د. منجي على بدر يكتب: اقتصاد الولاية الجديدة
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
حددت «وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى للفترة الرئاسية الجديدة (2024-2030)»، أولويات التحرك على صعيد السياسات بالنسبة للاقتصاد المصرى حتى عام 2030 سواء فيما يتعلق بتوجهات الاقتصاد الكلى، أو التوجهات على مستوى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لنهضة مصر وكذا تنفيذ توصيات سابقة من مخرجات الحوار الوطنى.
1) تحقيق نمو اقتصادى قوى وشامل ومستدام ومتوازن داعم لنهضة الدولة المصرية يتراوح ما بين 6% و8%، من خلال تعزيز مساهمة كل من الصادرات والاستثمارات فى توليد الناتج، وتوفير ما يتراوح بين 7 و8 ملايين فرصة عمل.
2) تبنى سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلى تستهدف تحقيق الاستقرار السعرى، والانضباط المالى، ووضع الدين العام فى مسارات قابلة للاستدامة، وتنفيذ برنامج لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبى بحصيلة مستهدفة 300 مليار دولار بنهاية عام 2030 بما يمثل ثلاثة أضعاف المستويات الحالية.
3) تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الداعمة لأداء القطاعات الاقتصادية القائدة لنهضة مصر.
4) تعزيز دعائم اقتصاد تنافسى مستدام قائم على المعرفة من خلال دعم دور البحث والتطوير فى بناء نهضة الدولة المصرية، وتسريع وتيرة الانتقال إلى تقنيات الثورات الصناعية، والتحرك بخطى مستدامة نحو الاقتصاد الأخضر.
5) مواصلة كافة المكتسبات المحققة على صعيد القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة وتحسين مستويات معيشة المواطنين.
6) دور رائد لمصر فى الاقتصاد العالمى عبر تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس، وتعزيز دور مصر فى تجارة الترانزيت.
7) تعزيز مشاركة الشباب الركيزة الأساسية للتقدم على عدد من الأصعدة.
8) دور فاعل للمصريين بالخارج فى ترسيخ دعائم نهضة الدولة المصرية.
ونرى أنه جهد كبير ومهم فى تحديد إطار مبدئى للفترة الرئاسية الجديدة، ونعرض فى هذا الشأن لعدد من النقاط أهمها:
يعتبر الوصول لهدف تحقيق 300 مليار دولار وارد التحقيق نظراً لتنوع اقتصاد مصر.
نرى أنه من الأفضل أن من صاغ التوجهات الاستراتيجية الثمانية لا ينفذها لأنه سيدافع عنها، أما الطرف الجديد فسينفذها ويعدل فيها ويضيف إليها وخاصة من يمتلك خلفية اقتصادية لعصر سريع التغيير.
التوجهات تحتاج لإضافة عناصر أخرى بجانب الـ8 توجهات، مثل توجه التجارة الخارجية الذى ربما سقط سهواً من التوجهات وأيضاً توجه المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
مقترح معدلات النمو قد تحتاج لمزيد من التحوط فى الأجل القصير، أى خلال العامين الأولين من التوجهات وأن تتراوح معدلات النمو بين 4% و6% وإضافة تصور آخر مضمونه سبل الاستفادة من المحنة وتحويلها إلى منحة وهو أسلوب ناجع فى الأجل القصير.
استكمال برواز مظاهر الديمقراطية وممارستها لكى تتواكب التوجهات السياسية مع الاقتصادية، مع وجود قبضة قوية للأجهزة المعنية فى الداخل ومتابعة الخارج.
أهمية ضمان شعور المواطن بنتائج الإصلاح فى الأجل القصير ويتمثل ذلك فى العمل على خفض معدلات التضخم وزيادة معدلات التوظيف وإنعاش الطبقة المتوسطة.
أهمية وضع لائحة تنفيذية للتوجهات الاستراتيجية الثمانية لمناقشتها كحزمة واحدة.
أهمية تركيز التوجهات على زيادة معرفة المواطن بالتاريخ والحضارة المصرية فى جانبها الإيجابى، مع العمل على تطوير الثقافة المصرية والتركيز على دور الشباب فى مشروعات الحاضر والمستقبل.
نصت رؤية مصر 2030 على الاتساق مع رؤية التنمية المستدامة التى صاغتها الأمم المتحدة، وقد يرى أهمية الإشارة لذلك فى التوجهات الاستراتيجية لمصر 2024- 2030.
فى حالة اقتصادات الدول الناشئة، ومنها مصر إذا تعرض الاقتصاد أو قطاع معين لضغوط داخلية ودولية بغرض يخدم الطرف الأجنبى ويضر بالمواطن وخاصة فى حالة الدخول فى مضاربات على السلع، فنرى لضبط السوق أن يتم مزج السياسات الاقتصادية مع الوسائل الأخرى لإعادة ضبط السوق وبشرط توافر معلومات عن الطلب والعرض للسلع، وكذا محاولة زيادة الوعى الثقافى للمواطن وإلزام التاجر بالقانون، مع تحديد نسب الربح لتاجر الجملة والتجزئة للسلع الأساسية.
وتستمر صحوة مصر الاقتصادية لتؤكد أننا سنكون ضمن الكبار اقتصادياً واستراتيجياً، ولعل خطوات مصر للانضمام لتجمع البريكس والبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية وكذا بنك التنمية الجديد التابع لبريكس خطوة لتوازن مصالحنا الاقتصادية بين الشرق والغرب.
كما استمر شباب مصر فى رسم لوحة انتماء باسم «صنع فى مصر» لا يفهمها ولا يصنعها إلا المصرى، وهى رسالة للقوى الإقليمية والدولية أن مصر لاعب أساسى فى المنطقة وشريك هام فى مرحلة التحول لنظام عالمى جديد متعدد الأقطاب، وأن مصر دولة ديمقراطية بمعطياتها الخاصة وليس طبقاً لمعايير أخرى قد لا تتفق مع ثقافتنا وتاريخنا.
* عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حياة كريمة حياة المصريين الجيل الرابع حياة المصريين ح حياة كريمة الجيل الرابع حياة كريمة حياة المصريين تكافل وكرامة الجيل الرابع
إقرأ أيضاً:
ناصر عبدالرحمن يكتب : الشخصية المصرية (6) الغواية
«التاريخ والجغرافيا» الزمكان، اجتمعا فى مصر على الغواية، منذ مصر القديمة وإلى الآن.. مصر بلاد الغواية، أرضها الساحرة السهلة البسيطة، المربعة الحديقة، الشخصية المصرية معجون غواية، صمتها غواية، فنها غواية، صعودها غواية، سقوطها غواية، الضعف فى الشخصية المصرية غواية، وقوتها غواية.. شخصية تبدو غير ما تخفى، تبدو للغريب محتاجة، وتبدو للعدو فريسة، لا أبواب ولا متاريس ولا تعاريج، مثل أرضها منبسطة، مثل بيوت فلاحيها وفقرائها أبوابها مفتوحة، يطمع المحتل بسبب الغواية فى الشخصية المصرية.. الهكسوس بدايتهم أغراب سكنوا بالقرب من الشرقية.. تركتهم الشخصية المصرية بتعاطف فطرى مع الأغراب، الغواية جعلت تملك الهكسوس وكثر عددهم حتى حكموا مصر أجيالاً.. منهم فرعون الذى طغى فى البلاد.. الغواية ملكتهم زمام الشخصية المصرية، والغواية نفسها التى سكروا بسببها وتكبروا حتى طردوا.
ومثل الهكسوس كل محتل طمع بفعل الغواية وظن حتى فسق.. المحتل يتبدل والسبب واحد بفعل الغواية التى تجدد ظنونهم وتعبث بأفكارهم، حدث بالإنجليز كما حدث بالفرنساوى كما حدث بالصهيونى أو كما يحدث.. الغواية تفعل السحر بالغريب، وتفعل السحر بالقريب، المرأة المصرية تغوى جديدها بلطف قولها ولين فعلها وبالكثير من عناصر الغواية، دون الانتباه لما تقصده دون فهم طبيعتها، دون علم بقلبها، المرأة مثل الأرض مثل سمائها أمام عينيها، وأرضها حضن بين ذراعيها، المرأة المصرية بسط قولها ولحظ عينها وسهولة رجائها يغوى، يجعل رجلها وابنها وأباها وخالها وعمها وأخاها وجد جدها يطمئن، لكنه بالغواية نفسها يهملها ويتركها تتحمل وتحمل الهم، يتركها تربى وتدبر وتسند جدران البيت.
الكل يقع فى الغواية، كذلك الرجل فى الشخصية المصرية يغوى ويجامل ويتقبل الأدنى ويعبر ويترك بيته بالسنين، يغوى الأيام فتزيده غربة، ويغوى الفقر فيزيده حاجة، ويغوى القهر فيزيده الألم، الغواية فطرية فى سلوك الشخصية المصرية، تجعل القوى يبطش، والمالك يبخل، والغنى يفسد به، والمدير يستخف ليطيعه، الغواية فى الشخصية المصرية تسمح للأم بأن تربى ابنها ثم تقذف به إلى البحر، تسمح للابن بالمسافات التى لا تختصر إلا بالمسافات، الغواية تجعل الأغيار يظنون بنا أننا حشائش سهلة القص، يظن الغير المتربص أننا طرح نهر من حقه أن يتملكه، لكنها الغواية التى هى نفسها تخفى الوجه الآخر منها.
سهولة الشخصية المصرية سهولة خادعة، الغواية تجلب الطامع فيها، حتى تسقطه الغواية وتمحوه، أين الهكسوس؟ أين الجبابرة؟ أين المستبد؟ أين الظالم؟ أين وأين وأين وأين؟! ينقلب بالغواية السحر على الساحر، وتبقى الشخصية المصرية تبتلع البلاء وتشربه، لكنها أبداً أبداً لن تسقط، فالغواية تسبب للمصرى الأمراض وتجلب الطفيليات، لكنها تملك سرها، سر الغواية فى قلب المصرى، يظهر اللين حتى تجور فيظهر الحاد ويدفن، فهى أرض البناء وهى أرض المقابر، ترسم بغواية وعلى جدرانها الأساطير وهى تخفى حقائق الحكايات، ولأنها نموذج العالم ولأنها تتوسط كل متطرف ولأنها تحتوى، يظن اللصوص أنها من حقهم.. الغواية شخصية لا تذهب لأحد، لا تهاجم أحداً، لكنها فى مكمنها، من يتجاسر عليها تتركه حتى يظن بقدرته أنه قدر، لكنه دون أن يدرى أن للغواية سحراً يسقط فى قبرها ودفن.. حمى الله مصر وحمى أهلها، فهى الوطن وهى السكن.