د. علي عفيفي علي غازي يرصد مسيرة الفنانة الكبيرة: وفيقة سلطان.. والتجريد الحروفي
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
نجحت الفنانة التشكيلية القطرية وفيقة بنت سلطان سيف العيسى (ولدت 1952)، في توظيف الخط العربي في عدد كبير من لوحاتها، في مزج فني بين التراث القطري والخط العربي يُعرف بالتجريد الحروفي، حيث استلهمت الحرف العربي في البداية كعنصر تزييني للعمارة التقليدية، ثم حررته وجعلته أساس البنية الفنية في عدد من اللوحات، التي صاغتها على خلفية مخطوطات ورقية أو جلدية أو قماشية، كما في لوحات: «دعاء»، «بسم الله الرحمن الرحيم»، «من وحي القرآن الكريم»، وغيرها.
انطلقت مسيرتها الفنية في مطلع سبعينيات القرن العشرين، بينما كانت تدرس بكالوريوس الفنون التطبيقية في جامعة القاهرة؛ فرع حلوان، وتخرجت في عام 1974، كأول مبتعثة قطرية للدراسة في الخارج، لتعود إلى قطر تعمل مهندسة ديكور في مجال التصميم الداخلي، ومراقب لشؤون الإنتاج في التلفزيون القطري، وعضو مؤسس في الجمعية القطرية للفنون التشكيلية، واشتركت في المعارض المحلية الجماعية منذ عام 1972، والمعارض الفنية على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي المغرب والكويت والعراق وفرنسا ومصر واليابان وكوريا الجنوبية والهند وتركيا وغيرها، وكان معرضها الفردي الأول بالدوحة عام 1984؛ كأول مصممة وفنانة تشكيلية قطرية؛ ما يجعلها رائدة الفن الحديث في قطر.
بدأت تجاربها الفنية الأولى في إطار المدرسة التعبيرية، برسم البيئة القطرية، والتراث البحري القطري لحقبة الغوص على اللؤلؤ، والفلكلور القطري، ثم تصوير المرأة الخليجية عامة، والقطرية خاصة، في إطارها الزماني والمكاني؛ بالأثواب التراثية، والخلفيات الزخرفية المعمارية التقليدية، وتمازجت هذه المرحلة مع مرحلة تالية ركزت فيها على العمارة القطرية التقليدية، كرسم الباب، والبيت التقليدي، ووظفت الزخارف والنقوش الجبسية، المستمدة من عناصر الطبيعة، كسعف جريد النخيل، لتدخل مرحلة الحروفية، التي وظفت فيها الأغاني الشعبية والأمثال، وآخر مرحلة فنية مرت بها كانت التأثيرية التجريدية، التي تجمع بين الريف الخليجي والريف المصري، والتي تبدو بشكل بارز في لوحة «الريف المصري» (2005)، ويظهر في هذه المرحلة تأثير البحر وأمواجه، ورمال الصحراء الناعمة الساكنة، والأسماك واللآلئ، وغيرها من عناصر البيئة القطرية، التي تمزج بين البر والبحر؛ وتوجت تجربتها الفنية بفوزها في عام 2015 بجائزة المرأة العربية؛ لأفضل فنانة قطرية.
وتعتبر من الفنانين الذين تناولوا موضوعات البيئة القطرية، وتاريخها الطبيعي، وتتميز لوحاتها بالأشكال المعمارية في إطار الفن الإسلامي، كلوحتي «الجمل»، و»بورتريه»، التي تمزج فيها بين المشاعر والألوان، والخطوط التي رسمها الزمن على وجه الرجل المسن؛ بما يُشعر بقسوة الأيام والسنين، وفي أعمالها التي وظفت فيها الخط العربي كبنية أساسية استطاعت أن تحلل العلاقة بين الألوان والحروف والموضوعية الفنية، وخاصة اسم الجلالة «الله»، الذي يتكرر في اللوحة، فجمعت فيها كل حواسها ومشاعرها؛ لإبراز التفاصيل الدقيقة؛ لتبدي بُعدًا عميقًا من رؤيتها وتأثرها بالخط العربي والحروفية.
ونلحظ أنها في جميع لوحاتها تبحث عن الأصالة؛ مركزة على التراث بعناصره البيئية: البحر، الصحراء، السماء، باستخدام ألوان مبهجة، وتقنيات متجددة، باحثة عن التميز، في الهوية القطرية، سابحة في البحر والصحراء، مستظلة بسدرها ونخيلها.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر الخط العربي التراث القطري
إقرأ أيضاً:
المئات يحيون الليلة الكبيرة لـ مولد «علي الروبي» في الفيوم.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد مسجد وحى الروبي بمدينة الفيوم، مساء الخميس، الليلة الكبيرة لـ مولد الشيخ علي الروبي والذى يوافق النصف من شعبان من كل عام.
والمولد شهد زحاما كبيرا بخلاف الأعوام الماضية خاصة وأنه توقف لمدة عامين بسبب وباء كورونا وبعدها لم يكن يتوافد فيه إلا أعداد قليلة ولكن هذا العام حضر الآلاف من مختلف أنحاء المحافظة والبعض حضر من محافظات الصعيد، وقد افترش المواطنون الحصر وأقاموا موائد الطعام وبعض الألعاب والمراجيح وبائعي "الدردرمة" والحلوى، كما قام البعض بتوزيع علب الأرز بلبن وأرغفة اللحوم.
وتعد مدينة الفيوم من أكبر المحافظات احتفاءً بمقامات الأولياء وقد أضفى ذلك على تسمية شوارعها الرئيسية بأسماء أولياء مثل الشيخة "مريم" والشيخ "الصوفى" و"الروبى" و"مرزبان" و"أبوجراب" الذين أخذوا أماكنهم على ترعة بحر يوسف وسجلت حكاياتهم ضربا من التراث الشفاهى الذي توارثته الأجيال فمنهم من له أصل تاريخي ومنهم من ضربت حوله أساطير لها شعائر وطقوس تمثل معتقدا أساسيا فى حياة العامة.
وقد التقينا سيد حسني فرج موجه عام بالتربية والتعليم "بالمعاش" وهو وكيل للطرق الصوفية، مؤكدا أن الاحتفال هذا العام جيد جدا وينقصه فقط فتح ساحة المسجد أمام المحبين لكي يتمتعوا بروعة المولد وقراءة الفاتحة للولي.
وأشار إلى أن الموالد له شق معنوي وهو إدخال البهجة على أبناء المحافظة وشق آخر لتجمع أبناء الطرق الصوفية ومنها الطريقة الرفاعية والشاذلية والبيومية والخليلية والعروسية والمحمدية وغيرها.
وأضاف أن الفيوم بها عدد يقترب من مليون و90 ألف مسجلين فى الطرق الصوفية المختلفة فى المحافظة.
ويقول الدكتور إبراهيم عبد العليم حنفي المتخصص فى التراث الشعبى: إن الفيوم بها العديد من المقامات ولعل أشهرها هو مقام (سيدي علي الروبي) الذى يعد البطل الحقيقي للفيوم، وخاصة المنطقة التي يقع بها فيمثل للمجتمع البطولة والخلاص والعدل ويرجع تاريخ هذا الولي إلى عصر السلطان برقوق والي مصر (حيث تنبـأ الولي للسلطان برقوق أنه سيتولى حكم مصر. لذا أقام له السلطان زاوية خاصة به بجوار منزله فهو السيد علي أحمد السيد الشريف بعد السيد أحمد بن السيد مرسي ابن السيد أبو المجد بن السيد عبد الله بن السيد شافعي بن عبد الله بن محمد المعتصم بن أبي بكر بن السيد إسماعيل بن علي بن أحمد أمير المؤمنين عبد الله المأمون، فهو سلالة العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوفى سنة خمس وثمانية وسبعمائة هجرية حيث كان زاهدًا ناسكًا) ([1]).
واضاف "حنفى" أنه نسجت حوله حكايات اقتنعت بها العامة أمنت بها إيمانا كاملا لا يتزعزع منها أنه استطاع أن يمنع البلاء عن المنطقة في الحرب العالمية الثانية سنة خمس وأربعين وتسعمائة ميلادية (1945م) عندما ألقيت قنبلة على مدينة الفيوم، فاستطاع الولي أن يحول مسارها من قلب المدينة إلى قلب ترعة بحر يوسف ليحمي مجتمع من خطرها وعندما زار أهل القاهرة بشرهم بأن الغلاء، والبلاء سيرتفعان بعد شهر وقد تحقق ما قاله، كما تنبأ بموت سلطان علي ابن الأشرف شعبان بعد الغلاء.
وهناك حكاية أخرى عن رد الغائب وهى أن سيدة فقدت طفلها الذي لم يتجاوز ثلاث سوات وظلت تبحث عنه لمدة عام أو أكثر، فزارت الولي وراحت تكرر الزيارات كل عام في مولد الولي السنوي تتوسل إليه، وإذا هي شاخصة ببصرها، أعلى المقام فتجد ابنها يمد يديه إليها فتأخذه بشوق ولهفة، وتدور به حول المقام شاكرة الولي صنيعه، وبعد ذلك راحت تؤدي طقوسه وهي عبارة عن كسوة للمقام وإشعال الشموع وتوزع الأطعمة متمثلة في الفول النابت والأرز بلبن.
وهناك حكاية لحماية المكان من السرقة وهى أن سيدي علي الروبي قيد اللصوص الذين اعتادوا سرقة الماشية من منطقة درب الطباخين، وذلك عندما مروا بمقامه ليلا وجدوا أنفسهم مربوطين بحبال في المقام، يصرخون من الآلام ويستغيثون، فأسرع أهل المنطقة يشاهدون اللصوص، وما لحقهم من عقاب فيشيدون بكرامة الولي الذي يحمي المنطقة من أي سوء أو من شر يقع عليها. لذا صارت الجماعة تقسم به، (وحياة اللي قيد السارق، والحرامي والباغي، الروبي في ظهرك، وحياة البطل...)، كما أنها نسجت أغاني تؤدى عند أداء الطقوس للولي.
وتثير الدهشة ألعاب مثل: إدخال الأسياخ الحديدية من وجوههم وأعناقهم دون أن تنزف منها الدماء، زاعمين أنهم في حالة وجد وسكر مع الله لا يستيقظون منها إلا إذا لامسهم إنسان عندئذ تسيل الدماء منهم لأن أجسادهم تتنبه، لذا يحرص مجموعة من المريدين صنع دائرة بشرية حولهم يمنعون بها اختلاط الجمهور أو الزائرين بهم أثناء أداء الألعاب، ويستمرر الإنشاد الديني الذي يستعرض صفات الأولياء باعتبارهم أطباء ويستدعى المنشد في إنشاده أربعة سلاطين الروبي، إبراهيم الدسوقي، وأحمد البدوي، أبو الحجاج، كي يقفوا بجانب المريدين في أحوالهم ويحلوا ببركاتهم على من حضر مولد رفيقهم في الولاية.