مرّ حوالى 13 سنة على حرمان اللاجئين السوريين في مخيمات لبنان من أهم المسلمات وحقوق الإنسان، ألا وهي جدران تأويهم بدلاً من قطعة قماش، بعدما فرضت عليهم الحرب في بلدهم السكن في مكان يفتقر لأدنى مقومات الحياة.

بعد كل هذه السنوات وصل اليأس بزهراء، إلى درجة التخلي عن حلم السكن في منزل يوماً ما، لتصبح أقصى أمنياتها جداراً تستند عليه خلال جلوسها، وتقول "انحنى عمود الفقري كون الخيمة لا تحتمل اتكائي عليها".

تفاصيل كثيرة لا تخطر في بال أحد، محروم منها سكان المخيمات، منها بحسب ما تقوله زهراء لموقع "الحرة" "تعليق ملابسهم في خزانة بدلاً من رميها أرضاً واستباحتها من قبل الفئران والحشرات، وجدار صغير لنشر البساط بعد تنظيفه، ومرحاض خاص ومياه دافئة للاستحمام".

حين هربت اللاجئة في مخيم غزة في البقاع اللبناني من وطنها كانت تتوقع أن عودتها لن تطول، لكن الواقع كان مغايراً، وتقول "ما واجهناه في هذا البلد لم نواجهه في سوريا حين كانت الصواريخ تنهمر فوق رؤوسنا، كوننا كنا نعلم أن الموت إن اختارنا سيفعل ذلك دفعة واحدة، لكن منذ أن وصلنا إلى لبنان ونحن نذوق طعم موت كل يوم، فقر وجوع وبرد ورعب".

إذ يكفي بحسب زهراء "خوفنا من المداهمات العسكرية والأمنية بين الحين والآخر، ومنع شبكات الواي فاي عنا والتي كانت تربطنا بالعالم وكذلك ألواح الطاقة الشمسية التي كنا نستعين بها لكسر ظلام ورهبة المكان، وها نحن نمضي الليل على ضوء الولاعة كوننا نخشى من أن تتسبب الشموع باندلاع حريق لا تحمد عقباه".

وكان الجيش اللبناني بدأ في أبريل الماضي حملة أمنية على مساكن اللاجئين على امتداد الأراضي اللبنانية، حيث داهمتها عناصره واعتقلت عدداً من السوريين، وذلك تطبيقاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في الرابع والعشرين من سبتمبر 2019 حول ترحيل الذين يدخلون منهم لبنان عبر المعابر الحدودية غير الشرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية.

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته في يونيو، أن الجيش اللبناني رحّل آلاف السوريين بإجراءات موجزة -بينهم أطفال مصحوبون بذويهم- إلى سوريا، بين أبريل ومايو 2023.

وصعّدت السلطات اللبنانية معركتها ضد اللاجئين، في مختلف الساحات والمحافل المحلية والخارجية، محاولة الضغط بكل ما أوتيت من قوة لإعادتهم إلى سوريا، رغم التحذيرات الدولية حول أخطار العودة إلى بلدهم.

حتى النعمة.. نقمة

شتاء جديد يستقبله اللاجئون خارج وطنهم ومنازلهم، حيث بات هذا الفصل بالنسبة لهم نقمة وليس نعمة، وتقول زهراء " شوادر النايلون التي نتسلح بها لمواجهته أضعف من أن تعصمنا من طوفانه، وحين يرتطم المطر بالخيمة نشعر أن حصى تتساقط على رؤوسنا، كما نشعر أن الرعد والبرق كالصواعق التي قد تصيبنا في أي لحظة، أما الثلوج أو الزائر الأبيض كما توصف، فتخلع نعليها على عتبات المخيم ناثرة وحوُلَها في كل أرجائه". 

ولا يجد اللاجئون وسيلة للتدفئة غير البطانيات أو إحراق "مواد بلاستيكية وخشبية وما تيسّر من أحذية وملابس قديمة" في محاولة فاشلة للانتصار على البرد القارس، كونهم يفتقرون إلى مواد التدفئة، لاسيما مع ارتفاع أسعار المازوت منذ رفع الحكومة اللبنانية الدعم عن هذه المادة، وكذلك ارتفاع أسعار الحطب وانقطاع التيار الكهربائي".

وتقول زهراء "تغلغلت الأمراض في أجسادنا، فجميع أفراد عائلتي مصابون بسوء التغذية لعدم قدرتنا على تأمين قوت يومنا، وإضافة إلى ذلك أصبت بمرض القلب وارتفاع ضغط الدم، في حين أن ابنتي الكبرى تحتاج إلى عملية زراعة كبد، تكلفتها خيالية عدا عن أنها غير متوفرة في لبنان كما أطلعت، لا بل حتى دوائها لا أملك ثمنه، أراها تموت أمام عيني من دون أن أتمكّن من إنقاذها".

أما الابنة الصغرى لزهراء، والبالغة من العمر 14 سنة، فتعرضت قبل حوالي الشهرين لاعتداء جنسي من قبل مجموعة من الشبان خلال توجهها إلى المعهد التعليمي، هي الآن في وضع نفسي صعب جداً، حيث تجلس طوال الوقت في إحدى زوايا الخيمة، تضع رأسها بين قدميها وتقوم بقضم أظافرها، من دون أن تتجرأ والدتها على إطلاع والدها وأشقاءها عن الذي حصل معها وغيّر حالها، وذلك "خوفاً من أن يذبحوها باسم الشرف، أما ابنتي الوسطى فهددتني بالانتحار إذا ما أصر والدها على تزويجها".

كل ما تفكر به الوالدة لسبع أبناء الآن، هو تأمين 400 دولار لدفع بدل الإيجار السنوي للخيمة لمالك الأرض كي لا يطردها وعائلتها، وتقول "زوجي وأبنائي الأربعة عاطلون عن العمل بسبب خوفهم من اعتقالهم وترحيلهم إذا ما تنقلوا خارج المخيم وذلك لعدم امتلاكهم أوراق قانونية".

وتشدد "تحاول السلطات اللبنانية إعادتنا بكل الوسائل إلى سوريا، وكأننا فرحون بهكذا وضع، لكن بين خيار اعتقال أولادنا في سجون النظام وإجبارهم على الخدمة الاحتياطية في الجيش وخيار تحمّلنا كل أشكال المعاناة في لبنان سنفضّل الخيار الثاني بالتأكيد".

يذكر أن مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري كشف في أكتوبر الماضي خلال محاضرة ألقاها عن "مشاكل النزوح السوري في لبنان" في "بيت المحامي" أن "عدد النازحين المسجلين بلغ حتى عام 2014 مليونا و147 ألفاً، وانخفض العدد اليوم إلى 790 ألف نازح مسجلين بعد تقلص العدد لأسباب عدة منها العودتان الطوعية والتلقائية واعادة توطين في بلد ثالث"، وذلك استناداً إلى احصاءات رسمية صادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين، بحسب ما أوردته مجلة "الأمن العام".

ويتوزع اللاجئون في المحافظات كما أشار البيسري وفق إحصاء المفوضية على الشكل التالي "22% يقطنون في مخيمات غير رسمية، 58% يقيمون في مبان سكنية غير صالحة ومكتظة، و20% في أماكن مختلفة" مشدداً على ضرورة جمع المخيمات الصغيرة المتفرقة حرصاً على تأمين الخدمات وحفاظاً على الأمن والبيئة وضبط حركتهم.

وسبق أن وضعت الحكومة اللبنانية خطة تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ شهرياً، وبدأت بتنفيذها عام 2022 رغم تحذيرات منظمات حقوقية دولية من الإعادة القسرية، وبعد مغادرة قافلتين إلى سوريا، فرملت الخطة واستعيض عنها بعمليات ترحيل فردية بعيداً عن كاميرات الاعلام مع الاستمرار بالحملة العنصرية وتضييق الخناق على السوريين.

حرمان مطلق

على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يعيشها "أبو عادل" وعائلته في مخيم عرسال، إلا أنه لا يفكر بالعودة إلى وطنه، خوفاً من أن يتم اعتقاله، ويقول "لم أتوقع يوماً أن يكون مصيري وعائلتي العيش في خيمة متهالكة نثبتها بأحجار لتقاوم الرياح العاتية، وأن يرتجف أطفالي من البرد ولا أفلح في تأمين وسائل التدفئة لهم، كل ذلك كون بدل ايجار منزل صغير يتجاوز المئة وخمسين دولار وهو مبلغ كبير بالنسبة لشخص عاطل عن العمل معظم أيام الشهر".

ويضيف "أبو عادل" في حديث لموقع "الحرة" أن أولاده محرمون من أبسط الأمور، "من سرير وفراش مريح، والدفء والألعاب والطعام اللذيذ والملابس الجديدة، وفوق هذا قطعت عنا المساعدات الأممية التي كانت تسندنا قليلاً لتسديد إيجار الخيمة أو شراء قارورة غاز أو عبوة حليب، باختصار نعيش في حرب نفسية واقتصادية دمّرت أحلامنا وتفكيرنا في مستقبلنا".

لو كان يمتلك المال لحجز "أبو عادل" كما يشدد مقاعد له ولعائلته على قارب هجرة، "فحتى لو ابتلعنا البحر يبقى أرحم من هكذا وضع".

أصبحت "قوارب الموت" الأمل الوحيد للنجاة في ظل أزمة اقتصادية حادة يمر بها لبنان، منذ 2019، صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حيث فقدت الليرة قيمتها بعدما تخطى سعر صرف الدولار الواحد عتبة المئة ألف ليرة قبل أن يتراجع قليلاً إلى حوالي الـ 89 ألف ليرة". 

اتبعت السلطات اللبنانية بحسب تقرير سابق لـ"هيومن رايتس ووتش" "أجندة عودة عدوانية، بوضع مراسيم وأنظمة تهدف إلى جعل حياة اللاجئين السوريين صعبة، والضغط عليهم للمغادرة، حيث أجبرتهم على تفكيك مساكنهم الخرسانية، وفرضت حظر التجول وطردتهم من بعض البلديات، وعرقلت تجديد تصاريح الإقامة، ورحّلت آلاف منهم بإجراءات موجزة". 

ويعيش 90 في المئة من اللاجئين السوريين في فقر مدقع، ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة، بحسب ما أشارت المنظمة، في وقت تنظر السلطات اللبنانية إلى ملفهم بوصفه عبئاً، معتبرة أن وجودهم ساهم في تسريع ومفاقمة الأزمة الاقتصادية، مع العلم أنه منذ عام 2015 توقفت مفوضية اللاجئين عن تسجيل السوريين وتشييد مخيمات دائمة لهم بطلب من الحكومة اللبنانية.

انعكاسات خطيرة.. وأفق مسدود

أبرز ما يشعر به سكان المخيمات بحسب مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية، لانا قصقص "هو غياب الحماية، لا سيما الفئات الأكثر عرضة للخطر، أي الأطفال من الذكور والإناث والنساء، ويزيد النقص في الخدمات الصحية والغذائية والاجتماعية وعدم القدرة على الوصول إليها، من هذا الخطر ويعرض هؤلاء أكثر للاستغلال".

 فعلى سبيل المثال كما تقول قصقص لموقع الحرة "قد يتعرض الأطفال للتحرش والاعتداء الجنسي أثناء توجههم إلى المرحاض الذي يبعد مسافة عن مكان سكنهم، كما قد تُستَغل الأمهات اللواتي يعجزن عن تأمين الطعام لأولادهن"، وتضيف "عدد كبير من أطفال المخيمات لا يتمتعون بحق الوصول إلى التعليم، ما يعني أن جيلاً يكبر من دون ثقافة واكتساب للمهارات والقدرات".

ممارسة العنصرية والتمييز ضد سكان المخيمات من قبل محيطهم، ينعكس بحسب قصقص على "شعورهم بقيمتهم الذاتية وثقتهم بأنفسهم وتخطيطهم لمستقبلهم، حيث يوّلد لديهم مشاعر سلبية وعدوانية، ويفسح المجال لأن يحل الشعور بالانتهاك والاستضعاف مكان الشعور بالأمان، ونتيجة الضغوطات النفسية التي يعيشونها، نجد أن هؤلاء أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب واضطرابات مع بعد الصدمة". 

أمس الأربعاء، أحالت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين اللبنانية، اقتراح قانون يتعلق "بالنزوح السوري"، إلى اللجان المشتركة لدمجه مع القوانين الأربعة المماثلة أو القريبة له في لجنة الادارة والعدل، ليكون بيد الحكومة اللبنانية كما أشارت اللجنة "قانون واضح يرمي إلى تنظيم إقامتهم وترحيل المخالفين منهم، وورقة تستطيع من خلالها التعاطي مع المعنيين في هذا الملف بطريقة قانونية ودستورية فعالة".

وخلال لقائه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت الماضي، شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على وجوب حل هذا الملف عبر "دعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة".

كذلك شدد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب خلال لقاء بوريل على أن "الضغط الذي يتحمله لبنان من أزمة النزوح تجاوز كل الحدود التي يمكن تصورها.  وبالنظر إلى قدرة لبنان، والآثار المتراكمة للعديد من الأزمات، وموارده الشحيحة، فإن هذه الأزمة ستمس جوهر البلد إن لم يتم حلّها".

ويوم الجمعة كشف البيسري أنه لاحظ تغييراً إيجابياً في مواقف دول أوروبية من ملف اللاجئين، مشيراً في حديث لمجلة الأمن العام إلى تسلمه الداتا الخاصة بهم حيث "يعكف عليها فريق عمل اختصاصي"، كما أشار إلى العمل "على معالجة ولادات النازحين كي لا يتحولوا مكتومي القيد".

13 سنة مرّت على "تشريد ملايين السوريين خارج وطنهم وأعداد مماثلة داخله"، كما يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، وإلى الآن لا توحي المعطيات حسبما يؤكد لموقع "الحرة" "بحل هذه المشكلة أقله في المدى المنظور، بسبب توتر الأوضاع في الشرق الأوسط، خاصة أن الملف السوري بات منسياً رغم أن بعض الدول تريد اعادته إلى الواجهة من جديد".

ويشدد عبد الرحمن "هذا الملف هو الأصعب سواء تعلق بلاجئي لبنان أو الأردن وتركيا، وحتى في بعض الدول العربية، حيث بدأت تتحدث عن أزمة اللاجئين فيها وضرورة عودتهم إلى وطنهم في وقت لا يحتمل هذا الوطن أبناءه المقيمين فيه نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير وتكريس الانقسام السوري بين عدة مناطق، ولذلك أرى أن مأساة اللاجئين مستمرة، وما أخشاه أن يكون مصيرهم كمصير اللاجئين الفلسطينيين".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: السلطات اللبنانیة الحکومة اللبنانیة إلى سوریا فی لبنان

إقرأ أيضاً:

أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج

القاهرة- لم يكن قرار الفرار سهلا، ففي الخرطوم عاشت الأرملة مها عوض الكريم 50 عاما لم تغادر فيها الوطن يوما واحدا، لكنها ومع اشتداد القتال على أعتاب العاصمة السودانية اتخذت قرار الرحيل.

كانت الوجهة هي القاهرة، والرحلة كانت شاقة على السيدة الخمسينية ووالدتها التي تخطت الـ70 عاما، في حين ابنتها ذات الـ13 سنة لم تدرك أسباب كل ذلك العناء، استقرت مها في حي فيصل بالقاهرة قبل نحو عام ونصف، لتبدأ رحلة معاناة من نوع آخر، فلا مصدر دخل لهن وتباعا داهمهن المرض.

مفوضية اللاجئين: الحصول على الرعاية الصحية دفع اللاجئين السودانيين للفرار إلى مصر (موقع المفوضية بالقاهرة) تقليص الدعم

كانت السيدة السودانية تعمل في بلدها معلمة رياض أطفال، وحين وجدت فرصة عمل بالتخصص نفسه في مصر تعرضت لحادث أدى إلى كسر بالذراع وتمزق بأربطة الساق وضياع الوظيفة قبل أيام قليلة من الالتحاق بها.

وبعد ذلك اكتشفت إصابة عينيها بالمياه البيضاء، كما قال الطبيب إن والدتها تحتاج لجراحة عاجلة بالعمود الفقري.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي حصلت مها وابنتها ووالدتها على البطاقة الصفراء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنهن لم يحصلن على أي خدمات طبية أو مساعدة مادية رغم سعيهن لذلك.

إعلان

وقد أعلنت المفوضية مؤخرا تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر جراء أزمة تمويل ضخمة تواجهها المنظمة الدولية.

وتقول مها للجزيرة نت "حاولت كثيرا التواصل مع المفوضية لكنني فشلت في الحصول على دعم طبي لي ولأمي أو دعم تعليمي لابنتي، نحتاج المساعدة لأننا في أشد الحاجة لها".

وأجبرت أزمة التمويل الإنساني المفوضية على تقليص دعمها للاجئين وطالبي اللجوء في مصر، خاصة الدعم الطبي، إذ اضطرت إلى تعليق كافة أشكال العلاج باستثناء التدخلات الطارئة المنقذة للحياة.

وذكر تقرير حديث لها أن عشرات الآلاف أصبحوا غير قادرين على الوصول إلى الرعاية الصحية الحيوية وخدمات حماية الطفل وأشكال المساعدة الأخرى، مما أثر على نحو 20 ألف مريض، بمن في ذلك من يحتاجون إلى جراحات السرطان والقلب والعلاج الكيميائي.

وركزت المنظمة في تقريرها على معاناة اللاجئين السودانيين، وهم الأكثر عددا بين الجنسيات اللاجئة في مصر.

وقال مسؤول الصحة العامة في المفوضية بالقاهرة جاكوب أرهم إن الحصول على الرعاية الصحية كان عاملا رئيسيا دفع العديد منهم إلى الفرار إلى مصر.

وأضاف "النظام الصحي في السودان من أوائل القطاعات التي انهارت بعد اندلاع القتال، والعديد من العائلات التي فرت تضم أفرادا مرضى غير قادرين على تحمّل تكاليف العلاج، ومع أزمة التمويل التي تواجهها المفوضية فإن من المحتمل أن يفقد الكثيرون حياتهم".

نحو 941 ألف لاجئ موجودون في مصر منهم 631 ألفا من السودان (مفوضية اللاجئين) ضغوط

وفي السياق، قالت نائبة ممثلة المفوضية في مصر مارتي روميرو إن القاهرة تواجه ضغوطا هائلة، والخدمات الأساسية تُدفع إلى أقصى حدودها، مشددة على الحاجة إلى دعم فوري ومستدام لمنع تفاقم الأزمة.

ووفق سجلات منظمة شؤون اللاجئين، هناك نحو 941 ألف لاجئ في مصر، منهم 631 ألفا من السودان وحده، في حين يؤكد مسؤولون بالحكومة المصرية أن العدد يصل إلى 9 ملايين لاجئ، مما يعني -وفق الرقم الرسمي- أن أغلبية الفارين من بلادهم لا يخضعون لمظلة اللجوء القانونية داخل مصر.

إعلان

وأكدت المفوضية أنها لم تتلق في العام الماضي سوى أقل من نصف المبلغ المطلوب لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء، وقدَّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي -في تصريح له- تكلفة الإنفاق على اللاجئين بما يزيد على 10 مليارات دولار سنويا.

أما رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب فخري الفقي فقال إن التكلفة السنوية لاستضافة اللاجئين تبلغ نحو 6 مليارات دولار خلال كلمة له في إحدى الجلسات البرلمانية.

وأضاف الفقي في مداخلة هاتفية لبرنامج تلفزيوني أن مفوضية اللاجئين تقدم دعما لعدد يقارب المليون شخص، في حين تتحمل الحكومة المصرية تكلفة الخدمات الأساسية المقدمة لنحو 8 ملايين آخرين يشكلون نحو 8% من إجمالي سكان البلاد.

وأوضح الفقي آلية احتساب التكلفة قائلا "تبلغ مصروفات الموازنة 4 تريليونات جنيه (جنيه واحد يساوي 0.020 دولار) مخصصة للخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة لكل المقيمين في مصر، ونسبة الـ8% من هذه المصروفات تعادل 320 مليار جنيه، أي 6 مليارات دولار".

ورغم تلك التقديرات الرسمية فإن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري أعلن في مارس/آذار الماضي عن تعاون حكومة بلاده مع منظمات الأمم المتحدة بهدف حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد اللاجئين والوافدين المقيمين التي تتحملها الدولة المصرية.

أزمة التمويل

وفي أوائل أبريل/نيسان الجاري أعلنت مفوضية اللاجئين أن الحكومة المصرية رفعت السعة اليومية لإصدار تصاريح الإقامة للاجئين من 600 إلى ألف شخص، كما تم تمديد مدة الإقامة من 6 أشهر إلى سنة كاملة.

وفي ظل تفاقم أزمة التمويل يجد رئيس مبادرة تنمية اللاجئين في مصر عبد الجليل نورين نفسه متأثرا بشكل شخصي بالأزمة، وفي الوقت نفسه يحاول أن يجد ملاذا لأولئك الآملين في أن يجدوا في مبادرته فرصة لنجاتهم.

ويعاني نورين من تمدد بالرئة، مما يتطلب إجراء عملية جراحية، وقد استوفى كل الأوراق التي تطلبها مفوضية اللاجئين في مثل حالته، لكنه ينتظر دوره منذ شهور دون أي بادرة أمل لاستجابة من جانب المنظمة التي تعاني أزمة في تغطية نفقات علاج آلاف اللاجئين.

إعلان

ويقول للجزيرة نت "داخل مقر مبادرة تنمية اللاجئين نعايش بشكل يومي تبعات هذه الفجوة التمويلية، خاصة على الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال المحرومين من الحماية والمرضى الذين تُركت ملفاتهم الطبية بلا علاج".

ويعتبر الناشط الحقوقي تعليق الدعم الطبي -إلا للحالات الطارئة- بمثابة تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته تجاه أناس دفعهم اليأس إلى اللجوء "في حين تُختزل حياتهم في أرقام داخل تقارير ميزانيات".

ورغم التحديات فإن نورين يحاول -مع باقي أعضاء مبادرة تنمية اللاجئين- تعويض جانب من العجز التمويلي عبر شبكات التكافل المحلية والبرامج التنموية، ويختم "لكننا لا نملك حلولا بديلة عن نظام حماية دولي عادل".

مقالات مشابهة

  • رئيس مراسم الجنازة: بابا الفاتيكان دعا إلى بناء الجسور لا الجدران
  • لبنان مشارك في وداع البابا...عون:سيظل منارة للقيم الإنسانية التي حملها قداسته
  • عمرها 3 سنوات... هكذا خسرت الطفلة لوجين حياتها داخل المنزل
  • الحكومة اللبنانية تخطط لتطوير برامج دعم جديدة للأشخاص ذوي الإعاقة قريبا
  • رئيس الحكومة اللبنانية يؤكد إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها
  • إصابة 8 سوريين باستهداف مزرعة في بلدة حوش السيد علي
  • أزمة التمويل تحرم آلاف اللاجئين بمصر من العلاج
  • نحو 3.7 ملايين.. هذا ما يمنع عودة اللاجئين السوريين في تركيا لوطنهم
  • طالبة من اللبنانية.. ديا جرجورة أفضل محام مُقنع
  • المالية اللبنانية تعلن توقيع قرض مع البنك الدولي لحل مشكلة الكهرباء