تقرير: الغرب بعين العاصفة حال إدانة العدل الدولية لإسرائيل بالإبادة الجماعية لغزة
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
رأي الكاتب جوناثان كوك، أن الغرب ينتظر عاصفة محتملة حال صدور إدانة رسمية لإسرائيل من قبل محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، على خلفية الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب في هذا الصدد، والتي بدأت محكمة العدل الدولية النظر فيها الخميس.
وأشار كوك، في تقرير مطول نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، إلى أن أحكام اتفاقية "منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" التي ستصدرها المحكمة ستفرض على الدول الغربية وغيرها رفض تقديم المساعدة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، مثل توفير الأسلحة والغطاء الدبلوماسي، ومعاقبة إسرائيل في حالة عدم امتثالها.
والخميس، طالب الفريق القانوني لجنوب إفريقيا خلال جلسة الاستماع الأولى بمحكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف "فوري" لعملياتها العسكرية في غزة، قائلة إن ذلك هو "الحل الوحيد لتفادي المزيد من الموت والدمار غير اللازم" في قطاع غزة.
وقال الفريق القانوني إن "العنف بين إسرائيل وفلسطين لم يبدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولكن يتعرض الفلسطينيون للعنف الإسرائيلي خلال 76 عاما".
وذكر كوك أن فشل إسرائيل وحلفاؤها الغربيين في منع إصدار محكمة العدل الدولية قرارا بوقف إسرائيل لعملياتها القتالية في قطاع غزة، سيكون بمثابة خط فاصلا، ولن تكون إسرائيل وحدها هي التي ستواجه عقوبات قانونية.
فبمجرد إصدار المحكمة لقرار وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، فإن أي دولة تفشل في التصرف بموجب هذا القرار تخاطر بالتحول إلى متواطئة في الإبادة الجماعية، وهذا من شأنه أن يضع الغرب في مأزق قانوني خطير.
وأشار إلى أن الدول الغربية، لم تغض الطرف عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل فى غزة فحسب؛ بل شجعت ذلك بنشاط وتواطأت في تلك الجرائم.
اقرأ أيضاً
جنوب أفريقيا: وزير العدل يترأس الوفد المتجه إلى محكمة العدل الدولية الخميس
وذكر أن القادة في المملكة المتحدة مثل رئيس الوزراء ريشي سوناك وزعيم المعارضة كير ستارمر عارضوا بشدة وقف إطلاق النار في غزة، وألقوا بثقلهم وراء الركيزة الأساسية لسياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتمثلة في فرض "حصار كامل" على غزة وهو الأمر الذي ترك السكان يتضورون جوعا ويواجهون أوبئة فتاكة.
كما رفضت الحكومتان البريطانية والأمريكية جميع الدعوات لوقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، بل أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاوزت صلاحيات الكونجرس لتسريع توريد الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك القنابل الغبية (العشوائية) التي تدمر المناطق المدنية.
كما خصصت وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية مساحات بث واسعة لظهور المسؤولين الإسرائيليين الذين حرضوا علنا على ارتكاب الإبادة الجماعية بحق سكان غزة.
وأشار كوك إلى أن كل ذلك يجب أن يتوقف فور صدور قرار بوقف إطلاق النار من قبل محكمة العدل الدولية، ومن المتوقع أن تقوم الشرطة في الدول الغربية بالتحقيق وأن تحاكم المحاكم أولئك الذين يلحقون الضرر بالإبادة الجماعية أو يوفرون منصة للأذى.
ومن المتوقع أيضا من الدول أن تحرم إسرائيل من الأسلحة وأن تفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل - وكذلك على أي دولة تتواطأ في الإبادة الجماعية. وقد يتعرض المسؤولون الإسرائيليون لخطر الاعتقال إذا سافروا إلى دول غربية.
معايير مزدوجة
بالرغم من تلك العواقب المحتملة فإنه من غير المرجح أن تحدث أيا منها، وذلك بالنظر للأهمية البالغة التي تشكلها إسرائيل بالنسبة للدول الغربية التي تعتبرها الدولة العبرية بمثابة استعراض لقوتها في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، ما يجعل من غير الممكن التضحية بها.
وتوقع الكاتب أن يتم وئد أي جهد لفرض أحكام الإبادة الجماعية من قبل إدارة بايدن من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقد أظهرت المملكة المتحدة، إلى جانب كندا وألمانيا والدنمارك وفرنسا وهولندا، مدى جرأتها في التعامل مع معاييرها المزدوجة.
واستشهد بتقديم تلك الدول قبل أسابيع، مرافعات رسمية إلى محكمة العدل الدولية بأن ميانمار ترتكب إبادة جماعية ضد جماعة الروهينجا العرقية، وكانت حجتهم الأساسية هي فرض ميانمار نظام غذائي لا يوفر إلا حد الكفاف للروهينجا، والتهجير القسري من المنازل، وتقديم الخدمات الطبية الأساسية بأقل من الحد الأدنى.
لكن في المقابل، لا تؤيد من تلك الدول الغربية القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا لنفس المحكمة، على الرغم من أن الظروف في غزة التي هندستها إسرائيل أسوأ من ذلك.
وعلى من ذلك، فإن الحقيقة هي أن أحكام الإبادة الجماعية التي ستصدرها المحكمة ستضع الغرب في وضع غير متوقع، وعليه الاستعداد لقبول تطبيق أحكام القانون الدولي عليه أيضاً.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت لأكثر من عقد من الزمن في طليعة الجهود الرامية إلى تفكيك لقانون الدولي فيما يتعلق بغزة. وهي الآن تتباهى بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وكأنها تتحدى العالم لوقفها، وعلى نحو معاكس، فإنها تعمل على عكس الضمانات الدولية التي تم وضعها لمنع تكرار المحرقة النازية.
وتساءل الكاتب "هل سيتحدى الغرب إسرائيل أم المحكمة؟ إن إجماع ما بعد الحرب، والذي كان بمثابة الأساس للقانون الدولي، الذي اهتز بالفعل بسبب الفشل في معالجة جرائم الحرب التي ارتكبها الغرب في العراق وأفغانستان، أصبح الآن على وشك الانهيار الكامل. ولن يكون أحد أكثر سعادة بهذه النتيجة من دولة إسرائيل.
اقرأ أيضاً
العدل الدولية تبدأ أولى جلساتها بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية
المصدر | جوناثان كوك/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية دعوى جنوب أفريقيا إبادة جماعية في غزة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عام من التضامن الأفريقي مع غزة.. زخم متصاعد للقضية الفلسطينية بالقارة السمراء
شكل العام 2024 ذروة التضامن الأفريقي مع غزة والمقاومة، وسط زخم متصاعد للقضية الفلسطينية في القارة السمراء.
ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن "طوفان الأقصى" وضع حدا لمساعي "إسرائيل" خلال السنوات الماضية للتغلغل في القارة التي ظلت عصية على التطبيع، "إذ استعادت القضية الفلسطينية حضورها وألقها في القارة الأفريقية منذ طوفان الأقصى، وذلك بعد تراجعات كبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية" وفق متابعين.
ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها ضد سكان غزة، اتسعت دائرة الاهتمام الأفريقي رسميا وشعبيا بالقضية الفلسطينية، وارتفعت الأصوات في غالبية بلدان القارة، للمطالبة بمحاسبة "إسرائيل" ووقف جريمة حرب الإبادة.
انتصار لغزة والمقاومة
وبالرغم من أن التضامن الإفريقي مع المقاومة الفلسطينية وغزة بدأ منذ الأسابيع الأولى للعدوان الإسرائيلي على القطاع، إلا أن هذا التضامن اتسع بشكل كبير في العام 2024.
وبدأ هذا التضامن حين انتصرت القمة الإفريقية الـ37 لرؤساء وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، للقضية الفلسطينية عبر طرد الوفد الإسرائيلي الذي حاول التسلل لجلسات القمة.
في المقابل، احتفت القمة التي عقدت في أديس أبابا يوم 19 شباط/ فبراير الماضي، بالوفد الفلسطيني الذي كان يرأسه حينها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية.
القمة التي طرد فيها الوفد الإسرائيلي وتم الاحتفاء بالوفد الفلسطيني، شهدت مداخلات قوية لعدد من القادة والمسؤولين الأفارقة، وصوفها فيها العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه حرب إبادة.
ووصف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي ما تتعرض له غزة بالإبادة الجماعية، وقال إن قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل "انتصار لكل الدول المساندة للقضية الفلسطينية".
كما تمحورت مقررات القمة حول الوضع في فلسطين وجاءت داعمة للقضية الفلسطينية ومنددة بجرائم الإبادة التي ترتكبها "إسرائيل".
انتصار أفريقيا للقضية الفلسطينية، كان حاضرا أيضا في اجتماعات الأمم المتحدة، حيث لوحظ أنه وخلال تصويتات الجمعية العمومية للأمم المتحدة للقرارات المتعلقة بحرب الإبادة الصهيونية لوحظ أنه باستثناء حالة أو حالتين من دول صغيرة جدا انحازت بقية الدول الأفريقية للحق الفلسطيني، وكان أحدث تلك التصويتات التصويت للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
احتفاء بحماس
وبعد أشهر من طرد وفد الاحتلال الإسرائيلي من القمة الأفريقي في أديس أبابا، احتفت عدد من دول القارة بوفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
فقد أدى وفد من حركة يرأسه ممثلها في موريتانيا محمد صبحي أبو صقر، زيارة لعدد من الدول الأفريقية خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، قوبلت بترحيب واسع في الدول التي زارها.
وقال أبوصقر في بيان حينها، إن الجهات التي التقاها أجمعت على دعم المقاومة وعلى إدانة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة.
ولفت القيادي بحماس إلى أهمية "مؤازرة جنوب أفريقيا في موقفها المعبر عن الوجدان الأفريقي والضمير الإنساني أمام محكمة العدل الدولية".
وأضاف: "في الوقت الذي خذل فيه القريبون جغرافيا من فلسطين القضية فقد قيّض الله لها من هم قريبون باعتبارات الوجدان والدين وقيم العدل مناصرين ومؤازرين".
وتابع: "عبرت مختلف الجهات المَزورة عن استعدادها لتفعيل أشكال الدعم للقضية، حيث تعهد برلمانيون وأكاديميون بتبني مبادرات لتعزيز التنسيق على مستوى الغرب الأفريقي لدفع الحكومات والشعوب لتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن شعب فلسطين".
مظاهرات أسبوعية
وعرفت العديد من بلدان القارة طيلة العام 2024 مظاهرات أسبوعية، منددة بالعدوان الإسرائيلي ومطالبة بوقف حرب الإبادة في غزة.
وانتظمت المظاهرات أسبوعيا في المغرب وموريتانيا، والسنغال، فيما تخرج من حين لآخر مظاهرات مساندة لغزة في العديد من بلدان القارة الأخرى وخصوصا في مالي وغامبيا والجزائر وتونس وجنوب أفريقيا.
ورفعت العديد من المسيرات التي خرجت في بلدان القارة الأفريقية خلال الأشهر الماضية شعارات تطالب بدعم مختلف الدول الأفريقية للدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وساهمت وسائل إعلام أفريقية في نقل ما يحدث في غزة للرأي العام الأفريقي، حيث نقلت حجم الدمار الذي يتعرض له القطاع، وتدمير المستشفيات ومنع وصول المساعدات من المياه والغذاء والدواء.
حملات تبرع ودعوات لطرد سفراء
وبالتوازي مع تنظيم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، نُظمت حملات تبرع لدعم الشعب الفلسطيني وسكان غزة بشكل خاص.
وكان لافتا مبادرات القبائل الموريتانية لدعم المقاومة الفلسطينية، حيث تمكنت القبائل الموريتانية من جمع تبرعات خلال العام 2024 بلغت أكثر من 10 ملايين دولار، فيما تتواصل حملات التبرع هذه.
كما تصاعدت الدعوات في عدد من الدول الغربية لطرد سفراء دولة الاحتلال والدول الداعمة له.
وللمرة الأولى وقعت 19 منظمة سنغالية أغسطس الماضي، بيانا مشتركا دعت فيه الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي افاي، إلى "الطرد الفوري لسفير دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلي" من البلاد و"إعادة النظر في كافة الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي".
وطالبت هذه المنظمات الرئيس السنغالي بـ"تعليق العلاقات الدبلوماسية إلى الأبد مع الدولة الصهيونية، دولة الفصل العنصري والإبادة الجماعية والعدوان، كما كان الحال من عام 1973 إلى عام 1992".
ورأت المنظمات السنغالية، أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استطاعت أن تفضح بشكل لاذع أسطورة "التفوق العسكري لجيش الاحتلال، فقد حدد جيش الاحتلال مهلة أقصاها 7 أيام لسحق ومسح حماس إلى الأبد، لكنه لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة رغم مشروع التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وكلها جرائم ضد الإنسانية" تضيف المنظمات السنغالية.