نازحو شمال غزة: نحن ضحايا للحرب والجوع والبرد القارس
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
غزة – بالتزامن مع هطول الأمطار الغزيرة على قطاع غزة، تسرع عدد من الفتيات النازحات اللواتي لجأن وعائلاتهن إلى مدرسة “غازي الشوا” ببلدة بيت حانون (شمال)، للتخلص من المياه التي تسربت إلى الأروقة ومنها إلى الصفوف التي تستخدم للمبيت.
هؤلاء الفتيات اللواتي بتن يشاركن في أعمال أكبر من أعمارهن، يشعرن بأن الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع سرقت منهن طفولتهن ومستقبلهن في ظل استمرارها للشهر الرابع على التوالي.
وتتفاقم معاناة النازحين الفلسطينيين داخل مركز الإيواء، حيث قال بعضهم للأناضول، إنهم أصبحوا ضحايا للحرب والجوع الشديد والبرد القارس.
وأشاروا إلى عدم توفر أغطية وملابس شتوية تقيهم من البرد القارس، فضلا عن عدم توفر الغذاء والدقيق اللازم لصناعة الخبز.
وبحسب الأرصاد الجوية والفلسطينية (حكومية)، ضرب البلاد مساء الأربعاء منخفض جوي مصحوب بأمطار غزيرة وعواصف رعدية.
ورغم الظروف الصعبة إلا أن ساحة المدرسة (مركز الإيواء) تعج بالحركة والحيوية التي تشي بتمسك النازحين بالحياة رغم ما عايشوه من ظروف كارثية.
فبينما تعمل النساء في صناعة القليل من الخبز باستخدام فرن يعمل على النار بإشعال الحطب والأوراق، ينشغل الرجال بطهي الطعام الذي يندر أن يتواجد في هذه الفترة.
البرد والجوع
النازحة الفلسطينية آمنة الحويحي (67 عاما)، تشكو من صعوبة الأوضاع المعيشية التي فاقمها المنخفض الجوي.
وتعيش الحويحي في غرفة صغيرة كانت تمثل قبل الحرب “مطبخ” المدرسة الرئيسي، بسقفها المدمر جزئيا والذي يسمح لمياه الأمطار بالتسرب إلى داخلها ليفسد ما تبقى من أغطية وفراش وملابس.
وكانت المدرسة قد تعرضت لأضرار جزئية خلال توغل الجيش الإسرائيلي للمنطقة، حيث هجرها النازحون بشكل كامل آنذاك، وعادوا إليها مع الانسحاب الإسرائيلي نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وتقول الحويحي للأناضول: “أعيش في هذه الغرفة مع عدد من أفراد أسرتي حيث لا متسع للتنفس، ولا أغطية ولا ملابس تقينا برد الشتاء، وأنا مريضة أعاني من غضروف”.
وتابعت قائلة: “حتى الطعام والمياه غير متوفرين، والدقيق كذلك، الموت أكثر راحة من هذه الحياة”.
وأشارت إلى أن هذه المدرسة هي الرابعة التي تنزح إليها عائلتها بسبب الحرب، فيما يتشتت 4 من أبنائها في مناطق مختلفة من القطاع.
من جانبه، يقول النازح عبد الكريم حمد، إن الجيش الإسرائيلي “دمر منزله بشكل كامل ما اضطره للجوء إلى المدارس ومراكز الإيواء للاحتماء والحياة”.
وتابع: “البرد شديد، ونعيش في غرفة أغلقنا نوافذها بقطع النايلون بعد أن تحطم زجاجها بفعل القصف الإسرائيلي، وبالكاد يمنع الرياح والأمطار من الدخول”.
وأشار إلى أن الأطفال يرتدون ملابسا خفيفة لا تقيهم قسوة البرد، مما يسبب لهم أمراضا يصعب علاجها بسبب عدم توفر المستشفيات.
ولفت إلى عدم وصول إلى مساعدات إنسانية أو إغاثية إلى مراكز الإيواء شمال غزة، مطالبا بضرورة وقف إطلاق النار وتحسين ظروف الحياة.
وختم قائلا: “لا يوجد من يسأل عنا، ونحن لا نعرف أين نذهب ولأي جهة نتوجه (..) الموت يبدو أكثر راحة من هذه الحياة”.
بدون ملابس وبلا ألعاب
عدد من الطفلات اللواتي التقتهن الأناضول، اشتكين أيضا من برودة الأجواء وعدم توفر الملابس الدافئة.
كما عبرن عن افتقادهن لألعابهن، لافتين أنهن يقضين كامل الأوقات إما بمساعدة عائلاتهن أو بالجلوس فقط.
الطفلة جودي حمد (9 سنوات)، قالت إنها نزحت برفقة عائلتها إلى المدرسة بعدما قصف بيتها في بلدة بيت حانون.
وتابعت: “هذا المكان أفضل من النزوح لمكان آخر أو العيش بالخيام”.
وتشير إلى أن الحياة باتت صعبة جدا في ظل عدم “توفر الخبز والدقيق، ووسط البرد القارس ومع عدم وجود أغطية وملابس، أو ألعاب تساهم في تشتيت أوقاتهم الطويلة”.
الطفلة ديالا حمد (13 عاما)، تصف الأوضاع تحت هذه الحرب المدمرة بـ”الكارثية”، مضيفة: “نحن لا نقدر عليها”.
وتابعت: “نعيش أوضاعا لا نستطيع تحملها، كل شيء غير متوفر، وإن توفر فيكون بسعر مرتفع جدا، ولا يوجد لدينا مال لشرائه”.
وتوضح بحسرة استحالة عودتهم إلى منزلهم في ظل استمرار الحرب، مطالبة العالم بـ”وقف إطلاق النار”.
وناشدت حمد بضرورة عودة الأطفال إلى حياتهم السابقة ومدارسهم، مضيفة: “نحلم بأن نعيد بناء هذه المدينة وجعلها بلد راقية”.
وأشارت إلى افتقادها لكافة تفاصيل الحياة ما قبل الحرب من “راحة البال، وجمعة العائلة، وتوفر كل شيء يحب الأطفال اقتناءه”.
وختمت قائلة: “تغيرت حياتنا، وأصبحنا أطفالا فقط نعيش الحروب بلا طفولة، الحروب حولت الحياة إلى مجرد كارثة”.
وفي أكثر من مرة، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن إسرائيل تمنع إدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية إلى محافظتي غزة والشمال.
فيما تصل المناطق الجنوبية من القطاع، شاحنات يصفها المكتب الحكومي بـ”الشحيحة”، والتي لا تلبي احتياجات السكان.
وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر إغلاق المعابر الواصلة بين قطاع غزة والعالم الخارجي، فيما يتم فتح معبر رفح بشكل جزئي لدخول مساعدات محدودة وخروج عشرات المرضى والمصابين وعدد من حاملي الجوازات الأجنبية.
وسمحت إسرائيل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بدخول كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، ضمن هدنة استمرت أسبوع بين الفصائل بغزة وإسرائيل، تم التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية أمريكية، تخللها صفقة تبادل أسرى.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: البرد القارس عدم توفر
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
كشفت الأمم المتحدة، أن الاقتصاد السوري بحاجة لـ55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في 2010 قبل اندلاع النزاع، إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو.
وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير إنه « بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها ».
وشدد المسؤول الأممي خصوصا على أهمية « استعادة الانتاجية من أجل خلق وظائف والحد من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة ».
وفي إطار سلسلة دراسات أجراها لتقييم الأوضاع في سوريا بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الخميس، ثلاثة سيناريوهات للمستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
وبحسب معدل النمو الحالي (حوالي 1,3% سنويا بين عامي 2018 و2024)، فإن « الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب ».
وسلطت هذه التوقعات « الصارخة » الضوء على الحاجة الملحة لتسريع عجلة النمو في سوريا.
وما يزيد من الضرورة الملحة لإيجاد حلول سريعة للوضع الراهن، هو أنه بعد 14 عاما من النزاع، يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي السوري هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011، وفقا للتقرير.
وتراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقل مما كان عليه في 1990 (أول مرة تم قياسه فيها)، مما يعني أن الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية.
وفي هذا السياق، نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى وتيرة النمو اللازمة لعودة الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، وكذلك إلى الوتيرة اللازمة لبلوغه المستوى الذي كان يمكن للبلاد أن تبلغه لو لم تندلع فيها الحرب.
وفي السيناريو الأكثر « واقعية » والذي يتلخص في العودة إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 فقط، فإن الأمر يتطلب نموا سنويا بنسبة 7,6% لمدة عشر سنوات، أي ستة أضعاف المعدل الحالي، أو نموا سنويا بنسبة 5% لمدة 15 عاما، أو بنسبة 3,7% لمدة عشرين عاما، وفقا لهذه التوقعات.
أما في السيناريو الطموح، أي بلوغ الناتج المحلي الإجمالي المستوى الذي كان يفترض أن يصل إليه لو لم تندلع الحرب، فيتطلب الأمر معدل نمو بنسبة 21.6% سنويا لمدة 10 سنوات، أو 13.9% لمدة 15 عاما، أو 10.3% لمدة 20 عاما.
وقال عبد الله الدردري، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، إنه لا يمكن سوى لـ »استراتيجية شاملة » تتضمن خصوصا إصلاح الحكم وإعادة بناء البنى التحتية في البلاد أن تتيح لسوريا « استعادة السيطرة على مستقبلها » و »تقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية ».
كلمات دلالية الاقتصاد الامم المتحدة التنمية الحرب تقرير سوريا