاثة شهور. فما بالك من قيامها بحملة قصف مماثلة على لبنان وهي خارجة تواً من تدميرها المكثّف لغزة!
بيد أن الإدارة الأمريكية، بالرغم من إعلاناتها الخبيثة بأنها تصرّ على إسرائيل كي تُبدي بعض الرأفة بالمدنيين الفلسطينيين، لم تبدِ أي استعداد لممارسة ضغط فعلي على حليفتها حيث يكفيها أن تهددها بالتوقف عن دعمها وإمدادها بمستلزمات الحرب كي تُجبرها على الانصياع.
ولم تواصل الإدارة دعمها لإسرائيل بلا هوادة وحسب، بل تخطت الكونغرس مرّتين حتى الآن لتمرير تمويل عاجل لشراء العتاد لحليفتها بما أثار احتجاج بعض نواب حزبها بالذات.
والحقيقة أن الإدارة عوضاً عن الحؤول دون جولة حرب جديدة ضد لبنان، إنما تستكمل الضغط الإسرائيلي بنقل شروطه إلى لبنان بواسطة مبعوثها آموس هوكستاين، حامل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية والمجنّد السابق في أحد ألوية الجيش الصهيوني المدرّعة.
وقد وصفته إحدى المعلقات في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قبل سنة ونيف، عندما كان وسيطاً في التفاوض في شأن الغاز البحري، بأنه «سمسارٌ غير نزيه»!
أما الملاحظة الثانية، فهي أن التفسير الذي نجده في شتى وسائل الإعلام، بأن استمرار الحرب طوال السنة الجديدة خطة ينتهجها نتنياهو من أجل البقاء في كرسي رئيس الوزراء، إنما يقصد تحميل الرجل وحده النوايا الحربية التي يشاطره إياها سائر الطاقم الإسرائيلي الحاكم.
والحال أن غالانت، وهو منافس نتنياهو ومن المرجّح أن يليه على رأس حزب الليكود، لاسيما بعد أن زادت شعبيته لدى الإسرائيليين المتحمّسين للحرب بنتيجة دوره كوزير دفاع وتصريحاته المتميزة بهمجيتها، يشاطر تأكيد نتنياهو على مواصلة الحرب في غزة طوال السنة الجديدة.
كما يشاطرهما الرجل الثالث في الثلاثي المشرف على الحرب، بيني غانتس، وهو معارض لحزب الليكود. بل يشاطرها زعيم المعارضة الآخر يائير لبيد، الذي رفض الانضمام إلى حكومة الطوارئ التي جرى تشكيلها إثر «طوفان الأقصى».
ويعلم هؤلاء جميعاً أن دولتهم باتت هذا العام في موقع ممتاز للحصول على ما تبغيه من واشنطن، إذ إن معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة قد بدأت من الآن، وهم واثقون من أن الرئيس الحالي بايدن لن يتجرأ على الضغط على إسرائيل خشية مزايدة سلفه ومنافسه ترامب عليه.
فالأشهر القادمة توفّر فرصة ذهبية أمام الدولة الصهيونية كي تصعّد الحرب وتوسّع رقعتها إقليمياً، مستقوية بانتشار قوات بحرية وجوّية أمريكية كبيرة في المنطقة. هذا وبينما يعلن وزير الخارجية الأمريكي أنه يسعى وراء الحؤول دون توسّع الحرب إقليمياً، الواقع هو أنه بدأ جولته الأخيرة بُعيد اغتيال القوات الأمريكية لأحد مسؤولي «الحشد الشعبي» في العراق بعد يومين من اغتيال إسرائيل لصالح العاروري، بما يتنافى تماماً مع زعم الوزير.
*د. جلبير الأشقر كاتب وأكاديمي من لبنان
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا فلسطين غزة لبنان تصعيد الكيان الصهيوني إبادة جماعية الإدارة الأمريكية آموس هوكشتاين بيني غانتس العاروري يائير لبيد حزب الله ما کان
إقرأ أيضاً:
هاشم: الكيان الصهيوني لا يزال يضع وطننا في دائرة استهدافاته
اعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم ان "استهداف العدو الاسرائيلي اليوم أحد أبناء منطقة العرقوب عامر عبد العال وسقوطه شهيدا تأكيد على الطبيعة العدوانية الهمجية للكيان الصهيوني الذي ما زال يضع وطننا في دائرة استهدافاته، ويبين مدى تنصله من القرارات والمواثيق والقيم الدولية وعدم التزامه باتفاق وقف النار، وهذا ما يضع الراعاة الدوليين أمام مسؤولياتهم، إذ ان غض الطرف عن الاعتداءات الاسرائيلية هو بمثابة الشراكة الكاملة لاعطاء العدو الصهيوني دورا على مستوى المنطقة، ولبنان يدفع ضريبة مشروع إعادة تركيب خارطة جديدة في السياسة او الجغرافيا خدمة للاسرائيلي واخضاع حلفائه للعمل على تأمين مصالح مشتركة وهذا ما يدفعنا للتفتيش عن عوامل حماية وطننا وتحصينه في ظل ما يخطط للمنطقة". مواضيع ذات صلة البطريرك ميناسيان: لقد حان الوقت لخدمة وطننا لبنان الذي لا يزال يعاني عذاب الصليب Lebanon 24 البطريرك ميناسيان: لقد حان الوقت لخدمة وطننا لبنان الذي لا يزال يعاني عذاب الصليب 27/04/2025 16:17:41 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 المرشد الإيراني: الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يُهددان بمهاجمة إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا Lebanon 24 المرشد الإيراني: الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يُهددان بمهاجمة إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا
27/04/2025 16:17:41 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الخارجية الإيراني: ندعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف جرائم الكيان الصهيوني ومنع تفاقم انعدام الأمن بالمنطقة Lebanon 24 وزير الخارجية الإيراني: ندعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف جرائم الكيان الصهيوني ومنع تفاقم انعدام الأمن بالمنطقة
27/04/2025 16:17:41 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الخارجية الإيراني: نطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف إشعال الكيان الصهيوني للحروب في المنطقة Lebanon 24 وزير الخارجية الإيراني: نطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف إشعال الكيان الصهيوني للحروب في المنطقة
27/04/2025 16:17:41 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً
فخامة الرئيس لا تُحسَد
Lebanon 24 فخامة الرئيس لا تُحسَد
09:01 | 2025-04-27 27/04/2025 09:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تدريبات مشتركة لوحدات القطاع الغربي في "اليونيفيل" للبقاء على جاهزية
Lebanon 24 تدريبات مشتركة لوحدات القطاع الغربي في "اليونيفيل" للبقاء على جاهزية
08:59 | 2025-04-27 27/04/2025 08:59:36 Lebanon 24 Lebanon 24 فياض: لبنان سيبقى عصيًا على التطبيع والترويع
Lebanon 24 فياض: لبنان سيبقى عصيًا على التطبيع والترويع
08:49 | 2025-04-27 27/04/2025 08:49:10 Lebanon 24 Lebanon 24 حيدر جال جنوبا وأكد تلزيم المباني الرسمية
Lebanon 24 حيدر جال جنوبا وأكد تلزيم المباني الرسمية
08:47 | 2025-04-27 27/04/2025 08:47:01 Lebanon 24 Lebanon 24 إعلان لائحة "الوفاء والكرامة" في الحاكور – عكار
Lebanon 24 إعلان لائحة "الوفاء والكرامة" في الحاكور – عكار
08:45 | 2025-04-27 27/04/2025 08:45:22 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
اقتصادياً.. أمر إيجابي يحصل في لبنان
Lebanon 24 اقتصادياً.. أمر إيجابي يحصل في لبنان
03:15 | 2025-04-27 27/04/2025 03:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما ينتظر أقساط المدارس الخاصة
Lebanon 24 هذا ما ينتظر أقساط المدارس الخاصة
16:00 | 2025-04-26 26/04/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. إسرائيلي يتجوّل في بيروت
Lebanon 24 بالفيديو.. إسرائيلي يتجوّل في بيروت
14:52 | 2025-04-26 26/04/2025 02:52:21 Lebanon 24 Lebanon 24 حكم بالحبس وغرامة.. نيشان إلى السجن بسبب اعلامية مصرية!
Lebanon 24 حكم بالحبس وغرامة.. نيشان إلى السجن بسبب اعلامية مصرية!
11:15 | 2025-04-26 26/04/2025 11:15:54 Lebanon 24 Lebanon 24 "ملعب جويّ" فوق لبنان.. إقرأوا آخر تقرير إسرائيليّ
Lebanon 24 "ملعب جويّ" فوق لبنان.. إقرأوا آخر تقرير إسرائيليّ
14:00 | 2025-04-26 26/04/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
09:01 | 2025-04-27 فخامة الرئيس لا تُحسَد 08:59 | 2025-04-27 تدريبات مشتركة لوحدات القطاع الغربي في "اليونيفيل" للبقاء على جاهزية 08:49 | 2025-04-27 فياض: لبنان سيبقى عصيًا على التطبيع والترويع 08:47 | 2025-04-27 حيدر جال جنوبا وأكد تلزيم المباني الرسمية 08:45 | 2025-04-27 إعلان لائحة "الوفاء والكرامة" في الحاكور – عكار 08:23 | 2025-04-27 وزير الصحة شارك في فعالية جمعية سعيد التوعوية ضدّ سرطان القولون فيديو أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو)
Lebanon 24 أصرت على الوقوف بجانب النعش.. راهبة تخرق البروتوكول لتلقي نظرة على جثمان البابا المسجى (فيديو)
23:56 | 2025-04-23 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم
Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم
09:23 | 2025-04-21 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود
Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود
01:00 | 2025-04-15 27/04/2025 16:17:41 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24