كاتب مصري: السودان على طريق رواندا..!
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
عندما قرأت عن خبر عملية تسليح المواطنين فى السودان أصابنى الغم توقعًا لمشاهد جديدة لدماء سودانية ستُراق بأيادٍ سودانية، ومن أجل صراع على النفوذ والسلطة، بين طرفين تغلغلت فيهما عناصر تنتمى إلى جماعات الإسلام السياسى. جميعهم لا ينظرون ولا يهتمون بأهل السودان، بل اهتمامهم ينصب على السلطة والنفوذ فقط.
اللافت هنا أن هذا يتركز فى بعض الولايات السودانية التى لاتزال آمنة فى شمال وشرق البلاد، وكأن الأمان بات محرمًا فى السودان.
المئات من الشبان حملوا أسلحتهم وسط هتافات تصرخ لحث بقية المواطنين على التسليح والتدريب على استخدام الأسلحة النارية للمشاركة فى تأمين مداخل ومخارج المنطقة. وهذا الصراخ يبدو مزيجًا من الخوف واستدعاء مشاعر وحشية.
أن يتبنى الجيش عملية تسليح المواطنين هذا خطأ كبير، ولا يوجد سبب منطقى ووطنى يبرره. حتى ما سيق من أن هذا الإجراء يأتى لمواجهة تقدم قوات الدعم السريع هو تبرير يتجاهل خطورة دفع البلاد إلى حرب أهلية، خاصة إذا ما تبنينا التفسير، الذى أراه صحيحًا، بأن هذه الخطوة يتخذها الجيش لمنع فقدان المزيد من السيطرة على ولايات بدأت تتساقط من تحت سيطرته، وهو ما يعنى اعترافًا بالفشل فى المواجهة، بعد العجز عن حسم المعركة ضد قوات الدعم السريع فى غضون أيام، كما ادعى قادة الجيش فى البداية، بينما مضى نحو تسعة أشهر والأمور تتعثر ميدانيًا وتنظيميًا، بل وبات الجيش مهددًا بفقدان السيطرة على المزيد من الولايات.
باتت العقيدة القتالية لذوى الميول الإسلامية هى السائدة فى السودان، حيث يرى كل الأطراف تقريبًا ضرورة تجييش المواطنين للدفاع عن أفكارهم ومشروعاتهم، بغض النظر عن مدى مناسبتها لجموع الشعب السودانى.
إن ما يتم التجهيز له هو «روشتة» أو «وصفة» لإشعال حرب أهلية، ووضع المواطنين فى مواجهة إخوانهم.
وفى حديث مع صديق سودانى تحدث بخوف واضح عن دفع السودان إلى حرب أهلية شبيهة بما حدث فى رواندا، التى راح ضحيتها ما يقرب من مليون مواطن رواندى.
ما أريد أن أقوله أن الجيوش النظامية القوية ترفض الزج بالناس بطريقة عشوائية فى حروبها القتالية، وترفض السماح بسلاح خارج سيطرة الدولة، وهو الأمر الذى يؤدى حتمًا إلى نتائج سلبية، وقوات الدعم السريع نموذج غير بعيد.
إن إعلان قائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عن تسليح الجيش للمقاومة الشعبية، وعدم منعها من جلب أى سلاح، هو دليل على عمق التدهور وتعقد الأزمة التى يمر بها السودان.
عبداللطيف المناوي – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
دان مجلس الأمن الدولي "بشدة" الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع السودانية على مدينة الفاشر في دارفور، ودعا إلى وقف "فوري" لإطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في البلاد.
وفي بيان لهم مساء أمس الجمعة، أعرب أعضاء المجلس عن "قلقهم العميق إزاء تصعيد العنف، بما في ذلك في مدينة الفاشر ومحيطها".
كما أكدوا "إدانتهم الشديدة للهجمات المستمرة والتي تتكثف ضد الفاشر في الأيام الأخيرة من جانب قوات الدعم السريع، وأيضا للمعلومات المتعلقة بهجوم على المستشفى السعودي بالفاشر في 24 يناير/كانون الثاني الماضي والذي أدى إلى مقتل أكثر من 70 مريضا كانوا يتلقون رعاية". وكان هذا آخر مستشفى يعمل في أكبر مدن دارفور.
كما دعا المجلس قوات الدعم السريع إلى "إنهاء حصار الفاشر"، وهو ما سبق أن دعا إليه دون جدوى في قرار اعتمده في 2024.
كذلك دعا المجلس مرة أخرى إلى "وقف فوري للأعمال العدائية" وطلب من جميع أطراف النزاع ضمان حماية المدنيين، معربا عن قلقه بشكل خاص إزاء الوضع الإنساني لسكان الفاشر ومخيم زمزم المجاور الذي يضم نازحين.
تدخل خارجيودعا بيان المجلس الذي نشر أمس جميع الدول الأعضاء إلى "الامتناع عن أي تدخل خارجي يهدف إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار" وإلى احترام حظر الأسلحة المفروض على دارفور.
إعلانوتتهم السودان دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم قوات الدعم السريع، لا سيما بتزويدها بالأسلحة، وهو الاتهام الذي ترفضه أبوظبي وقوات الدعم السريع.
ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب ولا سيما استهداف مدنيين، وشن قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وأدى النزاع في السودان إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص في حين أن الملايين على حافة المجاعة.