أوامر الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر.. لا تدعوهم يعودون إلى غزة مهما كان الثمن
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن أوامر الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب اختراق المقاتلين الفلسطينيين للجدار الأمني ومهاجمة المستوطنات هي منعهم من العودة إلى غزة بأي ثمن، حتى لو كلّف ذلك قتل الأسرى الإسرائيليين في قبضتهم.
واستعرضت الصحيفة الإسرائيلية -في تقرير نشرته اليوم الخميس- فوضى الساعات الأولى من ذلك اليوم حين أطلقت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية طوفان الأقصى ضد المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية، في ما يُعرف بغلاف غزة.
ولخّص التقرير الاستجابة العسكرية الإسرائيلية بأنها "أوامر مرتبكة، طيارون ليس لديهم من يوجههم لمهاجمة المسلحين، وأمر بإطلاق النار على جميع المركبات العائدة إلى غزة رغم الخشية من أن فيها رهائن".
وتابعت الصحيفة أنه "نظام قيادة شبه مخفق وأصبح أعمى تماما. وبسبب نقص الاتصالات اضطر الجنود إلى توجيه الدعم الجوي باستخدام الهاتف المحمول".
وأشارت إلى أن "التعليمات القديمة غير المعدّلة استخدمت بنسخ ولصق وأرسلت إلى الميدان". وأضافت أن مشغلي الطائرات المسيرة اضطروا للدخول إلى مجموعات الواتساب الخاصة بالمستوطنات للحصول على أهداف من الإسرائيليين المحاصرين.
وحسب التقرير، في منتصف ليل 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، أمر الجيش الإسرائيلي فعليا جميع وحداته القتالية بتنفيذ "بروتوكول" هانيبال، وإن كان لم يذكر هذا الاسم بوضوح.
وأضاف أن الأمر كان يقضي بمنع أي محاولة لمقاتلي حماس للعودة إلى غزة بأي ثمن، رغم الخوف من أن يكون بينهم "مختطفون".
وذكرت الصحيفة أن التقديرات تشير إلى مقتل نحو 1000 من المسلحين الفلسطينيين في المنطقة الواقعة بين بلدات غلاف غزة وقطاع غزة، لكن لم يتضح بعد عدد المختطفين الذين قُتلوا جراء تفعيل هذا الأمر.
وحسب التقرير ذاته، فقد فحص جنود من وحدات النخبة الإسرائيلية في الأسبوع الذي تلا الهجوم حوالي 70 مركبة تُركت في تلك المنطقة.
وأضاف أن هذه المركبات لم تصل إلى غزة؛ لأنها في الطريق "أصيبت بنيران مروحية قتالية، أو صاروخ مضاد للدبابات أو دبابة، وفي بعض الحالات على الأقل قُتل جميع من كانوا في السيارة.
أين سلاح الجو؟تقرير يديعوت أحرونوت أشار إلى التساؤلات عن دور سلاح الجو في الدقائق الأولى من الهجوم، وقال إنه تم بالفعل إطلاق طائرتي إف-16 (ستورم) وطائرتي إف-35 (أدير) خلال دقائق من بدء الهجوم، "لكن بسبب الارتباك وغبار المعركة، لم يكن هناك أحد لإرشادهم إلى ما يحدث على الأرض وتوجيههم إلى الأهداف".
وأضاف "لذلك اتبعت الطائرتان إف-16 على سبيل المثال إجراء ثابتا، وحلّقتا لحماية أهداف إستراتيجية رغم أنها لم تكن في خطر آنذاك".
وذكر التقرير أن الطيارين لم يكونوا يعرفون مطلقا أن الآلاف من مقاتلي "النخبة" في حماس كانوا "يغزون البلاد في تلك الأثناء".
وتابع تقرير الصحيفة الإسرائلية قائلا "لمدة 45 دقيقة حرجة، حلّقوا مكتوفي الأيدي في السماء، وعندما هبطوا وحُدّثت معلوماتهم، حوالي الساعة 8 صباحا، كان إحباطهم وغضبهم هائلا".
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير في القوات الجوية قوله "كان بإمكانهم على الأقل الطيران على ارتفاع منخفض، وإخافة إرهابيي حماس من خلال تحليق صاخب فوق رؤوسهم، لكنهم لم يعرفوا ما الذي كان يحدث".
وقالت يديعوت أحرونوت إن الجيش الإسرائيلي رد على ما ورد في هذا التقرير بالقول إنه سيجري تحقيقا مفصلا ومعمقا لتوضيح ملابسات ما جرى "عندما يسمح الوضع العملياتي بذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی إلى غزة
إقرأ أيضاً:
كيف غيرت حرب 7 أكتوبر مسار الاستخبارات الإسرائيلية؟
بعد سلسلة من التحقيقات العسكرية والاستخباراتية، كشف الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك عن أوجه القصور التي سبقت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى)، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
ورغم اعتراف المؤسستين العسكرية والأمنية بالفشل على عدة مستويات، فإن تقرير الشاباك أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية، إذ ألقى باللوم على الإخفاق السياسي والأمني، مشيرًا إلى عدة عوامل إستراتيجية أدت إلى وقوع الهجوم، من بينها الانتهاكات المستمرة في الحرم القدسي، وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين، والاعتماد المفرط على العوائق الدفاعية مثل الجدار الحدودي.
وفي ظل تصاعد الاتهامات المتبادلة، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتائج تقرير الشاباك، معتبرًا أنها لا تعكس حجم الفشل الحقيقي، بينما حمّلت المعارضة بنيامين نتنياهو المسؤولية المباشرة عن الإخفاق.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن تلك التحقيقات لم تقتصر فقط على تشخيص الإخفاقات، بل كشفت عن حاجة ماسة لإحداث تحول جذري في العقيدة الاستخباراتية لجيش الاحتلال استنادًا إلى الدروس المستخلصة من تلك الأحداث، نستعرض أبرز معالمه في هذا التقرير.
إعلان تعزيز الانخراط العربي والتشكيك الاستخباريفي ضوء التحقيقات التي أُجريت، تقرر أن يصبح الجهاز الاستخباري أكثر انخراطًا في الواقع العربي، سواء من خلال تعزيز تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، أو من خلال تبني نهج أكثر تشكيكًا في التحليلات والتقييمات الاستخبارية.
ويُتوقع أن يخضع الباحثون وضباط الاستخبارات في مختلف الأقسام، بما في ذلك وحدة 8200 -أكبر وحدة عسكرية مفردة في الجيش الإسرائيلي والمتخصصة في فك الرموز والشفرات- لتأهيل مكثف في هذه المجالات.
وكشفت الإذاعة أن أحد أبرز أوجه القصور التي كشفها التحقيق هو ضعف الاستخبارات البشرية وعدم تشغيل العملاء داخل قطاع غزة قبل الهجوم، مما دفع الجيش إلى إعادة تقييم إستراتيجياته، إذ سيتم تعزيز استخدام العملاء والجواسيس جنبًا إلى جنب مع المصادر التقليدية مثل التنصت والسايبر، مع تحسين آليات تبادل المعلومات بين الأقسام المختلفة داخل "أمان".
ويرى الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان أن إسرائيل تسعى لتعزيز قدراتها الاستخباراتية وتحسين فهمها للواقع العربي والفلسطيني، بعد أن أسهم نقص المعرفة بهذه المجالات في فشل الاستخبارات في التنبؤ بالتهديدات وفهم الدوافع وراء الهجمات.
من جانبه، يتفق المحلل العسكري نضال أبو زيد مع ذلك، ويضيف أن إسرائيل كانت تعتمد بشكل كبير على الاستخبارات الفنية والتكنولوجية، مثل التنصت على الاتصالات واستخدام تقنيات المراقبة الحديثة، لكن التحقيق أظهر أن ضعف الاستخبارات البشرية كان أحد الأسباب الرئيسية للفشل.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية كشفت في ديسمبر/كانون الأول 2024، أن شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال أدركت -بعد بدء الحوثيين القتال المباشر ضد إسرائيل- أن جمع المعلومات وتحليلها يتطلب إلمامًا باللهجة اليمنية، تحدثًا وقراءة، إلى جانب فهم العقلية والثقافة والقبيلة اليمنية.
إعلانوبناء على ذلك، افتتح جيش الاحتلال فصلًا دراسيًا لتعليم اللهجة اليمنية والثقافة القبلية في قاعدة تدريب الاستخبارات "HD15″، لتأهيل عناصر تدير مكتب الاستخبارات "اليمني". كما جنَّد معلمين ناطقين باللهجة اليمنية لتدريب القوات.
وفي الوقت ذاته، تحاول الاستخبارات العسكرية "أمان" دراسة عقلية الحوثيين، خاصة بعد صمودهم أمام حرب الاستنزاف السعودية، التي فشلت في هزيمتهم رغم الخسائر الكبيرة في صفوفهم، وفقا للصحيفة.
ويتفق الخبيران على أن هذه الخطوة تعد محاولة من الاستخبارات الإسرائيلية لاستقطاب عملاء وبناء شبكة من المصادر البشرية القادرة على تقديم معلومات دقيقة حول تحركات وأهداف الجماعات والفصائل الفلسطينية والعربية.
ويأتي هذا التوجه في ظل ضعف واضح في قدرات الاستخبارات البشرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، إذ كشفت قناة 12 العبرية، نقلًا عن مصادر، أن الاستخبارات العسكرية لم تتمكن من تجنيد عملاء هناك منذ 15 عامًا، بينما لم يكن لدى الشاباك أي مخبر ناشط قبل الهجوم.
وفي هذا، أشار أبو زيد -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الاحتلال اعتمد على إستراتيجيتين سابقتين:
الأولى هي إستراتيجية "غدعون"، وضعها رئيس الأركان آنذاك غادي إيزنكوت في عام 2015، واستمرت لمدة 5 سنوات، والتي قامت على الاعتماد على عنصر التكنولوجيا على حساب العنصر البشري. ثم جاءت إستراتيجية أخرى في عام 2020، وضعها رئيس الأركان أفيف كوخافي، حيث زاد من الاعتماد على التكنولوجيا وقلّص من دور العنصر البشري.أما الإستراتيجية الجديدة، فهي نتيجة للتحقيقات في إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتجمع بين العنصرين في تصور هجين يهدف إلى تحسين الأداء الاستخباراتي.
كشف التحقيق عن إهمال الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لمصادر المعلومات المفتوحة، مثل تصريحات قادة المقاومة الفلسطينية والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي غالبًا ما تحمل مؤشرات مهمة حول التوجهات المستقبلية للمقاومة.
إعلانونتيجة لذلك، تقرر إعادة إنشاء وحدة استخباراتية متخصصة لتحليل المعلومات المفتوحة، بعد إغلاق وحدة "حتساف" التي تأسست عام 1949 لجمع المعلومات من الأسرى والإعلام العربي، قبل أنو توسع مهامها لمتابعة شبكات التواصل الاجتماعي.
ورغم دمج "حتساف" مع الوحدة 8200 عام 1992، مما عزز قدراتها على التحليل الرقمي، فإنها أخفقت في رصد الإشارات التحذيرية المرتبطة بطوفان الأقصى.
ووفقًا لمراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، يانيف كوبوفيتش، فإن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كانت قد تلقت منذ 2018 معلومات عن نية حماس شن هجوم واسع على المستوطنات والقواعد العسكرية في الجنوب تحت اسم "جدار أريحا"، لكنها اعتبرت الخطة غير واقعية.
ومع مرور الوقت، كثفت حماس استعداداتها عبر تجنيد وتدريب المقاتلين وإنتاج مسلسل يحاكي سيناريو الهجوم، كما ناقشت قيادتها الهجوم منذ أبريل/نيسان 2022 مع جناحها العسكري، دون علم وزارة الجيش الإسرائيلية، بحسب الصحيفة.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية أيمن البراسنة أن المشكلة لم تكن في نقص المعلومات، بل في ضعف التفسير والتحليل، بسبب تركيز الاستخبارات على التكنولوجيا مقابل نقص في الكوادر المتخصصة في البحث والتحليل.
وبحسب الخبير الأمني نضال أبو زيد، فإن اعتماد المقاومة على وسائل اتصال تقليدية وأساليب غير رقمية قد حدّ من قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على الاختراق، مما يشير إلى احتمال تصاعد الصراع الخفي في المرحلة القادمة بين استخبارات الاحتلال، التي تتبع نهجًا هجوميًا، واستخبارات المقاومة، التي تركز على تحصين منظومتها الدفاعية وإحباط محاولات التجسس والاختراق.
إصلاحات هيكلية وتوسيع صلاحيات أقسام التقييمكشف المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعمل على تحسين قدرتها على الإنذار المبكر، من خلال متابعة أدق لتحركات القيادات والفرق العسكرية للعدو، ومن خلال تبني طريقة جديدة في تحليل المعلومات الاستخبارية تقوم على التشكيك الدائم في الفرضيات والتقييمات المعتادة.
إعلانكما تدرس شعبة الاستخبارات العسكرية إمكانية وضع ضباط منتدبين منها في غرف مجندات الرصد التي تجمع المعلومات في كل القطاعات، بهدف ربط المعلومات الاستخباراتية التي يراها العاملون الميدانيون بأعينهم مع المعلومات الاستخباراتية التي تتدفق من مصادر أخرى للمعلومات.
ويرى قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، أن اختيار ضباط برتب عسكرية رفيعة، مثل لواء وعميد، يعكس توجهًا نحو تعيين شخصيات ذات خبرة واسعة لاتخاذ قرارات دقيقة في المهام الاستخباراتية الحساسة.
وذكرت صحيفة هآرتس، أن التحقيقات حمّلت قسم البحث الاستخباراتي مسؤولية الفشل في التحذير من هجوم حماس، مشيرة إلى أنه كان عليه كشف الإخفاقات في التعامل مع الحركة. لكن التقرير أكد أن الخطأ لم يكن فرديًا، بل نابعًا من منظومة مفاهيم سياسية وعسكرية خاطئة.
وأشارت الصحيفة أن إسرائيل اعتمدت على افتراض أن التهديد الرئيسي من حماس يتمثل في إطلاق الصواريخ، بينما قللت من احتمال شن هجوم بري واسع. وأضافت أن التحقيق أكد أنه رغم تلقي الجيش معلومات ووقائع كان يمكنها دحض هذا التصور، فإنها فُسرت ضمن الإطار التقليدي، وهو ما حال دون إدراك حجم التهديد الحقيقي.
كما أشار الدكتور البراسنة إلى تغييرات كبيرة في التنسيق بين مختلف المستويات داخل شعبة الاستخبارات العسكرية، إضافة إلى التعامل مع التقارير الواردة من الميدان بعناية أكبر مما سبق.
وبدأت شعبة الاستخبارات العسكرية في جهاز "أمان" بإعادة تشكيل الوحدة 504، المسؤولة عن تشغيل وإدارة العملاء، إلى جانب إعادة تفعيل الوحدة 9900، المختصة بجمع المعلومات من المصادر العلنية ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.
إعلانويتفق الخبيران أن الاستخبارات الإسرائيلية تواجه تحديًا في إعادة هيكلة عملياتها، خاصة مع احتكار الشاباك لتجنيد العملاء في غزة والضفة، إذ إن أي تدخل من وحدات الاستخبارات العسكرية، مثل 504 و9900، قد يؤدي إلى تضارب في الصلاحيات وصراعات داخلية بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ووفقًا للمحلل أبو زيد، فإن هذه التغييرات جاءت استجابة لتوصيات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء شلومي بيندر، الذي حلّ محل اللواء أهارون حاليفا بعد الإخفاقات الاستخباراتية في 7 أكتوبر.
يُجمع الخبراء العسكريون والسياسيون الذين قابلتهم "الجزيرة نت" على أن الجيوش تبدأ دائمًا بالتحقيق في أسباب الفشل، وفي حالة دولة الاحتلال، التي تشعر بالهشاشة وعدم الثقة في وجودها، تكون الصدمات الاستخباراتية أكثر تأثيرًا، فإسرائيل لا تتحمل الضربات الكبيرة، والمقاومة استهدفت نقاط ضعفها، مما دفعها إلى إعادة النظر في هيكل الاستخبارات وتوسيع صلاحيات أقسام التقييم لمواجهة التحديات المستقبلية.