دعوى جنوب أفريقيا... معركة غير تقليدية مع إسرائيل
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
دعوى جنوب أفريقيا... معركة غير تقليدية مع "إسرائيل"
أعلن الاحتلال على غير العادة دخول المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة، وبحسب زعمه تخفف حدة العمليات البرية والقصف الجوي.
الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا تعد بمنزلة كرة الثلج المتدحرجة التي قد تكبر وتهدد "إسرائيل" وتجرها إلى مواجهة أخطر مسار تواجهه منذ نكبة 1948.
أدت دعوى جنوب أفريقيا إلى جولة وزير الخارجية الأميركية المكوكية بدول المنطقة لامتصاص حالة الغضب وتلطيف الأجواء والبحث في إعادة الإعمار واليوم التالي لإنهاء الحرب.
القلق من تداعيات دعوى جنوب أفريقيا بمحكمة العدل الدولية لم يتوقف عند إسرائيل، بل تمددت التداعيات إلى واشنطن، التي يبدو أنها مستمرة في التماهي مع كيان الاحتلال.
لم يكن في حساباته الاحتلال العسكرية والسياسية أن ساحة جنوب أفريقيا التي تبعد عن غزة أكثر من 4000 ميل تلتحم وتلتحق بمعركة طوفان الأقصى وتفتح جبهة قانونية دولية عابرة للجغرافيا.
* * *
بينما تشتبك الساحات الممتدة من غزة والضفة إلى اليمن مروراً بلبنان والعراق وسوريا مع كيان الاحتلال، فتحت جنوب أفريقيا ساحة معركة جديدة غير تقليدية وغير مسبوقة وغير متوقعة في تقديرات الاحتلال وحساباته، إذ ظن أنَّ الاستفراد بغزة في زمن انزواء العروبة ممكن ومتاح!
ولم يكن في أفضل حساباته العسكرية وتقديراته السياسية يظن أن ساحة جنوب أفريقيا التي تبعد عن غزة أكثر من 4000 ميل قد تلتحم وتلتحق بمعركة طوفان الأقصى وتفتح جبهة قانونية دولية عابرة للجغرافيا، تساق فيها "تل أبيب" إلى محكمة العدل الدولية لتتهم فيها لأول مرة في تاريخ الصراع بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
عبثاً حاول كيان الاحتلال الاستدارة لتجاوز المعركة مع جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، ظناً منه أن الفيتو الأميركي في مجلس الأمن والصمت العربي وغض الطرف الأوروبي قد يتيح له مزيداً من الوقت ليمضي في جرائمه من دون ملاحقة قانونية دولية.
اتهمت جنوب أفريقيا كيان الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مشيرةً إلى أن "إسرائيل قامت بأفعال محددة بقصد تدمير الفلسطينيين كمجموعة قومية وعنصرية وإثنية"، أسفرت عن استشهاد أكثر من 30 ألف فلسطيني، ما يشكل انتهاكاً للاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية. وبذلك، تصبح جنوب أفريقيا أول دولة تقدم دعوى قضائية ضد كيان الاحتلال في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
ونصّ الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا على ما يلي: "إن الأعمال والانتهاكات التي ترتكبها "إسرائيل" ترقى من حيث طبيعتها إلى جريمة الإبادة الجماعية، لأنها تستهدف إلحاق الدمار بجزء كبير من الجماعة الفلسطينية قومياً وعرقياً.
لذلك، إن الإجراءات المؤقتة باتت ضرورية في هذه الحالة من أجل منع إلحاق المزيد من الضرر البالغ وغير القابل للإصلاح بحقوق الشعب الفلسطيني، وذلك بموجب معاهدة تحريم الإبادة الجماعية، والتي لم تزل "إسرائيل" تنتهكها دونما رقيب ولا حسيب".
في حيثيات المعركة التي افتتحتها جنوب أفريقيا، ستبدأ محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة يومي الحادي عشر والثاني عشر من كانون الثاني/يناير الجاري بمناقشة الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتهمه فيها بارتكاب جريمة "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وتقع مرافعة جنوب أفريقيا المدعمة بالوثائق في 84 صفحة باللغة الإنكليزية، وتقدم دلائل إدانة للاحتلال بالسعي للإبادة الجماعية.
الجبهة التي فتحتها جنوب أفريقيا لم تفضِ إلى تخفيف الضغط على الجبهة الفلسطينية فقط، لكنها ألقت حجراً كبيراً في بئر التوحش الذي يمارسه جيش الاحتلال في قطاع غزة، لا من أجل عقلنة آلة القتل أو توقفها، ولكن لأن دعوى جنوب أفريقيا أفضت وأنتجت وحققت مجموعة من الدلالات والتداعيات التي يمكن إيجازها في التالي:
- خطوة جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية أفضت إلى قلق في الأوساط الإسرائيلية، وخصوصاً أن الدعوى جاءت في أوج التغول الإسرائيلي على قطاع غزة، وهذا ما يعني نتيجتين؛ الأولى صدور قرارات تجريم لـ"تل أبيب" تتهمها بارتكاب جرائم حرب، والأخرى الطلب من "تل أبيب" الوقف الفوري لأعمال القتل والإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة.
- في حال حددت محكمة العدل الدولية بأن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة يعد جريمة حرب ويرقى إلى تهم الإبادة الجماعية، فإن ذلك سيتسبب في عزل "إسرائيل" ومقاطعتها دولياً واقتصادياً، بل وربما فرض عقوبات عليها، وهو الإجراء الذي لن تستطيع "تل أبيب" الإفلات منه، ولا يمكن للفيتو الأميركي أن ينقذها منها، وخصوصاً أن الرأي العام العالمي بدأ يدرك فداحة ما تقوم به "تل أبيب" من جرائم، وهو ما يعني تسجيل سقطة جديدة في معركة الرأي والوعي والصورة لمصلحة القضية الفلسطينية.
- لم يعد ممكناً أو متاحاً استمرار تجاهل كيان الاحتلال لمنظمات المجتمع الدولي وإدارته ومؤسساته، فالخطوة التي أقدمت عليها جنوب أفريقيا أفضت إلى تداعٍ إسرائيلي غير مسبوق من أجل مواجهة التداعيات المتوقعة، حتى إن رئيس وزراء كيان الاحتلال نتنياهو الذي تجاهل كل القرارات الأممية والإرادة الدولية، بما فيها مطالبات الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة ذهب إلى فحص إمكانية الدفع بالمحامي الأميركي آلان ديرشويتز للترافع عن كيانه أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
في حين ذهبت مؤشرات أخرى تدل على المخاوف الإسرائيلية من التداعيات إلى أن حكومة الاحتلال لجأت إلى إرسال أهرون باراك لتمثيلها في محكمة العدل الدولية، الأمر الذي يعكس حجم الهواجس والقلق لدى المستويين السياسي والعسكري في كيان الاحتلال، خشية أن تنسب المحكمة إليهما ارتكاب جرائم ابادة جماعية أو إصدار المحكمة الدولية أمراً فورياً بوقف إطلاق النار.
وفي أحد التقديرات الإسرائيلي، فإن الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا تعد بمنزلة كرة الثلج المتدحرجة التي قد تكبر وتهدد "إسرائيل" وتجرها إلى مواجهة أخطر مسار تواجهه منذ نكبة 1948، وخصوصاً أن طلب جنوب أفريقيا يهدف إلى تحديد قيام "إسرائيل" بارتكاب جريمة إبادة جماعية، وهي أخطر جريمة في القانون الدولي الجنائي.
- الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا رفعت في محكمة العدل الدولية، وليس محكمة الجنيات الدولية، واستندت إلى ميثاق منع الإبادة الجماعية الصادر عام 1948، والذي وقعت عليه "إسرائيل"، ووقعت على المادة التي تسمح للدول برفع دعوى حتى لو لم تكن طرفاً مباشراً في النزاع، وهو ما ذهبت إليه وفعلته جنوب أفريقيا.
والنتيجة هنا أن "إسرائيل" لا يمكنها مقاطعة الدعوى، مثلما كانت تفعل في مداولات محكمة الجنايات الدولية.
وبالتالي، لأول مرة في تاريخها، توافق "إسرائيل" على الوقوف أمام المحكمة الدولية وتقديم الطعن في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا.
- انتبهت جنوب أفريقيا إلى أن بحث محكمة العدل الدولية في الدعوى قد يقتضي عدة سنوات، وبالتالي تجنب هذا الإجراء الذي قد يفضي إلى كسب "إسرائيل" مزيداً من الوقت لمواصلة جرائمها، فذهبت إلى طلب إغاثة مؤقتة، وهو أمر احترازي يأمر "إسرائيل" بوقف القتال فوراً.
وفي حال تجاوزت "إسرائيل" هذا الأمر وتعدته وقفزت عنه وتجاهلته، فبإمكان جنوب أفريقيا أو دول أخرى تقديم طلبات لمجلس الأمن من أجل فرض عقوبات عسكرية واقتصادية على "إسرائيل"، وهو ما يعني فتح جبهة عالمية أخرى ستكون مع الرأي العام العالمي هذه المرة.
- دعوى جنوب أفريقيا ستُفضي إلى عقلنة التماهي الأميركي مع "تل أبيب"، وتحييد وترويض الانحياز السياسي والعسكري معها، وخصوصاً أن رصيد واشنطن من الحيادية في المنظمات الدولية، وتحديداً في مجلس الأمن، بدأ يتأكّل ويتلاشى بعدما استخدمت واشنطن الفيتو 4 مرات في مجلس الأمن لمنع صدور قرار بوقف إطلاق النار.
وهو ما أفضى إلى ارتكاب مزيد من المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، ما يعني ضمناً أن واشنطن هنا باتت شريكاً مباشراً لإسرائيل في جرائمها المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، ولا سيما أن هناك شواهد تقول إنَّ القنابل التي ألقيت على قطاع غزة هي قنابل أميركية.
- القلق من تداعيات دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لم يتوقف عند "تل أبيب"، بل تمددت التداعيات إلى واشنطن هي الأخرى، التي يبدو أنها مستمرة في التماهي مع كيان الاحتلال.
جاء التقدير الأميركي بأن الدعوى قد تفضي إلى نتائج عكسية، وهو ما عبر عنه المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الذي زعم أن هذه الدعوى لا أساس لها، في حين اعتبر البيت الأبيض أنّ الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، واتّهمت فيها "إسرائيل" بارتكاب "الإبادة الجماعية" بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزة، "لا أساس لها" و"تؤتي نتائج عكسية".
بدوره، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، ردّاً على سؤال بهذا الشأن خلال مؤتمره الصحافي اليومي: "لا نعتقد أنّ هذا الإجراء مجدٍ في الوقت الحالي"، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إنّ الولايات المتّحدة "لم ترصد حتى الآن أيّ أعمال تشكّل إبادة جماعية" في الحرب التي تخوضها "إسرائيل".
إن خلاصة ما أفضت اليه الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا من تبعات وتداعيات تتجلى في المؤشرات التالية.
أولاً: جولة وزير الخارجية الأميركية المكوكية بدول المنطقة لامتصاص حالة الغضب وتلطيف الأجواء والبحث في إعادة الإعمار وفي اليوم التالي لإنهاء الحرب.
ثانياً: إعلان كيان الاحتلال على غير العادة الدخول في المرحلة الثالثة من مراحل الحرب على قطاع غزة، والتي تقوم بحسب زعمها على تخفيف وتراجع حدة العمليات البرية والقصف الجوي، إضافة إلى الإعلان عن سحب عدد من الجنود من مناطق شمال قطاع غزة.
ثالثاً: دفع "تل أبيب" بمنسق أعمال حكومتها في المناطق الفلسطينية المحتلة غسان عليان لزيارة القاهرة من أجل بحث إمكانية فتح خطوط الوساطة والاتصال مع فصائل المقاومة الفلسطينية من جديد من أجل اجتراح صفقة تبادل أو هدنة طويلة الأمد، وهو ما قد يعلن عنه خلال الأيام القليلة القادمة. والملاحظ أن كل هذه الخطوات تمت قبيل انعقاد محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا بأيام فقط.
*د. ثابت العمور باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
المصدر | الميادين نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا فلسطين غزة الإبادة الجماعية جنوب أفريقيا محكمة العدل الدولية الحرب على غزة الحرب على غزة فی محکمة العدل الدولیة الخارجیة الأمیرکیة دعوى جنوب أفریقیا الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی کیان الاحتلال إبادة جماعیة على قطاع غزة فی قطاع غزة مجلس الأمن ما یعنی تل أبیب وهو ما من أجل
إقرأ أيضاً:
إطلاق مبادرة محكمة غزة بلندن للتحقيق في جرائم إسرائيل
أطلق أكاديميون ومثقفون ومدافعون عن حقوق الإنسان وممثلون إعلاميون ومنظمات غير حكومية مبادرة "محكمة غزة" في العاصمة البريطانية لندن، للتحقيق في جرائم الحرب التي تواصل إسرائيل ارتكابها في القطاع، وهي مبادرة مستقلة تُعرف بأنها "محكمة الإنسانية والضمير".
وقد عقدت محكمة غزة اجتماعاتها التحضيرية الأولية الأسبوع الماضي على مدى يومين في لندن، بحضور حوالي 100 مشارك.
وتتبع المحكمة نهجا بديلا نحو العدالة الدولية، بهدف تسليط الضوء على أصوات المجتمع المدني في دراسة الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة.
المبادرة يقودها المقرر الأممي السابق ريتشارد فولك (الأناضول)وتضم هيئة رئاسة المبادرة -التي يقودها المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة البروفيسور ريتشارد فولك– المقررَين الأمميَين السابقين مايكل لينك، وهلال الفر، بالإضافة إلى الأكاديميين نورا عريقات، وسوزان أكرم، وأحمد كور أوغلو، وجون رينولدز، وديانا بوتو، وجميل أيدن، وبيني غرين.
ومن بين "أعضاء المحكمة"، هناك العديد من الأسماء المهمة من مختلف مناطق العالم، مثل إيلان بابي، جيف هالبر، وأسامة مقدسي، وأيهان تشيتيل، وكورنيل ويست، وآفي شلايم، ونعومي كلاين، وأسلي بالي، ومحمود ممداني، وكريغ مخيبر، وحاتم بازيان، ومحمد كارلي، وسامي العريان، وفارانك بارات، وحسن جبارين، وويلي موتونغا، وفيكتوريا بريتين.
وفي اليوم الأول من الاجتماعات في لندن، عقدت جلسة خاصة مع ممثلي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والمنظمات الحقوقية الأخرى التي سيكون لها وظيفة مهمة للمحكمة.
ومن بين المنظمات غير الحكومية المشاركة في هذه الجلسة: منظمة "القانون من أجل فلسطين"، وشبكة المنظمات غير الحكومية البيئية الفلسطينية، والشبكة العربية للسيادة الغذائية "إيه بي إن" (APN)، والمركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة)، ومؤسسة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية أنشئت للمطالبة بحقوق السجناء الفلسطينيين، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
الاجتماعات التحضيرية
وفي نطاق الاجتماعات التحضيرية الأولى لمحكمة غزة، التي عقدت في لندن، تم تحديد المراحل اللوجيستية وإنشاء الهيكل التنظيمي للمحكمة ومبادئ عملها، كما تمت أيضا مناقشة قضايا مثل المبادئ الأساسية لعمل المحكمة وإستراتيجيات التنفيذ والاتصال.
ومن المتوقع أن تعقد الجلسة الثانية للمحكمة في عاصمة البوسنة والهرسك سراييفو في مايو/أيار 2025، والجلسة الثالثة والأخيرة في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وفي الجلسة التي ستعقد في سراييفو، سيتم عرض التقارير المُعدّة وإفادات الشهود ومسودة تقرير المحكمة على الرأي العام. وبالإضافة إلى الأفراد المتأثرين بالوضع في غزة، وسيحضر اجتماع سراييفو ممثلون عن المجتمع المدني في المنطقة، وشهود عيان من الخبراء.
وفي جلسة إسطنبول الرئيسية التي تعد من أهم مراحل عمل محكمة غزة، سيستمع المجلس، الذي يضم خبراء في مجالات القانون والثقافة والسياسة والمجتمع المدني، إلى شهادات الضحايا والشهود، وإعلان مسودة القرار النهائي. بالإضافة إلى ذلك، سيتم أيضا الإعلان عن القرارات التي تتضمن صلاحيات خاصة وتوصيات متعلقة بعمل محكمة غزة، بما يتماشى مع آخر التطورات.
رفع مستوى الوعيتم تأسيس محكمة غزة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتبرز المحكمة بوصفها مبادرة نظمها المدافعون عن حقوق الإنسان وخبراء القانون الدولي والمنظمات غير الحكومية الدولية والإقليمية التي تتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في غزة.
وتهدف المحكمة إلى لفت انتباه المجتمع الدولي إلى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني وإدراج تلك الجرائم في جدول الأعمال الدولية.
وفي نطاق جلسات المحكمة، سيركز الأعضاء على أبعاد الأزمة الإنسانية في غزة، وسيتم حل مسألة عدم المساءلة عن جرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة، والسماع لشهادات الأفراد والمنظمات غير الحكومية المتضررة من هذه الجرائم.
وستحاكم إسرائيل غيابيا بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في غزة.
منتدى للعدالة البديلة
كما تهدف المحكمة إلى القيام بإجراءات شفافة والعمل بشكل مستقل عن دوائر القوى الدولية ودون قيود، وإنجاز مهمتها ضمن جدول زمني قابل معين.
وتعكس نشأة المحكمة إحباطا متزايدا من القيود والتأخيرات التي تواجهها أنظمة العدالة الدولية الرسمية، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث تتباطأ القضايا المتعلقة بالنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
بالرغم من تحقيقات هاتين المؤسستين الجارية، التي تتضمن قضية تقودها جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل فيها بارتكاب الإبادة الجماعية، تعتقد محكمة غزة أن هذه الهيئات الرسمية غالبا ما تكون مقيدة بإجراءات مطولة وضغوط سياسية خارجية.
وفي هذا الصدد، فإن محكمة غزة ليست بديلا عن المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، ولكنها تهدف إلى دعمهما بغية تحقيق نتائج موثوقة من الناحية القانونية ورفع مستوى الوعي الدولي.
وتؤكد المحكمة التزامها بالشمولية وسهولة الوصول، حيث تدعو مجموعات المجتمع المدني الفلسطيني والأفراد المتأثرين مباشرة بالنزاع لتقديم الأدلة والشهادات. ويهدف هذا الكيان إلى سد الفجوة بالتركيز على التأثير الإنساني لسياسات وإجراءات إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين.
إطار قانوني موسعوسيتجاوز إطار المحكمة القانونية الأحداث الأخيرة، ليشمل مواضيع مثل الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، مما يضع نتائجها في سياق النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني المستمر لعقود والأحداث التاريخية مثل النكبة عام 1948 واحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد عام 1967.
وتستمد محكمة غزة سلطتها وقوتها من الناس عامة، ومن الفلسطينيين بشكل خاص، باستخدام التراكم الفكري والضمير الإنساني، بحيث يمكن لأي شخص يتفق على المبادئ العامة للإنسانية الإشارة إلى أحكام ووثائق المحكمة بخصوص أي مشاكل مستقبلية.
ومنذ أكثر من عام، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية -بدعم أميركي- على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 145 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.