كيف تستهدف حملات التضليل الصينية انتخابات تايوان الرئاسية؟
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
رغم مخاوف تايوان التي أعربت عنها أواخر العام الماضي من أي تحرك عسكري أو سياسي صيني في الوقت الذي تشهد فيه البلاد انتخابات هامة، إلا أن بكين اتبعت نهجا مختلفا باستخدام حملات التضليل وأخبار مفبركة للتأثير على مسار الانتخابات.
وتجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، السبت، في تايوان، حيث تؤكد السلطات إن الصين تمارس ضغوطا في محاولة التدخل في الانتخابات.
وتعتبر الصين الجزيرة جزءا من أراضيها وهو ما ترفضه حكومة تايوان.
وأفاد تقرير نشره موقع "بوليتيكو" أن الصين تنشط في نشر أخبار عن استطلاعات رأي مفبركة، وادعاءات غير صحيحة على شبكات التواصل الاجتماعي في محاولة لتعزيز موقف الموالين لها في الانتخابات.
وفي أواخر ديسمبر، ألقت السلطات في تايوان القبض على لين هسين يوان، وهو يزعم أنه صحفي يعمل في موقع "فينغر ميديا" لنشره تقريرا عن استطلاع للرأي، أجراه بنفسه، يقول "إن المرشح الصديق لبكين يو-إيه من حزب الكومينتانغ يسير على الطريق الصحيح للفوز في الانتخابات الرئاسية".
ووجد المدعون العامون أن يوان زعم أنه أجرى مقابلات وأخذ عينات من أكثر من 300 مواطن، ليتبين أنه لم يجر أي مقابلات وقام بتلفيق الاستطلاع ونتائجه، بحسب بوليتيكو.
ويتحرك المدعون العامون في تايوان بموجب قانون صُمِّم لمواجهة التدخلات الصينية، مثل استطلاعات الرأي المفبركة التي يتم تزييفها من قبل مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني في مقاطعة فوجيان.
وتسعى بكين إلى تقليل فرص فوز الحزب الديمقراطي التقدمي بولاية ثالثة، خاصة في ظل تمسك تايوان بسيادتها على الجزيرة، وتقاربها بشكل أكبر مع الولايات المتحدة وأوروبا وقوى ديمقراطية أخرى.
وتشير بوليتيكو إلى أن هذه الانتخابات تحظى بمراقبة عن كثب في جميع أنحاء العالم، بسبب مخاوف من نشوب "توترات سياسية عسكرية بين واشنطن وبكين في بحر الصين الجنوبي".
ولتايوان أهمية كبيرة على مستوى العالم إذ أنها تنتج أكثر من 90 في المئة من الرقائق الدقيقة المستخدمة في صناعة الإلكترونيات.
الأفكار التي تريد الصين ترسيخها؟ الصين تكثف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية على تايوان. أرشيفيةوجعلت الصين من الفضاء الإلكتروني ما يشبه الـ"ساحة معركة فوضوية" بحسب بوليتيكو، إذ غرقت حسابات في فيسبوك بالترويج إلى أن واشنطن وتايوان تنشطان في تطوير أسلحة بيولوجية، ونشر أخبار عن لحوم مسمومة قادمة من الولايات المتحدة، وادعاءات مزيفة ترتبط بالمرشحين.
وتريد الصين ترسيخ فكرة لدى للشعب في تايوان أن "وليام لاي، مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي هو ديكتاتور، وسيبدأ حربا متهورة في السعي لاستقلال تايوان".
وتنشط "الروبوتات الصينية" في النشر على شبكات التواصل الاجتماعي مستهدفة مرشحي الحزب الديمقراطي التقدمي، بحيث تنشر المعلومات والأخبار المضللة عن ركود اقتصادي يلوح بالأفق بسبب سيطرة الحزب المناهض للصين.
وتحدث رئيس وزراء تايوان، تشين شين جين، في تصريحات عن استخدام بكين لمزيج من الإكراه الاقتصادي والتهديد العسكري، والأكاذيب الصريحة لترهيبهم، وقال إن "الصين تشن بنشاط حربا معرفية ضد تايوان من خلال المعلومات المضللة".
ويظهر بشكل جلي أيضا استخدام تكنولوجيا التزييف العميق ومقاطع الفيديو والصور والمقاطع الصوتية التي تنتج بالذكاء الاصطناعي التي أصبحت أداة لاغتيال الشخصية في هذه الانتخابات.
وتعتبر الصين تايوان إقليما تابعا لها لم تتمكن بعد من إعادة توحيده مع بقية أراضيها منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1949.
ومع ذلك، تؤكد الصين أنها تفضّل عملية إعادة توحيد "سلمية" مع تايوان التي تتمتع بنظام ديمقراطي ويبلغ عدد سكانها قرابة 23 مليون نسمة. لكنها لا تستبعد أيضا استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك.
كيف يمكن لواشنطن مساعدة تايوان؟ واشنطن يمكنها دعم تايوان في مواجهة حملات التضليل التي تتعرض لها. أرشيفية - تعبيريةوأكد مقال نشرته مجلة فورين بوليسي للسياسي الأميركي، راجا كريشنامورثي، أن الولايات المتحدة يمكنها مساعدة تايوان في مواجهة التهديدات متعددة الجبهات خاصة في مجال الحد من الحملات المضللة.
وأشار إلى أن نجاح الديمقراطية في تايوان هو السبب وراء سعي الحزب الشيوعي الصيني للتلاعب في الخطاب السياسي في تايوان والديمقراطيات الأخرى، باستخدام سلسلة من مئات حسابات الفيسبوك المزيفة.
ووضع كريشنامورثي خارطة من ثلاثة محاور يمكن أن تدعمها الولايات المتحدة للوقوف في وجه التهديدات الصينية في تايوان:
أولا: يجب على الولايات المتحدة وتايوان التعاون معا لمنع التضليل والتلاعب على شبكات التواصل بشكل أعمق وأوسع، مذكرا بتقرير اللجنة المعنية بالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين الذي دعا إلى سحب الاستثمارات من منصات شبكات التواصل التي يسيطر عليها المنافسون.
ثانيا: يجب على الكونغرس الأميركي أن يقر بسرعة تشريعا يسمح لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالرد على الإكراه الاقتصادي الذي يمارسه الحزب الشيوعي الصيني، ودعم الشركاء مثل تايوان.
ثالثا: يجب العمل مع تايوان بشكل أعمق لتبادل أفضل لممارسات مواجهة حملات التضليل التي تمارسها بكين، والاستفادة من تجربة تايوان لتعزيز حماية الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى التي تستهدفها الصين.
وقالت مسؤولة أميركية كبيرة لصحفيين، الأربعاء، طالبة عدم نشر اسمها إن الولايات المتحدة واظبت في السنوات الأخيرة على إرسال وزراء سابقين، أو مسؤولين حكوميين كبار سابقين، إلى تايوان وبالتالي "فما من جديد" على هذا الصعيد، وفق ما ذكرته فرانس برس.
وحذرت المسؤولة الأميركية الكبيرة من أنه "سيكون استفزازيا من جانب بكين أن ترد (على نتيجة الانتخابات) بمزيد من الضغط العسكري أو الإجراءات القسرية".
وأكدت أن "الولايات المتحدة لا تنحاز إلى أي طرف في الانتخابات، وليس لديها مرشح مفضل. بصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، فإن سياستنا فيما يتعلق بتايوان ستظل على ما هي عليه وعلاقتنا غير الرسمية القوية ستتواصل".
وشددت المسؤولة في الإدارة الأميركية على أن الولايات المتحدة تعارض أي محاولة "تدخل" خارجي في العملية الانتخابية في الجزيرة، مؤكدة أن واشنطن لديها "ملء الثقة" بهذه الانتخابات.
على تايوان مواجهة حملات التضلل ولكن.. تايوان والصينهيلتون ييب، صحفي من تايوان، دعا في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الحكومة في تايوان إلى عدم المغالاة في استخدام "الخطاب حول المعلومات المضللة" الذي أصبح "يعيق النقاش السياسي المشروع والنقد".
وأشار إلى أن هذه ليست الانتخابات الأولى التي تستهدفها بكين بحملات التضليل، إذ شهدت الانتخابات المحلية، في عام 2018، والانتخابات الرئاسية، في عام 2020، معلومات مضللة على نطاق واسع استهدفت نشر أخبار مفبركة عن رئيسة البلاد تساي إنغ وين.
وقال ييب إن المعلومات المضللة والأخبار المفبركة طالت العديد من الأمور في تايوان، إلا أنه توجد مبالغة واتهامات دائما ما تُعزَى إلى الصين، يمكن أن يكون بعضها مصدره من داخل تايوان ولا علاقة لها بحملات التضليل إنما ترتبط بانتقاد للسياسات الرسمية من مصادر تايوانية.
وشرح أن البيئة الإعلامية مثيرة للجدل في تايوان، فهي منقسمة بين داعم للحزب الديمقراطي التقدمي ومناصر لحزب الكومينتانغ المعارض، ولهذا يعترف باحثون تايوانيون أنه في بعض الأحيان كان من الصعب تحديد ما إذا كانت المعلومة المضللة مصدرها الصين أو الانقسام في داخل تايوان.
وتخوَّف ييب من استخدام "حملات التضليل كذريعة للفشل الانتخابي"، ولهذا يجب على الجهات الرسمية تقديم وعرض الأدلة الملموسة في دعم الادعاءات بأن الصين هي وراء هذه الحملات.
معضلة الصين مع المرشح الأوفر حظا لاي تشينغ-تي الذي يتولى منصب نائب رئيسة تايوانودعت الصين، الخميس، سكان تايوان إلى اتخاذ "القرار الصحيح" خلال الانتخابات الرئاسية، السبت، معتبرة أن المرشح الأوفر حظا للفوز، لاي تشينغ-تي، يشكل "خطرا جسيما" على العلاقات بين تايبيه وبكين بسبب مواقفه المؤيدة للاستقلال.
ولاي تشينغ-تي الذي يتولى حاليا منصب نائب رئيسة تايوان، تساي إنغ-وين، وينتمي على غرارها إلى الحزب التقدمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال هو المرشح الأوفر حظا، بحسب استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات الرئاسية نقلتها فرانس برس.
وستكون نتيجة هذه الانتخابات، التي تجري بجولة واحدة، أساسية بالنسبة لمستقبل العلاقات الثنائية.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" عن تشن بينهوا، المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان في بكين، قوله: "إذا وصل (لاي) إلى السلطة، فسوف يستمرّ في الترويج للأنشطة الانفصالية المرتبطة باستقلال تايوان".
وقال إنه يأمل في أن يتخذ سكان تايوان "القرار الصحيح"، محذرا من أن فوز نائب الرئيسة بمنصب الرئيس يمثل "خطرا جسيما" على العلاقات بين الصين وتايوان.
وكتب وزير الخارجية التايواني، جوزف وو، الخميس، في منشور على منصة "إكس" أن "الانتخابات المقبلة في تايوان تثير اهتماما عالميا والتدخلات (الصينية) المتكررة تسرق الأضواء"، مضيفا "بصراحة ينبغي على الصين التوقف عن التدخل في انتخابات دول أخرى وتنظيم انتخابات خاصة بها".
والسبت، نددت وزارة الدفاع التايوانية بإرسال بكين أربعة مناطيد فوق الخط الأوسط الذي يفصل بين الجزيرة وبر الصين الرئيسي، واصفة هذه الخطوة بأنها "تهديد خطر" للرحلات الجوية وشكل من أشكال المضايقة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قال مسؤولون عسكريون صينيون كبار لنظرائهم الأميركيين إن الصين "لن تتنازل أبدا" بشأن تايوان، داعين الولايات المتحدة إلى "التوقف عن تسليح" الجزيرة، وذلك خلال مناقشات عسكرية نظمت في العاصمة واشنطن.
المرشح الذي تفضله الصين الصين لا تريد أي رئيس للبلاد بنزعة استقلاليةالخميس، تعهد هو يو-إيه (66 عاما) مرشح حزب كومينتانغ الذي يُنظَر إليه على أنه يتمتع بعلاقات أوثق مع بكين، عدم "بيع" جزيرة تايوان للصين في حال انتخابه رئيسا والحفاظ على علاقة قوية بالولايات المتحدة "الحليف الوفي".
ورفض أمام صحفيين أجانب اتهامات الحزب التقدمي الديمقراطي له بأنه سيكون مرشحا "مواليا للصين يريد بيع تايوان".
وقال: "إن تايوان بلد ديمقراطي وحر.. ومهما كان ما تعتقده الصين، فإن ما يريد منا الرأي العام في تايوان أن نفعله هو الحفاظ على الوضع الراهن".
ووعد بألا تُطرَح مسألة "إعادة التوحيد" في حال انتخابه.
وأكد هو يو-إيه أنه في حال انتخابه "لن يزيد فقط مشتريات الأسلحة، لكنه سيعزز كذلك التعاون العسكري بين تايوان والولايات المتحدة".
وأضاف "سنحافظ على تواصل جيد مع الولايات المتحدة. يسرنا أن نرى الولايات المتحدة تلعب دورا إيجابيا في الحفاظ على الاستقرار في مضيق تايوان".
وتابع "مهما حصل هنا، ستبقى الولايات المتحدة حليفنا الوفي".
وفي خطاب رأس السنة، أكد الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أن "الصين سيُعاد توحيدها بالتأكيد".
في السنوات الأخيرة، في مواجهة الضغوط المتزايدة من بكين، قامت الرئيسة المنتهية ولايتها، تساي إنغ-وين، الحاكمة منذ العام 2016، بزيادة ميزانية الدفاع ومشتريات الأسلحة من الولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة الدیمقراطی التقدمی الولایات المتحدة هذه الانتخابات فی الانتخابات شبکات التواصل حملات التضلیل فی تایوان إلى أن
إقرأ أيضاً:
في "البام"، مسافة "أمان" مع "الأحرار" تحولت إلى قناعة تمهيدا لانتخابات 2026
مبكرا، دشنت المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، حملة حزبها لانتخابات 2026. في مناسبتين متتاليتين في أسبوع واحد، أعلنت بوضوح، عن مطامحها في قيادة الحكومة التي ستتشكل بعد هذه الانتخابات.
في 9 يناير، عبرت المنصوري أول مرة عن هذا الطموح في لقاء مع دبلوماسيين أجانب. في الواقع، قبل ذلك، كان قادة الحزب الحاليين، يشيرون إلى مقدرته على فعل ذلك، لكن أصواتهم بالكاد كانت مسموعة في المرحلة التي تلت صعود قيادة جماعية، حيث كان الحزب يحاول تثبيت قدميه أولا تحت وطأة المشاكل التي برزت فجأة بعد فبراير 2024.
تعبير المنصوري عن طموح حزبها في لقاء مع « المؤسسة الدبلوماسية » التي تتولى إقامة لقاءات مع القادة السياسيين، ليس جديدا على هذا الحزب. لنعد إلى شتنبر 2016، حيث عبر إلياس العماري، الأمين العام للحزب وقتئذ، عن الهدف ذاته خلال لقاء مع المؤسسة نفسها.
لكن هناك اختلاف بين الحدثين؛ فإلياس العماري أعلن عن طموح حزبه في تصدر الانتخابات شهرا فقط قبل الاقتراع الذي جرى في 7 أكتوبر من ذلك العام. أما فاطمة الزهراء المنصوري، فقد وضعت الهدف أمامها قبل حوالي 20 شهرا عن الانتخابات المقرر إجراؤها في خريف العام المقبل.
بعدما خرج العماري من لقائه مع المؤسسة الدبلوماسية، كيلت إليه انتقادات حادة، فقد أوحت تلك الثقة التي عبر بها عن طموحه بالكثير من الشكوك بين خصومه السياسيين لاسيما حزب العدالة والتنمية. ولقد كان التعبير عن ذلك للدبلوماسيين الأجانب أصلا بدل الرأي العام المحلي، يثير أسئلة حول ما إن كان العماري يتحدث انطلاقا من ضمانات قدمت إليه. في نهاية المطاف، غلبت قصة تصريحاته في ذلك اللقاء عن الإسلام السياسي على باقي التفاصيل، وقد ساعدت أيضا في هزيمته خلال تلك الانتخابات التي أفضت إلى نهاية مساره السياسي.
مثل هذه الأخطاء لم ترتكبها المنصوري هذه المرة. مكتفية بتصميمها على تصدر الحزب الذي تقوده لنتائج الانتخابات المقبلة، لم تثر سوى ضجيجا أقل. لكن هذا التصميم لا يفل. لم تنتظر المنصوري سوى أسبوع واحد فقط، كي تؤكد هذه الرغبات القوية لحزبها. وهذه المرة في لقاء يوم 17 يناير، مع منتخبيها الكبار في جهة مراكش، التي تعد في الوقت الحالي، مركز الثقل الرئيسي في هذا التنظيم السياسي.
من المؤكد أن هذه الرغبة ستصبح خطابا موحدا في الحزب من الآن فصاعدا. لكن تداعياته غير محددة.
في لقائها بمراكش، كان الحدث كذلك العودة المنتظرة لهشام المهاجري، هذا النائب في البرلمان يملك الوجوه المتعددة التي يحتاجها « الجرار » في هذه الأوقات التي تسبق الانتخابات. فهو يعد من القوى الأساسية على الصعيد الانتخابي في جهة مراكش، وقد حاز في انتخابات عام 2021 على أكثر من 50 ألف صوت، ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2016، وما جمع منافسه مرشح التجمع الوطني للأحرار. مثل هذه القدرات حاسمة في السعي إلى تحقيق نتائج متقدمة في الانتخابات المقبلة.
لكن للمهاجري مقدرة إضافية تجعله في موقع أفضل من باقي الأعيان المسيطرين في الانتخابات. باعتباره خطيبا مفوها، يكتسب شعبية متزايدة بين الأوساط المنتقدة للسلطات الحكومية. بالفعل، تسببت هذه المقدرة في الكثير من الأذى لمساره السياسي، وقد أجبر على التواري سنتين طويلتين جراء انتقادات حادة كالها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش في البرلمان.
إدارة علاقات صعبة
بقدر ما تمثل هذه العودة تصحيحا لنظر الحزب بينما يقترب موعد الانتخابات، فهي أيضا تعكس نظرة الحزب إلى الطريقة التي يتعين بها إدارة الفترة المتبقية على الانتخابات.
بعد فبراير الفائت، كان واضحا أن الحزب مستمر في التخلي عن قادته البارزين الأكثر انتقادا لحزب التجمع الوطني للأحرار. مشتكيا من مضايقته، راح ضحيته أفراد كانوا يشكلون النواة الصلبة على الصعيد الانتخابي، مثل محمد الحموتي. واجه هذا الرجل محاولة إضعاف منهجية في المرحلة التي قاد فيها حكيم بنشماش هذا الحزب، وقد عبر عن ذلك علانية. بإبعاده لاحقا من مناصبه في الحزب، تعزز الشعور بوجود مقايضة بين الحزبين. سيتبين لاحقا، بأن هذه المقايضة كانت مؤقتة. الحموتي، المدير الفعلي للانتخابات على وشك العودة، مثله في ذلك مثل زميله العربي المحرشي، الذي يملك خبرة في إدارة الموارد البشرية خلال الانتخابات.
عودة هؤلاء الأفراد بهذه الطريقة، يشير إلى النتيجة المحتملة بقوة: المواجهة المقبلة ستكون بين « البام » والأحرار. لم يكن إلياس العماري بهذا الحظ في مرحلته، حيث واجه من موقعه في المعارضة، خصما حكوميا شديد الصلابة.
لكن كيف ستدار هذه المواجهة بينن حليفين حكوميين على امتداد الأشهر العشرين المتبقية على إجراء الانتخابات؟
تسعى المنصوري إلى تعزيز قدرات حزبها على الصمود بإعادة بناء الفروع، وتدشين حملة استقطاب قوية. غارقا في مشاكله، فهذه وسائل عمل ضرورية في مرحلة لم يبد فيها « البام » ضعيفا مثلما ظهر في الشهور التالية لمؤتمره الخامس، لكن ما سيحدد فعالية ذلك هو ما سيفعلونه إزاء الحليف الحكومي الساعي بثبات وشراسة أيضا، إلى تكريس سيطرته الانتخابية. لنتذكر أن التجمع الوطني للأحرار عمل على إضعاف حزب الأصالة والمعاصرة تمهيدا لانتخابات 2021، وهي أشياء لا تنسى بين قادة « الجرار » كما قالوا لنا.
لا يصدق قادة الأغلبية أنفسهم العبارات التي تتحدث عن تماسك هذا التحالف. لكن يتعين الحفاظ على المظاهر. لذلك، يجب بذل الكثير من الجهد في سبيل عدم الانجرار إلى مواجهة مبكرة.
لكن من الواضح ما سيفعلونه في الوقت الحالي: مسافة أمان ضرورية من عزيز أخنوش. في « البام »، يعتقدون أن المشاكل المتأتية من أخنوش نفسه أكثر من تلك التي تتسبب فيها الحكومة ككل.
لم يعد « البام » بحاجة إلى دعم التجمع الوطني للأحرار أو رئيسه، عزيز أخنوش، في الحكومة بعد الآن. فالمشاريع الرئيسية المصطبغة بقيم الحزب، قد أجيزت في البرلمان، والطريقة الوحيدة للعمل كما قيل لنا، أن يدافع « البام » عن حصيلة وزرائه فقط. وقد بدأ في فعل ذلك.
في مقابلة أجراها حسن بنعدي، الأسبوع الفائت مع موقع Le360، لخص الفكرة التي تترسخ في الأذهان داخل « البام » هذه الأيام.
عندما سُئِل عن الانتخابات المقبلة، قال بنعدي إن من الأفضل لحزب الأصالة والمعاصرة أن يتخذ مسافة من الائتلاف الحكومي.
بنعدي واحد من الأفراد العائدين إلى حزبه. غادره غاضبا، ثم ظهر بجانب المنصوري في المجلس الوطني ماي الفائت حيث لقي حفاوة كبيرة. من المؤكد أن المسافة التي تحدث عنها، هي نفسها ما يخطط إليه الحزب الطامح إلى إزاحة حجر ثقيل من طريقه إلى مقعد رئيس الحكومة الذي طال انتظاره منذ 2008.
كلمات دلالية أحزاب أخنوش الأحرار البام المغرب المنصوري حكومة