شهد قصر ثقافة بورسعيد، يوم الاثنين الماضى، لقاء أدبياً نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيونى، احتفاء بمسيرة الشاعر والناقد الكبير د. يوسف نوفل، ضمن برنامج «العودة إلى الجذور»، فى سياق خطط وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الأدب والفكر بالمحافظات الذين قدموا عطاءات مهمة فى حقلى الثقافة والإبداع.

شارك باللقاء الأدباء د. سامح درويش، د. أحمد عزت يوسف، د. ندى الحسينى، د. سارة محمد غانم، محمد عبدالقادر، ومحمد حافظ، وبحضور الشاعر مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة، والشاعر عبده الزراع، مدير عام الثقافة العامة، وعدد كبير من مثقفى وأدباء بورسعيد وعدد من الأكاديميين وأساتذة جامعة بورسعيد ودمياط وأقارب وتلاميذ المحتفى به.

بدأت الفعاليات بكلمة للشاعر عادل الشربينى الذى أدار اللقاء مرحباً الحضور، وقدم خلاله نبذة مختصرة لسيرة المحتفى به، وأهم الجوائز التى حصل عليها خلال مسيرته الأدبية، موجهاً الشكر لهيئة قصور الثقافة لتنظيمها لهذا البرنامج وغيره من البرامج الثقافية المهمة.

وفى كلمته تناول الشاعر مسعود شومان دور الهيئة فى إعادة الرموز الأدبية لمكانتها من خلال برنامج «العودة إلى الجذور»، متحدثاً عن بعض الجوانب الحياتية والفنية فى مسيرة د. يوسف نوفل، وأبحاثه المنشورة عن الثقافة واللغة العربية، وأبرز مؤلفاته ومنها «جماليات القصة القرآنية»، «المكتبة العربية ومصادرها»، «الحوار فى المسرحية العربية»، «القصة والرواية بين جيلى طه حسين ونجيب محفوظ»، وغيرها، وأضاف: حين نكرم عالماً جليلاً أو شاعراً أو أديباً فى حياته فإننا نكرم أنفسنا ونكرم المؤسسة الثقافية بالتنقيب عن جذور الشخصيات المصرية ذات العطاءات الثرية.

وأوضح الشاعر عبده الزراع أن يوسف نوفل يعد أحد أعمدة مصر الثقافية، وأثرى حياتنا الثقافية والأدبية بالكثير من الإصدارات فى مجال النقد والشعر والقصة، بالإضافة إلى تأليفه أول موسوعة عن الشعر العربى الحديث، ونال الكثير من الجوائز الكبرى تقديراً لمشواره ومنجزه الأدبى.

وتحدث الشاعر محمد عبدالقادر عن شخصية «نوفل» وتواضعه رغم بلوغه أعلى المناصب الثقافية والأدبية، قائلاً: شرفت بكتابته لمقدمة أول ديوان شعر خاص بى، واعتبرت ذلك بمثابة شهادة ووسام على صدرى بمجرد ذكر اسمه عليها، واختتم حديثه بقراءة عدد من الأبيات من الديوان.

واستعرض الشاعر د. سامح درويش محطات علاقته مع د. «نوفل» موضحاً أن المحطة الأولى كانت فى صيف عام ١٩٦٧ حيث التقى به للمرة الأولى بالنادى البحرى ببورفؤاد، ودار الحديث بينهما كتابة شعر الفصحى، وديوان «انتفاضات الوجد والغضب» الذى كتب عنه دراسة نقدية.

أما الشاعر محمد حافظ فتحدث عن علاقة «نوفل» الإنسانية بزملائه وتلاميذه وعشقه لبورسعيد وضمه إلى الجزء الثانى من موسوعة «أعلام بورسعيد».

وقال الناقد د. أحمد يوسف عزت المستشار الثقافى والفنى لرئيس جامعة بورسعيد: شرفت بحضور هذا اللقاء للحديث عن عميد العلماء ابن محافظة بورسعيد أرض البواسل باعتبارى أحد تلاميذه. وأضاف أنه كان على علاقة وطيدة بالأديب الكبير منذ أن كان طالباً فى الكلية، من خلال المسابقات الأدبية التى كان يتقدم إليها كما تحدث عن مسيرة نوفل العلمية، واستحقاق حصوله على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب.

وتناول د. ندا الحسينى، أستاذ النحو والصرف بكلية الآداب ببورسعيد، سيرة عطاء نوفل وتأسيسه لكلية التربية ببورسعيد، وكذلك إنشاء أقسام اللغة العربية بعدة جامعات منها قناة السويس، العريش، السويس، الإسماعيلية، بالإضافة إلى مساهمته فى تطوير دراسة اللغة العربية من خلال مشاركاته فى عضوية اللجان والمؤتمرات الأدبية والتربوية بمصر والعالم العربى، ودوره فى إدخال مقرر المكتبة العربية ومصادرها ضمن لوائح كليات التربية والآداب بالجامعات المصرية، إلى جانب إسهاماته الكثيرة بجامعات القناة.

ووصفته د. سارة غانم أستاذ الأدب العربى الحديث والنقد بكلية الآداب جامعة بورسعيد، فى حديثها بأنه حامل لواء لغتنا الجميلة، وتابعت قائلة: حرصت دوما على أن يتكرم على بتدريس كتابه الموسوعى المكتبة العربية ومصادرها لطلاب الفرقة الأولى من طلاب قسم اللغة العربية وآدابها، واختتم كلمتى بالدعاء له أن يبارك فى عمره وأن يظل يمتعنا بكل جديد فى العربية ما يجعلنا نقف مشدوهين أمام بهاء علمه ورقة تواضعه.

وتحدث د. يوسف نوفل عن أثر المكان على تجربته الشعرية والنقدية، وأكد أن هذا التكريم أهم تكريم له فى حياته، وأنه من عشاق قصور الثقافة منذ عام ١٩٦٤.

ووجه «نوفل» شكره للقائمين عليها لتكريمه، وقال إنها مؤسسة وطنية عظيمة تستحق كل تقدير، وقد تعلمت وأنجزت رسالتى فى مكتبة قصر ثقافة بورسعيد، كما تناول فى كلمته الحقوق الأدبية فى الكتابة والفرق بين التناص والاقتباس والانتحال.

برنامج العودة إلى الجذور يأتى ضمن جهود الهيئة العامة لقصور الثقافة لتكريم القامات الثقافية والأدبية فى كل ربوع الوطن لاسيما فى مسقط رؤوسهم إعلاءً لقيمة الأدب والإبداع بين الأجيال الجديدة، وشهد اللقاء الذى نظمته الإدارة المركزية للشئون الثقافية والإدارة العامة للثقافة العامة بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافى برئاسة أمل عبدالله، وفرع ثقافة بورسعيد برئاسة د. جيهان المالكى، عرضاً فنياً قدمته فرقة بورسعيد للآلات الشعبية بقيادة عازف السمسمية الفنان محمود غندر، تضمن باقة متنوعة من الأغانى التراثية تغنى بها كوكبة من نجوم الغناء الشعبى.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د قصر ثقافة بورسعيد عمرو البسيوني ادر العودة إلى الجذور یوسف نوفل

إقرأ أيضاً:

نجم الشعرى

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم "الشعرى" الذي يعتبر قلب السماء المتلألئة، فهو ألمع نجم يمكن رؤيته في الليل، وهو النجم الوحيد الذي ذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم بالإضافة إلى الشمس، وكان معروفا عند العرب قبل الإسلام وقد أطلقوا على الشعرى اسم "الشعرى اليمانية" لتمييزه عن "الشعرى الشامية" وهو نجم آخر أقل لمعانًا، وذكر القرطبي في تفسيره أن بعض العرب عبدوا "الشعرى" ومنهم قبيلة حمير، وقبيلة خزاعة، وقد نزلت الآية الكريمة في سورة النجم قوله تعالى: " وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى" لتبين للمشركين أن الله هو ربكم ورب هذا النجم الذي تعبدون.كان الشعرى يُعتبر نجمًا ذا أهمية كبيرة عند العرب وذلك لتحديد الفصول والمواسم الزراعية، حيث كان ظهوره مرتبطًا ببداية موسم الأمطار في الجزيرة العربية، مما جعله مؤشرًا مهمًا للبدء في الزراعة والاستعداد لفصل الشتاء، و في مصر القديمة، كان ظهور الشعرى مرتبطًا بفيضان نهر النيل، الذي كان يعد حدثًا حيويًا للزراعة والحياة في المنطقة، لذلك، ارتبط النجم بالخصوبة والازدهار.

وقد ذكر العالم الفلكي المسلم أبو الريحان البيروني في كتابه "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم" أن الشعرى هو النجم الأكثر لمعانًا في السماء، ووصف حركته الظاهرية وعلاقته بالنجوم الأخرى.

ويمكن رصد هذا النجم بسهولة، ويمكن رؤيته في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال فصل الشتاء، حيث يظهر في الأفق الجنوبي الشرقي بعد غروب الشمس، أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، يمكن رؤيته في الصيف، يمكن تمييز الشعرى بسهولة بسبب لمعانه الشديد، وغالبًا ما يكون ألمع نجم في السماء.

ووفق الدراسات الحديثة فإن نجم الشعرى يقع على بعد حوالي 8.6 سنوات ضوئية من الأرض، مما يجعله أحد أقرب النجوم إلينا، وهو نجم من النوع الطيفي، أي أنه نجم أبيض ساخن، تبلغ كتلته حوالي ضعف كتلة الشمس، تصل درجة حرارة سطحه إلى نحو 9,940 كلفن، مما يجعله أكثر سخونة من شمسنا، بالإضافة إلى ذلك، يبلغ لمعانه حوالي 25 مرة أكثر من لمعان الشمس، وهو ما يفسر ظهوره الساطع في سمائنا.

كما أثبتت الدراسات الفلكية الحديثة أن الشعرى ليس نجماً منفرداً، بل هو جزء من نظام نجمي مزدوج، فهو يرافقه نجم آخر يُعرف باسم "القزم الأبيض"، وهو نجم صغير وكثيف للغاية، يعتبر بقايا نجم قديم، يدور هذان النجمان حول بعضهما البعض كل 50 سنة تقريبًا.

وقد ورد ذكر نجم "الشعرى" في الأدب العربي في مختلف عصوره، على انه رمز للجمال والضياء، حيث شُبه به الشعراء في قصائدهم لوصف جمال المحبوبة أو لمعان السيف في المعارك، فهذا الشاعر الأموي عدي بن الرقاع يصف نجمة الشعرى في مقطع شعري له من أربعة أبيات يقول فيها:

حَتَّى رأَى النَّاظِرُ الشِّعرى مُبَيَّنَةً

لمَّا دَنَا مِن صَلاةِ الفَجرِ يَنصَرِفُ

في حُمرَةٍ لا بَياضَ الصُّبح أَغرَقَها

ولا عَلا اللَّيلُ عَنها فَهوَ مُنكشِفُ

تَهلهلَ اللّيلُ لم تلحق بِظُلمَتِهِ

فَوتَ النَّهارِ قَليلاً فهيَ تَزدَلِفُ

لا ييأسُ اللَّيلُ مِنها حينَ يَتبَعُهُ

ولا النَّهَارُ بِهَا لِلَّيلِ يَعتَرِفُ

وأما الشاعر العباسي الشهير مهيار الديلمي فقط أورد نجم الشعرى في أحد قصائد المدح الطويلة التي مدح فيها أحد الوزراء، وهو يطلب منه النيل والعطاء فإن أعطاه هذا الوزير فقد نال نجم الشعرى في شرفه ورفعته وعلو مكانته وتميزه فقال في بيت منها:

نَلْنِي بها أنل الشعرى فقد شرُفتْ

بك الأماني وعاشت عندك الهممُ

وكذلك ذكرها الشاعر العباسي بديع الزمان الهمداني في أحد قصائده الطويلة حيث يقول:

وكنت إذا ما الليل ماج ظلامه

جعلت على تياره حسرتي جسري

بمشرفة كالطود دائمة السرى

كأني على الشعرى بها أو على شعري

وفي العصر المملوكي يقول الشاعر ابن مليك الحموي في مدح أحدهم وتبيان رفعته وقدره وأن منزلته بلغت نجم الشعرى فيقول:

فيا من يضاهيه اليك فقدره

تسامى على الشعرى ويكفيك ذا القدر

جميل السجايا والمحامد ماجد

بنا قد غدا برا على أنه البحر

كما أن الشاعر الشهير ابن الجزري الذي عاش في العصر العثماني ورد ذكر نجم الشعرى في قصائده فقال:

له ذمة لا تقرأ الغدر من وفا

بها ولو ان الدهر حرره سطرا

وهمة مغوار على الأمر منجد

ولو نيط بالجوزاء اوبلغ الشعرى

ولم يكون نجم الشعرى بمعزل عن النسج الأسطوري العربي، وذلك لتحديد موقعها في السماء، فقالوا أن نجم سهيل اختطف نجمة الجوزاء، وعبر بها نهر درب التبانة، ولكن لشهرة سهيل ولوجود أختين له، وهما الشعرى اليمانية والشعرى الشامية، فقد أراد قوم الجوزاء الانتقام منهما، فهربت الأختان، لكن الشعرى اليمانية تمكنت من عبور النهر واستقرت جنوبًا في جهة اليمن، بينما الشعرى الشامية لم تستطع العبور وظلت في الشمال تبكي حتى ضعفت عيناها، ولهذا سُمِّيت بـالشعرى الغميصاء.

مقالات مشابهة

  • برشلونة: نيمار يتمتع بجاذبية تسويقية وطلب كبير على قمصانه
  • بري استقبل وفد جامعة القديس يوسف وسفير التشيك
  • اتحاد الناشرين يفتح فتح باب الاشتراك لـ معرض فيصل الرمضاني للكتاب
  • صحافتنا العربية .. معايير التتويج والتعويج .. !
  • مسابقة ” المهارات الثقافية ” بوابة الإبداع في صنع الثقافة والفنون
  • محافظ المنوفية يتلقى تقريرا عن جهود مكتبة مصر العامة بدنشواي خلال شهري يناير وفبراير
  • نجم الشعرى
  • "الثقافة" تحتفي بالدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي بالمركز القومي للترجمة
  • “الثقافة” تطلق مشروع “الليلة الكبيرة في كل مكان” احتفاء بالتراث المصري
  • لمعاينة الأضرار.. مدير عام الشؤون الثقافية يتفقد المكتبات العامة في النبطية