نساء فلسطين خلقن من صمود وعزة
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
منذ أيام قليلة، خلال متابعتي لتقارير تليفزيونة مصورة من داخل خيام النزوح بقطاع غزة – ترصد الوضع اللا إنساني الذي يعيشه مئات الآلاف من البشر- حيث يفتقدون أبسط مقومات الحياة؛ لدرجة أنه فقط يفصلهم عن الموت التام حبس الهواء عنهم.
كل ذلك لأن هناك كيانا محتلا مجرما يسمى إسرائيل، قرر أن يبيد قرابة مليوني إنسان، بمساندة أمريكية كاملة، مدعومة أوروبيًّا، وسط تخاذل عربي وإسلامي رسمي غير مسبوق بهذه الصورة المؤسفة، وإن كنا كثيرا ما تعودنا عليه في العقود الأخيرة، باستثناء بعض دول لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة، والتي تحاول المساعدة سياسيًّا في حدود المتاح، وهو قليل جدا ولا يكفي إطلاقا أمام أبشع جريمة حرب حدثت خلال القرن الحالي.
وسط كل ذلك، فوجئت خلال مشاهدتي بسيدة في سن الشباب تبدو بوجه شاحب منهك، لكنه باسم متفائل غير معلن لهزيمة أو يأس قط، وتقول بكل عزة وشموخ، عاشت المقاومة.. ونحن بخير ما دامت هي بخير.
ذلك في الوقت الذي نجد فيه بيننا من يبرر لجرائم الاحتلال بكل تنطع، بحجة أن المقاومة ضربته في السابع من أكتوبر الماضي، وكانت بمثابة صفعة لم ولن ينساها العدو أبدا. وردا على كل جرائمه وانتهاكاته المهينة، خلال احتلاله لأرض فلسطين منذ 75 عاما، والتدنيس الدائم للمسجد الأقصى مسرى نبينا الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، على مدار سنوات، في ظل عجز محزن من أمة تعدادها قرابة ملياري إنسان.
ولا يتسع المجال هنا لذكر المكتسبات التي لم نكن نتخيلها من هذه الأحداث الجارية، رغم أن الألم يعتصر قلوبنا، ولقد ذكرتها في مقالات سابقة.
والحقيقة لم أستغرب كثيرا، ذلك ما سمعته من هذه السيدة الكريمة، لأن هؤلاء الرجال قليلو العدد والعتاد، الذين يمرغون في التراب أنوف 100 ألف عسكري إسرائيلي بميدان القتال، لديهم جميع الإمكانيات والدعم الدولي الكامل.. لا يمكن أن تكون أمهاتهم نساء عاديات، لا يشغلهن سوى متاع الدنيا الزائل، وتفاهاتها عديمة القيمة.. بل هم مع حب الحياة ومحاولة التمتع بها مهما كانت الإمكانيات بسيطة، أيضا يحرصون على أن تكون هناك قيمة يمكن أن يبذلوا أرواحهم لأجلها.
ومن أوضح الأمثلة وأهمها على ذلك، هو ما سمعته مؤخرا من سيدة طاعنة في السن، لكنها تمتلك عقلا يقظا وروحا معلقة بالسماء مباشرة كما بدت.. وهي والدة الشيخ الشهيد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي تم اغتياله مساء الثلاثاء الماضي 2 يناير في منطقة المشرفية بالضاحية الجنوبية من العاصمة اللبنانية بيروت، بواسطة طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدفت مكتبا تابعا للحركة كان موجودا فيه، فلقي مصرعه على الفور ومعه 6 من رفاقه، منهم اثنان من قادة في كتائب القسام.
بعد أقل من ساعتين كانت إحدى القنوات العربية الشهيرة في منزل عائلة العاروري، وأجرت المراسلة حوارا مع والدته التي أبدت ثباتا لا يمكن تخيله، خاصة أن الحادث ما زال منذ قرابة 120 دقيقة فقط على الأكثر، وكل ما قالته تلك الأم الصابرة دون أن تدمع عيناها أو تبدي ضعفا وانكسارا: إنه كان دائما يطلب الشهادة، وها قد نالها ونبارك له عليها، كما ذكرت بعقل يقظ رغم كبر سنها مدد اعتقاله التي وصلت 18 عاما، حيث قالت اعتقلوة الصهاينة 15 عاما ثم 3 أعوام، وبعدها أبعدوه خارج فلسطين، ولم أره منذ 20 عاما.. هذه أم جاءها خبر مقتل فلذة كبدها، التي ربما كانت تأمل في احتضانه يوما من الأيام بعد طول فراق، وتشتم رائحته فأصبح ذلك مستحيلا، لكن يقينها بأن هناك لقاءً حتميا في جنات النعيم، وإيمانها بقضية وحق أهم من كل شيء؛ منحها كل تلك القوة التي لم وربما لن نراها إلا في فلسطين.. وهناك آلاف القصص لأمهات لو تم تدوينها لظن قارؤها أنها أساطير غير حقيقية.
كل التحية والتقدير والانحناء، احتراما للمرأة الفلسطينية العظيمة، التي إذا أراد أحد رؤية الكرامة تسير على قدمين فلينظر إليها، ولو أن كل نساء أمتنا مثلها؛ لعاد مجدنا وعشنا حقا سادة في هذا العالم.
شكرا سيدات الكون، فأنتن من تستحقون الحياة بجدارة، وصبرًا إن الفجر لقريب.
السعيد حمدي – القاهرة 24
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصال: يجب التحلي باليقظة الإعلامية لكشف تزييف الحقائق التي تنتهجها الأطراف المعادية للجزائر
قال وزير الاتصال، محمد مزيان، أنه يجب التحلي باليقظة الإعلامية والاستباقية والمواجهة بالتركيز على كشف كل أشكال الدعاية الكاذبة وسياسة تزييف الحقائق التي تنتهجها الأطراف المعادية للجزائر والتي تشنها مختلف الأبواق الناعقة من هنا وهناك.
وتقدم وزير الاتصال، خلال زيارة إلى مقر التلفزيون الجزائري، بتهنئة كافة أسرة الصحافة الوطنية، كما دعى الله تعالى. أن يعيده على الجميع أعواما عديدة مملوءة بالسعادة والتوفيق ودوام الصحة والعافية والهناء وعلى الجزائر بالمزيد من الأمن والازدهار والرفاهية.
وبالمناسبة، اغتنم مزيان الفرصة، ووجه الشكر لكافة القائمين على المؤسسات الإعلامية خاصة القنوات التلفزيونية. على تدارك الأخطاء وإزالة المعوقات ومن ثمة احترام قيم المجتمع وأصالته وتقاليده في شبكاتها البرامجية وعلى الالتزام بقواعد وضوابط ممارسة النشاط الإعلامي.
كما تمنى وزير الاتصال، لكل مسؤولي المؤسسات الإعلامية التوفيق والسداد في أداء مهامهم الإعلامية النبيلة. وبالشكل الذي يخدم الوطن والمواطن على حد سواء وهو واجب ومبتغى كل مواطن غيور على هذا الوطن، حسب ما أكد الوزير.
وفي كلمته، قال مزيان “هدف المشروع الوطني الذي نسعى لتجسيده، لن يتأتى إلا من خلال تحسين الأداء الإعلامي. وتطوير المؤسسات الإعلامية والحفاظ عليها ومرافقتها لمواكبة التغيرات التي يشهدها الفضاء الإعلامي الدولي. لتكون أكثر احترافية وفي مستوى رهانات الجزائر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكبيرة والمتعددة”.
وأضاف “أنتم اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالتحلي بالاحترافية المطلوبة والمسؤولية اللازمة في معالجة المواضيع المختلفة. والتحري الجيد لمصداقية الخبر قبل النشر بالاعتماد على المصادر الموثوقة وذات المصداقية. وبالتالي تجنب الأخبار الزائفة والانسياق وراء المعلومات المغلوطة والمغرضة لأن ذلك يتنافى ويتناقض تماما وأخلاقيات المهنة الصحفية”.
كما أشار الوزير إلى ضرورة تشكيل جبهة إعلامية وطنية تجتمع أساسا على قيم المواطنة والدفاع عن ثوابت الأمة ورموزها. وعن صورة الجزائر والتعريف بحقيقة مواقفها الثابتة في الدفاع عن القضايا العادلة تستند في عملها. إلى تقديم خدمة عمومية راقية والتصدي لكل الأخطار التي تحدق بالجزائر مهما كان نوعها (حروب الجيل الرابع والخامس).
وأردف الوزير بالقول “يتطلب منا التحلي باليقظة الإعلامية والاستباقية والمواجهة بالتركيز على كشف كل أشكال الدعاية الكاذبة. وسياسة تزييف الحقائق التي تنتهجها الأطراف المعادية للجزائر والتي تشنها مختلف الأبواق الناعقة من هنا وهناك”.
وواصل قائلا “سنعمل على بلوغ هذا المبتغى في القريب العاجل من خلال تنظيم لقاء للإعلاميين الجزائريين بكل فئاتهم . لمناقشة القيم المهنية ودورها في الدفاع عن الوطن ضمن المشروع الوطني الذي لا بد أن يبنى على أسرة إعلامية واحدة موحدة”
وأضاف “إن تشكيل هذه الجبهة الإعلامية يتطلب منها تحكما أكبر في التخصص وامتلاك المهارات المهنية وعليه. فإن الوزارة ماضية في تجسيد برنامجها التكويني الدوري والمتواصل بهدف الرفع من الأداء الإعلامي وإضفاء المزيد من الاحترافية في القطاع”.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور