أزفت ساعة التغيير.. فمن يتصدى لها؟
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
يقف السودان أمام مفترق طرق خطير ومصيري. آية ذلك أن المشهد السياسي تتنازعه أربعة خيارات متنافرة تنافراً لا مزيد عليه، وهي خيارات لا تقبل المساومة.
أولاً، هناك تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، التي تطرح مشروعاً يهدف في المقام الأول إلى إنهاء الحرب المستعرة حالياً. لكن مشروعها ينطوي على مخاطر ليس أقلها إعادة تدوير قوات الدعم السريع، ذات السمعة السيئة، لتلج باب السياسة مسنودة بفوهة الكلاشينكوف.
وهنالك، ثانياً، قيادة الجيش تدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وكلاهما يـسعى إلى مواصلة الحرب بغض النظر عن تكلفتها الباهظة في الأرواح والممتلكات. ويتجه الجيش الآن ـ أو بالأحرى قيادته ـ إلى تجييش المدنيين، متخلياً بذلك عن واجبه الدستوري بحماية البلد واحتكار أدوات العنف فيه، متجاهلا أن عمليات التجييش السابقة التي شهدتها البلد في مستهل عهد الإنقاذ وعلى امتداد سنوات حكمها البائسة لم تحقق للإنقاذ ما كانت تصبو إليه من تهميش للآخرين واستئثار مطلق بالسلطة والثروة والجاه.
وهناك، ثالثاً، قوى التغيير الجذري، وترى أن التغيير المنشود ينبغي أن يطال هيكل الحكم وأدواته، وألا يقتصر على التغيير المتحكم فيه، وذلك تفادياً لتكرار المآسي. ورغم وجاهة هذا التوجه، إلا أن الوضع الحالي، من حرب مشتعلة واستقطاب مستفحل، لا يتيح إمكانية انحراف كلي في مسار سفينة بضخامة السودان واتساع رقعته وتنوع ثقافاته وتباين مستويات التنمية في أرجائه.
ثم نأتي، رابعاً، إلى الكتلة الحرجة وتمثلها لجان المقاومة في المدن والقرى، فضلاً عن الشباب عموماً. وقد استجلت لجان المقاومة موقفها في ورقة نقدية لها حول إعلان أديس أبابا؛ إذ أوضحت أن خروج المكونات العسكرية من العملية السياسية، وتكوين سلطة الشعب الديمقراطية الانتقالية، وتحقيق العدالة هي أبرز شعارات ثورة ديسمبر. وأن أية عملية سلام ينبغي أن تراعي مبدأ عدم الإفلات من العقاب وأن الدعم السريع يتحمل نصيب الأسد من انتهاكات الحرب الفظيعة.
ورغم صعوبة الوضع السوداني، في ضوء ما تقدم من خيارات، إلا أن (تقدم) تستطيع أن تجترح مأثرة بناء الأمة السودانية المأمول فيها. إذ إن القبول الشعبي الواسع الذي تحظى به يؤهلها للاضطلاع بذلك الدور؛ لكن نجاحها يعتمد على مدى استفادتها من التجربة السابقة في الحكم ومدى قدرتها على التخلي عن المماطلة والمساومة والمراوغة وأنصاف الحلول والتعلل بالآمال والوعود الكاذبة. نجاحها أيضاً يعتمد على قدرتها باستدماج لجان المقاومة في صلب الحاضنة المجتمعية للثورة، وتبني بعض آراء لجان المقاومة، خاصةً ما يتعلق منها بمآل اتفاقية سلام جوبا، وضرورة أن يقر الدعم السريع بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وقبوله بنتائج التحقيق الدولي في مجزرة الجنينة، فضلاً عن استيعاب كل من عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور في العملية السياسية الجارية حالياً وصولاً إلى حوار سوداني شامل يفضي إلى سلام راسخ ومستدام.
yassin@consultant.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لجان المقاومة
إقرأ أيضاً:
السودان يختنق بجرائم ميليشيا الدعم السريع.. والملايين يكتوون بنار الحرب
عرضت قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا تليفزيونيًا بعنوان «السودان يختنق بسبب جرائم ميليشيا الدعم السريع»، جاء فيه أن الحرب كانت كخنجر مسموم غرسته الدعم السريع بقلب السودان المكلوم، فالنيران المستعرة داخله لم تكن بيد محتل أو مستعمر، بل أشعلها منقلبون يحملون هويته، أشخاص ظنوا أنهم ينتمون له وأن أسلحتهم لن تفرغ يومًا بأجساد أبنائه.
وأضاف التقرير، أنه منذ أكثر من عام ونصف العام، والسودان يختنق ويعيش أزمة إنسانية حادة على كل المستويات، بعدما ورطته الدعم السريع في حرب كان ضحيتها كالعادة الآلاف بل الملايين من المدنيين الأبرياء، وداخل بقعة محاطة بمزيد من الصراعات الأخرى، تفرد السودان بصراع مختلف، بعد قرار الدعم السريع برفع أسواره وإغلاق أبوابه فوق جثامين أبناء السودان القتلى.
الدعم السريع يحاول إخفاء جرائمه ووجهه القبيحوأشار إلى أن قرار الدعم السريع جاء لمنع أي محاولة أممية أو دولية لرصد جرائمها وكشف وجهها القبيح، وبالرغم من صعوبة رصد تلك المأساة الإنسانية الأصعب على مر التاريخ الحديث، وفقًا للأمم المتحدة، إلا أن الباحثين في مجموعة أبحاث السودان بكلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة، تمكنوا من تقدير نسبي لإحصائيات ضحايا تلك الميليشيا.
وبحسب آخر تقارير المجموعة، فإن أكثر من 61 ألفًا قُتلوا في ولاية الخرطوم خلال الـ14 شهرًا الأولى من الحرب، بينهم نحو 26 ألفًا لقوا مصرعهم بعد إصابتهم بجروح خطرة، وأكد التقرير أن أكثر من نصف من تبقى في السودان تقريبًا، نحو 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن الجوع والإصابة بالأمراض باتا أبرز أسباب الوفيات داخل تلك الدولة المعزولة، رُغمًا عنها.
السودان تواجه أكبر أزمة جوع على الإطلاقالسودان الذي تميز بخيراته وخصوبته، يواجه أكبر أزمة جوع على الإطلاق، فيما تحولت أرضه لمقابر جماعية محرم دخولها أو حتى محاولة إنقاذ من تبقى من سكانه على قيد الحياة، والجوع والمرض والقتل لم يكونوا أساليب الإنتهاك الوحيدة التي تمارسها الدعم السريع ضد المدنيين، فإلى جانب ذلك كان هناك التعذيب والترهيب والاعتداءات الجسدية، فضلًا عن إجبار المواطنين على التهجير لمناطق حدودية خالية من كافة أساليب الحياة.